علي الحاج: دفاع عن الاستثمار..!
اللهم لا اعتراض على حكمك يا رب..! (علي الحاج) صاحب المؤتمر الشعبي عقد مؤتمراً صحفيا حول الوضع الراهن..!!.. قال فيه كلاماً (ناعماً بعض الشيء) ولكن ليس كل مظاهر النعومة مما يطمئن له الإنسان وإلا لحمل الشخص الثعبان في (جيب الساعة)..! والذي بين علي الحاج والشعب السوداني لا يكفي فيه أن يحاضرنا عن الديمقراطية والمبادئ السياسية وقانونية الطوارئ والفترة الانتقالية وعن خوفه من ضياع الاستثمارات على السودان بسبب الطوارئ..!! إنها دماء وحقوق وتعديات على الدستور وانقلاب على الديمقراطية وتبديد للثروات وتدمير للوطن..(وللاستثمار ربٌ يحميه)..!
ما هؤلاء الناس؟ وبأي عقل ولب وقلب وفؤاد وأي حافظة وذاكرة وبأي إدراك وأي ضمير يخاطبون الناس ويلقون عليهم هذه الدروس..! الرجل يحاضرنا عن الطوارئ والطوارئ بطبيعة الحال مُستهجنة إلا عندما يتحدث عنها علي الحاج وجماعة الإنقاذ..! ولا أحد عاقل يحب حالة الطوارئ لكنها تدخل في حكم الضرورة لمثل هؤلاء المُخاتلين الغادرين الذين ليس لهم عهد ولا يؤمن لهم جانب.. هؤلاء الذين يكرهون السودان ولا يجيدون إلا التآمر عليه ومحاولة (تغطيس حجره) بأي وسيلة وكيفية حتى بقتل وسحل الصبايا وربطهم بالأحجار وإلقائهم في النيل مكتوفي الأيدي والأرجل..! الطوارئ هذه المرّة هي (داء الإنقاذ ودواؤها).. فهي من أجل تأمين الوطن من عصابات الموت التي لم تجف دماء ضحاياها بعد.. إنها من اجل غلّ أيدي (كتائب الظل) والمليشيات وفلول الإنقاذ.. ولكنها لم تكن كذلك في سنوات الإنقاذ.. لقد كانت الطوارئ عندهم من أجل (تأمين النهب) وتعطيل القانون وقطع طريق الحياة على السودانيين والحصانة من جرائم القتل والاغتصاب وتشريد السكان وحماية (الحرمنة) وتجنيب الموارد وحمل الأموال العامة في ظهور السيارات.. وبالله عليك يا صاحب المؤتمر الصحفي وأنت من الإنقاذ ومن قادة انقلابها على الشرعية.. كم سنة لبثت الطوارئ في بلادنا على أيامكم؟ هل هاجمتها واستهجنتها عندما أعلنتها أنت وجماعتك وظلت سارية ثلاثين عاماً لم تكن فيها من اجل حماية الوطن وساكنيه..إنما كانت من أجل قتلهم بالآلاف وقصفهم بالطائرات وطردهم من وظائفهم وإعدامهم بدون محاكمات واباحة اغتيالهم داخل بيوت الأشباح ليس بالشنق والغاز وإنما بدق المسامير في الرءوس وإيلاج الخوازيق في الأجساد...!
طبعاً على الحاج شيخ العارفين عن كيفية شراء السياسيين (المعروضين للبيع) بالأموال التي تخرج من الخزينة العامة إلي الحقائب، وهو شيخ العارفين عن بناء القصور العشوائية في الطريق العام، وهو التنفيذي والسياسي النافذ عندما كانت تتم توصيلات (الكهرباء المجانية) من المساجد إلى الدور والقصور للتحايل على فواتير الكهرباء التي يدفعها أهلنا الطيبون الفقراء من دمهم..! وهو سيد العارفين عن أموال (طريق الإنقاذ الغربي).. وكان على الصحفيين الحاضرين في مؤتمره الصحفي أن يسألوه عن كلمتين فقط.. وماذا يعني بهما عندما قال (خلوها مستورة) مَنْ كان يخاطب بهذه العبارة؟ ولماذا يخلوها مستورة؟ وهي كان يتكلم عن حق عام وأموال عامة مُنتزعة من رغيف الناس ولبن أطفالهم وحصة السكر المستحقة لهم..أم كان يتحدث عن أموال خاصة بالمؤتمر الوطني أو بشركاء غنيمة ومساهمي يانصيب أو أصحاب ورثة..؟! هل يملك هذا الرجل الحق في إخفاء مصير أموال هذا الشارع القومي الذي كان بمثابة (الطريق السريع للفساد والتهليب والنصب والاحتيال) حتى إن على الحاج رفض الحديث عن المساءلة بين أصحابه وقال لهم في تهديد مبطّن (خلوها مستورة) فاستجابوا واستجاب.. و(ارتاحوا واستراح)...!
ألا تشير هذه العبارة إلى الأغوار العميقة لفساد الإنقاذ العجيب الذي شاهده القاصي والداني.. ولكن الإنقاذيين وحدهم لا يروه.. على رواية "غابريل ماركيز" العجيبة التي عنوانها (موت معلن) حيث كانت البلدة كلها تعرف القاتل وتعرف القتيل وتعرف موعد ارتكاب الجريمة وحتى المقتول كان يعلم قاتله وموعد القتل ولكنه تجاهل الأمر.. كما أن أمه كانت تعلم وقت قتله وقاتله ومع هذا أغلقت الباب وهو بالخارج ولم تسمح لابنها بدخول البيت قبل موعد الاغتيال..! إنه السقوط الإنقاذي السياسي والاقتصادي والأخلاقي الذي لا يمكن استعداله أو تغطيته بمليون مؤتمر صحفي..!
بعد هذا الخراب المريع و(الجرائم المتلتلة) للإنقاذ يريد على الحاج عقد مؤتمر صحفي يتحدث فيه عن حاضر السودان ومستقبله و(طواريه) وفترته الانتقالية، ويجد الرجل جرأة لإلقاء الدروس وتوزيع الحكمة على السودانيين ليرشدهم كيف يتصرفون؟ وماذا يصنعون ببلادهم ومستقبلها؟! متى يصمت الإنقاذيون ويتواروا خجلاً ويتركوا الناس ليديروا شؤونهم بعد أن تمتّعت جماعتهم بالنهب الشامل والحكم الشمولي الاستبدادي ثلاثين عاماً.. فيا أخي (خلوها ظريفة) ألم تكن كل تلك السنوات كافية لتشبعوا من نهم المال والسلطة ومن نشر الأضاليل والأكاذيب واحتقار عقول الناس..؟! مالك والفترة الانتقالية؟! ألم تقل قبل أسابيع إنكم مع ترشيح البشير لولاية جديدة في 2020 باعتبار أنه ضامن الحوار و(صامولة الوحدة الوطنية)..؟!
على مَنْ تفجّرت هذه الثورة إذا لم تكن على (علي الحاج) وترابيه وبشيره وانقلابه وإنقاذه وحركته؟! ثم بعد ذلك يريد الرجل أن يشرح للناس مرامي ثورتهم ومعاني الإقصاء والمشاركة؟! ما هذه الخاصية المتكلسة ميتة الإحساس التي لا تشبه غير (ضهر التمساح) في سماكة الحراشف التي تشبه دروع الفولاذ حتى أن التمساح لا يشعر في بياته بعد التهام الفريسة و(ركلسته) بين الأوحال إن الحشائش الشوكية والفطريات المتخثرة نبتت على ظهره بعد أن تراكم عليه (الخبوب والطين)..!
ما هذا الحقد الدفين على السودان والإصرار المكين على منع نهوضه وتقدمه وخروجه من المتاهة التي جاء بها الإخونجية للسودان.. الاخونجية بفرعيهم الشعبي والمؤتمرجي (إلا من رحم ربك منهم..ومعظمهم لم يؤهل نفسه لتلقي الرحمات) وما هما إلا مثل ديكين يتناطحان في مزبلة السياسة كما يفهمونها ..حيث معنى السياسة عندهم هي: اقلع أنهب اسحق الآخرين ولا تبالي بالأعراف والقيم والتراحم فأنت في بحبوحة (فقه الضرورة) الذي يبيح لك أن تفعل كل ما هو محظور على غيرك.. وأن (تمعط كل ما وصلت إليه يداك) من أجل أن تبقى جماعتك قابضة على السلطة والثروة و(الاستنفاع الشخصي)..ولا تقل لي يا رجل إنكم جئتم من اجل إحقاق الدين فسيضحك عليك السودانيون من (فرح ود تكتوك) إلى آخر صبي روضة أو حضانة في الضواحي وطرف المدائن..!
ما هو خلافكم مع المؤتمر الوطني غير المناصب والأموال؟ ومتى فارقتم هدفكم المشترك؟ الم تكونوا جسماً واحداً في سنوات الانقلاب الأولى وما بعدها.. أيام الأهوال السوداء والتمكين الرزيل والاستباحة الكاملة والقتل (بزاوية منفرجة) طالت كل أنحاء البلاد..ثم عدتم في مركب واحد في (حوار اللف والدوران والتضليل)..؟! هل تعتقد أن بوسعكم خديعة الناس مرة أخرى أو تظن أنك تستطيع رتق ثوب الإنقاذ الملتّق الملفّق المرّقع المبقّع المدلقن المهلهل والمهترئ ؟! الله لا كسّب الإنقاذ..!
murtadamore@gmail.com