بالأمس (الجمعة 13 مارس) نقلت قناة النيل الأزرق خطبة الجمعة فعممت البلاء والضرر.. فقد كان الخطيب رجلاً يحن إلى عهد الإنقاذ.. ألبس الباطل على الحق ودعا إلي الفتنة بصريح العبارة وذهب إلى أهله يتمطى..!
الرجل من خصوم الثورة كال لها الهجوم وسخر من شعاراتها وتهكّم على الحرية والعدالة وأعلن تباكيه على الإنقاذ و"قانون النظام العام" الفاجر.. وأطلق سيلاً من الهراء وهو يتناول حادثة عابرة في منطقة "أبو حمد" تقع مسؤوليتها الجنائية والأخلاقية على مَنْ قاموا بها.. وقد أدان الناس حيثياتها كما أدانوا اخذ القانون بالأيدي وما يتسبّب فيه من فوضى.. ولكنه جعلها ذريعة للهجوم على الثورة والتباكي على صفوف الخبز والبنزين وغياب الأمن وذرف الدموع على الفضيلة وكأنه لا يعلم إن عهد الإنقاذ الذي يحن إليه هو عهد (الرذائل الكبرى) والعهر السافر وسرقة البلاد وإذلال العباد.. ولا ندري لماذا لم يصعد للمنبر ويتكلم بهذه الجرأة أيام كانت الإنقاذ تقذف النساء والأطفال بالطائرات وتمطرهم بالدانات وأيام قتلت الشباب وأعدمت الرجال واستباحت الأعراض وحرقت القرى وقتلت مئات الآلاف في دارفور وشردت الملايين ودشّنت المذابح الدامية على امتداد جغرافية السودان... وهو الآن يتباكى على صفوف الرغيف وعلى "قانون النظام العام" القبيح المقبوح..؟!
وما رأيك يا مولانا في محاولة تفجير سيرة رئيس الوزراء غيلة وغدراً (وهي حدث الأسبوع على أقل تقدير) دعك من كونها الجريمة الإرهابية الجسيمة التي هزّت العالم والضمير الإنساني شرقاً وغرباً.. والتي تجاهلتها مسرعاً نحو الترّهات التي عهدناها من حلاقيم الدعاة المُغرضين والخطباء الكَذَبة الذين خبر الناس كيف يستقبلون بالاحضان الدولارات واليوروهات (عملة أهل الكفر في زعمهم) من وراء الناس ومن يد رئيسهم المخلوع وعبر مراسيله السريين..!!
هذه الخطبة التي ألبست الباطل على الباطل تصب في جدول التدبيرات المبيّتة والمرسومة التي تريد استغلال حادثة مُدانة للكيد على الثورة.. والرجل وجد الهواء فاكتال الريح وكأنه لا يعلم إن أعظم الجهاد - إذا كان من أهله- هو كلمة حق أمام سلطان جائر.. وليس (حديث الطراوة) الذي تعقبه وجبة غداء دسمة.. فهو يعلم أنه آمن..وأن الدنيا فيها ثورة تدعو للحرية التي يهاجمها الآن ويقول ما طعمها وما قيمتها.. ويكرر إساءاته لمكونات "الحرية والتغيير" انتصاراً للإنقاذيين وتجار الدين.. ويزعق في هياج لا يليق بأهل العلم ويصيح بصوت مشروخ حسبنا الله ..حسبنا الله ..حسبنا الله..(نعم حسبنا الله من هذه العينة من الخطباء) وهو يظن أنه يريد أن يعلّم السودانيين الفضيلة التي يعرفونها كما يعرفون خصومها.. وكما يفرقون بين الحق والباطل وبين الوطنيين الصادقين والمتنطعين الذين يدقون طبول الفتنة ويحرّضون الشعب على حكومة جاءوا بها بالدماء والدموع بعد ثلاثين عجفاء فاسدة ولم يأتي بها التمكين اللئيم الذي أتى به أهل الخِنا والفجور وكان هذا طابعهم من كبارهم إلى صغارهم (إن كان للإنقاذ كبار) ولكن الخطيب يريد أن يصطاد في الماء التي يظنها قد اعتكرت.. وهو لا يدري أن عهد استغلال عاطفة الناس الدينية قد ولى وافتضح أمر سماسرته..! بدأ الرجل باصطناع الهدوء ليتحدث عن الصحابة في "معركة اليرموك" ولكنه كان يستعجل ليصل إلى غرضه الحقيقي وعلا صوته في لعن الحرية وفي الحنين لنظام الإنقاذ اللعين الذي داس عليه الشعب بالنواصي والأقدام وفي البكاء على أيام الإنقاذيين الذين طغوا في البلاد ..فأكثروا فيها الفساد.. فصبّ عليهم ربّك سوط عذاب.. إن ربّك لبالمرصاد..!!
ولكن ما هي المعايير التي تتيح فيها القنوات الفضائية لأي شخص أن يطلق الهواء الفاسد وينشره على كل بقاع السودان كما فعل خطيب الأمس وهو يصك المسامع بتوصيفات سخيفة وعبارات ناشزة يستمتع بتكرارها (ولتّها وعجنها) حول موضوع سخيف من أوله إلى آخره..؟! من المعلوم أن جماعة الإنقاذ التي رفضها الشعب وأغلق أمامها المنافذ أصبحت تلجأ إلى المساجد لتبث أحقادها وسمومها باستعداء الشعب على ثورته وممثليها ..ولا يمكن التجزئة بين مثل هذه الخطبة وبين محاولاتهم اليائسة لاعتلاء منابر المساجد والعودة لضلالهم القديم..!
على شباب الثورة وشباب المقاومة أن يحرصوا على حضور المساجد لا ليفتعلوا فيها أي معركة أو إخلال (وحاشاهم) فهم أبناء ثورة بلغوا بسلميتها ما لا سابقة له في تاريخ الدنيا وميراث الثورات.. وإنما ليقابلوا بعد انقضاء الصلاة مثل هؤلاء الدعاة المُحرضين على الفتنة ويحاوروهم (بالحسنى التي لا يستحقونها) ويبينوا لهم مخاطر قلب الحقائق والتصوير المزيف للواقع و(الاستثمار في الفتنة) والتحريض على الفوضى والعنف .. فهذه الخطبة من ألوان التآمر على الثورة ومن صميم مؤامرات الإنقاذيين..ولا يقول هذه الخطيب انه غير إنقاذي أو مؤتمر وطني فـ(الإنقاذوية) سلوك متعفّن وممارسات جانحة ضالة مضلة متى ما قام بها الشخص فهو إنقاذي بـ(الختم والبرشام)... الله لا كسّب الإنقاذ...!