وزيرة الحكم الاتحادي تستقيل رسميا وتكشف ضغوط الانقلابيين

 


 

 

الخرطوم ـ (الديمقراطي)

قدمت وزيرة الانقلاب على وزارة الحكم الاتحادي بثينة دينار، استقالتها عن منصبها رسميا، انحيازًا منها للمجموعة داخل الحركة الشعبية التي ترفض الانسلاخ عن تحالف قوى الحرية والتغيير.

وكشفت الوزيرة المستقيلة في خطاب استقالتها أن الوزارة تعرضت لضغوط لإلغاء لجان الخدمات والتغيير، بحجة أنها تابعة لقوى الحرية والتغيير، بالإضافة للتدخل في تعيين وتكليف أمناء الحكومات في الولايات عبر الاشتراط بتقديم الأسماء للكشف الأمني قبل التكليف ليتم قبول المرشح أو رفضه، ويتم ذلك بواسطة لجنة مكونة من بعض أعضاء المجلس السيادي.

وظهرت بوادر انشقاق داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان، بين المجموعة المساندة للانقلاب بقيادة مالك عقار، والأخرى المؤيدة للشارع والممثلة في هياكل قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، بقيادة ياسر عرمان.

وقالت بثينة دينار، في استقالة مسببة حصلت عليها (الديمقراطي)، إنني “أستقيل من منصبي كوزيرة لوزارة الحكم الاتحادي من أجل أن استطيع قول (لا) متى ما رأيت خطأ وأرفض الإملاء حيثما وجد، وأن أصون كرامتي وأحمي وأدافع عن حقي قبل أن أتحدث عن حق الآخرين.. ففاقد الشيء لا يعطيه”.

وجاء في خطاب الاستقالة: “أعتذر لكل من كان يأمل أن أُعيد إليه حقه من خلال شكوى تقدم بها لشخصي كوزيرة، أو استحقاق، أو حق إداري كملف ترقيات الضباط الإداريين والذي وصل لنهاياته وأملي أن يرى النور قريباً، وأيضا القانون الخاص بهم، ووضعية لجان الخدمات والتغيير التي حرصت كثيراً على الإبقاء عليها وتقنينها وحل مشاكلها وأن يصبح لها قانون فاعل، وأيضا من تلك الملفات قانون الإدارة الأهلية وقانون مفوضية قسمة الموارد”.

وقدمت الوزيرة المستقيلة شكرها للشعب السوداني “الذي تحمل ضعفنا واخفاقاتنا، كما أشكر كل من وقف معي وساندني وخدم تحت إشرافي من ولاة الولايات والموظفين والعاملين بالوزارة الذين بادلوني الاحترام والتقدير، وشكري يمتد لطاقم مكتبي الذي وفر لي الوضع المريح للعمل، ومن كانوا في حراستي من طاقم الأمن.. وأخيراً الحركة الشعبية التي منحتني تلك الثقة واليوم أرد لها أمانتها وأقولها بكل الشجاعة أنني لا أستطيع الاستمرار أكثر.. عليه انا بثينة ابراهيم دينار أستقيل من منصبي كوزيرة لوزارة الحكم الاتحادي من أجل أن استطيع قول (لا) متى ما رأيت خطأ وأرفض الإملاء حيثما وجد، وأن أصون كرامتي وأحمي وأدافع عن حقي قبل أن أتحدث عن حق الآخرين ففاقد الشيء لا يعطيه”.

واعتذرت المستقيلة لكل من “كان يأمل أن أُعيد إليه حقه من خلال شكوى تقدم بها لشخصي كوزيرة، أو إستحقاق، أو حق إداري كملف ترقيات الضباط الإداريين والذي وصل لنهاياته وأمنيتي أن يرى النور قريباً، وأيضا القانون الخاص بهم، ووضعية لجان الخدمات والتغيير التي حرصت كثيراً على الإبقاء عليها وتقنينها وحل مشاكلها وأن يصبح لها قانون فاعل، وأيضا من تلك الملفات قانون الإدارة الأهلية وقانون مفوضية قسمة الموارد”.

وأضافت: “أود أن أشكر الشعب السوداني الذي تحمل ضعفنا وإخفاقاتنا، كما أشكر كل من وقف معي وساندني وخدم تحت إشرافي من ولاة الولايات والموظفين والعاملين بالوزارة الذين بادلوني الإحترام والتقدير، وشكري يمتد لطاقم مكتبي الذي وفر لي الوضع المريح للعمل، ومن كانوا في حراستي من طاقم الأمن.. وأخيراً الحركة الشعبية التي منحتني تلك الثقة واليوم أرد لها أمانتها وأقولها بكل الشجاعة إنني لا أستطيع الإستمرار أكثر”.

وخرجت خلافات الحركة الشعبية للعلن من خلال تعميم صحفي صادر عن مالك عقار في 8 أغسطس، أعلن فيه أن الحركة لم توفد أياً من أعضائها للمشاركة في اجتماعات الحرية والتغيير – المجلس المركزي، موضحاً أن “اي عضو شارك فهو يمثل نفسه وليس الحركة”.
وعلى إثر ذلك ردت قيادات الحركة، الممثلون في هياكل قوى الحرية والتغيير، وهم ياسر عرمان، الحاج بخيت، إحسان عبد العزيز ومنال الأول، مكذبين حديث مالك عقار حول أن الحركة ليس لها تمثيل في الحرية والتغيير، قائلين في بيان مشترك: “الحركة جزء من الحرية والتغيير وضد الانقلاب ولا تراجع عن ذلك”.

أسباب الاستقالة

وقالت دينار إن الواجب هو استكمال الثورة وتحقيق شعاراتها وأن “نلتف جميعاً حول رايتها إلى ان ننجز الواجب الوطني بذهاب الإنقلاب وعودة الحكم المدني والحق في الممارسة الديمقراطية وتكون المواطنة بلا تمييز هي أساس للحقوق والواجبات”.

وأشارت إلى أن الإطار الذي تم فيه التفاوض وجاء بإتفاقية جوبا هو إطار سلام وتحول ديمقراطي، فإن إسقاط هذا الإطار بإنقلاب 25 أكتوبر جعل منه عرضة للنقض وعدم الإلتزام ببنوده وما يحدث الآن لتنفيذه أشبه بتفاوض جديد يتم فيه الإتفاق على حقوق وآليات وأسس جديدة.

وشددت على أن الترتيبات الأمنية تنفيذها قائم على آليات ولجان موضحة في الإتفاقية، وما يسمى بتنفيذها الآن هو عبارة عن تشويه لما تم الإتفاق عليه إذ يفتقر لآليات التنفيذ الصحيحة المتفق عليها رغم أن تكوين تلك الآليات لا يتطلب سوى تسمية أطراف العملية السلمية لممثليها.

وأفادت بأن الحديث عن إعاقة هذه الخطوة هو عدم توفر الموارد المالية و”إذا لم تتوفر الموارد فما مصير ما تبقى من الإتفاق، خاصة فيما يتعلق بالجهاز التشريعي والتنفيذي والآليات الأخرى من مفوضيات منها النازحين واللاجئين، العدالة الإنتقالية، الحريات الدينية، الأراضي، الرحل، المزارعين ومفوضية قسمة الموارد وغيرها والتي ليس لها ذكر ولا مكان إلا بعض المواقع في السيادي والتنفيذي والتي لا تتعدى نسبة التنفيذ 1٪ من الإتفاق”.

وأضافت: “كيف يكون هذا ولم يتبق من الفترة الانتقالية سوى أقل من عام ونصف، خاصة والإطار الدستوري الذي جاءت فيه الإتفاقية قد تم تمزيقه وأخشى أن تكون قد مُزِّقت معه الإتفاقية حسب ما يشير إليه الواقع والذي يدحض مبرر البقاء في المواقع الدستورية التي نشغلها وكانت سبباً في عودتي للعمل بالوزارة بعد إنقلاب 25 أكتوبر”.

وعادت بثينة دينار إلى منصبها في 29 نوفمبر 2021، بعد شهر وبضعة أيام من الانقلاب الذي نفذه الجنرال عبدالفتاح البرهان.

وقالت: “عندما باشرت مهامي بعد الإنقلاب رهنت تلك المباشرة بقضايا واضحة على رأسها تنفيذ إتفاق جوبا لسلام السودان والذي بموجبه تقلدت منصبي بوزارة الحكم الاتحادي”.

وتحدثت عن عدم وجود إطار دستوري يحكم البلد تَبني عليه الوزارة مهامها واختصاصاتها، حيث غير معروف إذا كان السودان دولة اتحادية لامركزية أم فدرالية إقليمية، كما جاء في اتفاق جوبا وتم إعلانه في المرسوم الدستوري رقم (6) لسنة 2021، الذي جاء فيه تطبيق الحكم الإقليمي الفدرالي عقب انعقاد مؤتمر نظام الحكم والإدارة في السودان”.

وأشارت إلى أنه جرى الإعلان عن إقليمي النيل الأزرق وإقليم دارفور وتعيين حكام فيهما، بينما ظل باقي السودان في شكل الحكم اللامركزي بنظام الولايات مما خلق تعقيدات كبيرة في إدارة وإنسياب الموجهات من وزارة الحكم الإتحادي خاصة في ولايات إقليم دارفور الذي أُعلن دون إطار دستوري وقانوني يُمّكن الإقليم والقائمين على أمره من تنفيذ ما جاء في مسار دارفور من إتفاق جوبا.. ولأن كل ما ذكر مرتبط إرتباطاً وثيقاً بقيام مؤتمر نظام الحكم والإدارة في السودان والذي تعطل تماماً بإنقلاب 25 أكتوبر”.

وتابعت: “قيام المؤتمر يتطلب الممارسة الحرة والجو الديمقراطي لأخذ آراء الشعب السوداني والتي تعطلت بعد الإنقلاب، كما أن الوضع الإقتصادي الذي وصلت إليه البلاد بعد ذلك جعل من المستحيل إقامة هذا المؤتمر المهم والضروري لتأسيس شكل الحكم في السودان، وتعذرت معه قيام المؤتمرات الأخرى (مؤتمر أهل شرق السودان، مؤتمر شمال كردفان، مؤتمر ولاية الخرطوم ومؤتمر الكنابي)”.

وتابعت: “كما عطل هذا الوضع مراجعة وإنشاء صناديق الإعمار والتنمية في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وصندوق إعمار الشرق التي أتت في القضايا القومية وفروعها في الأقاليم والولايات وهي من صميم عمل وإختصاص الوزارة ودورها في تنفيذ الاتفاق وقد أصبح هذا مُعطلاً تماماً. وما لم يكن للسودان إطار دستوري وحكم مدني ديمقراطي ستظل الوزارة مشلولة وغير قادرة على التعاطي مع قضايا السلام”.

وكشفت عن أن برامج الوزارة معطلة لأكثر من ثمانية أشهر ظلت خلالها الوزارة تسعى ما بين الحكم الإتحادي ووزارة المالية دون فائدة بسبب المماطلة بالرغم من تواضع الميزانية المطلوبة للتنفيذ.

وأضافت: “قمة الإعاقة والتعجيز تظهر في الضغط على الوزارة لإلغاء لجان الخدمات والتغيير، بحجة أنها تابعة لقوى الحرية والتغيير، بالإضافة للتدخل في تعيين وتكليف أمناء الحكومات في الولايات والذي هو حق أصيل للوزارة بالتشاور مع الولاة ولكن يتم الاشتراط بتقديم الأسماء للكشف الأمني قبل التكليف ليتم قبول المرشح أو رفضه، ويتم ذلك بواسطة لجنة مكونة من بعض أعضاء المجلس السيادي وهو الأمر الذي رفضته وقاومته كوزيرة وهو ما يحدث الآن في المستويات المختلفة للمؤسسات الحكومية والخدمة المدنية لإعادة عناصر النظام المباد فلن أُساهم في ذلك ودونه إستقالتي”.

 

آراء