من المضحكات أن يقول بعض الناس: ما هو البديل؟ وهم يقصدون البديل عن نظام الإنقاذ ورئيسه ؟! وهذه من أكثر نكات الدنيا إضحاكاً لولا الجانب (التراجيدي والمأساوي) فيها حيث لا يمكن أن يطوف ببال أي شخص من الناس مجرد (خاطر شيطاني) يتساءل عن صعوبة إيجاد بديل لنظام مثل الإنقاذ الذي حكم السودان ثلاثين عاماً وكان الحاكمون فيه (من الناحية العقلية على الأقل) أشخاصاً من شاكلة عمر البشير وعبد الرحيم محمد حسين وحسبو محمد عبد الرحمن والحاج ادم والفاتح عز الدين.. وزعيط ومعيط وبقية العترة الطيبة من دوحة الإنقاذ...!
السودان الذي حكمه هؤلاء.. هل يستعصى حكمه على أي شخص في الدنيا حتى نقول من هو البديل لهم؟! ما مشكلة هبنقه مثلاً.. لقد رأينا مقدرتهم الفكرية والسياسية ومستوى خطابهم ولغتهم ومنطقهم وتركيبتهم الثقافية؛ أو بالأحرى رأينا مستوى (ضحالتهم) في كل هذه الجوانب دعك من الأمانة والنزاهة ومخافة الله ومجافاة العيب..! أنت تتحدث عن السودان يا رجل.. سودان الحصافة والمعرفة والكفاءات التي تملأ الدنيا، وتتحدث عن شباب المعرفة ورياحين الفكر التي تتفتّح في كل البساتين.. فهل تأسى على حكم (الجهل والجهالة) وتقول ما هو البديل؟ هل تقصد البديل عن الجهل (الذي يسير على قدمين)؟ أم لعلك تقصد الجهل المقترن بالصفاقة و(العنظزة) والذي تحذر منه أديان الأرض والسماء والحكمة الإنسانية منذ فجر التاريخ..؟! فكل أمر يقبل الإصلاح إلا عندما يقترن الجهل بالعناد والاستبداد فكلاهما يغذي الآخر؛ الاستبداد يغذي الجهل والجهل يشحن الاستبداد.. وقد كانوا مجموعة من (الجهلة المتعنطزين) الذين شاءت إرادة المولى عز وجل أن يبتلي بهم السودانيين حتى تستقيم خُطاهم في مقبل حياتهم رغم الأثمان الفادحة التي دفعها الوطن وأهله بسبب إسناد أمر البلاد والعباد لبشر لهم كل هذه (المخزون الاستراتيجي) من صغر العقل وشح النفس وضمور الوطنية وانعدام الضمير مع الشَرَه العجيب على الأكل والمشرب وشهوات (الغرائز الدنيا) حيث تتقاصر النفوس عن المراتب العليا من الرفاه والمتعة السامية التي تقوم على تغذية العقول وتهذيب النفوس وترويح الفكر.. فهؤلاء قوم أكل ولهط وسرقة وطمع لا يقرؤون ولا يشاهدون ما يفيد العقول ولا شأن لهم بمعارف الدنيا المتجددة وثورات العلوم والفنون..!
هل هؤلاء أهل إدارة أمم وساسة دول؟! إن الجهل يأبى إلا أن يظهر مُختالاً في كل مكان يوجدون فيه، وفي كل كلام وقرار وتصريح يصدر منهم؛ لا ترى عليهم مسحة من ذكاء أو فطنة أو (مسؤولية أخلاقية) ولا تدري ما يدور في رؤوسهم ومخيلتهم.. هؤلاء القوم الذين يشرح وزير دفاعهم (بكامل الجدية) للعالمين نظريته في (الدفاع بالنظر) ويقول إنها تعني النظر بالعيون للأعداء من بعيد وهم قادمون..ثم يجد العذر عن عدم التصدي للعدوان بحجة أن الطائرات المُغيرة جاءت (مطفأة الأنوار) وزادت على ذلك بأنها جاءت في مواقيت أداء الشعيرة..! فماذا في وسع من يريد صدّها..!! دعك من هذا بل إن الواحد من هؤلاء القوم ليستعصى عليه أن يفرق بين لغة القران ومنطق بلاغته وبين الأمثال الشعبية الدارجة..لا أحد يطلب منه أن يحفظ الكتاب الكريم.. لكن أي (جويهل) يدرك أن عبارة (العارف عزّو مستريح) لا يمكن أن تكون من آي الذكر الحكيم..! هؤلاء العباقرة يستهزؤون بالناس ويتحدثون عن المستحيل متنطعين بلغة العصابات وفي تهور (قبضايات الشوارع) ويقولون: من يريد مقارعة الإنقاذ عليه أن (يلحس كوعو) وهذه جهالة قديمة (مُقرفة).. إذا وجدنا فيها العذر للهمباته الأقدمين فإن لحس الكوع ليس مستحيلاً في (فنون الأكروبات الحديثة)..! أما وزير صحتهم فهو العبقري الألمعي الذي يستكشف الغايات؛ فقد قال حكمته البليغة (مرضى السرطان بنتعب في علاجهم وبنخسر قروش وفي الآخر يموتوا)..! وتخيّل كيف يتبرّج الجهل في حكاية (الفتوى المالكية) ومفاضلة رئيس الجمهورية بين جواز الأخذ بقتل ثلث الشعب أم بفتوى المتشددين الذين يجيزون قتل نصفه....يا خسارة على أيام الإنقاذ الجميلة..مَنْ يستطيع أن يكون بديلا لهم؟!!
murtadamore@yahoo.com