رئيس الجبهة الثورية .. تبريراتكم الانقلابية، مردودة عليكم

 


 

 

رئيس الجبهة الثورية .. تبريراتكم الانقلابية، مردودة عليكم
أحياناً، التبريرات التي يسوغها الإنسان لإقناع ذاته، تكون مضحكة وغير مقنعة للآخرين، سيما إن ارتبطت بالغرض، فالغرض مرض، وقديماً قال زهير بن أبى سلمى: "ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم". وكما غنى المطرب العالمي بوب مارلي، وغنى معه الملايين حول العالم، "ليس باستطاعتك استغفال كل الناس على طول الخط".
الدكتور الهادي إدريس، رئيس الجبهة الثورية السودانية، عضو المجلس السيادي "الانقلابي"، أجهد نفسه خلال لقائه مؤخر مع البي بي سي العربية، لإيجاد مسوغات أخلاقية لمشاركتهم في انقلاب 25 أكتوبر والاستمرار فيها، فرمى كلاماً معلباً على عواهنه، ظناً منه أنه سينطلي على الناس، معززاً مرافعاته المضحكة بالتهديد بالعودة للحرب، وكأنه محارب مغوار، وليس أستاذا جامعياً "ملكي" في ثوب قائد عسكري. من المؤسف، أنّ رموز الجبهة الثورية، حتى الشبابية منها، تعاملوا مع امتحان انقلاب البرهان_حميدتي، بمبدأ "خيبة الكتيرة عز"، لذا سقطوا جماعياً في جُب الإنهازية.
قول رئيس الجبهة الثورية، أنه رئيس حركة مسلحة، وفض شراكتهم مع الانقلابين تعني العودة للحرب، ينطوي على محاولة لتغبيش والوعي، أولاً إن كانت الحرب تعني القتل وزهق الأرواح، فها أنتم منذ صبيحة ال 25 من إكتوبر أصبحتم شركاء بالأصالة في القتل شبه اليومي للشباب السوداني الأعزل في الشوارع، الذين يتظاهرون سلمياً وهي ممارسة تكفلها الدستور وتقرها كافة الأعراف الدولية، هذه الشراكة القاتلة، لا مجال للتنصل منها البتة، ناهيك عن محاولاتكم اليائسة في قتل أحلام الشعب السوداني في تأسيس دولته المدنية، بتحريضكم على الانقلاب، واستمراركم فيه، لذا ما من شك أنّ أضرار عودتكم للحرب ميدانياً، أخف على الشعب السوداني من استمراركم في قتل الشباب الأعزل في شوارع مدن السودان الثائرة ضدكم، اللّهم إلاّ إن وجهتم بنادقكم إلى صدور الشعب بأكمله.
ثم ثالثاً كم عدد اتفاقيات السلام التي وقعها ثوار حاملي سلام مع الأنظمة العسكرية الشمولية، واتضحت أنها لا تساوِ حبر طباعتها، من لدن اتفاقية أديس أبابا 72 إلى أتفاق الدوحة 2011م؟ وهل تعتقد أن اتفاق جوبا للسلام التي وقعتموها مع المكون العسكري تكون آخرها؟ وإلي متى تظلون تجربون المجرب؟ ومتى تدركون أنّ لا سلام بدون دولة مدنية ديمقراطية؟
ثم ثانياً أليس السيدين عبدالواحد محمد نور، وعبد العزيز آدم الحلو لا يزالا في ميدان الحرب؟ وظلا سنداً للشعب السوداني في مقاومة الفاشية ومناصريهم، وعضداً للشارع الثائر ضد دعاة الشمولية أمثالكم؟
عبدالعزيز الحلو حامل السلاح، مع وقف إطلاق النار، والآن المناطق المحررة في كاودا أكثر أمناً من الخرطوم والفاشر التي تحولت حاميها (الجبهة الثورية) إلى حراميها! وحسب مصادر خاصة، ممنوع في كاودا حتى حمل السلاح الأبيض الذي لا حاجة للمواطن لحمله!
وعبدالواحد نور قابض على سلاحه، مع وقف إطلاق النار، وضخ وقود الأمل للثوار في الشارع الثائر، وأصبح مع رفيقه الحلو الأمل المتبقي للغلابة في دارفور وربوع الهامش العريض، فإين أنتم أيها الانقلابيون طالبي السلطة الجاه من الرمزين الشريفين؟
الحقيقة التي تحاولون مداراتها، أنكم في الجبهة الثورية، قبضتم ثدي الدولة، وتذوقتم طعم مواردها، ومتى ما فُطمتم عنه، ستواجهون خطر الفناء الثوري، بمعنى أنكم حركات مسلحة فقدت الاستقلالية المالية والإرادة السياسية، فالكل يعلم أن قائد الدعم السريع، باع في الثورية وأشترى، بأموال الذهب الملوث، في دهاليز فنادق جوبا!
وبصفتكم رئيساً للثورية، كنا ننتظر نفيكم للبنود السرّية (تحت التربيزة) التي أفصح عنها السيد مني آركو مناوي، تلك الإفادات التي كشفت كافة نواياكم البراغماتية واللاأخلاقية، أوضحت أنّ اتفاق جوبا للتشفي من "قحت" والانقلاب على الحكومة الانتقالية وليس للسلام، لذا الأفضل لكم أن تظلوا شركاء انقلابيين في صمت، لأن للناس عقول للثورة ذاكرة.
آخر الكلام، خليكم فاكرين، أنّكم واليكم العسكر، وتحالفتم مع قاتلي أهليكم، ومغتصبي السلطة، وأدرتم ظهوركم للشعب السوداني من أجل السلطة والجاه ولا شيء سواهما، والتاريخ لا يرحم أيتها الثورية.
//إبراهيم سليمان//
أقلام متّحدة ــ العدد ــ 40
15 فبراير 2022م

ebraheemsu@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء