شائعات مبلوعة !!

 


 

 

بعض القواميس ترى أن الإشاعة والشائعة (ليسا من المترادفات) وأن الإشاعة تعني تضخيم وتهويل حدث أو خبر صغير؛ في حين أن الشائعة هي أخبار وأحداث مختلقة يجري نشرها لغرض خبيث ويتناقلها الناس بحسن نية دون تثبّت، والغريبة أن الفلول يمارسون الحالتين بخبث وسوء نية ومقصد..! الله لا كسّب الإنقاذ…! ويروي باحث غربي حكاية رمزية عن خطورة الإشاعات أو الشائعات المبثوثة في أجهزة الاتصال والتواصل ويقول إن تفاهتها تجعلها (أكثر استساغة) عند جمهرة غير قليلة من الناس، لأن من الطبائع السائدة أن يميل الناس لسماع الأخبار والأقاويل التي تحمل الإشانة للآخرين والنميمة والسخائم حتى ولو كانت غير قابلة للتصديق..! ويسرد مثالاً عن ضروري التروّي في قبول الأخبار يقول فيه ناصحاً: لا تبادر بالهرب وأنت في بريطانيا إذا قال لك شخص أن مبنى (الإمباير إستيت) يطارده..! أولاً لأن المباني لا تطارد البشر، وثانيًا أن هذا المبنى في نيويورك بأمريكا وليس في بريطانيا، وثالثًا أن الشارع لا يتسع لمرور هذا المبنى الضخم، ورابعًا أن هذا الشأن ليس من مهمتك ويجب أن تترك الأمر لدورية الشرطة.!!
الشاهد في هذا المثال هو ضرورة إعمال العقل والتفكير في كل أمر تجاوبًا مع المنطق ومع ثمرات عصور التنوير والعقلانية، وما يهمنا في هذه المرحلة المفصلية في بلادنا التي تعيش ذروة التغيير والانتقال؛ أننا نرى الآن في الساحة (زعابيب غبراء) وزوابع متواترة من الإشاعات والأخبار المفبركة والأحاديث السقيمة التي تحاول تعطيل آلية التغيير وتعكير فترة الانتقال بأطنان من الأراجيف والأباطيل و(النفايات الإعلامية) التي ترمي إلى إشانة سمعة رموز الثورة والسخرية من شعاراتها ونشر البلبلة و(إعادة تدوير الأكاذيب)، ووراء هذه الحملة -كما هو معلوم- فلول وأموال وذمم خربة وآليات وقنوات وصحف ومنتفعون وقطاعات من المتبطلين وأصحاب الحنين إلى أيام الإنقاذ من إذناب الفلول ومن أهل الثروات المُستحدثة الذين ترعرعوا تحت أحذية الإنقاذ وأكلوا من فتاتها وقاسموها مهمة الإفساد والتربّح من الفساد وأسهموا معها (يداً بيد) في تخريب عالم التجارة والأعمال ونهبوا من امتيازاتها وعطاءاتها ومقاولاتها وإعفاءاتها، وتقلّبوا معها في المال الحرام وذاقوا متعة الرفاه المسروق، فأصبح من العسير عليهم استرجاع ما نهبوا، بل أصبحوا يتحكّمون في مصادر حياة الناس والعقارات والأراضي والخدمات والسلع..إلخ.!
ومع هؤلاء بطبيعة الحال (كومة هِباب أخرى) من الذين حار بهم الدليل بعد الثورة ومن الإذناب الذين كانوا يتكسّبون من الإنقاذ (بنظام اليومية) أو يعملون في (المهن القذرة) ومن هؤلاء من كانوا يتعاونون مع جهاز أمنها من المجندين و(البصّاصين) والمزروعين بين الناس، وبينهم (أصحاب مواتر) وطلاب وصحفيون ومنتحلو صفة وشباب صغار (معاتيه) كانوا يمتطون أحدث السيارات ويعيشون على النصب والوظائف الوهمية، كما بينهم بعض الرجرجة من مواليد (برج الإنقاذ) الذين كانوا يقومون بتحصيل العوائد والضرائب لمصلحة جيوبهم ويفرضون بالترهيب والانتحال الغرامات الوهمية على الشاحنات التجارية ووسائل النقل وباسم مخالفات المرور ونقاط التفتيش التي يقيمونها حيث شاءوا، وكل هذه الشراذم مع مجموعات أخرى قام (لحم كتوفها) من (جزارة المؤتمر الوطني) ومن استباحة الإنقاذ للدولة والقوانين، كل هؤلاء يجمعهم الآن الكيد على الثورة، وهم الذين يتناوبون الآن الجلوس على القنوات والإذاعات والصحف ومواقع التواصل ليقولوا إن مبنى (الإمباير ستيت) يطاردهم..!! والغريبة أن البعض من المنتسبين لخندق الثورة يصدّق ما يقولون ويسهم في نقل هذه الترّهات والأكاذيب، ولا يمنح نفسه لحظة لإدراك أن المباني لا تركض في الشوارع.

 

آراء