سيكتب التاريخ السوداني (وربما صحف التاريخ على إطلاقها) إن البرهان هو قائد الجيش الذي جعل الجيش السوداني منقسماً إلى جناحين بعد أن ضم إليه ما ليس في قوانينه وانتسابه المهني.. وأنه فشل في تأكيد قومية الجيش.. وفي تحريم ملكية السلاح في الدولة إلا للجيش والقوات النظامية..! وهذا هو الأمر الذي يجب أن يشغله .. أما حديثه عن فشل الحكومة المدنية في مهمتها الاقتصادية فعليه أن يسأل عن ذلك نائبه (في المكتب المجاور) فهو رئيس اللجنة الاقتصادية الموكول لها جمع شمل الموارد القومية وعائدها في الخزينة العامة.. فهل استطاع أن يذهب إليه ويقول له أنت فشلت في مهمة الاقتصاد والمعايش..! هذا عدا أن البرهان مسؤول عن حماية أمن البلاد وترابها وان القوات النظامية هي المسؤولة عن منع تفلتات السلاح والقتل والهجمات المسلحة التي امتدت بعد الثورة ..فما دوره هو والقوات النظامية حيال هذا الفشل حتى داخل الخرطوم دعك مما يحدث وحدث في أنحاء البلاد..؟!
ثم هل يملك رئيس مجلس السيادة حسب واجبات منصبه في الوثيقة الدستورية تقييم أداء الحكومة والحكم عليها بالفشل أو النجاح..؟ وهل من صلاحياته عزل الحكومة حتى إذا فشلت ورفعت الراية..؟! وإذا رجعنا إلي أول الحكاية من هو الذي أتى بالحكومة ومجلس السيادة .. أليس الشعب وثورته وحاضنتها السياسية..؟! الوثيقة الدستورية لم تجعل من برهان رئيساً للجمهورية ولكنه يتصرّف على غرار ما كان يفعله المخلوع في تجاوز المؤسسات.. لا يا شيخنا المنصب الذي تجلس عليه ليس رئاسة جمهورية إنما هي (رئاسة دورية) لمجلس السيادة بشقيه العسكري والمدني.. ورئاسة ومهام المجلس (سيادية تشريفية) وليست تنفيذية..برهان يعلم أنه غير مناط به تقييم أداء الحكومة ولا توجيه الاتهامات لها كما جرت العادة منه ومن نائبه.. وحتى منصب نائب الرئيس هذا لا وجود له في الوثيقة الدستورية.. وللبرهان أن يسأل نائبه عن أداء لجنته الاقتصادية وأن ينظر خلفه ليرى أن كل مفاتيح الاقتصاد موجودة في الشركات التي يمتلكها الجيش والأمن ..وعليه أن يسأل نفسه عن الإعانة التي قدمتها للاقتصاد مؤسسات الدولة الاقتصادية التي جيّرها نظام الإنقاذ باسم الجيش من أجل نهبها..وهو وضع يخالف كل ما يعرفه العالم عن وظيفة الجيوش وأجهزة الأمن.! هذا الكلام الذي قاله البرهان مرفوض ومثير للبلبلة ولا يمكن أن يصدر في خطاب علني في محفل عسكري.. هذا أشبه بالترّهات التي كان ينشرها المخلوع في الأثير بغير مسؤولية ولا وطنية.. والمخلوع لم يكن يوماً رجل وطنية أو مسؤولية تجاه الوطن والدولة إنما كان رقيعاً كاذباً مُهدداً لسلامة البلاد.. يقتل مئات الآلاف ويأتي ليقول هازلاً لقد قتلنا آلاف الناس بغير ذنب.. ثم يمضي ليقامر بحياة الناس وحرمة البشر وسيادة الدولة ويرهن مصائرها للفاسدين وللأجانب وشذاذ الآفاق ويصمت عن الاعتداء على التراب الوطني ويقبل الرشوة ويبيع أراضي البلاد وثرواتها للدول الأخرى وللصوص من كل صنف ولون..!! أما بعد ..سيكتب التاريخ أن البرهان لم يحفظ للجيش السوداني وحدته ولم يجعل حمل السلاح محصوراً على الجيش ..وما يكتبه التاريخ سيظل قلادة شرف في صدر صاحبه أو وصمة عار لا تزيلها كل (أساتيك) الدنيا ومركزّات الاسيتون والكلوروفورم وحامض الفورميك.. وإذا ظن أي أحد أنه يريد أن يلعب دور إيفان الرهيب أو هنري الثامن ليخيف الشعب فليوفر جهوده ويتذكر كيف كانت مواكب الشباب بعد جريمة فض ميدان القيادة.. ومن الذي صدق وعده ومن الذي نكص وكذب..!!