لماذا الإصرار على تجريب المجرب المدمر ؟!!
كلام الناس
رغم الوضوح الثوري للشارع السوداني الذي جمع أهل السودان من كل حدب وصوب لإسقاط نظام الإنقاذ، وإحداث التغيير المنشود لتحقيق السلام الشامل العادل في كل ربوعه وإسترداد الديمقراطية وبسط العدل وسيادة حكم القانون وتأمين الحياة الحرة الكريمة للمواطنين إلا أنه للأسف لم تتنزل هذه الأهداف عملياً على أرض الواقع.
صحيح هناك إنجازات مشهودة في مجال علاقات السودان مع العالم وخروجه من العزلة التي سببتها سيايات الجكم المباد والعقوبات التي فُرضت عليه، ورفع إسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب لكن مازات خطوات تحقيق السلام متعثرة كما أن خطوات تنفيذ برنامج الإسعاف الإقتصادي مازالت في حالة "محلك سر" وسط ضبابية مريبة يُراد بها تمرير روشتة صندوق النقد الدولي دون إعتبار لظروف البلاد الإقتصادية والمجتمعية.
رشحت تسريبات عن إتجاه الحكومة لتعويم سعر الجنيه الذي غرق بالفعل جراء إستمرار تطبيق سياسات التحرير الإقتصادي ورفع الدعم الذي لم نعد نعرف "عن ماذا؟" بعد أن ظل مرفوعاً على رؤوس المواطنين منذ عهد الإنقاذ الذي أوصل العباد والبلاد لكل هذه الأزمات الإقتصادية والإختناقات المعيشية والمجتمعية والأمنية.
إطلعت يوم السبت الماضي على التقرير الصحفي الذي أعده الصحفي ياسر الكردي في "السوداني" عن تعويم الجنيه ورفع الدعم الذي إستطلع فيه بعض الخبراء الإقتصادين حول هذا الخيار المجرب دون جدوى.
أجد نفسي متفقاً مع رأي الخبير الإقتصادي عثمان التوم الذي قال : إن التعويل على روشتة البنك الدولي لا ولن تفيد االعباد والبلاد، ودعا لضرورة قفل السودان لفترة عام على الأقل يعتمد فيها على مواره وخيراته المادية والبشرية وثرواته الظاهرة و الباطنة.
إتفق معه الخبير الإقتصادي الدكتور عبدالعظيم المهل الذي قال : إن تحرير سعر الدور في ظل ظروف السودان الحالية مخاطرة غير محسوبة النتائج لأنه سيؤدي لرفع أسعاره أكثر خاصة في ظل الشح البائن فيه، الأمر الذي سيفاقم الأزمات الإقتصادية والإختناقات المعيشية أكثر.
أمس الأحد أكد محافظ بنك السودان المركزي محمد الفاتح زين العابدين - حسب خبر نشرته "الصيحة" - ما تناوله تقرير ياسر الكردي في "السوداني" عن قرار تعويم سعر الجنيه السوداني وقال محافظ بنك السودان في تصريحات سُربت من إجتماع موسع مع مدراء البنوك بأن توقيت قرار تعويم الجنيه مرتبط بمنح سوف يتم إستلام الدفعة الأولى منها في مارس المقبل.
وبعد .. لاأدري لماذا هذا الإصرار على تجريب المجرب الذي فشل عملياً، وهناك مقترحات وحلول ناجحة ومتاحة ومطبقة في كثير من بلاد العالم بمختلف أنظمتها السياسية.