تجدد أحداث الجنينة وضرورة الحل الشامل

 


 

 

 

 


1
تجددت الأحداث المؤسفة في الجنينة التي أدت الي قتلي وجرحي ووجدت الجريمة استنكارا واسعا ، ومطالبة بمحاسبة الجناة وتقديمهم لمحاكمات عادلة، فآخر تقرير صادر من لجنة أطباء دارفور الخميس 8 أبريل أشار الي " 125" قتيل ، و "208 " جريح ، ومازال الحصر مستمرا ، فالقتلي في ازدياد ، كما في حديث والي غرب دارفور محمد عبد الله الدومة الذي اشار الي (132) قتيل، هذا فضلا عن الاعتداء علي سيارات الاسعاف التي تحمل الكوادر الطبية ، ونفاذ الأدوية ، وتعرض المسعفين لاطلاق النار ، وطالبت لجنة الأطباء بتأمين المرافق الصحية ، وتأمين الوصول لمخازن الامدادات بعد نفاذ الكثير من الأدوية والمستهلكات، اضافة لاحداث الحرق والنهب للممتلكات ، واستخدام الأسلحة الثقيلة من قبل المليشيات المهاجمة التي جاءت من خارج المدينة وامتلاكها لأسلحة حديثة متطورة، بعد أن بدأت الأحداث يمشاجرة بين اثنين من المساليت ، وبعض أفراد من المجموعات العربية ، وادت لتطور أحداث العنف ، كما حدث في الجنينة في يناير الماضي، وتمّ تكوين لجنة تحقيق لكن لم تظهر نتائجها، كما في لجان التحقيق التي كونتها الحكومة في الجرائم ضد الانسانية، ولم تظهر حصيلتها ، ومنها مجزرة فض الاعتصام.

2
كما علقت الأمم المتحدة اعمالها الانسانية في دارفور والمساعدات التي تصل الي 700 ألف شخص.، اضافة لخطورة تأجيج الصراع بين بين المساليت وبعض المجموعات العربية في دارفور ، والتي يمكن أن تعيد الإبادة الجماعية التي حدثت في العام 2003 ، والتي أدت لمقتل 300 ألف شخص ، حسب احصاءات الأمم المتحدة وقتها ، وادت الي توقيف البشير ومن معه ، وطلب تقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية، وعدم تنفيذ الحكومة الانتقالية حتى الآن تسليم البشير للجنائية ، مما يشجع في استمرار الابادة الجماعية ، وتصفة معسكرات النازحين.
كما اتهمت " المنسقية العامة للنازحين" جهات حكومية بالسعي لتفكيك معسكرات النازحين بالقوة ، وذلك لطمس آثار جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام البائد في دارفور، كما توجد اتهامات لجهات ناقذة في حكومة الفترة الانتقالية استغلت النزاع القبلي لتصفية عدد من شهود مجزرة كريندنق في ديسمبر 2019 ، اضافة لخطأ تسليح المليشيات، واعطاء الشرعية القانونية لبعضها.
أشار الاتحاد الاوربي في بيانه 6 أبريل الي "تكرار نفس المشاهد المؤلمة لاحراق المنازل والقتل ، بعد ستة أشهر من توقيع اتفاق جوبا للسلام" ، مما يؤكد فشل اتفاق جوبا الجزئي في السلام واستتباب الأمن في دارفور ، فضلا عن تكدس قوات الحركات في الخرطوم ، بدلا عن الاسراع في حفظ الأمن والسلام في دارفور ، ووقف استمرار المجازر وأعمال النهب والحرق والقتل ، مما يشير الي الاهتمام بالمناصب والمحاصصات ، بدلا عن تحقيق السلام الشامل والعادل في دارفور.
كما أشار والي غرب دارفور في مؤتمره الصحفي 8 أبريل : أنه طلب نعزيزات عسكرية قبل 5 أيام ، ولم تصل ، مما أدي لارتفاع أعداد القتلي، هذا علما أن قوات الحكومة مارست القمع الوحشي لموكب سلمي بمناسبة 6 أبريل ، مما يتعارض مع "الوثيقة الدستورية" التي كفلت حق التجمع والتظاهر السلمي.
اضافة لالغاء مجلس الوزراء قانون 1958 لمقاطعة اسرائيل الذي سيعرض علي الجلسة المشتركة لمجلسي السيادة والوزراء لاجازته ، بهدف التمهيد للعلاقة مع اسرائيل ، مما يتعارض مع حماية أمن البلاد وسلامة سيادتها ، وسلامة وحدة دارفور ، فاسرائيل قامت لخدمة مصالح أمريكا واستخباراتها في المنطقة ، مما يدخل السودان في خدمة تلك المصالح، فهي دولة معادية للسودان ، ساهمت في فصل جنوب السودان، و نفذت 3 ضربات جوية ضده في الأعوام 2011 ، 2012 ، و2015.

3
اعتبر والي دارفور أن خطة نزع السلاح في ولاية غرب دارفور مجرد شعارات ، فالحكومة لم توفر الا الكاد لتغطية اتفاقية جوبا ، وأن خطة جمع السلاح مجرد شعارات جوفاء ، وأنه لا يوجد تنسيق بين الأجهزة الأمنية الاتحادية والولائية. فلا يكفي المسكنات المؤقتة مثل حظر التجول وغيره ، والهدوء النسبي الذي بعده تنفجر الأحداث التي الهدف منها نسف الفترة الانتقالية ، وتعطيل استقرار الديمقراطية.
كما أكدت الأحداث الخلل في منهج السلام في جوبا الذي حذرنا منه والذي لن يحقق السلام المستدام ، بل سيزيد الحرب اشتعالا ، قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد ، مالم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا بمشاركة الجميع. كما اتهم الوالي الدومة عناصر من النظام البائد وراء الأحداث .
هذا اضافة لضرورة وجود قوات حفظ السلام يوناميد" التي تمّ انهاء وجودها بنهاية ديسمبر الماضي ، وفي ظل عدم الاستعداد لحفظ الأمن ، علما بأن هذه الأحداث هي الثانية والأعنف منذ توقيع اتفاق سلام جوبا في 3 أكتوبر 2020 الماضي ، اضافة للاشتباكا ت القبلية السابقة مثل بين : الرزيقات الفلاتا وغيرها التي حدثت بين الرعاة العرب ومجموعات غير عربية.

4
كما اشرنا سابقا ، يمكن أن يؤدي ذلك للمزيد من انفجار الوضع والاشتباكات القبلية في دارفور في ظل انتشار السلاح في يد القبائل بولايات دارفور حيث تمتلك القبائل الالاف من قطع السلاح والأسلحة الثقيلة والمتوسطة، اضافة لتوقع المزيد من التدهور في غياب الترتيبات الأمنية البديلة بعد انتهاء بعثة "اليوناميد" ، مما يتطلب بذل اقصي الجهود لبسط الأمن باعتبار ذلك من اسبقيات الحكومة الانتقالية.
اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد ، والتي رفضها أصحاب المصلحة أنفسهم، والسير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا ولايات دارفورو مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير، فقد تمّ تجريب تلك المحاصصات في اتفاقات سابقة ( نيفاشا، ابوجا، الشرق،.الخ) وتحولت لمناصب ووظائف دون الاهتمام بمشاكل جماهير مناطق النزاعات المسلحة في التنمية والتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب، من المهم الوقوف سدا منيعا لعدم تكرار تلك التجارب، وضرورة الحل الشامل والعادل وحضور الجميع للخرطوم والجلوس في مائدة مستديرة للتداول حول الحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة، والتنمية المتوازنة ، ودولة المواطنة التي تسع الجميع.

5
وأخيرا لاستقرار السلام والوضع في دارفور، مهم تحقيق المطالب الآتية :
- إعادة النظر في انتهاء مهمة "يوناميد" حسب مطالب جماهير المعسكرات، وجمع السلاح وحل مليشيات الدعم السريع ، وبقية المليشيات وجيوش الحركات، وقيام جيش مهني قومي موحد، والمحاسبة علي الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية.
- تحقيق الحل الشامل والعادل الذي يشارك فيه الجميع ، ويخاطب جذور المشكلة، ونبذ الخطاب العنصري ، وتحقيق الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق أو الثقافة أو المعتقد السياسي أو الفلسفي، وضمان حقوق المرأو ومساواتها بالرجل ، حتى قيام المؤتمر الدستوري الذي يعالج كيف تُحكم السودان ؟، ويقر عناصر الدستور الديمقراطي، وسن قانون انتخابات ديمقراطي يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
- عودة النازحين الي اراضيهم وقراهم والتعويضات العادلة، وتحقيق التنمية ، وتوفير احتياجات المواطنين الأساسية في التعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وبقية الخدمات
– وقف التدخل الاجنبي في الاقليم الذي يهدد وحدته ، مما يفتح الباب لعودة السلام والأمن في الاقليم، و نبذ الاتفاقات الجزئية التي تعيد إنتاج الحرب والأزمة..

alsirbabo@yahoo.co.uk
///////////////////

 

آراء