يذهب الزبد جفاءا ويبقي ما ينفع الشعب وثورته

 


 

 

 

جاء موكب العاطلين عن العمل الذي دعا له تجمع قوى " الحرية والتغيير" ليكشف تهافت وأكاذيب النظام في اطلاق الحريات ، وليسلط الضوء علي قضية العاطلين عن العمل التي كانت من الأسباب الرئيسية لاندلاع ثورة ديسمبر2018 ، كما أنها ايضا من المشاكل التي فاقمها نظام الطفيلية الإسلاموية الذي دمر الإنتاج الصناعي والزراعي والحيواني والخدمي ، وقام بخصخصة السكة الحديد والنقل النهري والخطوط الجوبة والبحرية ، وتدمير مصانع النسيج والزيوت والمحالج والأسمنت والمدابغ..الخ ومشروع الجزيرة والمشاريع الزراعية الأخرى، مما فاقم البطالة بتشريد الالاف من العاملين، حتى أصبح عدد العاطلين عن العمل 2,5 مليون عاطل حسب إحصائيات وزارة تنمية الموارد البشرية ، أما عدد الخريجين العاطلين فبلغ 800 ألف عاطل عام 2017 ، إضافة لتدمير التعليم الفني والصناعي في البلاد، وفتح عدد كبير من الجامعات دون تخطيط لاستيعاب الخريجين ، وبدون توفير مقوماتها من اساتذة ومكتبات ومعامل وميادين رياضية ، وسكن واعاشة، وحرية تكوين الاتحادات الطلابية والنشاط السياسي والثقافي والابداعي الأكاديمي. إضافة إلي الجامعات الخاصة أصبحت مصدرا من مصادر تراكم الثروة للاسلامويين.

عليه لم يكن غريبا الاستجابة الواسعة للمشاركة في الموكب ، وجاءت المواكب في المدن الثلاث هادرة ، واستمرت لفترات طويلة، رغم القمع المفرط بالغاز المسيل للدموع مما أدي لاصابات خطيرة ، إضافة لاطلاقه في المنازل مما أدي لاختناقات، وحملة الاعتقالات.

حل مشكلة البطالة رهين باسقاط النظام الاسلاموي الفاسد الذي اعترف حتي ممثل الحكومة بفساده وتدميره للاقتصاد القومي لتبرير قانون الطوارئ عند ايداعه أمام المجلس الوطني. لا بديل غير اسقاط النظام وقيام البديل الديمقراطي الذي يتم فيه إعادة تأهيل قطاع النقل " سكة حديد ، نقل نهري ، خطوط بحرية وجوية ..الخ" ، وتأهيل القطاع الصناعي والمشاريع الزراعية والحيوانية والخدمية ، لضمان توفير العمل للعاطلين، وتقوية الصادر والعملة السودانية .

تزامنت مع مواكب العاطلين عن العمل الوقفة الاحتجاجية لأسر المعتقلين أمام مكاتب جهاز الأمن للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين ، والوقفة الاحتجاجية للصحفيين للمطالبة باطلاق سراح الصحفي عثمان ميرغني. كما تزامنت مع زيارة عضو مجلس النواب الأمريكي غس بيلراكيس للبلاد لتكشف تهافت وأكاذيب النظام حول طبيعة الوفد الذي لا يمثل الكونغرس ، وفي اطلاق الحريات مثل : السماح لبعض الصحف الموقوفة بالصدور ، والتقليل من أثر المظاهرات ومحدوديتها، ..الخ ، واستغل عضو مجلس النواب أزمة النظام ليمارس عليه المزيد من الضغوط بالمطالبة بتعويضات تتعلق بالهجوم الارهابي الذي أدي لتفجير سفارات في دار السلام ونيروبي 1998 ، وهجوم 2000 علي المدمرة كول ، وأشار غس بيلراكيس إلي أن ذلك مسألة مهمة لدوائرنا الانتخابية ويجب حلها، وسيستمر في البحث عن تعويض عادل للضحايا. كما طالب بتوفيرالحريات العامة واطلاق سراح المعتقلين السياسيين بما فيهم سوداني يحمل الجنسية الأمريكية ،

وأكد موقف أمريكا المعروف من "الهبوط الناعم" بالحوار بين الحكومة والمعارضة ، بهدف تغييرات شكلية تبقي علي مصالح أمريكا وحلفاؤها في السودان ، وعدم رغبة أمريكا في التغيير الجذري الذي ينهى معاناة شعب السودان ، ويضمن عدم إعادة إنتاجها من جديد. شعب السودان بعد التجربة المريرة لا يعول علي الحلول الخارجية ، ولكنه قرر المواصلة في ثورته حتى اسقاط النظام وقيام البديل الديمقراطي.

كما سخرت الجماهير من الكيل بمكيالين من النظام وهيئة علماء السودان التي استنكرت اطلاق الرصاص علي ضحايا المسجد الجمعة الماضي في نيوزيلندا الذي اسفر عن مقتل 49 مواطنا مسلما ، بينما أطلق النظام الرصاص الحي علي المتظاهرين السلميين مما أدي لاستشهاد أكثر من 50 في ثورة ديسمبر 2018 ، ولم يتم استنكار وإدانة ذلك، إضافة لضحايا المعسكرات في دارفور، وشهداء الحركة الطلابية الذين تجاوز عددهم 100 طالب، وشهداء البجا في بورتسودان وشهداء 27 رمضان ، وكجبار وأمري ، وسبتمبر 2013 ..الخ. الا أنهم العلماء الذين ارتبطت مصالحهم بالنظام ، امتدادا لسلفهم الذين وقفوا ضد الثورة المهدية ، ووصفهم الإمام المهدي ب "علماء السوء" ، والذين وقفوا مع الاستعمار البريطاني ضد ثوار 1924 ، والذين كّفروا الأستاذ الشهيد محمود محمد طه وحكموا عليه بالردة بدعم من الإخوان المسلمين وجريمة إعدامه التي نفذها السفاح النميري في يناير 1985 بعد أن ناهز عمره 76 عاما.

تتفاقم أزمة السلطة يوميا كما يتضح من من التناقضات الداخلية وسطها بعد إعادة تشكيل الوزارة التي أعادت الوجوه السابقة ، وافلاس السلطة و وانحطاط إعلامها الذي يقوم علي تشويه الحقائق ، والاساءة لشعب السودان ، كما ورد في حديث المدعو حسين خوجلي الذي وصف شعب السودان في ثورته ب"الجرزان"، وهو في ذلك لا يضيف جديدا لهجوم البشير علي شعبه ، والديكتاتور السابق القذافي وهتلر الذين وصفوا شعوبهم ب"الجرزان" و"الحشرات البشرية" هتلر" ، ولكنهم ذهبوا إلي مزبلة التاريخ ، وسوف تنتصر ثور شعبنا ، ويذهب الزبد جفاءا ويبفي ما ينفع الناس.

كما تتفجر الصراعات داخل ما تبقي من حلفاء السلطة ، وتتدهور الأوضاع المعيشية بالارتفاع المستمر في الأسعار، واستمرار تدهور قيمة الجنية السوداني ، وأزمة السيولة والوقود والخبز والدواء ، وفرض المزيد من الضرائب والجبايات لتغطية المنصرفات الباهظة علي الأمن ، إضافة للفساد والاعتداء علي المال العام الذي بلغ بعد مراجعته في 11 ولاية 550 مليار جنية. ولا حل للأزمة الا باسقاط النظام.

بالتالي لا يفيد الدعوات الكاذبة للحوار مع نظام أدمن نقض العهود والمواثيق، ويرفع شعار الحوار بهدف كسب الوقت واطالة عمره، وإعادة إنتاج النظام سواء كان ذلك بتسوية أو انقلاب عسكري .

عليه، لا بديل غير السير في طريق الثورة والمحافظة علي سلميتها وجماهيريتها الواسعة واليقظة ضد الاستفزاز الذي يحرف الثوار عن مهامهم الأساسية ، والمواصلة بمختلف الأشكال وابتكار أساليب جديدة ، من مواكب ومظاهرات وعصيان واضرابات ووقفات احتجاجية واعتصامات ، ومحاصرة النظام داخليا وخارجيا حتي اطلاق سراح كل المعتقلين وإلغاء قانون ومحاكم الطوارئ ، وتحسين الأوضاع المعيشية ، ومواصلة التراكم النضالي الجاري حتي الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط النظام، وقيام البديل الديمقراطي..

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء