صبراً آل الثورة !!
د. مرتضى الغالي
24 February, 2021
24 February, 2021
سنواجه جميعنا الآن وفي مقبل الأيام صعوبات في المعيشة وضيق وضنك و(شحتفة روح) لا شك في ذلك.. ولكن بفضله تعالى لقد احترقت الإنقاذ وتم دفنها ولن تكون معنا..فحمداً لله.. وعلينا أن نقبل بالتضحية التي قدم شهداء الثورة ما هو أثمن منها فداءً للوطن وكرامته..وأن نعلم أننا أحدثنا ثورة عظيمة لا مثيل لها بين ثورات العالم وأنها ستظل محفورة في صحائف التاريخ باسم السودانيين…ومن هنا وجب شد الأحزمة والاستعداد لمواجهة الصعوبات بكل طاقة وعزيمة.. ولتكن الصورة واضحة أمامنا جميعاً أن كل الصعوبات والمرارات وقسوة معالجات الاقتصاد هي بسبب الخراب الذي قامت به الإنقاذ على مدى ثلاثين عاماً..ولا يقول لنا مخذّل أو متخاذل أن ما نعانيه هو بفعل حكومة لم تكمل عامين..! وعلينا أن نعلم أن ما نكابده الآن هو تداعيات وتراكمات خراب الإنقاذ وفسادها.. وكل ما يصيح به الفلول وداعميهم عن فشل الحكومة وأن الأحوال ساءت أكثر بعد الثورة قول مردود..! فالمتاعب الاقتصادية ازدادت وضوحاً بسبب التغيير الذي أعقب الثورة وقطع دابر (دولة الفساد الأكبر) الذي ساد كل مفاصل الدولة؛ وبعد سقوط الإنقاذ تغيّرت طبيعة التدفقات المالية بالقبض على الحرامية وفرملة النهب وضرب أوكار المفسدين والمتاجرين بالتموين وسارقي عائد الصادرات والمتحكمين في سمسرة القمح والبترول والغاز وانكسرت حلقات اللصوصية في الصادر والوارد وبين المخازن والمطاحن وانكشفت شبكات التمويل المصرفي وتزوير العطاءات والمشتريات علاوة على الضبابية حول معدن الذهب الذي لا يعلم أحد مَنْ يعدّنه ومَنْ يصدره ومَنْ يبيعه ومَنْ يستلم عائده.. فقد استطاع نظام الإنقاذ وهو عصابة لصوص أفسدت مجمل حركة الدولة ومواردها وتركت لكل رئيس فيها ومسؤول وغير مسؤول أن يأكل ما بين يديه و(يهبر مما يليه).. فلا يعلم أحد أين القروض وأين المدخرات.. وهل مال الدولة في البنك المركزي أم في الشاحنات؟ أم أنه (في بيت المخلوع)؟ ولم يكن معلوماً مَنْ يطبع العملة ومن يتاجر في الدولار ويرفعه ويخفضه..؟!!
نحن لا نقول بذلك تهوينا من الأخطاء الصغرى أو الكبرى للحكومة ومسؤوليها.. ولكن لتوضيح حجم الحفرة العميقة التي دفعت الإنقاذ بالوطن إلى قاعها.. كما لا يمكن التغاضي عن حجم التأثيرات الخارجية والتآمر على الثورة من الفلول داخل البلاد وخارجها ومن المشايعين والمنتفعين والمتضررين من احتراق الإنقاذ والداعمين لهم في مفاصل الخدمة المدنية والقوات النظامية والنيابات والقضاء.. الخ ومن داخل مؤسسات سلطة الانتقال وفي القطاع الخاص والذين وظفتهم الإنقاذ بغير تأهيل وجعلت منهم مديرين وولاة وسفراء وعلماء دين و(زعماء حركات) ورؤساء أحزاب و(شراتي) وقادة عشائر وأصحاب منظمات تتاجر في السحت وغيرهم من صحفيين وإعلاميين ومطربين معروضين للبيع والشراء..!
نعم.. سنمر بالمراحل الصعبة التي مرّت بها كل ثورات العالم الكبرى قبل حصد الثمار واستعدال مسيرة الأوطان؛ وسنواجه أوضاعاً معيشية وأمنية صعبة وعسيرة وعلينا الصمود.. وعندما قال شباب الثورة “الجوع ولا الكيزان” فإنما قصدوا بذلك أنهم لا يقبلون بامتهان الكرامة فألقموا المتآمرين حجراً ساخناً ورسموا طريق المعافاة والتضحيات.. ومن يرى أن الخبز الطري واللقمة اللينة أهم من الكرامة فهذا مكانه بين البهائم والسوائم والهوام.. وقصم الله ظهر من يريد أن يقارن بين عهد الاستبداد والإذلال والإفقار وتدمير الوطن وبين طول الصفوف أمام المخابز ومحطات الوقود..! هذه دعوة باطلة يصيح بها الفلول المُتخمون بعد أن داست عليهم شاحنة الثورة..فهل يمكن لمن يقتل الصبايا أن يهتم بأمر معاش آبائهم وأمهاتهم….تباً للفلول.. وليكن التعاهد والنفير الشعبي اليقظ لمواجهة مصاعب الانتقال بوصية الشهداء…و(صبراً آل الثورة)..فإن موعدكم النصر..!!