مقارنة بين محاكمة “فيون” رئيس وزراء فرنسا الاسبق ومحاكمة البشير

 


 

 

 

 

عندما وجهت الاتهامات بأدلة الى رئيس الوزراء الاسبق "فرانسوا فيون" والذي كان المرشح الاكثر حظا للفوز بالرئاسة الفرنسية، ولم يخش من قدموا الاتهامات ان ينتقم منهم "فيون" لو فاز بالانتخابات!!! لان فرنسا دولة يتساوى فيها الجميع الى "حد كبير" امام القانون . 

في حين لم يستطيع الادعاء في السودان ولا النيابة تقديم ادلة ضد البشير بصورة حقيقية توضح عظم جرمه. وكذلك لم يقم القضاة بعمله "خوفا" من البشير وأتباعه!!!
طلب المدعي العام الفرنسي امس الموافق 10مارس 2020م من المحكمة ، الحكم على رئيس الوزراء الفرنسي الاسبق "فرانسو فيون" بخمس سنوات سجن اثنين منها مع التنفيذ وثلاثة سنوات على زوجته مع إيقاف التنفيذ.
وكانت قد بدأت محاكمة رئيس وزراء فرنسا الاسبق"فرانسو فيون" في تاريخ 24 فبراير 2020م أمام المحكمة التصحيحية بباريس بتهمة اختلاس وتبديد المال العام واستغلال للمنصب.

دعونا نستمع للمدعي العام السيد نائب النائب العام للمالية السيد "اورلين لوتوكار" وهو يستشهد بمقولة سابقة للسيد للوزير "فرانسو فيون" نفسه في شهر سبتمبر 2012م، قال فيها " هناك عدم عدل اجتماعي بين أولئك الذين يكدحون ويكسبون القليل من المال وبين الذين لا يعملون ويتكسبون المال العام"!!!

أعتبر المدعي العام بأن استلام زوجة رئيس الوزراء السيدة "بنلوب فيون" مرتبات من الدولة بحجة عملها مع زوجها ثم مع مساعده هو عمل وهمي وطلب المدعي العام الحكم عليها بثلاث سنوات سجن مع إيقاف التنفيذ وغرامة 375.000 الف يورو!!!

كما قال المدعي العام بان القول بان السيدة "بنلوب فيون" عملت في الفترة من 1998م إلى 2002م ثم من 2002 إلى 2007م ومن 2012م إلى 2013م هو عمل وهمي لان التحقيق لم يثبت أنها قامت بأي عمل حقيقي وليس لديها أي دليل على وظيفة حقيقية كعقود عمل مثلا!!! من ناحية أخرى هناك مطالبة من البرلمان الفرنسي باعتباره مدعي في القضية ضد رئيس الوزراء الاسبق ومساعده وزوجته، طالب البرلمان بتعويضه مبلغ يقدر بمليون يورو!!!

ظهرت قضية رئيس الوزراء"فرانسو فيون" عندما قام بالترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية في 2017م عن تحالف أحزاب اليمين والوسط وكان في مقدمة المرشحين للفوز بالانتخابات الرئاسية!!! ولكن عندما اظهر الإعلام بان السيدة "بنلون فيون" استلمت ما يبلغ (500.000) يورو مرتبات من الدولة في الفترة من 1998م إلى 2007م وفي 2012م باعتبارها تعمل مساعدة لزوجها في البرلمان ثم عملت مع مساعده، وأنها استلمت رواتب تقدر بي(100.000) يورو كمستشارة أدبية في مجلة "العالمين" في حين إنها لم تكتب سوى مذكرة أو مذكرتين فقط للمجلة.

أدى ظهور هذا الخبر للتشكيك في نزاهة الوزير، وبمجرد ظهور الخبر قامت النيابة المالية بفتح بلاغ ضد الوزير بتهمة اختلاس المال العام واستغلال للمنصب، ثم زادت الاتهامات بأنه قد عين أثنين من أولاده كمساعديين في البرلمان و أنه تلقى ما بين 2012م إلى 2017م بدل فاخرة كهدايا بقيمة تفوق عشرة ألف يورو.

لكنه رغم ذلك حاول مواصلة مشواره الانتخابي مبررا بأن زوجته عملت خمسة عشر عاما كمتعاون مع البرلمان، و أنها عملت معه في السياسة منذ 1981م، معتبراً أن هذه القضايا عبارة عن تأمر سياسي ضده من أحزاب اليسار، ولربما اليمين أيضا، خاصة ،وأنه خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية لليمين في 2016م فاز على الرئيس ساركوزي ورئيس الوزراء الأسبق ألان جوبيه، وأنه المرشح المفضل لانتخابات 2017م، ولكنه خسر الانتخابات في الدور الأول في 2017م .

أدت هذه القضية إلى تم تقنين قانون الثقة في 2017م والذي يحظر على البرلمانيين توظيف أفراد من أسرهم المباشرة. وظهرت حكمة سياسية مفادها ان ادعاء العمل في جو اسري لوجود الثقة يؤدي لعدم الثقة!!!

سبق للسيد "فيون" شغل وظائف سياسية منذ 1981 كعضو برلمان ثم شغل وظائف أخرى أهمها، العمل كوزير للتعليم العالي والبحث العلمي ثم وزير للتكنلوجيا والاتصالات والبريد واقترح في 1996م القانون التنظيمي للاتصالات السلكية واللاسلكية وسمي بقانون "فيون"، ثم وزير للشؤون الاجتماعية والعمل حيث قام بإجراء إصلاحات هيكلية على فترة العمل الأسبوعي وعقود التوظيف للشباب الصغار، وغيرها من الإصلاحات، ، ثم وزير للتربية الوطنية، ثم رئيسا للوزراء في 2007م،

قام العميد حسن احمد البشير بعمل انقلاب عسكري في 1989م وبعده ساهم بحكم منصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة السودانية في إشعال حرب جهادية ضد جنوب السودان حيث قتل الآلاف من أبناء الشعب السوداني ، ثم ساهم في إشعال الحريق في دارفور حيث قتل الآلاف من أبناء السودان واعترف هو بنفسه بمقتل حوالي ال10 الآلاف سوداني، ثم ساهم في تدهور الوضع الاقتصادي في السودان بحيث تدحرجت بل سقطت قيمة الجنيه السوداني مقارنة بالدولار من 6 جنيهات مقابل الدولار الواحد الى(60.000) جنيه للدولار الواحد. ثم ظهر الثراء الفاحش عليه وعلى أفراد أسرته فبعد أن كان يسكن في بيت بالإيجار في احد أحياء الخرطوم الشعبية قام ببناء حي كامل ضمه وإخوته وأقاربه وانتهى الأمر بان تم العثور على مبالغ ضخمة بمنزله لم يستطيع أن يثبت شرعية ملكيته لها.

استغرقت محاكمة الوزير "فيون" عدة أسابيع وغالبا ما يدان ما بين سنتين إلى 5 سنوات سجن وغرامة قد تصل المليون يورو!!! وقد استغرقت محاكمة السيد البشير بتهمة الفساد عدة أشهر وكلفت الدولة أموال طائلة ثم جاء حكم القضاء السوداني رغم ثبوت كل الأدلة ضد البشير بالحكم بأن يوضع في بيت لإصلاح السير والسلوك!!! وبرر البعض الامر بأن تلك المحاكمة الشكلية هي حجة لتفادي ان تطالب المحكمة الجنائية بمثول البشير أمامها لمحاكمته على جرائم الحرب في دارفور!!!

لو علم الوزير "فيون" بمحاكمة البشير والعقوبة التي حكم عليه بها لتمنى أن يحاكم في دولة مثل السودان حتى لا يحاكم بل يمنح أوسمة الابن البار وفي أسوء الأحوال ينعم بالتحلل!!!

إذا أستمر فساد القضاة و القضاء خرب العدل وإذا خرب العدل تفشى الظلم ونقصت الحريات وعاد الاستبداد في ثوب مدني أو على ظهر دبابة!!

أنشد احد الشعراء الثوار

! يَا أَيُّهَا
الْوَاليُ الْكَذُوبُ
وَقَاتلَ الطِّفْلِ الأغَرْ!
يَا أيُّهَا
الْبَاغِي الطَّرُوبُ
وَرَائدَ الْكَذِبِ الأشِرْ !
اِذْهَبْ إلَى لاهَايَ
تُطْعِمُكَ الْعَنَاكِبُ
مِنْ ثَريدِ الْحَنْظَلِ
الْمَغْمُوسِ فِي
السُّمِّ الأمَرْ!!!
--------
لاهَايْ يَا
مَنْفَى الْجَبَابِرَةِ الطُّغَاةِ
وَيَيْت طَاعَتِهِمْ،
وأحكام الإله
على البشر!

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء