يا أتيم قرنق.. عليك يسهِّل وعلينا يمهِّل!!

 


 

الطيب مصطفى
6 January, 2011

 

زفرات حرى


وكأنَّ «الريالة» تسيل من أفواهنا يحاول أتيم قرنق نائب رئيس البرلمان ـ حتى التاسع من يناير الجاري أي لمدة خمسة أيام فقط ـ يحاول أن «يتشاطر» علينا حين يطالبنا بفك ارتباط نواب الجنوب في البرلمان القومي فوراً إذا وقع الانفصال ويقول: «إذا صوَّت الجنوبيون للانفصال فإن دور النواب الجنوبيين في البرلمان خلال الفترة الانتقالية التي ستعقب الاستفتاء سيكون صورياً وسيكونون مشغولين بترتيب أوضاعهم ولن يكون لهم دور تشريعي»!!
لا بالله يا «شيخ» أتيم!! وهل كنت تظن أننا «سنحنِّسك ونحلف عليك طلاق كمان» لكي تستمر في برلمان الشمال بعد أن تنفصل وتختار ويختار شعبُك مغادرة الشمال؟!
لا أدري ماذا دهى هؤلاء القوم الذين «يكنكشون» في الشمال حتى بعد أن ركلوه بأقدامهم واختاروا وطناً آخر؟! بربكم كيف يجوز لهم أن يتحدثوا عن أمور حسمها الدستور حين قرر أنه عند وقوع الانفصال يصبح الجنوبي جنوبي والشمالي شمالي وهل أعلم بالقانون من نقيب المحامين السابق الأستاذ فتحي خليل وهل أوضح وأكثر حسماً من الدستور؟!
عندما سألت فتحي خليل عن الرأي القانوني لم يتلعثم ولم تستغرق الإجابة دقيقة واحدة إذ قال في حسم إنه: «إذا وقع الانفصال فإن الفقرة العاشرة من المادة «622» بدستور السودان الانتقالي يترتب عليها إلغاء تمثيل الجنوب من رئاسة الجمهورية والجهاز التنفيذي والمؤسسة التشريعية والمحكمة الدستورية والجهاز القضائي والخدمة المدنية والأجهزة النظامية والعدلية وكافة مؤسسات الدولة» ثم قال الأستاذ فتحي خليل ـ لا فُضَّ فوه ـ «إن الفقرة «01» من المادة «622» نصّت على أنه في حال الانفصال فإن أبواب ومواد وفقرات وجداول الدستور التي تنص على تمثيل الجنوب وحقوقه والتزاماته تعتبر ملغاة بنص هذا الدستور».
إذن يا أتيم لا يحتاج الأمر إلى أن تطالب بفك ارتباط نواب الجنوب بالبرلمان القومي فالأمر لا يحتاج إلى مطالبة بعد أن قرر الدستور أنك وغيرك «مفكوكين» تلقائياً ولا تحتاج إلى من «يفِكَّك» وغيرك من نواب البرلمان والوزراء ـ عليكم يسهِّل وعلينا يمهِّل ـ فنحن في حاجة إلى هذه المواقع لنرتق بها وحدتنا الوطنية في الشمال ونرتب بيتنا الداخلي بعد أن خرجتم منه احتجاجاً على إساءتنا معاملتكم نحن الذين حملناكم في حدقات عيوننا حينما استعرت الحرب في جنوب السودان وتمردتم على سلطان الدولة وحين لذتم بنا وفررتم من دياركم بالملايين!! نحتاج إلى مقاعدكم يا أتيم قرنق بعد أن أذهب الله عنا الأذى وعافانا وانتهى عهد التشاكس على الهُوية إلى غير رجعة.
أخي أتيم قرنق.. هل تذكر العرض الذي قدّمته لك في السابق حين قلت إنك ستبقى في الشمال رغم أنف نافع وكمال عبيد؟! أكرِّر العرض مرة أخرى فأنت يا أخي لن تكون حاملاً جنسية الشمال وستصبح أجنبياً وعندك ستة أشهر لترتيب أوضاعك ثم مغادرة الشمال فور انتهاء الفترة الانتقالية، لكن بما أنعم الله عليكم من أموال البترول فإني أعرض عليك مجدداً أن أكون كفيلك في أرض الشمال أُشرف على استثماراتك وأرتب إجراءات الدخول والخروج ومنح التأشيرة من حين لآخر فهلاّ قبلت العرض قبل فوات الأوان!!
يفتح الله!! يا دينق ألور!!
دينق ألور الذي حمَّل «الإنتباهة» جزءاً كبيراً من المسؤولية عن القضاء على مشروع السودان الجديد وبالتالي حدوث الانفصال.. دينق ألور الذي يتولى كبر التصعيد في مشكلة أبيي كونه من أولاد قرنق وأولاد أبيي.. دينق ألور الذي كان يحمل اسم أحمد ألور قبل أن يرتدّ في ختام دراسته الجامعية بالقاهرة.. دينق ألور هذا قال ـ في إطار حملة الحركة لدغدغة غرائز ومشاعر المتباكين على وحدة الدماء والدموع بغرض تحقيق أجندة الحركة الساعية إلى إقناع الشمال بمنح أبناء الجنوب الجنسية المزدوجة.. قال لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية إنه يتوقع «وحدة بين الشمال والجنوب في المستقبل»!!
دينق ألور قال كذلك: «لابد من ترك الأبواب مفتوحة للتواصل وإقامة علاقات حميمة بين أهل الجنوب والشمال حتى تكون هذه العلاقة نواة جديدة لعودة الوحدة مرة أخرى»!!
لا ياشيخ!! قال: «علاقات حميمة» قال!!... علاقات حميمة يا ألور لم تقم ونحن نعيش في وطن واحد لعشرات السنين بل لأكثر من نصف قرن بعد الاستقلال لم ينتج عنها إلا حرب داحس والغبراء ولم تفرز غير الدماء والدموع والعزلة الاجتماعية بين الشعبين اللذين لا تجمعهما الأفراح والأتراح فهل تريدها أن تقام بعد الانفصال... ولماذا كل هذا؟! هل عشان «نديكم الجنسية المزدوجة» بعد أن غادرتمونا واخترتم وطناً آخر وقلتم فينا ما لم يقل مالك في الخمر؟!
دينق ألور لا يزال يطمع شأن أولاد قرنق الذين تحطم حلمهم لإقامة مشروعهم البغيض في أرض الشمال.. يطمع في أن تُتاح لهم الفرصة في جنسية مزدوجة حتى يزرعوا من خلالها مسمار جحا وأحصنة طروادة لكي يقيموا بها مشروعهم من خلال الوجود الجنوبي المسنود بالعمل العسكري ولذلك يتحدث عرمان وعبدالعزيز الحلو ومالك عقار عن وجود الحركة الشعبية في الشمال بعد الانفصال أي وجود حزب أجنبي يسعى لتهديد أمن البلاد «عديل» وإلى إقامة مشروع عنصري يستهدف هُويتها الحضارية!!
لكي تكتمل الصورة يقول ألور في حديثه للشرق الأوسط اللندنية: إن الجنوب لا يحرِّض الحركات الدارفورية المتمردة، ويضيف في كذب صُراح: «لا يوجد أي شيء من هذا القبيل»، طيب يا ألور «عليّ الطلاق كضّاب»!! ألا تحتضنون الآن مني أركو مناوي الموجود بالجنوب والذي تشنُّ حركتُه الحرب هذه الأيام في دارفور وتروِّع المواطنين؟
 

 

آراء