يا فيتوري … نحن أمّة لا تختشي!

 


 

 



Mohamed@badawi.de

عندما قرأت نبأ المبادرة الشجاعة المعلن عنها بسودانيز أونلاين -مشكورة- قلت في نفسي: يا إلهي لسنا في شهر أبريل! لقد أدخل هذا النداء حزناً عميقاً في نفسي لأنني تعرفت على هذا الرجل وأنا أرفل بين دهاليز دراستي الجامعيّة، فعشقته وأحببت قلمه وكتبت رسالة ماجستير عن فنه الشعريّ. كانت الرسالة بعنوان "النزعة الزنجية في الشعر العربي عند الفيتوري". حقيقة كنت حينها أجهله أو قل أجهل عمق هذه الأيقونة التي تحمل اسم محمد مفتاح الفيتوري. من عنوان الرسالة التي تحمل مصطلح (زنجية) يتضح شجاعة هذا الرجل، فمن منّا يحمل راية افريقيته اليوم في وجه الجامعة العربية وأهلها علناً؟ فأنتم تعرفون يا سادتي ما يحمله العرب من مشاعر تجاه هذا العرق وهذا اللون؟! فملاعب الكرة وأحداث بيروت ورئاسة الوفود بسوريا والاستعباد بصحراء سينا ونفي الذات بأروبا هي خير دليل على ذلك. لكن رغم أنف الجامعة العربية فنحن نعتز بأصلنا النيليّ وسودانيتنا المقدسة التي أفنى الفيتوري حياته في تقديسها والرفع من شأنها في وجه العالم أجمع كما فعل شعراء الزنجية الذين اقتدى بهم كالرئيس "ليوبلد سيدار سنغور" "وأيمي سيزير" وآخرون من أبطال هذه الحقبة المهمة.
هذا الرجل الفذ، الأديب المحنك والشاعر المرهف في محنة مرضية أدخلته في حوجة مادية. أهل يعقل هذا؟ الفيتوري شاعر العرب في محنة وبلاد البترول وأهل العربية لا يحركون ساكن؟ يا لها من مهزلة! والله نحن أمّة لا تختشي ولا تستحي ولا تملك ذرة ذوق وانسانيّة. والله لو طلب اهل الغرب من أهل العقالات مليارات من الأموال لنجدة الحيتان التي تموت من الصقيع في بحور أروبا لدفع أهل شبة الجزيرة المال والبنون لينعموا بعدها بالتصفيق والمدح من قبل أسيادهم من أهل الغرب. اللعنة، دعوهم يشترون الأندية الأوربية ومصانع السيارات والطائرات وحتى اماكن بيع الجسد. دعوهم يبيعون حضارتهم وانقاض ثقافتهم لهؤلاء. دعوهم يقتلون ما تبقى من حضارة الإسلام! ودعوهم يقتلون الأدب والشعراء كالدواب. نعم، دعوهم للجحيم ...!
من جهة أخرى سمعت بأن الشاعرة روضة  الحاج قد حازت قبل أشهر عديدة على جائزة عكاظ التي تبلغ قيمتها ثلاثمائة ألف ريال سعودي. وهذا الشاعرة رغم احترامي لها ولشعرها لا تبلغ من عظمة الفيتوري شيئا. فما معنى جائزة عكاظ وأهم شعراء العربية يجابه الموت؟ هذا الموضوع يجعلني أطرح أسئلة كثيرة:
- هل ماتت ضمائرنا حتى يبلغ برجل في قامة الفيتوري الفقر والعوذ ويعجز عند دفع نثريات العلاج؟
- أين أمراء عكاظ من أولئك الذين يرمون بأموالهم وشرفهم في شوارع أروبا وفي الشقق النائمة على المحيط الأطلسي في أغادير والدار البيضاء وعلى شط الخليج في مكة اسواق الجسد؟
- أين الإنقاذ وهؤلاء الذين يحملون الشعارات لبناء الوطن والأمة عندما يحتاج إليهم رمز من رموز الوطنية بأفريقيا؟
- أين المنظمة العربية للثقافة والعلوم؟
- أين أهل ليبيا ومخلفات القذافي التي يحق للفيتوري كدبلوماسي ليبيّ أن يعطى منها ولو القليل؟
- أين صندوق النقد العربي؟
- أين أثرياء الأمّة الذين يمتلكون المصانع والمؤسسات الملياريّة؟
- أين أئمة المساجد الذين ياما نادوا بالصحة والشفاء لكل ملك وجبار وسفاح؟
- أين أهل الوطنية منّا أولئك الذين ينهضون لنجدة المنكوب والمحروم؟
لعمري ما الفيتوري إلا رمز لكثير من الناس الذين يهلكون في كل لمحة ونفس دون أن نراعيهم ونضمد جروحهم فماذا بركم يمكن أن نطلق على أمّة مثل هذه؟ فنحن مثل الغجر، قلوبنا مثل الحجر وفكرنا فكر البقر، ونومنا يضحك ورد الحبّ وأغصان الشجر ومنه تدمع عينا سلوتي وتجري سيلا في نهر...
////////////

 

آراء