كلام الناس
Fun crisis
دُهشت وأنا أقرأ نتيجة البحث الذي اُجري في أستراليا بأن نسبة كبيرة من الأستراليين يعانون من أزمة ترفيه وأنهم لم يعودوا يستمتعون بالأوقات الجميلة وأن نسبة 45% منهم يشعرون بأن الحياة كانت أكثر متعة في السابق.
إضافة لإفادة أخرى أوردتها وكالة "إس بي إس" بأن نسبة السعادة وسط الأستراليات في تراجع مستمر منذ ثلاثين عاماً وأن إحتمال إصابتهم بالإكتئاب حوالي ضعف إحتمال إصابة الرجال، تذكرت حينها نصيحة صديقي الذي حذرني من البقاء في أستراليا حتى لا اُ صاب بالزهايمر.
لا اُُخفي عليكم فإنني سخرت من نصيحته لكنني وبعد مكوثي في أستراليا حوالي خمس سنوات أحسست بصدقه، ليس بالنسبة لي - والحمد لله الحافظ الحفيظ - لكنني لمستها وسط كثير من الاستراليين بمن فيهم الأجيال الناشئة.
تذكرت أيضاً المقولة المتداولة وسط جيلنا وكنت أظن أنها من بنات أفكارنا "ياحليل الزمن الجميل"، فقد أثبت البحث المذكور عاليه أن الأستراليين أيضاً يحنون للزمن الجميل.
مع احترامي لنتائج مثل هذه البحوث والأحكام القيمية التي يحاول بها البعض التعبير عن حالة عدم الرضا بالواقع الإنساني والمجتمعي الحالي فإنني أرى أن العيب ليس في الزمان ولا في المكان إنما في أنفسنا.
من محاسن الصدف أنني حضرت نهار الأربعاء الماضي بمكتبة مريلاندز بسدني محاضرة قيمة عن الصحة العقلية نظمتها مؤسسة
Neami
عن بعض الأمراض العقلية وكيفية الأخذ بيد المرضى ومساعدتهم على تحقيق التوازن النفسي والسلوكي المطلوب.
مع كل التقدير للبحوث والدراسات والجهود المقدرة فإنني لا أتفق مع القول بأن هناك أزمة ترفيه في أستراليا، لأن مجالات الترفيه المتاحة هنا أكثر مما هو متاح في بلادنا، ولإيماني بأن الخلل ليس في الأزمنة ولا في الأمكنة إنما في أنفسنا التي أهملنا تغذيتها روحياً وإنسانياً ونحن نلهث لإشباع حاجاتنا المادية - خاصة في نفوس الأجيال الناشئة - حتى فقدنا السلام النفسي والحميمية الأسرية والتماسك العائلي.
هذا لايقلل بالطبع من أهمية وضرورة العلاج والرعاية الصحية وإعادة التأهيل النفسي والمجتمعي للحالات المرضية وحالات الإكتئاب وتعاطي المخدرات المزدادة خاصة وسط الشباب وصغار السن.
//////////////////