التوم هجو .. الانتخابات … وبرك المياه الزرقاء !!
محمد موسى حريكة
29 December, 2021
29 December, 2021
musahak@hotmail.com
حدثني صديق راحل طيب الله ثراه في نقاش عابر عن أزمة الديمقراطية ورهان التحالفات في السودان قبل عدة سنوات ، انه في انتخابات 1985التي أعقبت إنتفاضة أبريل وفي إحدي الدوائر الانتخابية في منطقة سنار إقتضت ظروف التحالف والمناورة لإستمالة كتلة للاتحادي الديمقراطي يقودها التوم هجو لهزيمة مرشح مناوئ للناس العاديين ، وبعد إتمام التفاصيل ورسم صورة التحالف مع القوى اليسارية ، خاطب التوم هجو طرف التحالف اليساري مطالبا بنصيبه (المادي) في تسهيل تلك (الصفقة) حسب تفسيره لها ،هنا خاطبه ممثل القوي اليسارية بأن المسالة ليس فيها عائد مادي ولا ثمن لها غير تمتين الديمقراطية بنائب مخلص يخدم المنطقة وإسقاط المرشح الإسلامي الذي لا يمتلك برنامجا عمليا لأهل المنطقة ، هنا نهض التوم هجو ونفض يده عن التحالف جملة وتفصيلا قائلا ( آفو كُفر و فقُر ) وهو بذلك يعاير هذا اليسار الذي جمع بين الكفر والفقر في آن واحد ، و يا لبؤس التوم ! فقد (فرتق) التحالف.
قفزت الى ذهني تلك الخاطرة ونحن نشهد اليوم ذلك النشاط المحموم لتلك الشخصية المثيرة (للقرف) وليس الجدل إذن أن الجدل قد يفضي الى نتائج إيجابية .
شغل التوم هجو الفضاء السياسي الراهن وهو يلعب شخصية المهرج السياسي بجدارة منذ محادثات إتفاقية جوبا بحكم أن (عودو راكب) في الجبهة الثورية ، ومن ثم في صفقات المسارات السياسية التي أربكت المشهد السياسي بتعقيداتها في خارطة سلام مختلة أصلا ، وهبط الرجل في الخرطوم باحثا عن ثمرة مساره الذي افترعه في تلك المحادثات بين إخفاقات ونجاحات أسفل موائد أساطين العملية السياسية ، ولعل دوره الذي لعبه في إعتصام القصر ،وعقر النياق علي الأسفلت ،ثم اعتلائه المسرح في قاعة الصداقة وهتافه الشهير (الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع ) كان يتمثل في تلك النهايات الدراماتيكية التي أفضت الي إنقلاب البرهان وبيانه الاول في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 والذي يقبض التوم ثمنه الان ويمضي نحو المزيد .
كل ذلك يجعل من هذه الشخصية هى الأخطر في ما نشهده الان من بؤس يلف الساحة السياسية.
وخطورته لا تأتي بالطبع من كونه (محللا إستراتيجيا) تتحفنا به الفضائيات فقيرة المحتوي، وليس لكونه مفكرا سياسيا أكسبته المعارك السياسية نضجا ومعرفه، ولكن خطورته تأتى في أنه يجئ في زمن تعلو فيه الأكاذيب علي الحقائق، زمن برك المياه الزرقاء النتنه التي تعيق تقدم الثوار والتي تصنع مناخات صالحة وبيئة حاضنة للتوم وأشباهه ،زمن ما أنفك قادة الانقلاب يرددون فيه ليل نهار (البلد دي ما حنسلمها إلا لحكومة منتخبة) كما ردد أسلافهم (ما حنسلمها إلا لعيسي ).
وبالأمس القريب أعاد قائد الانقلاب سلطات جهاز المخابرات القمعي وبكل صلاحياته والتي في إعتقادي لم تسقط أصلا منذ إنتفاضة ديسمبر فقط كان يتم تداول تلك الصلاحيات بين القناصة والمليشيات متعددةالهوية وكتائب الظل والقتلة المأجورين.
يمضي الانقلابيون قدما في صناعة إنتخابات مبكرة في بلد تحترق أطرافه في دارفور ولم تزل الحرب قائمة في جبال النوبة وجبل مرة وهي الان تدور في الخرطوم من قبل القناصة وحراك المد الثوري السلمي وهم بذلك يهدفون لمنح
صكوك البراءة لتلك الآلة القمعية في ظل حالة الطوارئ المعلنة وغضب الشارع المسنود بالشيب والشباب رجالا ونساء وشيوخ .
هذه هي البيئة السياسية الزرقاء النتنه الحاضنة التي تم أعدادها لنشاط التوم ورهطه من طائفة ما سمى بالحراك الوطني ،من أمثال التوم ومسار الذي نادي بالرئاسة الأبدية للبشير دون إنتخابات في 2020 ، والسيسي الذي بنى مجده علي أنقاض دارفور إنسانا وأرضا .خديعة الانتخابات المبكرة تمثل (خريف أبو السعن )لمدرسة التوم هجو وطلابها من إدارات أهلية وقبائل متوحشة، وعسكر غارقين في مستنقع الفساد وباحثين عن المجد السلطوي .
في هذا الجو الخانق يصرح التوم أمس الأول ودون حياء( الوضع مأساوي في السودان، الشعب لم يتعلم من الماضي ،والأحزاب دمرت الحياة ) ويمضي قائلا (الناس ينظرون للقضية الوطنية من منظور شخصي ) وبتلك العبارة البنيوية فقد كان هجو يقف أمام المرآة عاريا وهو يبحلق في ذاته ليكشف في اللاوعي عن شخصيته والتى هي مجرد نموذج لهولاء الذين تعج بهم الصالات والمخيمات وهم يدعون لانتخابات مبكرة شائهة تلبي فقط رغبة البرهان ونائبه في تقنين مستقبل غامض و محض رغائبي ، وبدفعيات مالية عبر سماسرة سياسيين مخضرمين وجدد باتو يشغلون الساحة السياسية الآن في مواجهة شعب ليس بحاجة لإهدار تاريخه لتلبية حاجات سماسرة السوق الذين يسوقون لتلك الانتخابات وعودة البلاد الي عهود التيه والضلال تحت رايات إنتخابات زائفة جاري تصنيعها الان
،ولكن الشعب أقوى والردة مستحيلة .
حدثني صديق راحل طيب الله ثراه في نقاش عابر عن أزمة الديمقراطية ورهان التحالفات في السودان قبل عدة سنوات ، انه في انتخابات 1985التي أعقبت إنتفاضة أبريل وفي إحدي الدوائر الانتخابية في منطقة سنار إقتضت ظروف التحالف والمناورة لإستمالة كتلة للاتحادي الديمقراطي يقودها التوم هجو لهزيمة مرشح مناوئ للناس العاديين ، وبعد إتمام التفاصيل ورسم صورة التحالف مع القوى اليسارية ، خاطب التوم هجو طرف التحالف اليساري مطالبا بنصيبه (المادي) في تسهيل تلك (الصفقة) حسب تفسيره لها ،هنا خاطبه ممثل القوي اليسارية بأن المسالة ليس فيها عائد مادي ولا ثمن لها غير تمتين الديمقراطية بنائب مخلص يخدم المنطقة وإسقاط المرشح الإسلامي الذي لا يمتلك برنامجا عمليا لأهل المنطقة ، هنا نهض التوم هجو ونفض يده عن التحالف جملة وتفصيلا قائلا ( آفو كُفر و فقُر ) وهو بذلك يعاير هذا اليسار الذي جمع بين الكفر والفقر في آن واحد ، و يا لبؤس التوم ! فقد (فرتق) التحالف.
قفزت الى ذهني تلك الخاطرة ونحن نشهد اليوم ذلك النشاط المحموم لتلك الشخصية المثيرة (للقرف) وليس الجدل إذن أن الجدل قد يفضي الى نتائج إيجابية .
شغل التوم هجو الفضاء السياسي الراهن وهو يلعب شخصية المهرج السياسي بجدارة منذ محادثات إتفاقية جوبا بحكم أن (عودو راكب) في الجبهة الثورية ، ومن ثم في صفقات المسارات السياسية التي أربكت المشهد السياسي بتعقيداتها في خارطة سلام مختلة أصلا ، وهبط الرجل في الخرطوم باحثا عن ثمرة مساره الذي افترعه في تلك المحادثات بين إخفاقات ونجاحات أسفل موائد أساطين العملية السياسية ، ولعل دوره الذي لعبه في إعتصام القصر ،وعقر النياق علي الأسفلت ،ثم اعتلائه المسرح في قاعة الصداقة وهتافه الشهير (الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع ) كان يتمثل في تلك النهايات الدراماتيكية التي أفضت الي إنقلاب البرهان وبيانه الاول في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 والذي يقبض التوم ثمنه الان ويمضي نحو المزيد .
كل ذلك يجعل من هذه الشخصية هى الأخطر في ما نشهده الان من بؤس يلف الساحة السياسية.
وخطورته لا تأتي بالطبع من كونه (محللا إستراتيجيا) تتحفنا به الفضائيات فقيرة المحتوي، وليس لكونه مفكرا سياسيا أكسبته المعارك السياسية نضجا ومعرفه، ولكن خطورته تأتى في أنه يجئ في زمن تعلو فيه الأكاذيب علي الحقائق، زمن برك المياه الزرقاء النتنه التي تعيق تقدم الثوار والتي تصنع مناخات صالحة وبيئة حاضنة للتوم وأشباهه ،زمن ما أنفك قادة الانقلاب يرددون فيه ليل نهار (البلد دي ما حنسلمها إلا لحكومة منتخبة) كما ردد أسلافهم (ما حنسلمها إلا لعيسي ).
وبالأمس القريب أعاد قائد الانقلاب سلطات جهاز المخابرات القمعي وبكل صلاحياته والتي في إعتقادي لم تسقط أصلا منذ إنتفاضة ديسمبر فقط كان يتم تداول تلك الصلاحيات بين القناصة والمليشيات متعددةالهوية وكتائب الظل والقتلة المأجورين.
يمضي الانقلابيون قدما في صناعة إنتخابات مبكرة في بلد تحترق أطرافه في دارفور ولم تزل الحرب قائمة في جبال النوبة وجبل مرة وهي الان تدور في الخرطوم من قبل القناصة وحراك المد الثوري السلمي وهم بذلك يهدفون لمنح
صكوك البراءة لتلك الآلة القمعية في ظل حالة الطوارئ المعلنة وغضب الشارع المسنود بالشيب والشباب رجالا ونساء وشيوخ .
هذه هي البيئة السياسية الزرقاء النتنه الحاضنة التي تم أعدادها لنشاط التوم ورهطه من طائفة ما سمى بالحراك الوطني ،من أمثال التوم ومسار الذي نادي بالرئاسة الأبدية للبشير دون إنتخابات في 2020 ، والسيسي الذي بنى مجده علي أنقاض دارفور إنسانا وأرضا .خديعة الانتخابات المبكرة تمثل (خريف أبو السعن )لمدرسة التوم هجو وطلابها من إدارات أهلية وقبائل متوحشة، وعسكر غارقين في مستنقع الفساد وباحثين عن المجد السلطوي .
في هذا الجو الخانق يصرح التوم أمس الأول ودون حياء( الوضع مأساوي في السودان، الشعب لم يتعلم من الماضي ،والأحزاب دمرت الحياة ) ويمضي قائلا (الناس ينظرون للقضية الوطنية من منظور شخصي ) وبتلك العبارة البنيوية فقد كان هجو يقف أمام المرآة عاريا وهو يبحلق في ذاته ليكشف في اللاوعي عن شخصيته والتى هي مجرد نموذج لهولاء الذين تعج بهم الصالات والمخيمات وهم يدعون لانتخابات مبكرة شائهة تلبي فقط رغبة البرهان ونائبه في تقنين مستقبل غامض و محض رغائبي ، وبدفعيات مالية عبر سماسرة سياسيين مخضرمين وجدد باتو يشغلون الساحة السياسية الآن في مواجهة شعب ليس بحاجة لإهدار تاريخه لتلبية حاجات سماسرة السوق الذين يسوقون لتلك الانتخابات وعودة البلاد الي عهود التيه والضلال تحت رايات إنتخابات زائفة جاري تصنيعها الان
،ولكن الشعب أقوى والردة مستحيلة .