وقف الحرب والنهوض من الانقاض

 


 

 

1
أشرنا سابقا الي الاضرار البليغة التي احدثتها الحرب في البلاد وهى تدخل شهرها الثاني ، بحيث يصبح واجب الساعة وقفها فورا ، فهي حرب المتضرر منها شعب السودان وبنيات الدولة الأساسية وكنوزها الثقافية والأثرية التي تم حرقها وتدميرها، مما أعاد البلاد لعصر التتر والمغول في حرق المكتبات مثل: حرق مكتبة محمد عمر بشير، وتدمير متحف التاريخ الطبيعي ، وحرق الوثائق التي تثبت ملكية الآرض كما في حرق وتدمير مجمع محاكم دار السلام وتسجيلات الأراضي وتدمير كل الملفات، اضافة لحالات العنف الجنسي والاغتصاب، فهي حرب إن لم يطفئها عقلاء قوم ، يكون حصادها المزيد من الجثث والهام، والمزيد من الدمار.
جاءت الحرب حلقة في سلسلة التخريب والتدمير الممنهج الذي أحدثه الإسلامويون في البلاد منذ انقلابهم المشؤوم في 30 يونيو 1989 بعد انتهاج سياسة الخصخصة والتحرير الاقتصادي ،بنهب اصول القطاع العام ، وبيعها بثمن بخس لمحاسيبهم مثل: السكة الحديد ، النقل النهري ، الخطوط الجوية والبحرية، ومشروع الجزيرة ، وتشريد الالاف من خيرة الكفاءات في الخدمة المدنية والنظامية، واحلال تمكين عناصرهم فيها، واعتقال الالاف من النقابيين والسياسيين والتعذيب البشع في بيوت الأشباح، والقمع الوحشي للمواكب السلمية ، وتكوين مليشيات الدفاع الشعبي وكتائب الظل، واشعال حروب الابادة الجماعية والتطهير العرقي في الجنوب ودارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، حتى تم انفصال الجنوب ، وتفكيك الجيش السوداني وتجريده من مهنيته وقوميته ، وتم تكوين مليشيات الجنجويد في دارفور التي مارست ابادة الجماعية حسب احصاءات الأمم المتحدة 2003 بلغ فيها عدد القتلي 300 ألف ، ونزوح أكثر من 2 مليون شخص اضافة لحالات الاغتصاب، مما أدي لقرار المحكمة الجنائية الدولية لتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية.
وبعد ثورة ديسمبر وانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل استمرت الانتهاكات والمجازر و بعد الوثيقة الدستورية ، تم تقنين الجنجويد دستوريا، واستمر ارسالهم لحرب اليمن ، كما في مجازر 8 رمضان ، ومجزرة فض الاعتصام ، ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 ، الذي تدهورت بعد ه الأحداث واشتد الصراع على السلطة بعد الصراع حول الدمج في الاتفاق الإطارى ، وتدخل المحاور الخارجية لاستمرارنهب ثروات البلاد ، وكانت الحرب التي اكملت تدمير البلاد.
2
واجب الساعة وقف الحرب ، وتكوين لجنة لتقصي الحقائق حولها، وتقديم المجرمين للمحاكمات، فالتهاون في الجرائم السابقة جعلتهم يتمادون فيها حنى وصلنا للوضع الكارثي الحالي.، وعودة العسكر للثكنات وحل الدعم السريع ومليشيات "الكيزان" وجيوش الحركات، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وخروج العسكر والدعم السريع من المدن والأحياء والمنشآت الحيوية والصحية، وحصر جرائم الحرب والانتهاكات لحقوق المدنيين ، الذين تضرروا من الحرب ، بمقتل أكثر من 600 منهم ، واصابة أكثر من 5 الف شخص ، ونزوح أكثر من 700 الف شخص الى داخل وخارج السودان ، وحسب توقعات الأمم المتحدة متوقع يصل عدد النازحين مليون لاجئ بنهاية هذا العام .
كما حدث دمار شامل في البنية التحتية والصناعة والمرافق الصحية والتعليمية والخدمية تحتاج لفترة طويلة وأموال ضخمة لإعادة اعمارها،مع انهيار الإنتاج الصناهي والزراعي وتدهور الصادر والوارد ، وتقدر الأمم المتحدة أن السودان في حاجة للمساعدات بنحو 3 مليارات دولار ، فضلا عن أن نحو 25 مليون شخص بحاجة للمساعدات ، والتكلفة الباهظة لإعادة الإعمار، البلد اصلا كان يعاني اقتصاده من الخراب ، وازداد سوءا بعد تدمير المصانع ومرافق الخدمات والبنوك ، توقف حركة الصادر والوارد، وانهيار قطاعات اساسية مثل : صناعة وتعدين وتصدير الذهب وتجارته الرسمية التي كانت تدخل للخزينة حوالي مليار دولار في العام، غير التهريب الكبير له.
3
كما استمرت الانتهاكات في ظل الحرب اللعينة رغم اتفاق جدة ضد المدنيين في الأنفس والممتلكات والنقص في الثمرات كما هو الحال في الآتي:
- تخريب واستهداف المرافق الصحية والمصانع ، و ضرب المتاطق السكنية وقتل الأبرياء والأطفال ، و تحويلها لمنصات عسكرية ، والاعتداء على حياة الناس، واتخاذهم دروعا بشرية.
- خرق الحصانة الديبلوماسية،باستهداف البعثات الديبلوماسية ونهب مقراتها.
- اجبار المواطنين على اخلاء منازلهم لاستخدامها كمقرات عسكرية ونهبها.
- نهب البنوك وحرق الأسواق والمحال التجارية ، وتخريب ونهب المصانع وتفكيكها مع المرافق الخدمية.
- على أن اخطر الانتهاكات محاولات استغلال الحرب في الاعتقالات لجهات غير معلومة ، ولتصفية حسابات سياسية سوف يدفعون ثمنها ، كما حدث في اعتقال عدد من لجان المقاومة الذين يلعبون دورا كبيرا في تقديم المساعدات لدرء آثار الحرب ، ومساعدة المحتاجين ، كما حدث في بحري واركويت ومدني والحصاحيصا، وإعادة اعتقال توباك والننة في مدني ، وتلفيق تهم ضدهم من الفلول بالتعاون مع الدعم السريع، وهي فرية لا مسوغ لها، فشعارمواكب لجان المقاومة الأساسي كان " الثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل"، في وقت كان الفلول يقولون أن الدعم السريع خرج من رحم القوات المسلحة، وهم الذين صنعوا الجنجويد ومكنوهم في التغلغل للمواقع العسكرية والسيادية ، وربوا الحية التي شيمتها الغدر وفي جوفها السم الزعاف.
هذا اضافة للمحاولات البائسة لتصفية الحسابات مع نقابة أطباء السودان وعضويتها التي تعمل في ظروف صعبة لتقديم الخدمات الصحية وفق واجبها المهني والأخلاقي في ظروف الحرب اللعينة الجارية،، إننا نقول للطرفين كفوا عن تصفية الحسابات مع القوى السياسية والنقابية، التي لها تجربة كبيرة في مقاومة القهر والأكاذيب حنى ذهبت ريح الديكتاتوريات وقوى الحرب والظلام.
- وأخيرا ، طول أمد الحرب يعني المزيد من الخراب والدمار، ويهدد بانتشارها في بقية الولايات والبلدان المجاورة، والمزيد من النزوح لها التي تعاني اصلا من الكثافة السكانية والفقر والجفاف ، مما يتطلب وقفها فورا ، والتوجه لدرء آثارها ، واستدامة السلام و الدولة المدنية الديمقراطية والتنمية المتوازنة والمستقلة ، والسيادة الوطنية، وقيام العلاقات الخارجية المتوازنة ، ومواصلة الثورة حنى تحقيق أهدافها وانجاز مهام الفترة الانتقالية التي اصبح أمامها عبء إعمار ما دمرته الحرب، فالسودان في ظل حكومة وطنية بثرواته الزراعية الحيوانية والمعدنية قادر على تجاوز آثار الحرب والنهوض من انقاطها.

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء