يا كملونا يا كملناهم … التفاوض غير المباشر !!

 


 

 

حتي اللحظة لم يفق شعب السودان من الصدمة العنيفة التي انتابته إثر تلك النهاية الدرامية لمحادثات جدة ، والتي إنتهت إلي فراغ ، دون بيان ختامي من الأطراف الراعية لها ولم تراع حالة الملايين المشدودة إلي نهاية الحرب ولو وفق بيانات دبلوماسية تمتص قلق الملايين في كانتونات النزوح ، ومعسكرات دول الجوار وضحايا حصار الجوع في إحداثيات العاصمة الخرطوم الذين يلتحفون الدانات وعنف المسيرات والقصف الجوي .
في هذه اللحظة المفصلية المشحونة بالرعب والموت والإخفاق علينا أن نتساءل لماذا كانت جدة محطة مفاوضات برعاية امريكا والسعودية وبعض الخيرين ولم تكن مباشرة بين أطراف الصراع أي الدعم السريع والجيش السوداني ؟
هناك نظرية للعالم الإنساني (جون بورثون ) في فض النزاعات فحواها أن إمتهان الهوية و أن عبارات من شاكلة الدين والهوية والتشكيك فيها بين أطراف النزاع كفيلة بأن يجعل العنف يتنامي خارج أطراف الصراع المركزية ، وهذا بدوره سيجعل الوصول الي إتفاق مهمة في غاية الصعوبة .
عقب تفجر الحرب الجارية في السودان وفي لحظتها الأولي كانت وزارة الخارجية السودانية هي التي تقود الحرب ، وكان من أول بياناتها (الاستسلام أو الفناء) ثم أعقبها قائد الجيش البرهان أن الدعم السريع جماعة متمردة علي الجيش قفزاً علي كل الفورمانات التأسيسية 2019 والتي مهرها هو نفسه .
وأن علينا الان أن نولي قبلة يرضاها ذلك الانقلابي .
وبالنظر إلي التاريخ التفاوضي بين خصمين فقد شكلت القضية الفلسطينية تاريخياً إعقد مشكلة في التاريخ ولكنها وفي نهاية المطاف قادت إلي التفاوض بين خصمين لدودين .
في عام 1969 إبتعثت الأمم المتحدة الديبلوماسي السويدي قونار يارنج في مهمة أساسية الغرض منها نقل حالة التفاوض بين العرب والاسرائيليين إلي حالة مباشرة وذلك ما أجتهد فيه السويدي قونار يارنج حتي إنه نقل نصوص من الجانب المصري إلي الجانب الاسرائيلي بعد أن عدل في بعض مفرداتها التي اكتشفتها إسرائيل في اليوم التالي بعد أن نشرتها الصحف الرسمية المصرية .
ولكن في نهاية المطاف مضي التطبيع إلي غاياته وكانت كامب ديفيد وتلك المحادثات المباشرة التي قضت علي أسطورة لاءات الخرطوم . هنا يقفز سؤال هل نحن أرض العناد في مقابلة أرض الميعاد ، ولماذا لاءات الخرطوم وبعدها لا تفاوض ولا استسلام في ذلك التاريخ الملتبس الذي ما إنفك يهيمن علي فكرنا السياسي ؟
في الحرب الدائرة في السودان الان والتي إقتحمها البرهان بمقولة ( يا كملناهم ياكملونا ) من خطاب له في حامية باو بالنيل الأزرق في سبتمبر 2023 ولم يزل ذلك الخطاب يشكل أيقونة قوي الإسلاميين في مناهضتها للانتقال الديمقراطي السلس في السودان وبالحوار .
إذا استخدمنا منطق الرياضيات فإن مقولة البرهان وفرضياته لن تقود الي حلول مستدامة ،فخصومه يتنامون وفق معادلة هندسية تتكون من الرافضين للحرب والتواقون للسلم والحالمون بوطن للجميع وليس وطن يتحكم فيه فرد كإحلام ليلة مسكونة بأحاجي الحبوبات .
يتداول المصريون نكتة سوداء ( واحد كان بيدق في مسمار بس المسمار رفض يدخل في الحيطة بعد شوية صاحبنا أكتشف انو في سوداني تاكل راسو ع الحيطة من برة)
ربما نحن أرض الميعاد واللاءات والبرهان تاكل راسو ع الحيطة من برة .
إعتقد أن خلاصة المسألة علينا ان نعترف أن حكاية يا كملناهم يا كملونا لا تصدر إلا من مجنون .

musahak@icloud.com

 

آراء