سارعوا إلى مغفرة من ربكم والمشاركة في مشروع نظافة الخرطوم أو (الخرطوم بالليل) التي أطلقها “طارق الأمين” ويا ليت كل من في وسعه أن يقدم شيئاً أن يفعل.. ولو (بضربة مكنسة) أو نقل (قفة تراب وهباب) أو تلميع واجهة حانوت في شارع الجمهورية أو السوق العربي..! وعسى أن يكون هذا المشروع قبلة في كل يوم للزائرين والمتطوّعين والمساهمين من الطلاب والشباب ولجان المقاومة وشعراء الشعب والفنانين التشكيليين والمطربين النظيفين والموسيقيين والدراميين والروابط والمدارس ومنظمات المجتمع المدني والأهلي ورجال الأعمال والغرف التجارية والصناعية.. وهذا المشروع ليس منبتاً (ولا مقطوع النسب) عن واجبات الثورة وإصلاح العطب الذي لحق بكل مكان ومجال في الوطن من جماعة الإنقاذ الانكشارية صاحبة ثقافة الموت والظلام والكدم والعدم والناشرين الحصريين للقبح والقذارة المادية والمعنوية..! وبهذا المعاني نريد لمشروع نظافة الخرطوم أن يكون في إطار مشاريع ومبادرات متصلة لإصلاح جميع أوجه الخلل في الحياة السودانية لإعادة بناء ما دمرته الإنقاذ.. وبالتناغم مع إعادة تعمير حزام الصمغ العربي ومكافحة التصحر وتنظيف قنوات مشروع الجزيرة وإعادة استزراع الغابات وتفعيل دورات محو الأمية وإعادة نازحي المعسكرات إلى ديارهم.. وما نظافة الخرطوم إلا لأنها واجهة السودان التي تحتضن كل السودانيين.. وكم كان مؤلماً أن يستهل مدير منظمة أممية عالمية لقاءه بوالي الخرطوم بالشكوى من القمامة التي قابلته على طول الطريق…!
ما يدفعنا إلى لفت النظر إلى هذا المشروع أنه من أجل إضاءة وجه الثورة وشبابها.. علاوة على أنه يقع في مجال إصحاح البيئة بامتياز.. وتوفير المليارات الضائعة في الدواء والعلاج وتراجع شهية العمل والإنتاج .. وهذا الرجل صاحب المبادرة هو الذي (هز ضراعو) في الأيام الكالحة باجتراح مشروع (عديل المدارس) ذلك العمل الميداني الأهلي الكبير الشاق والتطوعي الذي تقاطرت إليه مجموعة صغيرة من شباب الجنسين فأنجزوا ما تقاصرت عنه الوزارات والهيئات بقضها وقضيضها.. ولم يكن لديهم غير وطنيتهم وإنسانيتهم متجردين لوجه الله والوطن.. ولم يتذرّعوا بالإمكانيات وغياب الآليات وهم لا يكادون يجدون غير طبق من (البوش) يتجمّعون حوله ثم يواصلون العمل بغير نظر إلى أجر اليومية أو حساب ساعاتها في إيثار غريب.. فأعادوا البهجة للمدارس المُظلمة التي تشبه المعتقلات.. يعجنون الطين ويهيئون (ملطم المونة) ويقيمون الجدران المائلة والفصول المتشققة ويدهنون الواجهات ويمارسون النقاشة والبرادة والحدادة والنجارة وإصلاح المقاعد والأدراج ويبنون المسرح المدرسي من (طين لازب).. ويزينون الحيطان بالرسوم الزاهية ويعيدون الحياة للأزيار المُهملة ويعالجون المراحيض المتهدمة ويشتلون الأزهار ويغرسون الأشجار لرفع الكآبة عن المدارس التي ضربها الإهمال التي أرادت لها جماعة الإنقاذ أن تكون قيعاناً موحشة لنشر السآمة وإطفاء تطلعات الأجيال الناشئة بنشر ثقافة الظلام في تخطيط خبيث لتدمير التعليم و(نشر البلادة) وتثبيط الهمم…لعنهم الله (أينما ثُقفوا)..!!
لقد أراد الانكشاريون إطفاء قناديل الحياة مع سبق الإصرار ولم يكن ذلك بدعاً منهم.. فقد كانوا صادقين مع أنفسهم منذ البداية عندما شرعوا في تدمير معالم الوطن ومنائر العلم فهدموا أندية الخريجين ومراكز الثقافة والمكتبات والمسارح ودور السينما والأسواق الشعبية..الخ وأحالوا شارع الجمهورية إلي بقعة موحشة تتطاير فيها النفايات، ودمّسوا واجهات الشارع وحوانيته ومقاهيه ومنتديات أنسه حتى أصبح العابر لوسط الخرطوم يركض فزعاً أو يضغط على دواسة الوقود خشية من النهب المسلح واللصوص وقطاع الطرق.. بينما كان الشارع قبل الإنقاذ منارة تلألأ بالأضواء ومتعة للتسوّق والسياحة.. وكل الأمل أن يقود طارق الأمين (هذا الأصلع الوسيم) العمل لإعادته وإعادة العاصمة إلي رونقها.. نكاية في أعداء القبح.. جماعة (فلترق كل الدماء) المسانيح..!