ديكتاتور تحت التمرين
عز الدين صغيرون
10 December, 2021
10 December, 2021
رغم انقلاباته المتعددة وبأشكلها المختلفة، ورغم نجاح انقلابه الأخير في 25 أكتوبر، لم يستطع البرهان أن يجيد دوره كديكتاتور "ملء هدومه". إذ لا يزال أداءه يبدو مرتبكاً متعثراً بوضوح للسودانيين الذين خبروا أشكالاً متنوعة من الانقلابات والانقلابيون بين العسكر، والذين لعبوا دور الديكتاتور بطريقة متقنة ومقنعة. وحتى البشير الذي جاء بخدعة انقلابية إخونجية فجة، استطاع أن يقنع الناس بأنه ديكتاتور حقيقي، أصيل، غير مزوَّر.
والفرق بين النوعين أن الديكتاتور الأصيل، الواضح، لا يلبس قناعاً ولا يتحدث بلسانين، وحين يكذب لا يخجل ولا يستحي، يقول ما يريد قوله ولا يعبأ بردة فعل من يستمع، إتفق معه، أو اختلف. يكفيه هتافات من اشترى أصواتهم، يصفقون له: "سير سير إلى الجحيم ..سير سير يا بشير".
أما الديكتاتور المستجد في مرحلة التدريب والتمرين فيفعل ما فعله البرهان وهو يخاطب تخريج دفعة من الجنود، أو انتهاء دورة تدريبية "روتينية" بولاية نهر النيل.
لم يخاطبهم كجنود في دورة تدريبية، وإنما خاطبهم سياسياً كحشد من الحزبيين المدنيين المؤيدين لزعامته الحزبية (رغم الكاكي الذي يرتدونه). فشرح لهم أن هناك فريق من الأحزاب الأخرى تكيد للوطن، وأنه سيقود حزبه للتصدي لهم ويقطع دابر كيدهم وتآمرهم. وأبلغهم في خطابه السياسي هذا بأنه يرصد عن كثب اتصالات هؤلاء العملاء بالدوائر الأجنبية التي تضمر الشر للوطن وشعبه. وأن حزبه في حربه ضد هؤلاء العملاء لا يحتاج "لأي جهة" تقف معهم، فهم قادرون وحدهم وبقوتهم على دحر الخونة الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الذاتية ومطامعهم السلطوية. ولكنه وحزبه "صاحين لهم".
لقد نسي موقعه الدستوري كرمز للسيادة التي تتعالى على الاختلافات الحزبية.
إلى هنا لا غبار على هذا الخطاب، فها هو ديكتاتور يكشف عن وجهه بلا مواربة ولا يخادع أحداً.
وشخصياً يمكن أن أصفق له، ليس استحساناً لمضمون خطابه، ولكن كما أصفق لممثل على خشبة المسرج أجاد تمثيل دوره بحرفية وإتقان.
ولكنه سرعان ما "يخرب الرصَّة".
فقد أخذ البرهان فترة صمت استطالت بعد هذا الفاصل التعبوي الحماسي الحار، وكانه يراجع ما قاله للتو، أو كأنه يستمع لمن يلقنه ما يقول، بوسيلة اتصال غير مرئية للحشد، أو كأنه يحاول أن يتذكر شيئاً مهماً ينبغي أن يبلغه لحشده الشعبي. لأنه انتقل بعدها لموجه أخرى في الخطاب تتناقض تماماً مع الأولى في ظاهرها. فقد تذكر "الشعب" فجأة، الذي نسيه، وقد كان يخاطب حزبه الخاص، رغم زي أفراده الموحد، باعتبار أنهم "كل الشعب".
فاستدرك مصححاً قوله بأنهم لا يحتاجون "إلى أي أحد" يقف معهم في حربهم ضد الأعداء الذين يتآمرون على الوطن، إلى أنهم يحتاجون إلى دعم الشعب لهم، لأنهم يبذلون أرواحهم رخيصة من أجل الشعب، وأنهم لن يتوانوا عن واجبهم المقدس في حماية الوطن والشعب، وأنهم سيعملون يداً بيد مع رئيس الوزراء "المدني" ويدعمونه ليختار طاقم حكومته من تكنوقراط مستقلون بحرية كاملة.
وتكاد تصفق هذه المرة استحساناً لمضمون هذا الخطاب. ولكنه لا يلبث، مثل كل حليمة، يعود و"يبوظها ويخرب أم الرصة" مرة أخرى، ليؤكد ديكتاتوريته قائلاً بأنهم يتعهدون بتحقيق "العبور" – هذه المفردة الحمدونية الأثيرة – إلى رحاب الدولة المدنية، ويضعون يدهم في يد الشرفاء المخلصين، الذين قلبهم على البلد. وبالطبع هو يعني بهم حلفاء حزبه، أما خصومه السياسيين فلا حاجة له بهم من أجل "العبور" إلى المستقبل!.
وهكذا، على الفور وبجرة قلم ستكتب هذا ديكتاتور "مجهجه". لم يستطع أن يُوّحِّد بنية خطابه، أو يحدد على أي نحو يستقر.
هذا على مستوى الخطاب المنطوق المعبَّر عنه بالكلمات.
أما على مستوى خطاب الواقع المعبَّر عنه بالأفعال، فالصورة تبدو كاراكتيرية ببلاغة فاضحة.
فقد جاء في الخبر أن مجلس السيادة وجه بفرض مزيد من الضوابط والسيطرة على الأوضاع في المناطق التي شهدت وقوع أحداث في غرب السودان.
ولك أن تسأل لمن أصدر مجلس السيادة توجيهاته ؟.
أليس رئيس مجلس السيادة نفسه هو قائد الجيش وكل الأجهزة الأمنية ؟!.
أظن أن الأستاذ حيدر المكاشفي لم يخطئ حين ساخراً، بذكاء، ذيَّل مقاله بعنوانه: " البرهان يوجه البرهان" !! .
أخبار وعلامات تعجب
ارتفاع ضحايا أحداث العنف بغرب دارفور إلى 88 شخصاً .. مناوي يدعو للإفراج عن أتراك اختُطفوا في الإقليم
8 ديسمبر, 2021
دبي – (الشرق):
أعلنت لجنة أطباء ولاية غرب دارفور بالسودان، الأربعاء، أن حصيلة ضحايا أحداث العنف التي وقعت في منطقة كرينك بالولاية، بلغت 88 حالة وفاة و84 مصاباً.
وقال مناوي على حسابه بتويتر، إنه يأسف لحدوث عملية الاختطاف “أمام الأجهزة الأمنية".
ما نسي الخبر إيراده
- أن البرهان قائد الجيش والأجهزة الأمنية قال، ويتفق معه مناوي، أن حكومة المدنيين كانت السبب في تدهور الأوضاع الأمنية خلال عامين.
- وقال البرهان لجنده بالأمس: "الآن بدأنا بداية حقيقية في التحرر من كل القيود التي كانت تكبل عملنا وكانت تكبل رئيس الوزراء". (ويا لها من بداية).
- قالوا إنفاذ اتفاقية جوبا سيحقق السلام، وها مناوي مغرداً يعرب: عن أسفه لاختطاف أتراك يعملون في إحدى مدن الإقليم، مطالباً خاطفيهم بإعادتهم سالمين وعدم إلحاق أي أذى بهم.
- طيب دي الاتفاقية .. وينو السلام ؟؟!!.
izzeddin9@gmail.com