يا شباب السودان (ابغروا) من (تكاتف)

 


 

د. حسن بشير
27 December, 2009

 

        الشباب امل الامة و زخر المستقبل ، اخشي علي شبابنا ان تصيبه الشيخوخة المبكرة في كل شيء. الشباب الذي يعاني من البطالة و الإحباط و ضبابية المستقبل أصبح في غالبيته العظمي كسول و لا مبالي حتي انه لا يعبأ بدروسه فتجد نتائجه متدنية لدرجة جرت معها درجات النجاح الي الأسفل. و بفضل العقلية التي تجاري الكسل و تخجل من مواجهة الحقيقة و إصلاح الخطأ ، أصبحت السياسة التعليمية في السودان تساير الفشل و تعمل علي تدنية درجات النجاح و نظام رفع الدرجات و تضخيمها لإعطاء صورة كاذبة عنها. يحدث ذلك في التعليم العام و العالي بجميع إشكاله. في هذا الوضع دائما ما أقول للأصدقاء من أساتذة الجامعات السودانية، اخشي ان تصبح درجة النجاح في يوم ما صفر و بالتالي يمكن للذين يحصلون علي ( - 10 ) ان يكون تقديرهم جيد او حتي جيد جدا.

  حركت حملة ( تكاتف ) التي أطلقها الشباب السعودي لمناصرة ضحايا فيضانات جده العديد من التساؤلات حول حال شبابنا الذي لا يحركه حدث مهما كان ليقوم بقيادة أنشطة اجتماعية فاعلة. صحيح ان هناك نسبة لا بأس بها تنشط في العمل السياسي لكنها في غالبها نسبة موجهة و مدفوعة من الأحزاب . يمكن القول عن النشاط السياسي للشباب السوداني ، علي قلته ، اذ انه محصور في نسبة ضئيلة من طلبة الجامعات ، و للوقوف علي نسبة الناشطين يمكن النظر الي نسب التصويت في انتخابات اتحادات الطلاب ، ستجدون مثلا مشاركة طلاب جامعة النيلين لا تتعدي الأربعة ألف طالب من عدد الطلاب الكلي الذي يزيد علي الثلاثين الف طالب. الوضع افضل نسبيا في جامعة الخرطوم التي يشترض نظامها نصابا للانتخابات يعادل ( 50% + 1) من عدد الطلاب. مع ذلك فان القائمة الفائزة لم تحصد الا حوالي 20% من جملة طلاب الجامعة. اذن فان الطلاب الناشطين علي قلتهم تقف وراءهم قوة دفع حزبية يحركها في الغالب الكبار و هي محفزة بالكسب السياسي و الي حد ما الكسب المادي في شكليه النقدي و العيني ( الوظيفي ). في المقابل و عند حدوث كارثة السيول في جده هب الشباب السعودي بحيوية مدهشة من اجل العمل الاجتماعي لمناصرة المتضررين و هم في غالبيتهم من الفقراء ، بل و بينهم اجانب. من الاجانب الباكستاني فرمان خان الذي انقذ اربعة عشر نفسا بشرية من الغرق قبل ان يذهب شهيدا مخلفا ورائه اسرته المكونة من امرأة شابة و ثلاث بنات صغار( زبيده 7 سنوات) ، مديحه ( 6 سنوات) و ( جريره 4 سنوات). كان فرمان اجنبي لا يتكلم العربية الا بمشقة ، حسب و سائل الإعلام السعودي ، لكن انظروا ماذا فعل؟ و كيف كافأه السعوديون؟

     الشباب السعودي لم يقف متفرجا او متذمرا او ربع يديه و انتظر الفرج من الأمريكان و انما شمر عن سواعده و اجبر الجميع في الدولة و القطاع الخاص و شرائح المجتمع علي الوقوف معه. بذلك اتسعت الحملة و ضمت في صفوفها حتي اليوم الآلاف من الشباب السعودي. حتي ان الشباب لم يترك الشهيد الباكستاني في حاله او تحت كفالة الدولة و انما قام بمناصرة أسرته و العمل علي كفالتها بشكل دائم و العمل علي ان تمنح واحدا من اعلي الأوسمة في الدولة و إطلاق اسمه علي شارع بجدة ، الا نعم الشهادة و نعم الشباب. هذا مثال حي يجري الان رأيت انه صالحا لضرب الامثال في الفعل الاجتماعي لشباب السودان بمختلف اعراقه و جنسيه و بمختلف دياناته و قناعاته الفكرية ان وجدت.

  علي شبابنا ان (يبغر) ، عليه ان يغير من الغير في مثل هذه الأفعال التي لا يمكن النكوص عنها بسبب الفقر و البطالة و الإحباط و انما العكس هو الصحيح ، يجب ان تكون تلك العوامل حوافز للفعل الاجتماعي. يحتاج شبابنا ان يتحرك في أنشطة اجتماعية و إنسانية من اجل السلام و الوحدة و الترابط. يمكنه ان يتحرك من اجل تحسين شكل الحياة و جودتها ، يمكنه التحرك في المجالات التي تهم الشباب نفسه و الأطفال و النساء و كبار السن ، يمكنه التحرك في أفعال اجتماعية جماعية من اجل الرعاية الصحية ، السلامة العامة ، الفنون و الثقافة ، ضد التصحر ، ضد شجرة المسكيت ، يمكنه ان يتحرك من اجل ألاف الأشياء في هذا البلد المنكوب بالسياسة و الساسة. يا شباب السودان غيروا من غيركم و تحركوا من اجل إشاعة الوعي الاجتماعي و زرع ثقافة المشاركة الاجتماعية في السودان. اذا لم يفعل الشباب ذلك فان السودان بلد لا مستقبل له.

 

hassan mn bashir [mnhassanb@yahoo.com]

 

آراء