الانتقال المهلك
احمد مجذوب البشير
24 February, 2022
24 February, 2022
المشهد الآن... لوحه مهتريه الاطار ..باليه المضمون.. فاقده الملامح..تائهة البوصله..كأننا لانعيش في دوله بها مؤسسات ونظم وقوانين تضبط حركتها وتحزم أمرها وتجمع نظمها..وتحدد علاقتها بين بعضها البعض وبينها و شعبها.. نحن نعيش الآن في عصر الفوضي المطلقه..اينما تيمم وجهك فثمه غياب لمظاهر الدوله ووجودها..دوله لاتحسن شيئا سوي العيش والتطفل علي جيوب الغير..سوي كان هذا الغير شعبها الذي انهكته بكثرة الأعباء التي أثقلت بها كاهله بسبب تخليها عن دورها وواجبها السياسي والأخلاقي..أو كان غيرا من وراء الحدود وعبر المحيطات ..ففي سبيل الحصول علي بضعه ملايين من الدولارات لايغطين حاجة ولايسدن رمق..ولايقمن اود.. تراق الكرامة وتذبح المروة ويذهب بماء الوجه..وتتبدل المواقف وتباع القضايا..ورغم ذلك فالحصيله صفرا كبيرا.. فأزداد الواقع تعقيدا واصبحت المعيشه ضنكا والحياة برمتها صارت جحيما لايطاق..ومن له الاستطاعة يبحث عن الرحيل والخلاص الذاتي..وويل لأمة يفشي فيها التفكير الفردي ويغيب عنها العقل والتفكير الجماعي..فهي حتما أمة للاضمحلال اقرب وللتلاشي اصوب..
لقد كان الادعاء بالاصلاح وتصحيح المسار من مبررات قرارات٢٥ اكتوبر..وان العراقيل التي وضعت في طريق أن تبلغ الفترة الانتقاليه غاياتها قد أزيلت..وان الانطلاقه قد بدأت..هكذا كان الادعاء والمبرر لتلك القرارات..ولكن هل الواقع يشير لتحقق هذه الغايات..أو النذر اليسير منها..بجملة واحده كلا..بل ازداد الأمر تعقيدا وضبابيه وعسرا علي التنبؤ بالمآلات..
سياسيا..تأزم الموقف كثيرا وارتبكت الساحه السياسيه وزاد احتقانها لدرجه ان قياده الجيش لم تستطع أن تكون مجلس سياده الا بعد مرور أكثر من شهرين..وعاجزه حتي الآن عن اختيار رئيس وزراء يتم التوافق عليه ويجد القبول من اغلبيه القوي السياسيه الفاعله في المشهد..ومن جهه اخرى فاض الواقع السياسي واتخم بالمبادرات الداخليه والخارجيه التي تسعي لنزع فتيل الاحتقان بين الفرقاء..
ورغم ذلك لم يظهر في الافق اي بوادر لنجاح أي منها..بل ان النخبه السياسيه العابثه التي تناؤي حكومه الامر الواقع تشظت أكثر فأكثر..والمؤيده لها تقف متفرجه علي الاحداث بعد ما انفض سامر اعتصامها في القصر ونالت مرادها بإقصاء خصومها في المجلس المركزي..لم تفعل شيئا وعجزت من أن تكون حاضنه لحكومتها أو تسد الفراغ الذي خلفه ابعاد خصومها..فأهتبلت مجموعه المجلس المركزي الفرصه فجيرت الشارع وحشدت الشباب ولكن كان ذلك الي حين. وبعدها آل الأمر إلي لجان المقاومه التي استلمت زمام الأمر وسيطرت على الحراك في الشارع بمليونياتها ذات الجداول المعلومه المستمره حتي اليوم .. يحدث كل ذلك دون بارقه امل أو ضوءا في النفق يضع نهايه لهذه العتمه التي تطاولت والظلمه التي استفحلت..والضنك الذي ظلل المواطن البسيط الذي اصيب في امنه وامانه وعيشه وراحه باله..والجميع في شغل عنه فاكهون..بل ان هذه الحكومه العاجزه تلاحق الناس وتمنعهم من الكسب والتربح الحلال .. فكل صاحب شركه او مصنع أو مزرعه أو كنتيين اوحتي كشك..لم يسلم من شرهها وشراستها الجبايئه..فكل من مارس نشاطا في النور وبالطرق القانونيه لاحقته بالضرائب الباهظه والرسوم المرهقه..فأصبحت شريكا ثقيلا في جهده وكده ومكابدته وعرقه..فأزدادت الأعباء علي اي صاحب نشاط اقتصادي ظاهر..فهو مطالب بالايفاء بإلتزاماته الاسريه من صرف علي المعيشه والتعليم والصحه ..والايفاء بإلتزاماته تجاه العاملين معه من موظفين وعمال..وبعد ذلك الصرف علي الحكومه والتزاماتها..الحكومه التي لاتفعل شيئا له مقابل ماتفرضه من أموال علي اي صاحب نشاط اقتصادي..فهي لاتبذل له علاجا اوتعليما أو خدمات مجانيه من مياه أو من كهرباء اومن طرق..كل ذلك مدفوع القيمه مقدما.. والمردود من الخدمه لايتناسب مع ماتم دفعه فيها..ورغم ذلك تريد المزيد وتبدع في اختراع الرسوم الجبايئه..كما الرمل التي لاترتوي من الماء كلما صب عليها الماء احتاجت وطالبت بالمزيد..والحكومه بهذا السلوك لم تدع لاصحاب الانشطه الاقتصاديه الظاهره الا خيارين ..أما اغلاق النشاط الاقتصادي والبحث عن مكان آمن للاستثمار فيه..أو الهروب الي الاماكن المظلمه في النشاط الاقتصادي ذات المردود السريع دون التزام تجاه الدوله..وأقصد بذلك انشطه مثل التهريب والسمسره وغيرها..فلا غرو اذن مع هذا العناء الاقتصادي والعنت المعيشي أن تستفحل ظاهره السمسره التي طالت كل شئ..من الاصول الثابته والمتداولة كالعقارات والأراضي والسيارات الي الاوراق التجاريه كرخص الصادر والوارد والعملات وانتهاءا بالخضر والفاكهه حتي وصل الأمر للاوراق الثبوتيه ..معظم افراد الشعب تحولوا الي سماسره بفضل السياسيه الرشيده لافنديه حكوماتنا المتعاقبه التي بعد عنها الرشد بعد المشرقين..وما ادل علي ذلك من حالة التخبط التي تحدث الآن من الإعلان عن قرارات الزياده في بعض السلع والخدمات ومن ثم النكوص والتراجع عنها..فإلي ماذا نعزو هذا الارتباك؟ إلي عشوائيه القرار الذي اتخذ بدون دراسه..ام الي الخوف من ردات الفعل؟ في كلا الحالين يدل الأمر علي خفه وزن متخذ القرار اي كان وزيرا أو وكيلا أو أي كان..فمتخذ القرار الواثق من قراره..كما امتلك الجراءة علي اتخاذ القرار الصعب يمتلك القدرة والمنطق كذلك علي إقناع الشعب بقوه حجته واسبابه التي دعته لاتخاذ هذا القرار..ولكن يبدو أننا نفتقد الي شخصيات بهذه القدرات في اماكن اتخاذ القرار..
خلاصه القول إن إدارة شأن بلد مثل السودان يمور بالتعقيدات السياسيه والاجتماعيه والامنيه يحتاج لقيادات بمواصفات خاصه لم تتوفر للاسف حتي الآن..قياده تستثمرخيراته الظاهره والباطنه وتضع من السياسات مايحفز علي الإنتاج الوفير الذي يكفي البلاد ويصدر فائضه عائدا للحزينه العامه
تكفيه ذل السؤال ومد اليد السفلي للآخرين ..انتاج لايحوجنا للتسلل لواذا من وراء ظهر الشعب صاحب المصلحه الحقيقيه لإبرام الاتفاقيات المجهوله الاجنده مع الدولة العنصريه الانموذج التي تقتل الاطفال وتهجر المواطنين ظلما وعدوانا.. نضع أيدينا في يدها بحجه المصلحه العامه (كلمه حق اريد بها باطل) متي تحققت اي مصلحه مع من سبقونا في هذا الطريق..اي مصلحه في تعاون أمني استخباراتي كما أفصح رئيس مجلس السيادي دون أن يرمش له جفن مع هذا الكيان الضار الضرار..اذا كنت تعني مصلحه اقتصاديه بحيث يكون التطبيع مع هذا الكيان مفتاحا للعالم ..فهذه ثلاث سنوات قد تصرمت وما ازداد الامر الا عنتا وضنكا.. فإي مصلحه ترجونها.. والادانات والعقوبات وتوقف المساعدات قد أحاطت بك بسبب ما فعلته من قرارات في ٢٥ اكتوبر ..فهل شفعت لك الهروله والسعي للارتماء في احضانهم..من غضبتهم عليك..كلا لم تشفع لك كما لم تشفع لرفيقك وسميك حمدوك من قبل. الذي هرول إليهم بعد أدائه القسم مباشرة بعد تسنمه المنصب في اغسطس٢٠١٩..آملا أن يستقبلوه استقبال الابطال الفاتحين ..ومن ثم تنهمر عليه الأموال وتغدغ عليه الاعانات و العطايا..ولكنه رجع حاسرا كسيرا كسيفا.. وفي جعبته عبء ٣٠٠ مليون دولار يجب أن تدفع من هذا الشعب الفقير المعدم حتي يتم الرضا عنه..هذا كان درسا لك ولمن هم علي شاكلتك ولكنكم قوم لاتعتبرون..
لقد ظللنا نكتب ونقول مرارا وتكرارا منذ أن اذن الله لهذا القلم أن يسطر حرفا ..انه ما خاب من عول علي شعبه واحتمي به.. فالحكومات الرشيده تستند علي شعوبها وتتقوي بها.. وتضع من الوسائل مايجعل هذه الشعوب تخرج أقصي مكنوناتها وذخائرها..وبعدها تخرج للعالم رافعه رأسها شامخه تؤدي دورها مع الآخرين كتف بكتف واراده مقابل اراده..تشغل حيزا معتبرا ودورا مقدرا..بين الشعوب.. دون التسفل باليد والسريان وفق ثقافه القطيع..والي أن يحين موعدنا مع هذا المرقي سوف نسعي اولا لتتولي أمرنا إدارة راشده تحكم رشدا وتفانيا.
ameinmusa@gmail.com