يوميات الاحتلال (29): الثورة السودانية والعالم والجوع المقبل

 


 

 

( جئت هذه المدن في زمن الفوضي
و كان الجوع في كل مكان
طعامي أكلته بين المعارك
نمت بين القتلة و السفاحين
تأملت الطبيعة ضيق الصدر
احببت في غير إهتمام
و هكذا انقضي عمري القصير الذي قدر لي
علي هذه الأرض )
برتولد بريخت

.. تتواصل الثورة السودانية، متقدة ، و شجاعة ، نحو عامها الرابع، بصمامة و فدائية كنداكتنا و ثوارنا الاماجد ، الذين ما زالوا يخجلون الشمس بسياطها الحارقة، و يحرجون العالم بصمته المخجل ، هذا العالم الذي ينطوي بسرعة، مخلفا في المشهد عالم جديد، خاليا من القيم و الأعراف ، عالم عنوانه الاستحواذ و التدمير في صراعات غير متكافئة و لا عادلة و يدفع بأستمرار ثمنها الباهظ، البشرية المعاصرة، في مزيدا من عدم الاستقرار و اللجوء و المجاعات و الأوبئة التي اصبحت تتناسل في سباق غير طبيعي .
.. في مثل هذه المواقيت الصعبة من تاريخ العالم، تصبح الدول ذات الموارد الطبيعية هي صاحبة الريادة و المساهمة في الحل، و ينعكس ذلك رفاه علي سكانها، بفضل قيادة استراتيجية تعرف كيف تحول الكوارث الي منفعة و تعطي الآخرين مفاتيح الحل، و لكن من عثر حظ السودانيين _ لطالما كان عاثرا _ ان تسنم بالسلاح و التواطؤ ثلة من احط مكوناته الحكم و قيادة البلد في حلف جمع كل الساقطين علي مر التاريخ السوداني، حلف قوامه الجهالات و ضيق الأفق و عمي البصيرة، فكان لابد لمثل هذه الوصفة الشيطانية ان تكون وبالا علي الوطن و محق علي السودانيين و وصمة عار علي العالم .
.. كشفت جائحة كورونا و بعدها بقليل حرب روسيا و اوكرانية، مدي هشاشة عالمنا بالرغم من فتوحاته الكبري _الظاهرية _ في مجال ثورة المعلومات و تصنيع السلاح و كشوفات علم الفضاء و الجينوم، لكن مع كل تلك الإنجازات وضح تماما أن عالمنا هش الي درجة ان الأمن الغذائي فيه مهدد علي الدوام و شبح المجاعة فيه ماثل بأستمرار و كفيل بأن يحيل كل هذا التقدم الي مسغبة تفني فيها اعداد مهولة من البشر في كافة أنحاء العالم، و هذا الأمر يبدو وشيكا الآن اذا لم تتوقف عبثية الحرب الآن و المغامرات البيولوجية التي جعلت الأوبئة تحيط بالعالم الآن . لذلك الأمر ارتباط وثيق بالسودان و ثورته، و اذا لم يستشعر العالم و الإقليم خطر حلف (برهان/ حميدتي/ الحركات ) علي العالم و الأمن الإقليمي، فسوف تستعر أيضا نار الحروب و تصبح البلدان مسرح للمتطرفين و الإرهابيين و سوف تحدث مجاعات تشمل السودان و كل دول الجوار و لا يظنن أحدا أنه بمنجي عن هذا البركان المحتمل، و الذين يظنون انهم مسيطرون علي الأمور الآن، فليأخذوا العبرة من حرب أوربا _روسيا الآن و التي غيرت كافة الحسابات و خانات السيطرة .
.. حكومة العجز الانقلابية الماثلة الآن، هي أسوأ معادلة أتت للحكم في تاريخ السودانيين، حكومة ثلاث ارباعها من العاطلين عن المواهب و الفشلة و الفسدة، فاقدي الضمير، انانيون حد الامتلاء، و شهوانيون حد التدفق، فكيف بالله يظنن أحد عاقل ان بوسع مثل هذا الخليط ان يقيم حائط، ناهيك عن قيادة بلد؟!! .
.. العالم الآن بات يستشعر خطورة الأمر، و عليه أن يفعل بعد أن بتنا علي بعد خطوات من مجاعة سوف تحول كل القيم و الأخلاق الي حرب منحطة ترجع العالم الي تواريخ مظلمة في مراحل تكونه البدائية و الحيوانية .
.. الثورة السودانية ما تزال تضرب المثل المضيء في الإقليم و العالم، علي بسالتها و اخلاقية قضيتها، و نضالها المستمر في ترسيخ قيم تتعدي السودانيين الي العالم اجمع .
.. التحية و المجد لكنداكاتنا و ثوارنا و اسر شهدائنا الصابرين و الداعمين للثورة بأستمرار .. التحية لهولاء الصبية و الصبايا حين يدحرون بأجسادهم النحيلة عصابات القتل المدججة بالسلاح و كل أدوات القتل، و لكنكم سوف تهزمونهم و تكتبون التاريخ الجديد و تعطوا العالم درسا بليغا هو في أشد الحوجة إليه .
.. الخزي و العار للمخذلين علي الدوام و الذين كل يوم يبرز ضعفهم من خلال اسئلتهم البلهاء في جدوي إستمرار الثورة و ثباتها و عنفوانها المتجدد، سوف تطرحون اسئلتكم البليدة و تتفرجون الي حد الموات و التعفن، و لن يتذكركم التاريخ في مواقيت النصر الآتية دون ريب .
.. العار و الفشل لكل أصحاب التسويات و السقوطات(الهبوط الناعم ) و لسوف تدفعون ثمن مواقفكم قريبا جدا .
.. الثورة وعي و بناء و فعل مستمر .

jebeerb@yahoo.com
/////////////////////////

 

آراء