التخلف والتخلق في السياسة السودانية
زين العابدين صالح عبد الرحمن
5 February, 2022
5 February, 2022
أن القوى السياسية السودانية جميعها ليس لها مركزا للدراسات و البحوث، يقوم بدور الرصد و المتابعة لحركة التغيير التي تحدث داخل المجتمع، و أيضا هي تهمل عملية التقييم لتجاربها و لعملية التغيير التي تحدث في كل مرحلة جيلية. و تهمل الرصد للقوى الفاعلة في المجتمع " الشباب من الجنسين" . فالقوى السياسية تدير العملية السياسية بالأدوات القديمة الموروثة منذ بداية التعليم الحديث في السودان، في اعتقادها أن السياسة تعتمد على ( الخطابة – الشعارات – التعبئة الشعبية التي تؤسس على العاطفة و ليس الوعي) و ظلت هي الأدوات المستخدمة حتى اليوم لبعض القوى السياسية. أن الإنقاذ قد انشأت العديد من الجامعات في كل الأقاليم عتمادا على الكم و ليس النوع، لكن حتى هذا الكم أليس له أثرا في زيادة الوعي في المجتمع؟ يجب متابعته...! أن الإنقاذ قد فصلت عشرات الألاف من وظائفهم، و هؤلاء أصبحوا مشروعا لإعادة التوطين في أغلبية الدول الأوروبية و أمريكا و استراليا و كندا. و في مواطنهم الجديدة أكتسبوا معرفة و خبرات جديدة، و ثقافة ديمقراطية لها انعكاساتها بالضرورة على العمل السياسي. إلي جانب التقدم السريع الذي حدث في وسائل الاتصال الاجتماعي، و استخدام التلفونات الذكية التي أصبحت المعلومة متوفرة عند الكل في لحظتها هذه أيضا أثرت على الوعي وسط الشباب. أكثر الفئة الاجتماعية استفادة من هذه التغييرات هي الشباب من عمر أربعين سنة و مادون، و هؤلاء الذين قادوا ثورة ديسمبر قرابة الست أشهر دون تراجع، كانوا على وعي بأهدافهم، لذلك قدموا كل التضحيات المطلوبة من أجل ذلك. اليس هو الوعي في كماله؟ لماذا لم تدرك الأحزاب أن هؤلاء لن يكونوا كما مضافا فقط، بل هؤلاء يريدون أن يكونوا جزء من صناعة أي قرار ان كان في الأحزاب أو في إدارة الدولة. هل يستطيع العقل التقليدي أن يستوعب هذا النوع من التغيير؟
هذا التغيير الذي حدث داخل المجتمع رغم المعاناة، إلا أنه قد خلق وعيا و عقلا جديدا، وعيا مغايرا تماما عن وعي الموروث الثقافي السياسي التقليدي الذي تحتفظ به القيادات التاريخية و القيادات غير المواكبة لعملية التغيير في المؤسسات الحزبية، و قد ظهر بصورة واضحة و عبر عن الفروقات في درجات الوعي في ساحة الاعتصام. هذا التغيير أرادت الأحزاب السودانية التعامل معه بذات العقلية التقليدية، أن تجعلهم رصيدا جماهيريا تدخره لكي تعبر به عندما تواجهها المطبات السياسية، و لا تدرك إن هؤلاء قوى فاعلة لها تخلقاتها الجديدة التي لا تقبل أن تكون أدوات تستخدم فقط عند الحاجة، بل تريد أن تكون جزء من الفاعلية السياسية ، وأن تسهم من خلال طاقاتها الإبداعية، و تشارك في كل مراحل العمل السياسي. لكن للأسف أن العقل السياسي السوداني الذي تكلس و ضمر، و لم يستوعب هذا التغيير. و سارت الأحزاب في غيها. الأمر الذي يؤكد أنها لم تدرك أن هناك تغييرا قد حدث في عقول الشباب. هذا الأمر يستوجب من الأحزاب أن تغيير في طريقة تفكيرها لكي تتلاءم مع التغييرات التي حدثت في المجتمع و وسط الشباب.
أن الخلاف الذي يجري في الساحة السياسية السودانية، سببه فروقات بين الذين وقفت ثقافتهم السياسية عندما كانت تكتسب من أركان النقاش و منابر الخطابة و الإملاءات. و بين عقل يكتسب يوميا معلومات جديدة في كل ضروب الحياة و الثقافة و السياسة. هذه الفروقات هي التي تعقد العمل السياسي، و أصبحت اللغة المتداولة بين الجانبين تختلف حمولاتها المعرفية و الثقافية، المشترك الوحيد أنهم سودانيين. و يتمحور الفرق الجوهري أن الشباب لديهم القدرة على استخدام طاقاتهم الإبداعية عبر أدوات مختلفة، و في اعتقاد أن المجتمع تتفاوت فيه درجة الاستيعاب و أيضا يتم الاستيعاب بصورة كبيرة عندما يتم استخدام أدوات متعددة تلائم كل شخص في الأداة التي يحبها. و هذا يؤكد اتساع أفق الوعي في مجتمع الشباب. هذه مدرسة جديدة كل يوم لها إبداع جديد في عملية التواصل. تختلف عن المدرسة التقليدية التي حددت أدواتها و لا تستطيع أن تتجاوزها.
أن العقل التقليدي السياسي خاصة عقل الانقلابات، لم يستطيع أن يستوعب أن أستمرار الشباب في الخروج ضد الانقلاب هو إيمانهم أن الحرية لكي تؤسس بقوة في المجتمع يجب أن يكون مهرها غالي جدا، لذلك كان أقدامهم على الموت بشجاعة و بسالة منقطعة النظير. معلوم أن الديمقراطية تؤسس على الحوار، و لكنه الحوار الذي يجعل الكل سواسية و ليس هناك من له سهمين دون الأخرين. هل اعتقد العسكر في يوم من الأيام أن يكون هناك شباب بهذه الشجاعة التي يرسمون فيها لوحاتهم الجمالية بجسدهم و هي تستقبل الرصاص كأنه زخات مطر. و أن النياشين على صدور جنرات العسكر تدل على قتل الأبرياء و الغدر. هنا يبدأ الخلاف واضحا بين عقلية تريد أن تحبس نفسها في التخلف و الضلال. و أخرى تتخلق مع جيل جديد يرسم ملامح السودان بصور جمالية فضل أن يبدأ تلوينها باللون الأحمر يعتصره من شراينه لكي تكون نبراس و حالة انتباه لكل من يريد أن يقدم مرة أخرى على الانقلاب ضد الديمقراطية. نسال الله لهم و لنا الهداية و التوفيق.
zainsalih@hotmail.com
هذا التغيير الذي حدث داخل المجتمع رغم المعاناة، إلا أنه قد خلق وعيا و عقلا جديدا، وعيا مغايرا تماما عن وعي الموروث الثقافي السياسي التقليدي الذي تحتفظ به القيادات التاريخية و القيادات غير المواكبة لعملية التغيير في المؤسسات الحزبية، و قد ظهر بصورة واضحة و عبر عن الفروقات في درجات الوعي في ساحة الاعتصام. هذا التغيير أرادت الأحزاب السودانية التعامل معه بذات العقلية التقليدية، أن تجعلهم رصيدا جماهيريا تدخره لكي تعبر به عندما تواجهها المطبات السياسية، و لا تدرك إن هؤلاء قوى فاعلة لها تخلقاتها الجديدة التي لا تقبل أن تكون أدوات تستخدم فقط عند الحاجة، بل تريد أن تكون جزء من الفاعلية السياسية ، وأن تسهم من خلال طاقاتها الإبداعية، و تشارك في كل مراحل العمل السياسي. لكن للأسف أن العقل السياسي السوداني الذي تكلس و ضمر، و لم يستوعب هذا التغيير. و سارت الأحزاب في غيها. الأمر الذي يؤكد أنها لم تدرك أن هناك تغييرا قد حدث في عقول الشباب. هذا الأمر يستوجب من الأحزاب أن تغيير في طريقة تفكيرها لكي تتلاءم مع التغييرات التي حدثت في المجتمع و وسط الشباب.
أن الخلاف الذي يجري في الساحة السياسية السودانية، سببه فروقات بين الذين وقفت ثقافتهم السياسية عندما كانت تكتسب من أركان النقاش و منابر الخطابة و الإملاءات. و بين عقل يكتسب يوميا معلومات جديدة في كل ضروب الحياة و الثقافة و السياسة. هذه الفروقات هي التي تعقد العمل السياسي، و أصبحت اللغة المتداولة بين الجانبين تختلف حمولاتها المعرفية و الثقافية، المشترك الوحيد أنهم سودانيين. و يتمحور الفرق الجوهري أن الشباب لديهم القدرة على استخدام طاقاتهم الإبداعية عبر أدوات مختلفة، و في اعتقاد أن المجتمع تتفاوت فيه درجة الاستيعاب و أيضا يتم الاستيعاب بصورة كبيرة عندما يتم استخدام أدوات متعددة تلائم كل شخص في الأداة التي يحبها. و هذا يؤكد اتساع أفق الوعي في مجتمع الشباب. هذه مدرسة جديدة كل يوم لها إبداع جديد في عملية التواصل. تختلف عن المدرسة التقليدية التي حددت أدواتها و لا تستطيع أن تتجاوزها.
أن العقل التقليدي السياسي خاصة عقل الانقلابات، لم يستطيع أن يستوعب أن أستمرار الشباب في الخروج ضد الانقلاب هو إيمانهم أن الحرية لكي تؤسس بقوة في المجتمع يجب أن يكون مهرها غالي جدا، لذلك كان أقدامهم على الموت بشجاعة و بسالة منقطعة النظير. معلوم أن الديمقراطية تؤسس على الحوار، و لكنه الحوار الذي يجعل الكل سواسية و ليس هناك من له سهمين دون الأخرين. هل اعتقد العسكر في يوم من الأيام أن يكون هناك شباب بهذه الشجاعة التي يرسمون فيها لوحاتهم الجمالية بجسدهم و هي تستقبل الرصاص كأنه زخات مطر. و أن النياشين على صدور جنرات العسكر تدل على قتل الأبرياء و الغدر. هنا يبدأ الخلاف واضحا بين عقلية تريد أن تحبس نفسها في التخلف و الضلال. و أخرى تتخلق مع جيل جديد يرسم ملامح السودان بصور جمالية فضل أن يبدأ تلوينها باللون الأحمر يعتصره من شراينه لكي تكون نبراس و حالة انتباه لكل من يريد أن يقدم مرة أخرى على الانقلاب ضد الديمقراطية. نسال الله لهم و لنا الهداية و التوفيق.
zainsalih@hotmail.com