فرحة محزون .. ونفثة مصدور !!
رمضان كريم.. وكل الكلام الذي قيل في اليوم العالمي لحرية الصحافة عندنا هنا في السودان (كلام جميل زي الورد) بداية من تغريدة حمدوك وما كتبه وقاله زميلات وزملاء وسياسيون ومهتمون.. ولكن تنزيل هذا الحديث والأمنيات على المناخ الصحفي والإعلامي في السودان يحتاج إلى ما هو أكثر من الأمنيات حتى لا يظن الناس أن (كل شي عال)، وأن ما ينقصنا هو الاحتفال وتبادل التهاني.. فالبيئة الصحفية والإعلامية في السودان (موبوءة) بما صنعته الإنقاذ فيها طوال ثلاثة عقود من الزمان حيث يشير الواقع (وفق إحصائية سابقة مازالت دلالاتها قائمة) إلى أن أكثر من (95% من الصحف) أما أنها مجيّرة للإنقاذ أو المؤتمر الوطني أو الشعبي أو جهاز أمنهم أو قياداتهم وأصهارهم ومحاسيبهم ورجال أعمالهم المُصطنعين المُزيفين أو حركتهم الإسلامية أو اتحاداتهم الطلابية والشبابية، و(وكلها أسماء شيطان واحد بسبعة رؤوس)..أما ملكية بالكامل أو (تمويل بالناقص) أو (شراكة خاصة بالمال العام) أو باسهم الصناديق الاجتماعية.. أو بشراء ذمم أصحاب الامتياز والناشرين..!
ثم (جاطت المسألة) حتى أصبح نتاج الفقد التربوي رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات (وهم ضحايا مساكين سقطوا في براثن الجهل نتيجة لسياسات ومناخ الإنقاذ وبعضهم أوغاد انتهازيون).. ولم يتغيّر هذا الوضع كثيراً حتى الآن وظلت أوضاع الصحافة بهذا التشويه.. صحفيون أحرار من الشباب مؤهلون ووطنيون ومهنيون يعملون في صحف تحت إدارة المؤتمر الوطني وفروعه ومحاسيبه، تتحكم في إنتاجهم الإدارة التحريرية المنحازة للإنقاذ.. وحسبك من فساد هذا المناخ أن صحيفة مثل الأيام لصاحبها محجوب محمد صالح تتوقف وتعجز عن مواصلة الصدور بينما تزدهر صُحيفات أقرب إلى (نشارة المنجرة) و(كناسة المطاعم)، تنشر أسوأ ما يمكن الحصول عليه من غث يثير الغثيان..! وانظر يا صحابي من خلف النافذة وشاهد الصحف التي تعمل الآن وستعلم حقيقة هذا التزامن بين ضربات معاول الفلول على هذه الجبهة المكشوفة ومحاولات بث السموم.. وإذا أردت أن (تخرّم قليلاً) يا صديقي فستعلم أيضاً بعض أسباب الحرب الإعلامية الخفية من القنوات الفضائية والبرامج الموتورة مثل برنامج (كالآتي) في قناة النيل الأزرق الذي يسبّب الاكتئاب ويزيد من احتقان (الغدة الدرقية)..وكذلك الدراما المريضة التي يتنطع فيها الجهل على الثورة وعلى حرية المرأة السودانية التي وقفت أمام غول الإنقاذ في بسالة أدهشت العالم، ثم يهاجمها رقيع عبر السخرية من التوقيع على اتفاقية (سيداو) ولا تقل لي إن هذا يحدث صدفة.. فالجهول (الجهلول) الذي قدم هذا الرميم الهزيل التهريجي السخيف باسم الدراما لا يبدو أنه يعرف شيئاً عن (سيداو) وإلا لما قال أنها (اتفاقية أمريكية).. ولكنه الهرج..!! فمن الذي صوّر هذا السُخف؟ ومن أخرجه؟ ومن أعده واعتمده؟ ومن راجعه؟ ومن سمح ببثه..؟ ولو راجعه إعلامي كفء وأمين لصفع هذا الممثل على وجهه.. (وسيكون هذا تصرفاً خاطئاً لأن التقويم لا يكون بالصفع على القفا وإنما بإعادة التربية والتدريب)…!
على كل حال ما شأن هذه الزوائد الدودية التي تتهجّم على حقل الدراما (وهو حقل له تاريخ مجيد) بينما الدراميون الموهوبون موجودين وقادرين ولكن لا أحد يستدعيهم أو يسمع منهم..؟! وأين التلفزيون القومي الذي لا يزال راكداً خامداً هامداً يشكو الذين بداخله من إداراته ومن استمرار بعض أحواله كما كان الحال أيام الإنقاذ..!! ومثلما بدأنا بالصحف نختم بها ونقول: إذا كان حال الصحافة على ما يرجوه السودانيون فهل يمكن أن يكون من بين أصحاب امتياز الصحف صاحب منبر الضلال العنصري الذي دعا إلي إخضاع الجنوب بالجهاد ثم ذبح الثيران ابتهاجا بانفصاله…! ومع هذا نعزيه في نزع أراضٍ تحصّل عليها بعض قرابته وأصهاره بالفساد وفق ما أعلنته مؤخراً لجنة إزالة التمكين..! ولعل بعض (لطعات الفساد) التي تلحق بأثواب أدعياء الطهارة تجعلهم يخففون من الادعاء والظهور في عباءات الدين والوطنية ..فهذا باب عسير لا يقوون عليه.. فليقنعوا بما يصيبون من طعام وشراب وعمائم وشالات من بقايا أموال لا بد أنها وقعت بين أيديهم من (رايش الدولارات) التي يخبئها المخلوع في غرف بيته..( دع المكارم لا ترحل لبغيتها..واقعد فإنك أنتَ الطاعم الكاسي)..!! وعاشت حرية الصحافة..!!