وفاء للجنوب

 


 

 

على أرضِ الجَنُوبِ وضعتُ رَحْلي
وآمالي وآلامي وأهلي

بلادٌ باشرتْنا باسماتٍ
بإعطاء ٍ جَرِئِ الكَفِ بَتْلِ

تُهَدْهِدُنا كطفلٍ في مِهَادٍ
وتلقانا بإنشادٍ وطَبْلِ

بلا ورقٍ بلا خَتْمٍ دَلَفْنا
طِلاقًا دون مَنٍّ دون كَبْلِ

كأنِّي في بلادي لم أُغادرْ
أُهَوِّمُ فيه مِن سَهْلٍ لِسَهْلِ

وقد كنا نظنُّهُمُ أَسَدُّوا
مداخِلَهم بأَرْتاجٍ وقُفْلِ

كما فعلتْ بلادٌ قد حسبنا
أُخوتَها، فجازتْنا بخَذْلِ

أَشَاعُوا أَنَّكُمْ لا (تشبهونا)
دعاوى الكُرِهِ والفَخْرِ المدِّلِ

ولم نلفَ من الجيران جارًا
سوى أحضانِكم في يومِ حَثْلِ

وهُمْ أشباهُنا أصلًا ووَصْفًا
وهُمْ أَشْباهُنا مِثْلًا بِمِثْلِ

ومنْ بالبَشْرَةِ السمراء أدْنَى
مُلَابَسَةً سواهم دون سُؤْلِ

سوى أنَّ السياسةَ إذ نأتْنا
سَعَتْ قَطْعَاً لأوْشَاجٍ وَشَمْلِ

فلما صار أرْضُ النِّيْلِ مَثْنَىً
وحُلَّتْ عُرْوَةٌ وُثْقَى بِنَتْلِ

تَقَلَّبَتْ الشمال على حروبٍ
وراضتْ في الجنوبِ نهىً بعَقْلِ

وما كانتْ لتجرؤَ إنْ بقينا
على أرضٍ موحدةٍ ووصلِ

غزاةٌ تستبيح حِمى بلادي
شَتَاتُ العُربِ من غرب المحَلِّ

ولكنْ كيف ذا والجهلُ فينا
قُبَيْلَ جَلَاءِ مُحتلٍ مُذِلِّ

أضَعْنا دولةً كبرى بظلمٍ
وتمييزٍ وتحقيرٍ وجهلِ

فما أجدى التَّقَسُّمُ من فتيلٍ
وأسرى الداءُ صَعْدًا دون مَطْلِ

حُكِمْنا بافتراقٍ غير أَنَّا
أرومتُنا تأبَّتْ أيَّ فَصْلِ

سَجايانا ملامحُنا دمانا
تقولُ بأنَّنا نسلًا لأصلِ

سوى أنَّا جعلناها حروبًا
وأنتم سُسْتُمُوا شعبًا بعدلِ

تُصافينا الشدائدُ والمآسي
ويجمعنا دمٌ من خير أَثْلِ

وصابحنا على الغاباتِ غيدٌ
يرحْنَ هواديًا في دَلالِ رَفْلِ

حَقَرْنَ الطولَ قاماتٌ تُسامى
عُلا الأشجارِ في أوساطِ دَغْلِ

توارى الطولُ عنهن ازْوِرَارًا
حياءً من توانيه لوصْلِ

طوالٌ امتلأنَ بلا فُضُولٍ
مآكمُ لم يُشَنَّ بفَضْلِ هَدْلِ

تكورتِ النهودُ مُقَدَّماتٍ
كحادي الظعنِ في أظعان إبْلِ

تُهَزْهِزَهُنَّ خطواتٌ سكارى
فيهزمُ كلُّ مفتولٍ وعَبْلِ

ودابَرَهُنَّ يَقْفُوْهُنَّ رِدْفٌ
بَرُوزُ الكَفْلِ في وَفَرٍ وهَضْلِ

ماقٍ واسعاتُ الحَدْقِ نُجْلٌ
بثغرٍ ناصعِ الأسنانِ رَتْلِ

بياضٍ في سوادٍ قد غناها
عن التزييفِ تَمْويا بكُحْلِ

ويُوْصِلَنَ الرؤوسَ إلى متونٍ
بشعرٍ ناعم الأردان جَثْلِ

سواه ما رأيتُ تموُّهاتٍ
فكلُّ جمالِهنَّ جمال أصل

عِفَافٌ لا هواجسَ تعتريها
ولا يَخْشَيْنَ من إغواءِ نَذْلِ

هنا لا تلفى للذُكرانِ فضْلًا
على الأنثى فهم كِفْلًا بكِفْلِ

مساواةً وإشراكًا وبذلًا
بإحسانٍ وتحنانٍ ودَلِّ

وهُنَّ على التَّبَعُلِ خيرُ أنثى
ظفرْنَ من الحياةِ بخير بعْل

أسلفاكيرُ فاعقبْ فينا خيرًا
بسلم ثابتِ الأركانِ وَثْلِ

أسلفا في سبيلك للمعالي
فجِدْ للحربِ خاتمةً بعَجْلِ

15 يناير 2024
gasim1969@gmail.com

 

آراء