ود أب زَهَانَة

 


 

فيصل بسمة
1 July, 2021

 

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

الملاحظ أن هنالك أعداد كبيرة من الأسر السودانية الغير منتجة و شرآئح واسعة من السودانيين تقتات على نفقة و كفالة آخرين ، و تعيش خارج نطاق مقدراتها الإقتصادية ، و الملاحظ أيضاً أن الكثير من الأفراد و الجماعات السودانية تنتهج في حياتها منهج (حَاكُونَا... حاكونا) و عقلية القطيع (ما الناس قاعدة تعمل كده...) ، مما يقودهم دون وعي إلى الإنغماس في نشاطات إجتماعية مُتَكَلَّفَة و مزيفة و مُكلِفَة و إلى ممارسة نمط إستهلاكي مدمر يفوق كثيراً مقدراتها الإقتصادية الحقيقية و لا يتجانس مطلقاً مع بيئتها و خلفياتها الإجتماعية البسيطة ، هذا النمط من الحياة و السلوك المعقد المشين من ضمن العلل الكثيرة المسببة لمشكلة الأسرة و الشخصية السودانية.
في صميم تركيبة شخصية الإنسان السوداني يكمن ذلك الإنسان المحب لكل مباهج الحياة و كل شيء جميل و بإندفاع عظيم و على طريقة العاطل التراثي الشهير السيد (ود أب زَهَانَة):
لابس صديري و طيزو عريانة...
ياكل في اللوكاندة و ينام في الجامع...
فقد ذكرت الرواية التراثية أن السيد (ود أب زهانة) يحرص حرصاً شديداً على المظهر الراقي و الوضع الإجتماعي المتميز و ما يصاحب ذلك من متع و شهوات الدنيا من الملبس الأنيق و الشراب الطيب و الطعام الشهي و بقية الملحقات لكنه يحجم عن العمل إعتماداً على أصله و إرثه القديم و تاريخ أسرته الإجتماعي و حكمته في ذلك:
(الدين في الكتوف... و الأصل معروف...)
يفعل (ود أب زهانة) ذلك رغم علمه المسبق بقصور الإمكانيات المتواضعة و عجزها عن اللحاق بركب التطلعات المتسارع و سيل الشهوات الغير منقطع ، فتجده (ود أب زهانة) يعشق الثياب الفاخرة الجميلة و الأكل الجيد في اللوكاندات (الفنادق) الراقية لكنه في نهاية الأمر ينام مديوناً و مكشوف المؤخرة مع المتشردين في الجامع!!!...
و يبدوا أن الإنسان السوداني (ود أب زهانة) ينظر إلى الدنيا من منظار (البهجة) و من باب الإستسهال و حب الذات (راحة نفسي و لا تعب الجميع) و إلى العمل و الإنتاج بعقلية و فكر (حشاش بدقنو) ، فالأفكار موجودة و تتوالد بكثرة لكن واقع الحال يظهر أن الأفعال تعجز عن تحويل الأفكار إلى عمل و منتج ملموس.
إن الظهور المكثف لشخصية (ود أب زهانة) في الحياة السودانية المعاصرة هو أساس المشكلة السودانية.
الشخصية السودانية في حوجة ماسة إلى العيش في واقعها و الإقلاع عن التبطل و منهج (حاكونا... حاكونا) و عقلية القطيع.
الشخصية السودانية في حوجة ماسة إلى التربية مع التعليم.
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

fbasama@gmail.com

 

آراء