3 يونيو (يوماً للعدالة) وللاحتفال بفشل فض الاعتصام !!
أوجه دعوتي اليوم مباشرة لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك لإعلان الثالث من يونيو (يوماً للعدالة) في السودان حتى تصبح ذكرى فض الاعتصام يوماً خالداً كما أراده الشهداء الكرام بلسان الحال - بل بفداء الأرواح- مهراً لإحياء التعاهد الوطني على إقامة صرح العدالة عالياً صلداً صامداً يفضح الانتهاك الجسيم الذي وقع على مبدأ العدالة طوال عهد الإنقاذ الأسود.. في دارفور وفي النيل الأزرق وفي جنوب كردفان وفي جميع أنحاء السودان.. وفي ميدان الاعتصام على مرأى ومسمع من جيش الشعب..!
هذه الدعوة ليست مبادرة مني؛ إنما هو مطلب وجيه واقتراح وسيم تقدم به (مولانا إسماعيل التاج) وكان موفقاً غاية التوفيق في توضيح أهمية ربط هذه الذكرى بالعدالة كل عام..حتى نجعل من هذا اليوم (وقفة وطنية) لتعزيز العدل والإنصاف وسيادة القانون ومراجعة كل قصور يأتي من هذه الباب، ومن أجل أن يتبوأ هذا اليوم مكانه في تاريخ السودان منارة للفداء وعنواناً للإرادة الشعبية والجسارة الوطنية التي لم ينجح التوحش والإرهاب في صرفها عن غاياتها السامية، وتذكيراً بكل الفظائع التي انتهكت حياة السودانيين في الماضي والحاضر ومنع تكرارها في المستقبل.. وحتى يتبيّن الناس مبلغ العار الذي تمرّغ فيه من قاموا بهذه الجريمة النكراء، وحتى نغسل ذكري ذلك (الحزن الكبير) بتعلية الرايات التي بذل الشهداء الأبرار أرواحهم من أجلها في ذلك اليوم وجعلوا منه (مهرجاناً للتضحية) وارتقوا إلى عليين متوّجين بأسمى ما يمكن أن تتوّج به الفضائل الإنسانية من فداء وإيثار ونبل وشجاعة.. وليس هناك ما هو أسمى ولا أثمن من بذل الأرواح قرباناً للوطن ورفضاً للذل والهوان واسترخاصاً للنفس من اجل أن يعيش وطنهم وأهله بهامات شامخة وكرامة موفورة..!
إذا وفق الله حكومة الثورة (وهداها) لاعتماد مقترح مولانا إسماعيل التاج فإنها ستجعل من 3 يونيو يوماً من أيام السودان الخالدات وذكرى تمسح أدران الغدر والهمجية والانتهاك الجسيم للعدالة بممارسة أبشع ما يمكن أن تحويه مواد القوانين الجنائية في العالم من جرائم وآثام (أشد البشر انحرافاً)..بل بما لا يكاد يطوف بخيال الأبالسة والشياطين..؟!
ما هي المشكلة في تسمية هذا اليوم يوماً للعدالة؟...لا ينبغي أن يتأخر الإعلان عن ذلك.. فهذا الإعلان سينزل برداً وسلاماً على الناس كما أنه يحمل (صفة رمزية) وليس فيه تكلفة إدارية أو مالية..كما لا نعتقد أنه يمكن أن يكون موضع جدل واختلاف.؟.!
في هذا السياق نقول إن ميزان العدالة بعد الثورة وحتى الآن لا يزال يعاني من (الخلل والاختلال)..ولا يزال جناح العدالة مهيضاً.. ونقول (بصراحة وبتوقير) إن تأخير الإصلاح العدلي لا تفسير له.. ولكن يبدو أن هناك عوائق تقف دونه تحقيقه.. ولا بد من مواجهة هذه العوائق ومعرفة الأسباب التي تحول دون الإصلاح سواء كانت هذه الأسباب أفراد أو كيانات.. وتقتضي الصراحة أن نقول كمراقبين من على البعد (وعلى سبيل المثال) إن ما يبدر من رئيسة القضاء ليس فيه ما يبعث على الاطمئنان.. ونبادر فنقول (أولاً وقبل كل شيء) إنه لا أحد عاقل (أو نصف عاقل) يماري في ضرورة استقلال القضاء..! ولكن لا معنى لاستقلال القضاء إذا لم تكن المؤسسة القضائية معافاة...! واستقلال القضاء مطلبٌ ثابت في كل الثورات السودانية ولا خلاف أن أي تدخل في عمل القضاء يطعن في استقلاليته.. ولكن الثورة هي التي أتت برئيسة القضاء (تعييناً) إلى حين استقامة هيئاته ليكون اختيار رئيس القضاء من داخل الهيئة القضائية.. والثورة تطالب بإزالة التمكين في الأجهزة العدلية وفي القضاء (ولا استثناء في إزالة التمكين) ولا ينبغي أن يكون هناك تراخ فيه..وتنظيف القضاء من تمكين الإنقاذ لا يقدح في استقلال القضاء بل هو (العتبة الذهبية) لتحقيق استقلال القضاء؛ حيث أن وجود التمكين الإنقاذي في القضاء يطعن استقلاليته في الصميم..! فقد رأى الناس وعاشوا وشاهدوا وعاينوا وعانوا وماتوا بسبب فساد الجهاز القضائي خلال عهد الإنقاذ الأسود...ونحن هنا لا نتحدث عن رئاسة القضاء من مطعن يتعلق بـ(الجندر)..فإشراك المرأة في المناصب العليا في مقدمة مطالب الثورة..إذن الحديث ليس عن (ذكر وأنثى) وإنما عن (مناصب وواجبات ومهام..ووثيقة دستورية)..!!
نأمل ونرجو وندعو ونلحف أن يخصص مجلس الوزراء جلسة كاملة موضوعها (إصلاح الأجهزة العدلية) حتى يكون معلوماً للجميع (هوية المعوقين) و(طبيعة المعوقات) التي تمنع الإصلاح في هذا المجال؛ لأن إزالة التمكين وإصلاح المؤسسات النظامية والقصاص من المجرمين وتجريم منتهكي الدستور واستتباب الأمن وإصلاح المعيشة ووقف الانتهاكات وفرز واجبات المواطنة وواجبات الشرطة والأجهزة النظامية والنيابات.. كل ذلك لا يمكن أن يتم أو يستقيم بغير إصلاح الأجهزة العدلية وتنظيف ساحتها من كل شائبة ونائبة.. وتطهيرها من جميع القنابل الموقوتة التي زرعها عهد الإنقاذ الأسود في صورة (أفراد وأجهزة وكيانات وتشريعات)....!
الله لا كسّب الإنقاذ..!
murtadamore@gmail.com