كلام الناس
هذه الرواية تجمع بين الواقع والخيال الأسطوري الذي ترسب في نفوس المواطنين منذ قديم الزمان، مثل تلك الحالة التي سُميت بلعنة الديك التي تصيب بعض الباحثين عن الذهب ويسرقونه وهي أشبه بلعنة الفراعنة التي إرتبطت بسرقة الاثار الفرعونية.
لعنة الديك أصابت بطل الرواية فتح الله فراج الذي أصيب بها عقب دخوله في قبر بجبل "عضو كلب" ومعه صديقه جبريل كيري واستوليا على مصوغات الملكة النوبية.
هنا تتداخل الأسطورة فالملكة أماني تاري هي ذاتها الديك الذي لاحقت لعنته فتح الله فراج حتى لقي حتفه، وكانت أسرة فتح الله قد أقامت علاقات حميمة مع أسرة صديقه جبريل ادومة حيث كان يستلف منهم ديكم ليعشر دجاجه ثم يعيده لهم.
وجدفرج الله ذات مرة بيضة مختلفة وسط بيض الدجاج
إتضح فيما بعد أنها بيضة الديك الذهبية ثم اكتشف انها ليست الوحيدة إنما هناك بيض ذهب اخر، وقاده الطمع للذهاب إلى منطقة الدهابة حيث توجد كميات
من الذهب التي لايمكن الحصول عليه إلا بدرجة من النجاسة حسب إعتقاد من سبقوهم.
ينتقل الراوي بنا إلى حي زقلونا الطرفي بالخرطوم حيث الشجرة التي تجمع الوافدين من أقاصي السودان من بينهم أونور الحداد وملكة الدار كيري ست الشاي، هناك تم لقاء بين رشا والسر وهما يحتسيان القهوة ثم انضما بعد ذلك في مجموعة تصوف وكورال الجبهة الديمقراطية !!.
حدث تطور كبير في حياة فتح الله بعد الثراء الفاحش الذي دخل فيه ومن بعده إنتقل هو وأسرته من زقلونا إلى "السلمة" وشيدا بيتا حديثاً هناك، دون ان ينسى صديقه الذي مات بسبب ابتلاعه خاتمين من الذهب سرقهما من جبل عضو كلب.
تتداخل التطورات الإجتماعية مع المستجدات السياسية التي إمتدت للشارع السوداني في مظاهرات ضد نظام حكم الإنقاذ وهي مظاهرات لم تتوقف وسط إنتشار حالات الفساد التي برع فيها سدنة حكم الإنقاذ.
كانت أسرة فتح الله قد دخلت في حياة مجتمعية مختلفة خاصة إبنتهم مريم التي ظلت على علاقة مع عشيقها أحمد زكي قبل ان يتزوجا، بل كانت على استعداد لأن تشارك إمراة أخرى عشيقها وهي تقول بلا مبالاه"واي .. دي فكرة مجنونة".
ينتقل بنا الراوي لواقعة "غزال" الذي هو نفسه "تابان" الذي تزوج من رشا جبريل أدومة كيري إبنة ملكة الدار من حي زقلونا لكن زواجهما تم في يوم إستقلال جنوب السودان في مدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.
يذكر الراوي ان جبريل كان قد حضر إلى زقلونا قبل خمسة وعشرين عاماً جاءها من قرية بريف "هجليج" جنوب كردفان هى قرية أولاد احمد المسماه على جده الكبير أحمد الجنيد وكانت تصحبه زوجته ملكة الدار وإبنته شوشاية.
يقول المؤلف نحن الان في يوم 23 فبراير 2015م حيث مضت خمس سنوات على وفاة جبريل وسنتان منذ انتقال فتح الله إلى الرفيق الأعلى وأربع سنوات على زواج غزال "تاباان" من رشا حيث ولدت - يعني الراوي - يوم 23 فبراير 1963.
يعود بنا الراوي إلى أجواء الخيال الأسطوري وهو يقول ان فتح الله فراج إنتقل بعد موته إلى وادي الملوك بجزيرة ناوا أو جزيرة السحاحير كما يطلق عليها البعض.
يختم الراوي روايته كما بدأها : الجثة ترقد على السرير ويلتف حولها أفراد الأسرة المحزونون وقلة من أقرباء زوجته وأصدقائه، ويقول كما في الأسطورة في حقيقة الامر "لم يكن فرج الله فتاح هذه الجثة بل إنتقل إلى جزيرة ناوا"
لن أقول كما تساءل الراوي ما فائدة الكتابة عن بعض الذين أًصيبوا بلعنة الديك وماتوا، لأنها رواية محشودة بأحداث ووقائع حقيقية من أرض الواقع المتغير عرضياً وأفقياً بكل ما يحدث فيها من حراك مجتمعي و تفاعلات وانفعالات وعلاقات شرعية وغير شرعهية وجرائم وانحرافات الديك برئ منها.