المرصد السوداني لحقوق الإنسان ينعي رئيسه السابق الدكتور أمين مكي مدني

 


 

 


ينعي المرصد السوداني لحقوق الإنسان إلى الشعب السوداني، وإلى حركة حقوق الإنسان في أفريقيا، وفي العالم العربي، وإلى الحركة الدولية لحقوق الإنسان رحيل المناضل الجسور والخبير البارز في مجال حقوق الإنسان، الدكتور أمين مكي مدني الذي وافته المنية صباح اليوم في الخرطوم.
كان الدكتور أمين مكي مدني أحد أبرز أبناء جيله من مؤسسي حركة حقوق الإنسان في بلادنا، وأحد أبرز قادة النضال من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية على المستويين الأفريقي والعربي. وقد كان إسهام الراحل الكبير بارزاً في تأسيس وقيادة المنظمة السودانية لحقوق الإنسان في ثمانينيات القرن الماضي إبان دكتاتورية نميري، وتولي رئاستها في مرحلة صعبة من تاريخ النضال الحقوقي في السودان بعد أن قام إنقلاب الإنقاذ بحلها فانتقلت للعمل خارج السودان لتتصدى بقوة للانتهاكات الجسيمة وتفشي التعذيب في معتقلات النظام. بادر الراحل بالدعوة إلى إعادة تأسيس المنظمة، أثناء فترة التفاوض على إتفاقية السلام الشامل، وقاد عملياً جهود إعادة تأسيسها تحت اسمها الحالي "المرصد السوداني لحقوق الإنسان" في 2005 حيث تولى رئاسة المرصد من 2008 إلى 2013.
دفع الدكتور أمين ثمن التزامه بحقوق الإنسان وبالديمقراطية من صحته وحريته، فتعرض للاعتقال والمضايقات. وكان آخر ما تعرض له اعتقاله، ومن ثم تقديمه للمحاكمة إثر توقيعه عن مبادرة المجتمع المدني على إعلان نداء السودان، ثم عرقلة سفره للعلاج إبان فتره مرضه الأخيرة.
لعب الدكتور أمين أدواراَ بارزة في خدمة قضايا حقوق الإنسان، من خلال مسيرته كمناضل لا يعرف التردد، وكخبير وعالم قانوني من طراز رفيع. فعلى المستوى الإقليمي كان أحد مؤسسي المنظمة العربية لحقوق الإنسان، كما انتخب عضواً بالمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب لعدة دورات، وشارك في الجهود التي قادت إلى تأسيس المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. وقد اختير الراحل خلال مسيرته المهنية في قيادة عدة منظمات دولية للمحامين ولحقوق الإنسان.
إضافة إلى عمله بالمحاماة في السودان، فقد عمل الدكتور أمين خبيراً ومسئولاً تنفيذياً بارزاً في مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، والبنك الدولي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا. وتولى مهاماً ذات صلة بهذه المؤسسات، ومؤسسات أخرى، في العديد من البلدان.
عمل الدكتور أمين مكي بالتدريس فتخرجت على يديه أجيال من القانونيين. ونشر العديد من الدراسات، باللغتين العربية والإنجليزية، التي أثرت مكتبة حقوق الإنسان وساهمت في تواصل الخبرات بين الأجيال.
في كل موقع عمل فيه الدكتور أمين خلف وراءه إرثاً من الاتساق مع ما نادى به من قيم. وفي عمله النضالي كان أول المبادرين بالجهد والرأي والمال فأصبح قدوةً لأجيال الشباب ومحلاً لاحترام الأنداد. وإذ نتوجه بالتعازي إلى أسرة الراحل الكبير، وإلى زملائه ورفاق دربه، وإلى تلاميذه في السودان وخارجه، وإلى أنفسنا، ندرك أن الوفاء الحقيقي لذكرى الراحل العزيز ليس أقل من الإلتزام بما دعا له من قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والنضال من أجلها بلا مساومة.
ألا رحم الله الدكتور أمين مكي بقدر ما قدم للسودان وللإنسانية.
الخرطوم،31 أغسطس 2018

 

آراء