هل رأيت معركة (ذات الكراسي) بالأمس في قاعة الصداقة؟! هذه الأحزاب والقيادات التي تتقاذف بالكراسي وتشتبك بالأيادي وتتبادل الصفعات واللكمات هي التي ذهب إليها المجلس العسكري ليحاورها ويستأنس برأيها حول الفترة الانتقالية ومستقبل ثورة السودان؟!
هذه هي (أحزاب الفكة) و(دمامل السياسة) والدَبَرْ التي زرعته الإنقاذ في ظهر الحياة السودانية .. إنها الجماعات التي اعتاد المؤتمر الوطني مناداتها وتجميعها (من سُكات) ليتلوا عليها ما يريد ويوزع بينها صحاف الفول المدمس والتمر و(مظاريف المواجبة)..وكان الله يحب المحسنين..! وها هي الآن ترحّب بالمجلس العسكري بفاصل من معركة (ذات الصواري).. وبعضهم جاءوا من أجل (الكراسي الوزارية) فإذا بهم يخبطون على رؤوسهم بكراسي القاعة..! هذه هي قيادات وكوادر الأحزاب التي صنعها المؤتمر الوطني ولا عزاء لها في استشعار (اليتم والترمّل) بعد زوال الإنقاذ..ولكن المجلس العسكري يريد أن يبعثها من العدم ويعيد إليها الحياة ..فإذا بها تتعارك ولا تصبر على بعضها لمدى ساعة زمان.. في حين أن شباب الثورة ظل حفيظاً على سلميته طوال خمسة شهور فلم يمنعه الزحف المليوني من سلميته، ولم تمنعه لعلعة الرصاص وسقوط الشهداء وظروف الحصار والضرب وقلع العيون والدهس ومداهمة البيوت من أن يحافظ على السلمية.. ولكن (أحزاب الفكة) التي جاءت للقاء المجلس العسكري وهي لا تدرى لماذا جاءت؛ ما أن اكتمل عقدهم في مكان واحد حتى تطايرت الكراسي وتبادل الحضور اللكمات والصفعات في مشاهد مخجلة هزلية.. وسلوك مشين غير لائق.. ومظهر لا يمثل إلا خلاصة أعراض التخلف والجلافة والصناجة...!!
هؤلاء هم من يريد المجلس العسكري الاستئناس برأيهم ويقول إنهم فصيل مشارك في التغيير لا يمكن تجاهله؟! هل هؤلاء حقاً شركاء في التغيير؟ مَنْ قال ذلك؟ هل هم قالوا ذلك عن أنفسهم؟ ألم يكن هؤلاء القادة والكوادر حتى اليوم الأخير يقفون في خندق واحد مع المؤتمر الوطني ومع الإنقاذ ومع رئيسهم الذي قالوا انه مرشحهم الأوحد وحامي حامي السودان ووحدته..!! هل شاركت قيادات المؤتمر الشعبي في التغيير أم كانت مع الإنقاذ حتى آخر لحظة من عمرها التعيس؟! ألم يكن كبيرهم مساعداً لرئيس الجمهورية حتى يوم سقوطه؟! قادة المؤتمر الشعبي والقيادات التي خرجت من (عباية) المؤتمر الوطني وشرائح الأمة والاتحادي والحركات والأحزاب الرديفة هؤلاء..هل هم شركاء التغيير الذين يريد المجلس العسكري أن يكايد بهم الثوار الحقيقيين ويعطل بهم قاطرة الديمقراطية؟! هل هؤلاء الذين يقذفون بعضهم بالكراسي (في نهار رمضان) هم طلائع التغيير وقد ظلوا طوال الوقت مقطورة في ذيل (قندران الإنقاذ) الكُهنة.. ولكن هناك من يريد أن يخلق من فسيخهم شربات.. وهيهات.. إنها أحزاب الإعاشة التي اعتادت على (اللبن المُبسْتر) ولا تستطيع أن تفطم نفسها بعد أن أفسدتها الإنقاذ وختمت عليها بوجوب الطاعة.. فهي لا تستطيع أن تكون نفسها؛ ثم إنها في (حوسة فظيعة) لانقطاع المظاريف والمصاريف؛ وهي من جهة ثالثة لا تستطيع حتى الآن أن تصدّق أن البلد (فيها ثورة) وان الإنقاذ ذهبت إلي مكانها المُرشحة له، والتي اجتهدتْ هي نفسها في حجزه بين كراكيب التاريخ.. ومزابله..!