ويريدون مولانا (حصان طروادة)

 


 

 

قبل سنوات قال لنا مولانا محمد عثمان الميرغني، أن مشروع السودان الجديد، أفضل من مشروع الجبهة الإسلامية القومية، واعتبر نفسه الشريك الخفي للدكتور جون قرنق، في مفاوضات مشاكوس التي أدت الى نيفاشا.
كان ذلك خلال دعوة قدمها لمجموعة من الصحافيين والصحافيات في بيته بعد مقاطعتنا لتغطية اجتماعات التجمع الوطني الديموقراطي، في العاصمة الأريترية اسمرا. Mostafa Siri Suliman Hanadi Osman Alhaj Saeed
الميرغني، كان يتحدث في سياق مفاوضات السلام بين الحكومة والحركة الشعبية آنذاك، وقعقعة السلاح تخفت وترتفع، وألسنة لهب الحرب تستعر ما بين توريت وهمشكوريب، ومزار الشريف؛ وبوارق الأمل تلوح في آخر النفق ثم تختفي. ( زي ود أم بعولو)
تلك حقبةٌ لا تزال تلقي بكثيف ظلالها على المشهد، سنوات الهوس الديني والتطرف والشطط التي بلغت مرحلة قول بني كوز، أن قادة التجمع يقدمون الخمور خلال اجتماعاتهم، بل يبثون عبر تلفازهم صوراً لقوارير مياه بنية اللون، على أن ما بداخلها ( ويسكي).
والحقيقة أنها زجاجات معبأة بمياه معدنية معروفة في أسمرا.
كانوا يقصدون من كل ذلك زعيمي الأنصار، السيد الصادق المهدي، عليه الرحمة، والسيد محمد عثمان الميرغني.
كان الميرغني حينها يتحدث؛ وفي الحلق غصة، و في القلب ذكريات مصادرة ممتلكات وقيود سجون.
لم يغب عن المشهد وقتها وجود مؤثرات صوتية ناتجة من خطابات قادة انقلاب يونيو ١٩٨٩، ولم تنظف أذنه من صديد الكلام المؤذي للفطرة السليمة، ومن ينسى كثيرون اصداء أحاديث الرائد يونس محمود، ( وانكشف الحجاب عن كهنوت الطائفية).
واليوم! وبعد سنوات، أي مياهٍ جرت تحت الجسر؟ ولماذا يريد بعض قادة الحزب الاتحادي تكرار جريرة الوقوف عند الجانب الخطأ من التاريخ؟
ثم ماذا جرى من أمورٍ حتى تتحول ( الطائفية) الى مشروع حديث بفهم الإسلاميين؟ هل تغير مولانا؟ أم غيروا قناعاتهم؟ أم هي ميكيافيلية التكتيك السياسي؟
شخصياً لي آراء سلبية في العديد من مواقف مولانا الميرغني السياسية، كانت مواقف مشهودة في اسمرا، وليس هنا مكان التفاصيل.
و أرفض تماماً محاولات التنمر التي يتعرض لها رجل كبير في السن، من بعض الذين أغضبهم موقفه الأخير، كما استهجن كل محاولات التمييز بالعمر والسخرية.
قبل ذلك؛ لا تخفى على صاحب عقل، محاولات اتخاذ الزعيم الديني ( حصان طروادة) يحمل في جوفه الفلول،من بني كوز وأعداء التغيير.
سيظلون في حالة انكار دائم للتغيير، وعداء دائم ، وهي حالة نفسية لمن يتعرض للفطام من السلطة ومشروع النهب المنظم.
المؤكد أن الثورة نهر جارف، تتراجع معدلات مناسيب مياهه، لكنه لا ينحسر مده، يواجه الصخور دون أن يستسلم، يناور؛ إلا أنه لا يكف عن الاستمرار في سيره الأبدي، بل يستمر في عزف سيمفونية الحب والحياة.
////////////////

 

آراء