ما زال النظام مستمرا في جرائمه البشعة
هزت الجريمة البشعة لتعذيب المعلم أحمد الخير حتي الاستشهاد الرأي العام المحلي والعالمي وضمير كل وطني وانساني ، وأجابت باختصار علي سؤال من أين أتي هؤلاء؟ : أنهم جاءوا من أحط المراحل المظلمة في التاريخ البشري التي مورست فيها أساليب "الخازوق" في تعذيب وقتل المعارضين التي تتنافي مع كل القيم الدينية والانسانية والأخلاقية، وسماحة وتقاليد السودانيين ، وتلك الجريمة التي مارسها الاستعمار التركي في السودان ، ووصفها السودانيون في معاناتهم من ذلك الاستعمار بالمثل القائل " بين الخازوقين نتنفس " ، وكانت من أساليب القهر مع الضرائب وغيرها من الأسباب التي أدت للثورة المهدية التي وحدت السودانيين وأطاحت بالمستعمر التركي.
هذه الجريمة ليست جديدة ، بل امتداد لجرائم النظام التي مارسها ضد المعارضين منذ ثلاثة عقود فقد مارس التعذيب الوحشي في بيوت الأشباح للمعارضين واستشهد منهم العديد مثل الدكتور علي فضل رسول الانسانية، قبل أن يلحق بهم رسول المعرفة والعلم الأستاذ المربي أحمد الخير، إضافة لجرائم مثل : اعدام شهداء 28 رمضان، واطلاق النار علي المتظاهرين السلميين واستشهاد عدد كبير منهم كما حدث للطلاب في الجامعات ، وبورتسودان وكجبار وأمري ، ولمواطني الفاشر في جريمة واحتيال "سوق المواسير"، وفي سبتمبر 2013 ، ويناير 2018 ، وثورة ديسمبر- يناير الحالية التي يكون عدد الشهداء فيها بلغوا 54 بعد استشهاد أحمد الخير " خشم القربة" ، وفائز عبد الله عمر " كوستي" ، وحسن طلقا " جنوب كردفان" ، إضافة لمئات الجرحي والمعتقلين الذين تجاوز عددهم 2000 ، وتعرض بعضهم لتعذيب وحشي.
كما أشعل النظام الحرب في الجنوب بعد الوصول للحل السلمي " اتفاق الميرغني – قرنق" بعد انقلابه علي النظام الديمقراطي التي أدت الي إبادة وتهجير الملايين وكانت النتيجة فصل الجنوب ، وتشريد عشرات الالاف من المعارضين السياسيين والنقابيين وخصخصة مؤسسات القطاع ، وهذه جريمة لا تقل عن الحروب كما يقول المثل : " قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، وتدمير البلاد بافراغها من كوادرها المؤهلة مهنيا مما أدي للخراب الذي نعيشه حاليا. إضافة لجرائم دارفور التي راح ضحيتها 300 ألف ومليون ونصف من النازحين ، وجرائم حرب الإبادة في جبال النوبا وجنوب النيل الأزرق وما نتج عنها من مأسي انسانية.
وفرط النظام في سيادة البلاد وفشل في حماية أراضيها المحتلة " حلايب ، شلاتين ، الفشقة،..الخ" والتفريط في الموانىء مثل :سواكن والميناء الجنوبي ببورتسودان ، وتأجير الأراضي لفترات تصل الي 99 عاما ، والفشل في حماية أجوائها بعد الضربات الاسرائيلية المتلاحقة ، ونهب ثروات البلاد وأصولها ، وتدمير المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية ، ونهب عائدات الذهب والبترول التي بلغت المليارات من الدولارات وتهريبها للخارج ، وأغراق البلاد في د يون خارجية بلغت 54 مليار دولار والفساد ، حتي لخص شعب السودان الفئة الحاكمة ب"الحرامية" في شعاره " سلمية.. سلمية.. ضد الحرامية"
هذه هي طبيعة النظام التي تقوم علي القهر والنهب والكذب ونقض العهود والمواثيق لمصلحة ثراء قلة رأسمالية طفيلية إسلاموية ، افقرت شعب السودان وجردته من أبسط حقوقه في التعليم والصحة والسكن والعمل، وفشلت في توفير أبسط مقومات الحياة من خبز ووقود وسيولة، ولا تملك أي حلول لمشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية والمالية ، وتريد أن تبقي في الحكم رغم الفشل الذريع، ويطالب البشير الجماهير بالانتظار حتي 2020 ، التي نتيجتها مزوّرة ومعروفة سلفا ، ورد عليه أحد الشباب الساخرين : ولماذا لم تنتظروا حتي انتخابات 1991 ، وقمتم بانقلابكم العسكري في يونيو 1989 !!!
بالتالي كتب هذا النظام عند الشعب كذابا ، ولم يهتم بوعوده مثل : زيادة المرتبات، وتوفير 160 ألف وظيفة للشباب ، وفتح المقاهى وأماكن الشيشة علي شارع النيل ، وتعديلات في قانون النظام ، أو تعديلات دستورية تبقي علي جوهر النظام وتعيد إنتاجه من جديد ، أو مبادرات أو مقترحات بعض الاسلامويين أو تسلم الجيش للسلطة في تكرار لتجربة المشير سوار الدهب ، التي جوهرها : فترة انتقالية تتم فيها تسوية وتغييرات شكلية تمتص الأزمة ، وتعيد إنتاجها بشكل أعمق .
كما فشل القمع بمختلف أشكاله من اطلاق الرصاص الحي والتعذيب الوحشي حتي الموت في وقف تقدم وزحف الثورة ، بعد أن عجز النظام عن الحكم، وتفجرت التناقضات داخله ، وبلغ استعداد الجماهير للدفاع عن ثورتها غير مبالية بالموت والرصاص كما عبر الشعار " الطلقة ما بتكتل .. يكتل سكات الزول " ، وشعار " تسقط بس "، ووجود القيادة التي انبثقت من صفوف الثوار في تحالف قوي" الحرية والتغيير"، بحيث أصبح لا بديل غير المضي قدما بثبات حتي اسقاط النظام.
بالتالي ، فان هذا النظام يدافع عن مصالح طبقية دنيوية ضيقة زائلة ، وتحاصره ثورة الجماهير من كل جانب ، واصبح لزاما مواصلة المظاهرات والمواكب والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية حتي الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاطه ، وانتزاع الديمقراطية وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات وحكم القانون ، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية ، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللون أو العرق أو الثقافة، وقيام المؤتمر الاقتصادي لإصلاح الخراب الاقتصادي والمالي ولجم الفساد ، وإعادة تأهيل المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية لتوفير فرص العمل للعاطلين ، وتقوية الجنية السوداني، وقيام المؤتمر الدستوري لحل أزمة الحكم في السودان ، ووضع دستور للبلاد بمشاركة الجميع، واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة والمحاسبة ، وتحسين علاقاتنا الخارجية.. الخ ، كل ذلك عبر فترة انتقالية لاتقل عن اربع سنوات ، تتم في نهايتها انتخابات حرة نزيهة.
alsirbabo@yahoo.co.uk