24 يناير, 2023
ماذا إن تبّخر الزمن من بين أصابع الإطاري؟
هذا التساؤل تحذيري رغم صيغته التساؤلية، والخواجات يطلقون صفة البطولة على الزمن بقولهم Time is a hero لأنه قادر على صرع كل متغطرس جبّار، وهزيمة كل أجندة متكلّسة.
هذا التساؤل تحذيري رغم صيغته التساؤلية، والخواجات يطلقون صفة البطولة على الزمن بقولهم Time is a hero لأنه قادر على صرع كل متغطرس جبّار، وهزيمة كل أجندة متكلّسة.
في ظل التعقيدات الإقليمية، والتردي الشامل داخليا، من نافلة القول التأكيد على أنّ لا غنى للشعب السودان عن مصر، كخيار شعبي طبيا وعلاجياً، معيشيا وتعليميا، رغم أنّ “أم الدينا” ذات نفسها، الآن تتنفس تحت مياه النيل الشحيحة بعصوبة، وتواجه المجهول، مما يعني أنّ المصرين، أيضا في حاجة للسودان، ومع ذلك يجد “فرعون” مصر، متسعاً لحشر أنفه في الشأن السوداني، بصورة مكثفة، سيما منذ ميلاد مشروع نقابة المحامين للدستور الانتقالي، وتوقيع الاتفاق الإطاري في مطلع شهر ديسمبر الفائت بين مكونات سياسية
يقال، ما غريب إلاّ الشيطان، بمعنى ما لم يطل علينا شيطان بذيله وقرّنيه، فكل ما دون ذلك عادي في دنيانا العجيبة، سيما وأن عالم السياسية عندنا، لن يتوقف عن انجاب المفاجآت، وقيل أنجبت والمنجبات الغرائب، أي الزواج من الغريبات، يثمر إنجاب الرجال، وكأن اتخاذ ساسة بلادنا المواقف السياسية الغريبة، يضمن لتنظيماتهم البقاء على واجهة الساحة.
لم يعد هنالك شخص في داخل البلاد أو خارجه، يحتاج معرفة من يقتل من في دارفور، أو من يحرق مساكن وممتلكات المواطنين في هذه البقعة الملتهبة من الكرة الأرضية، لدرجة توقعنا، أن ترصد قمة الأرض التي انعقدت مؤخرا بشرم الشيخ، ميزانية لتقليل انبعاثات الكربون من حرائق دارفور، التي تقضي على الأخضر واليابس، ومن ثمّ يتسنى للقتلة، التطهير العرقي، والتهجير القسري، تمهيداً لخلق واقع ديمغرافي عابر للدول.
يستغرب أي ذي عقل، لماذا تكتفي الأجهزة الأمنية، سيما اللجنة الأمنية بإقليم دارفور بمهام رجل الإطفاء، وتنتظر وقوع الأحداث الجسام، لتتحرك بتثاقل لتدارك الأمر، والاكتفاء بإنقاذ ما يكمن إنقاذه؟ إذ أنّ كافة الأحداث الدامية، والتي ظلت تتكرر في أرجاء الإقليم بوتيرة شبه ثابتة، لم تحدث بغتةً، وإنما تسبقها تحضيرات ميدانية، وتجميع حشود على مهل، وتُمّهد لها بالحرب الكلامية، وبث الشائعات، ومن ثمّ تقع الواقعة!
متى ما توفّرت حسن النوايا، وابتعدت القوى السياسية عن المزايدة، ليست من مصلحة الثورة أن توضع جميع البيض في سلة “الإطاري”، فالممانعة أو المعارضة المسئولة مطلوبة كخط رجعة، حال أن حاول العسكر اللعب “بقاشاتهم” أو حال أن كررت “قحت” فشلها، في التنفيذ الحرفي لبنود الاتفاق، لذا على القوى الموقعة والممانعة لعب بوليتيكا بشكلٍ فعّال واحترافي.
في البدء نهنئ الشعب السوداني المعّلم، الذي تحدى الصعاب، وصنع التاريخ مرة أخرى، والتحية له، فقد ظل يدهش العالم الذي تحّول إلى قرية إلكترونية، أنه قادر على تدبير أمره، وظل يقدم الدليل تلو الآخر على أنه مختلف، وأن اليأس لن يعتريه، مهما تراكمت المتاريس في مسيرته الشاقة، ومهما علت الحواجز في سبيل تحقيق غاياته النبيلة، في بناء دولة الحُلم، الدولة المدنية الديمقراطية.
خلال كلمته بمناسبة التوقيع على الاتفاق الاطاري من قبل القوى المدنية والعسكرية يوم الاثنين الماضي، الخامس من شهر ديسمبر الجادي، قدّم نائب رئيس المجلس السيادي الانقلابي “الفريق” محمد حمدان دقوا الاعتذار عن عنف وأخطاء الدولة تّجاه المجتمعات عبر مختلف الحقب التاريخية.
اعتدنا على أنّ مخاض الأحداث غالباً ما تأخذ وقتا تثير الشفقة، وأن ولادة التحولات السياسية في بلادنا دائما تكون متعثرة.
ابتداءً من اتفاق مؤتمر المائدة المستدير الموقع في جوبا 1965م، وليس انتهاءً باتفاق جوبا للسلام الموقع بذات المدنية عام 2020م، خلال 55 عاماً، التاريخ شاهد على توقيع ما تجاوز الأربعين اتفاقية سلام على وجه الخصوص، ناهيك عن اتفاقيات الصلح الموقعة بين القبائل السودانية، بغرض فض المواجهات المسلّحة بينها.