أبخرة من الطعام الفاسد !!
الدولة تعلن كل مرة أنها لا تريد الحرب مع إثيوبيا .. ولهذا كان منظر الفنانين أو قل المطربين الذين ظهروا مثل (الأرجوزات) في الزي العسكري وكأنهم في مسرحية هزلية..! طبعاً يمكن أن يتم التعبير الوطني بغير هذه (الورجفة والكبكبة والدهنسة).. ولا يمكن للفنان الأصيل أن يتحوّل في لحظة من أغاني السلام إلى التحشيد ونفخ الأوداج وهو يرتدي الأزياء العسكرية التي يجب ألا يرتديها غير أفراد القوات النظامية .. هذه من المحن التي أحدثتها الإنقاذ بنشر (فوضى الكاكي) فصارت تلبسه العصابات ويتزيا به المحتالون والمنتحلون.. فقل لي بربك: من أي نوع هؤلاء المغنين الذين اختار كل منهم زياً عسكرياً وجاء يهرول خلف (العدادات) الرسمية..؟!
بهذه المناسبة ومن مثل هذه النقائض والمعكّرات التي تخالف خط الثورة والوعي الجديد في سودان الثورة أن اتحاد الفنانين أو ما يقال عنه (اتحاد المهن الموسيقية) لا يزال بعد الثورة برئيسه الذي كان في زمن الإنقاذ مشاركاً في حملات الإنقاذيين وسخافاتهم.. ونقلت عنه الصحف كلاماً عجيباً يقول فيه إنه لم يشارك في الثورة لأن اتحاد الفنانين (مسجل ثقافياً) ومحظور عليه العمل في السياسة..!! والمشكلة أن يأتي مثل هذا الفهم أو (انعدام الفهم) من رئيس اتحاد يُحسب من منصات التنوير.. وفي هذا إشارة محزنة للتدهور الذي ضرب مراكز الثقافة والفنون.. ومن المؤسف ألا ينفض هذا الاتحاد عن أكتافه غبار الإنقاذ حتى الآن..!
الأمر الثالث في (اتحاد كرة القدم) فهو لا زال يضع في منصب (رئيس لجنة المنتخبات الوطنية) رجل إنقاذي من أخمص رأسه إلى أظفار قدميه لم يأت به إلى عالم الرياضة إلا رغبة الإنقاذ في اختراق الهيئات الشعبية؛ فأرسلته إلى عالم الرياضة وليس له شأن بها غير أنه ناقل رشاوى المؤتمر الوطني إلى دنيا الرياضة للاستقطاب وتخريب الذمم وانتهاك العمل الأهلي الطوعي والهيمنة على قطاع الرياضة..! فلم يكن هذا الرجل غير خزنة متحركة للتمويل.. والرشاوى طبعاً ليست من مال حزب الإنقاذ بل من خزينة الدولة.. هذا أيام كانت دائرة الشباب في (الحزب المسخ) هي التي تنصّب رؤساء الاتحادات والأندية وعضويتها (إلا من رحم ربك) وهذه نكسة أخرى في اتحاد الكرة..وكأننا في زمن الإنقاذ ..ومع هذا (الرجل الخزنة) لن يفرح أحد بانتصارات الفريق القومي..!
الرابع حديث سمعناه بالأمس في الإذاعة عن رجل من الإنقاذ يتحدث عن ذكريات رحلته بين بريطانيا وفرنسا.. من كاليه إلى دوفر (عبر المانش) ليلتقي بالشاعر الراحل صلاح احمد إبراهيم.. وما أغيظ الدنيا عندما يتحدث الإنقاذيون عن الشعر والأدب والثقافة.. حيث يبدو الأمر وكأنه من مقالب (الكاميرا الخفية)..! فهل استطاع الإنقاذيون عبر ثلاثين عاماً وقبلها أن يصنعوا شاعراً أو أديباً أو تشكيلياً أو مسرحياً أو مطرباً واحداً..رغم أن بيدهم كل مقاليد المال والسلطة والمراكز والمعاهد والاتحادات والهيئات والمسارح والقنوات و(التخت الموسيقي)..؟! ولكن هذا الذي يتحدث عن الشاعر الراحل صلاح أحمد إبراهيم قصد الإشادة بموقف للراحل يعتبره الناس (هفوة) وهي امتداح صلاح لمليشيات الإنقاذيين وما قاموا به في الجنوب باسم الجهاد..ويذكر الناس كيف احتفى الإنقاذيون بقصيدة صلاح تلك (حتى صاحب الدفاع بالنظر الذي لا يعرف حرفاً في الشعر والفن) في حين أن فعائل الإنقاذ جعلت السودانيين يزهدون في أي شخص (تشيد به الإنقاذ أو يشيد بها)..الوطن يعرف مآثر الراحل صلاح الإبداعية ووطنيته الباذخة وغناءه العذب للفقراء وغمار الناس.. ويحاولون تناسي تلك القصيدة التي لا يستحقها الإنقاذيون..ولكن الفلول هم الذين يجلبون اللعنة على أنفسهم بسرقة مواقف الآخرين وتلطيخ صحائف الإبداع السوداني..!