إنحشارة بين النادي.. والنائب العام !!
عندما نستحث السيد النائب العام على الإسراع بعرض قضايا مُجرمي الإنقاذ تمهيداً لتقديمهم للقضاء ومحاكمتهم (بالقانون) على الجرائم الجسيمة (التي ليس قبلها قبل ولا بعدها بعد) أو عندما ندعوه لمنع هروب المُجرمين والمختلسين (الأفذاذ) وعدم التراخي في فتح الملفات المتراكمة والتحقيق فيها وحظرهم عن السفر تحت طائلة جرائم الدم وجرائم تخريب الوطن.. لا ننطلق في ذلك من منصة (نادي النيابة) أو أي منصة أخرى..! خاصة ونحن لا نعرف الكثير عن هذا النادي.. وقد تضاربت الأقوال والتقديرات في شرعية تكوينه وشرعية (نقابيته) بين مؤيد ومعارض حتى من أهل القانون..! ولا نعرف حقيقة إن كان هذا النادي ينطق بالقانون أو (ينطق عن الهوى)..!! كما استنكفنا دعوته للإضراب في شأن قانوني في حين لم يتم مثل هذا الإضراب عندما كانت الإنقاذ تقتحم أسوار القانون وتدوس عليه بفجاجة أصبحت معها ساحات النيابة والقضاء وكأنها من توابع أسواق النخاسة.. فلم تُذبح العدالة بالسكاكين الصدئة في أي بلد في الدنيا بمثلما ذُبحت في سنوات الإنقاذ العِجاف..حتى أصبح النظام القضائي ساحة للبيع والشراء؛ يُدان فيها الأبرياء ويُبرأ الحرامية والوالغين في الدماء، ويتم فيها (إجازة السرقات) و(شرعنة المصادرة والاختلاسات).. وإذا كان وكلاء النيابة لا يستطيعون الإضراب في أيام الإنقاذ فلماذا يهرعون الآن للإضراب في شؤون يمكن معالجتها بالقانون والحوار والصلاحيات والمحاسبة والمرجعية الدستورية.. وما يثيره المُضربون مهما كان حجم الاختلال فيه من النائب العام أو غيره فهو أهون (مليون مرة) من تعديات الإنقاذ على القانون في عهدها الأغبر..! وكلاء النيابة المضربون يتحدثون عن خشيتهم من عدم ملاحقة المجرمين وتعطيل التقاضي فهل يكون الإسراع بذلك عبر الإضراب عن العمل..أم أنه الطريق السهل للتجاسر على الحكم المدني..؟! الإضرابات في العهود الديمقراطية حق ولا شك قي ذلك..ولكن هناك موجبات وتقديرات و(راشونال) ورؤية ورويّة لما يكتنف موضوع المطالبة.. خاصة عندما يتعلق الأمر بوكلاء النيابات والقضاء..وفي مرحلة دقيقة يمر بها الوطن ولا يحتاج الحديث عن تحدياتها وهشاشتها إلي (باص وورد) فهل استوفي جماعة النادي كل هذا وقرروا الإضراب لأنهم لا يرضون عن النائب العام ..!
لقد كان عهد الإنقاذ عهدا ذميماً بحيث انه احدث هذا الالتباس العظيم بين من كانوا يعملون في المؤسسات العدلية من داخل النظام وبين من كانوا خارجه..! وهناك تشويش عظيم نتج عن اتساع المدى الزمني لعهد الإنقاذ وقاد إلى هذا التباعد وإلى زراعة الشكوك في نوايا بعض الجماعات والقطاعات.. وزاد من ذلك أن الفلول الآن يتحركون لإجهاض الثورة وتعطيل فترة الانتقال فهم يطربون للانشطارات ويطربون أكثر للإضرابات التي تزيد من إرباك دولاب الدولة..ويزغردون عندما تُكال الاتهامات لرموز الحكومة المدنية...وطبعاً هذا لا يعنى أن الحكومة ووزراءها معصومون من الخطأ ..فلا كبير على النقد والاتهام والعزل..وكثير من الدوائر الشعبية تأخذ على النائب العام انه لا يسير وفق مطلوبات الثورة في سرعة الانجاز.. ويأخذون عليه البطء الذي لا يتفق مع مرحلة أعقبت ثورة عظيمة ذات تضحيات جسام وتريد تفكيك ومحاسبة نظام مُجرِم من أوله إلى آخره.. ويغضب الناس عندما يرون المجرمين طلقاء (بلا قيد ولا رسن).. كل ذلك لا يعفي النائب العام من الرد على كل ما يُثار حوله طواعية (حتى بدون إضراب)...!
murtadamore@gmail.com