لجان المقاومة مطلوب منها فكر ليس مسبوق بعهد
طاهر عمر
9 March, 2022
9 March, 2022
هناك علاقة عكسية ما بين ظهور حمدوك على المشهد السياسي و صعود نجم سعد لجان المقاومة و لم يغب نجم سعد حمدوك إلا عندما لم يطرح ما ينبغي طرحه من فكر مواكب و قادر على جسر الهوة ما بين كساد الفكر بين النخب السودانية و ما ينبغي ان يكون عليه حال الفكر كما هو عليه في المجتمعات التي عرفت الحداثة و فكر عقل الانوار و عليه كان ينبغي ان يكون مسرح حمدوك نشاط يفتح على مفهوم الدولة الحديثة التي لا تكون بغير فكر معاصر يستطيع أن يضبط العلاقة ما بين الفرد في صراعه الواعي مع المجتمع حيث تسوقه معادلة الحرية و العدالة.
حمدوك جاء عبر حاضنة كاسدة و كسادها قد تجسّد في إقتناعهم بمسألة الشركة في حكم الانتقالية مع لجنة البشير الامنية و لو إنتبه حمدوك لعرف بان قبول حاضنته بالشراكة مع العسكر ما هي إلا علامة واضحة على ان حاضنته خالية الوفاض من اي فكر يفضي الى إعادة ملامح الدولة التي تقود التحول الاجتماعي و التحول الديمقراطي و حينها كان على حمدوك طرح فكر مواكب على حاضنة سياسية تبحث على من ينقذها من جهلها و عدم مواكبتها للفكر و هنا تتغابى النخب السودانية و لا تريد أن تجابه نفسها بانها في مستوى فكر متدني مقارنة بمواكب البشرية أم أن مستوى الفكر المتدني يجعلها تجهل حالها الذي هي عليه أي بأن ما تقدمه من فكر ليس له علاقة بالحاضر؟
لذلك في سيطرة تدني الفكر بين النخب ظهر المثقف التراجيدي الذي يطرح مشاريع هو ذات نفسه مقتنع على عدم مقدرته على تحقيقها كما رأينا أتباع النسخة الشيوعية السودانية و كيف ما زالت متمركزة في عدم ايمانها بفكرة الدولة من الاساس و رأينا كيف كانت نخب الحزب الشيوعية في خفة و لفة و في زمن حكومة انتقالية كحكومة حمدوك ينشطون لاسقاطها أذن ما الفرق بينهم و بين تآمر البرهان مع عصابات الاجرام و إنفلات الامن و كذلك تآمر البرهان مع ناظر البجة لتحقيق إنقلابه. النخب الشيوعية السودانية في مسألة نشاطها لاسقاط انتقالية حمدوك قد قدمت خدمة مجانية للبرهان و حميدتي لانجاح إنقلابهم الفاشل و الغريبة يقول الشيوعيون السودانيون أنهم يفهمون في السياسة و لو كان كذلك لما تحجروا في فكر قد تخطته فلسفة التاريخ الحديثة و هذا ما ينبغي ان يكون عليه خط الفكر في السودان في السنوات القادمة.
و بالمناسبة حاضنة حمدوك السياسية كانت تبحث عن من ينقذها من جهلها و للأسف إختيارها لحمدوك لم يكن موفق لأنه هو نفسه مشوش و مضطرب و قد قلنا ذلك في عدة مقالات بان حمدوك كاقتصادي قد صادف قلب الثورة و لكنه لم يصادف عقل الثورة الذي ينتج فكر معاصر يجعله في مصاف مفكري العالم اليوم. لذلك نجح حمدوك في إعادة السودان الى حضن المجتمع الدولي و فشل في أن يرفع الغطاء عن وجه الدولة لكي تستبين ملامح الدولة الحديثة التي تستطيع عبر وزارة المالية و سيطرتها على الثورة و عبر بنكها المركزي تستطيع تنفيذ سياساتها المالية و سياساتها النقدية التي تستطيع عبرها خلق الثروة و أهم من ذلك كان ينتظر حمدوك تقديم فكر سياسي نتاج معرفته بأهمية علم الاجتماع كبعد معرفي و هذا يساعد في خلق و فتح قنوات تساعد في إعادة توزيع الثروة و هذا أهم من خلق الثروة هي مسألة خلق فلسفة تعيد توزيع الثروة و تكون معاصرة و ليست كما في ممالك الخليج و اماراتها و سلطانتهم التي عفاتها النفس الانسانية كدول ريعية.
نحن نريد دولة حديثة لا يريدها لنا ملوك السعودية و سلاطين الخليج و اماراتهم و لا حاكم مصر الذي يريد ان يؤسس لنظام حكم تسلطي في مصر كما يفعل السيسي كأغبى رئيس يمر على مصر و ها هم أحرار العالم قد وقفوا مع الشعب السوداني في مسيرته باتجاه الحرية و لكن الغائب هو أن تطل شخصية تاريخية تستطيع أن تعبر بالسودان و الشعب السوداني الى حيز الانسانية التاريخية و الانسان التاريخي و هذا يتطلب مفارقة فكر أحزاب وحل الفكر الديني المسيطرة على المشهد الفكري في السودان و عجزت عن ان تستوعب ثقافة علمانية تؤسس لفكرة العيش المشترك.
و كذلك بسبب سيطرة نخب الحزب الشيوعي السوداني و اصدقاءهم على صمام الفكر في السودان و قد داوموا على ضخ فكر فاسد و متكلس في شرايين الفكر السوداني و أصروا على عبادة نصوص كانت نتاج فكر ماركس الذي غاب عنه و فشل ماركس في جسر ما بين التجريبية الانجليزية كفلسفة و الفلسفة المثالية الألمانية حيث نجح عمانويل كانط في جسر الفلسفة التجريبة و المثالية الالمانية بعد إطلاعه على فلسفة ديفيد هيوم و هضمه لأفكار أدم اسمث في نظرية المشاعر الاخلاقية و من هنا لم يستوعب الشيوعي السوداني بان مسألة إضطراد التاريخ و العقل في الهيغلية و الماركسية لم ينتج غير فكر لاهوتي غائي ديني كما رأينا فكر أفق الحزب الشيوعي السوداني الذي لم يستوعب بعد بأن حل مشكلة الماركسية و الهيغلية قد طرحه عمانويل كانط في أنثروبولوجيا كانط في مسألة أن الفرد بالضرورة اخلاقي و عقلاني و كذلك نجد في علم اجتماع منتسكيو ما يؤكد على اخلاقية و عقلانية الفرد.
و لهذا إن تسلّط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة و بفكره المتكلس الذي ليس له ادنى علاقة بما ينبغي يكون عليه مستقبل السودان سيكون بمثابة تكرار لعلاقة حمدوك بحاضنته الفاشلة و هنا تبدو عكسية العلاقة حيث كانت تنتظر حاضنة حمدوك من ينقذها من جهلها و هذا الذي لم يفعله حمدوك و كبى معهم في أرض المعركة و الآن لجان المقاومة صاحبة مبادرة تستشرف المستقبل و تسلط الحزب الشيوعي على أفقها سوف يغطي آفاقها بجهل رواده عديمي الموهبة حيث تتضح علامات نواقص عبقريتهم في تعمدهم و تكلفهم الزائد في أنهم من ينقذ الوطن و هيهات لأن خلاص الوطن لم يكن يوم على درب الماركسية و الهيغلية السودانية و إصرارها على طردية العلاقة ما بين العقل و التاريخ.
أضف الى ذلك غياب المفكر النابه من بين صفوف الشيوعيين السودانيين حيث نجدهم و منذ منتصف الستينيات من القرن المنصرم في حالة تماهي مع الخطاب الديني و نجد ذلك في محاولة الاستاذ عبد الخالق في محاولة بحث عن دور للدين في السياسة و هذا ما سار على خطه محمد ابراهيم نقد في الثمانينيات و هو حوار الدولة المدنية و قد اوصله الى علمانية محابية للأديان و هذا قمة التوفيق الكاذب الذي يخدم الترقيع في وقت نجد أن معارك الفكر سواء كانت أيام عبد الخالق أو أيام محمد ابراهيم نقد كانت معارك فكرية و في جميع انحاء العالم تدور فيها رحى الثورة الخفية التي تتحدث عن المجتمعات الحديثة حيث تتضح فكرة الديمقراطية الليبرالية بانها أفق السياسة في زمن الحداثة و يعبرعنها الفكر السياسي نتاج فلسفة التاريخ الحديثة التي لا نجد لها أثر في فكر الشيوعيين السودانيين.
و لهذا نجد ان الشيوعيين السودانيين بنسختهم المتكلسة مصنفيين من قبل علماء الاجتماع بأنهم لا يختلفون عن أتباع التيارات الاسلامية و النازية و الفاشية و لا تنتج نسختهم غير نظم شمولية و دليلنا على ذلك منذ ما يزيد على ثلاثة أرباع القرن لم يقدم الحزب الشيوعي غير ثلاثة أشخاص على رئاسته و هم عبد الخالق محجوب و محمد ابراهيم نقد و الخطيب فما الفرق بينهم و حزب الصادق المهدي و بأي حق يتحدثون عن الديمقراطية و هذا مستوى حزبهم في ممارستها؟
و لهذا السبب نقول بأن تسلط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة و محاولة تسربه من بين خلاياها و هو يتوق الى الحكم يعتبر مؤشر على تدني الوعي بين النخب السودانية و بالمناسبة محاولة الحزب الشيوعي لنشر أفكاره و عبرها يحاول نشر أفكاره التي لا تؤمن بفكرة الدولة من الاساس يعتبر مؤشر على ان القيادة التي تقود هذا الحزب خرقاء و ما زالت في ستسنيات القرن المنصرم و لا تشبهها إلا عقلية ثورة الشباب في فرنسا في عدم ايمانها بفكرة الدولة و عدم فهمها لظاهرة السلطة و لكن قادة ثورة الشباب قد عرفوا لاحقا بان أفكارهم في محاربة مفهوم الدولة و عدم فهمهم لظاهرة السلطة كانت واحدة من طيش الشباب فماذا يقول ديناصورات الحزب الشيوعي السوداني و هم يظنون بان طرح فكرهم لحكم السودان عبر برامج سياسية و اقتصادية و اجتماعية تنافي و تجافي مفهوم الدولة الحديثة و لا تفهم مفهوم السلطة كمفهوم حديث وفقا لفلسفة التاريخ الحديثة.
لذلك نقول بان حالة ظرف السودان لا تستحمل الاستهبال السياسي الذي يقوم به قادة الحزب الشيوعي و مشروعهم السياسي الذي يريدون تطبيقه و هم في ثياب لجان المقاومة لا يدل على أن هذه القيادة للحزب الشيوعي قد بلغت درجة النضج و الوعي الذي يجعلها تفهم بان المجتمعات الحديثة عندما تتحدث عن الديمقراطية تتحدث عن الفكر الليبرالي بعيدا عن اللف و الدوران و محاولة ارساء مفاهيم لا يتبعها إلا الشموليين كاتباع الحزب الشيوعي السوداني و لاسباب كثيرة منها غياب التفكير النقدي الذي ساهموا في غيابه بسبب سيطرتهم على صمام الوعي عبر أزمنة طويلة و في غياب القارئ المدرب قد سيطروا على مسارب الوعي وبالتالي لم ينشروا غير الوعي الزائف فهم يتحدثون عن الديمقراطية و لا يقصدون بها الديمقراطية الليبرالية التي قد أصبحت روح المجتمعات الحديثة و قلب فكر الحداثة.
لهذا يعتبر حديثهم عن برنامج اسعافي و لن يحكمنا البنك الدولي و فكرة التعاونيات هي حيلة عديم الحيلة و هم يظنون عبرها تحقيق برنامجهم الذي يؤسس لفكرة تحطيم مفهوم الدولة و مفهوم السلطة كروح لظاهرة المجتمع البشري و من هنا نقول لللشيوعيين السودانيين ان مستقبل السودان ليس له علاقة بأفكارهم البتة و عليكم ان تفهموا بأن السودان و المجتمع السوداني بعد ثورة ديسمبر أصبح و بصورة واضحة على اعتاب قطيعة مع أفكاركم لأن العالم قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني في منتصف اربعينيات القرن المنصرم قد فارق الأفكار التي تتخذونها أفق لا يمكن تجاوزه و بعدين عقدين من الزمان في منتصف الستيميات أيام كان الاستاذ عبد الخالق يبحث لدور للدين في السياسة السودانية ظهرت أفكار كلود لوفرت و كانت ترتكز على فن القراءة و فن الكتابة و قد فارق بها أفكار النسخة الشيوعية السودانية و قبله ادغار موران قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني فارق خط الشيوعية بشكلها و بريقها الذي يعمي كما وصفها ريجيس دوبريه و أضاف بانها نظرة تفاؤلية مريضة و عمياء و بعد أدغار موران كان دور كل كلود ليفي أشتروس و ريموند ارون و دورهم في إسكات سارتر كأكبر مدافع عن الشيوعية كنظام شمولي و معهم في خط موازي كان ألبرت كامي قد فارق خط سارتر كمدافع عن الشيوعية و في منتصف الثمانينيات كانت فلسفة لوك فيري و هجومه على فلاسفة ما بعد الحداثة و كيف كانت أفكارهم تدور حول محاولة تحطيم فكرة الدولة و القفز على مفهوم السلطة كنتاج للظواهر الاجتماعية مثل ما يفعل الحزب الشيوعي السوداني اليوم و نحن ما زلنا حبيسي وهم الأصنام الذهنية لمفكري الشيوعية السودانية و قد رأيناها قد منحت الساحة السودانية صاحب أدب معارضة المعارضة و ما زال يعيد نشر مقالات كتبت في منتصف الستينيات أيام كلود لوفرت و منهجه في فن القراءة و حقيقة إعادة نشره لمقالات كتبت في منتصف الستينيات قد جعلته شخص يوصف بأنه كثير كثرة مبالغ فيها إلا أنها كثرة الثقيل الذي يوجد في كل مكان دون أن يضيف شئ غير ترديد غناءه إحتفاء بزيارة السائحيين و الدبابين له حبايبي الحلوين أهلنا جوني و أنا ما قايل حلوين زي ديل بزوروني ثم يردفها بأغنية كلام الحب كل قلتوه بس كلامي أنا ما عرفتوه و كان حينها في صحبة الاسلاميين و قد كرموه و في مقدمتهم خالد موسى دفع الله و السر السيد و غسان علي عثمان .
بالمناسبة جاء الوقت لكي تتخلص الساحة السودانية من أفكار الحزب الشيوعي السوداني و أول الفرص هي بان يعرف الجميع بان الحزب الشيوعي السوداني يريد أن يحقن حقنة السم في شريايين لجان المقاومة و يريد أن يعيدنا الى زمن قد فارقته مواكب البشرية و يريد الحزب الشيوعي السوداني ان يقيد الساحة الفكرية و يجعلها في مستوى الحزب الذي ما زال يواجه سؤال الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر؟ ما يجعلنا نقول ما نقول لان الساحة الىن قد خلت من المفكر و لم يبقى غير المتهافتين على السلطة كما يفعل الحزب الشيوعي السوداني محاولا التخفي في ثياب لجان المقاومة و نحن نقول لهم بانها محاولة خرقاء كمحاولتكم لاسقاط حكومة حمدوك الانتقالية و قد جعلكم فعلكم الطائش في صف واحد مع الفلول و ناظر البجة ترك في انجاح إنقلاب البرهان الفاشل. و نقول لهم بأن الساحة السودانية الىن تحتاج لفكر ليس مسبوق بغير بعهد ما قال رينيه شال ذات يوم بأن اوروبا قد فارقت تاريخها القديم و لم تعد ذاكرتها تسفعها في مواجهة مستقبلها فقد توجب عليها أن تجابه بفكر ليس له تراث يعتمد عليه فكر جديد و هذا هو حال السودان الآن فانه يحتاج لفكر قطعا لن يخرج من صيدلية الحزب الشيوعيس و أحزاب وحل الفكر الديني.
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////
حمدوك جاء عبر حاضنة كاسدة و كسادها قد تجسّد في إقتناعهم بمسألة الشركة في حكم الانتقالية مع لجنة البشير الامنية و لو إنتبه حمدوك لعرف بان قبول حاضنته بالشراكة مع العسكر ما هي إلا علامة واضحة على ان حاضنته خالية الوفاض من اي فكر يفضي الى إعادة ملامح الدولة التي تقود التحول الاجتماعي و التحول الديمقراطي و حينها كان على حمدوك طرح فكر مواكب على حاضنة سياسية تبحث على من ينقذها من جهلها و عدم مواكبتها للفكر و هنا تتغابى النخب السودانية و لا تريد أن تجابه نفسها بانها في مستوى فكر متدني مقارنة بمواكب البشرية أم أن مستوى الفكر المتدني يجعلها تجهل حالها الذي هي عليه أي بأن ما تقدمه من فكر ليس له علاقة بالحاضر؟
لذلك في سيطرة تدني الفكر بين النخب ظهر المثقف التراجيدي الذي يطرح مشاريع هو ذات نفسه مقتنع على عدم مقدرته على تحقيقها كما رأينا أتباع النسخة الشيوعية السودانية و كيف ما زالت متمركزة في عدم ايمانها بفكرة الدولة من الاساس و رأينا كيف كانت نخب الحزب الشيوعية في خفة و لفة و في زمن حكومة انتقالية كحكومة حمدوك ينشطون لاسقاطها أذن ما الفرق بينهم و بين تآمر البرهان مع عصابات الاجرام و إنفلات الامن و كذلك تآمر البرهان مع ناظر البجة لتحقيق إنقلابه. النخب الشيوعية السودانية في مسألة نشاطها لاسقاط انتقالية حمدوك قد قدمت خدمة مجانية للبرهان و حميدتي لانجاح إنقلابهم الفاشل و الغريبة يقول الشيوعيون السودانيون أنهم يفهمون في السياسة و لو كان كذلك لما تحجروا في فكر قد تخطته فلسفة التاريخ الحديثة و هذا ما ينبغي ان يكون عليه خط الفكر في السودان في السنوات القادمة.
و بالمناسبة حاضنة حمدوك السياسية كانت تبحث عن من ينقذها من جهلها و للأسف إختيارها لحمدوك لم يكن موفق لأنه هو نفسه مشوش و مضطرب و قد قلنا ذلك في عدة مقالات بان حمدوك كاقتصادي قد صادف قلب الثورة و لكنه لم يصادف عقل الثورة الذي ينتج فكر معاصر يجعله في مصاف مفكري العالم اليوم. لذلك نجح حمدوك في إعادة السودان الى حضن المجتمع الدولي و فشل في أن يرفع الغطاء عن وجه الدولة لكي تستبين ملامح الدولة الحديثة التي تستطيع عبر وزارة المالية و سيطرتها على الثورة و عبر بنكها المركزي تستطيع تنفيذ سياساتها المالية و سياساتها النقدية التي تستطيع عبرها خلق الثروة و أهم من ذلك كان ينتظر حمدوك تقديم فكر سياسي نتاج معرفته بأهمية علم الاجتماع كبعد معرفي و هذا يساعد في خلق و فتح قنوات تساعد في إعادة توزيع الثروة و هذا أهم من خلق الثروة هي مسألة خلق فلسفة تعيد توزيع الثروة و تكون معاصرة و ليست كما في ممالك الخليج و اماراتها و سلطانتهم التي عفاتها النفس الانسانية كدول ريعية.
نحن نريد دولة حديثة لا يريدها لنا ملوك السعودية و سلاطين الخليج و اماراتهم و لا حاكم مصر الذي يريد ان يؤسس لنظام حكم تسلطي في مصر كما يفعل السيسي كأغبى رئيس يمر على مصر و ها هم أحرار العالم قد وقفوا مع الشعب السوداني في مسيرته باتجاه الحرية و لكن الغائب هو أن تطل شخصية تاريخية تستطيع أن تعبر بالسودان و الشعب السوداني الى حيز الانسانية التاريخية و الانسان التاريخي و هذا يتطلب مفارقة فكر أحزاب وحل الفكر الديني المسيطرة على المشهد الفكري في السودان و عجزت عن ان تستوعب ثقافة علمانية تؤسس لفكرة العيش المشترك.
و كذلك بسبب سيطرة نخب الحزب الشيوعي السوداني و اصدقاءهم على صمام الفكر في السودان و قد داوموا على ضخ فكر فاسد و متكلس في شرايين الفكر السوداني و أصروا على عبادة نصوص كانت نتاج فكر ماركس الذي غاب عنه و فشل ماركس في جسر ما بين التجريبية الانجليزية كفلسفة و الفلسفة المثالية الألمانية حيث نجح عمانويل كانط في جسر الفلسفة التجريبة و المثالية الالمانية بعد إطلاعه على فلسفة ديفيد هيوم و هضمه لأفكار أدم اسمث في نظرية المشاعر الاخلاقية و من هنا لم يستوعب الشيوعي السوداني بان مسألة إضطراد التاريخ و العقل في الهيغلية و الماركسية لم ينتج غير فكر لاهوتي غائي ديني كما رأينا فكر أفق الحزب الشيوعي السوداني الذي لم يستوعب بعد بأن حل مشكلة الماركسية و الهيغلية قد طرحه عمانويل كانط في أنثروبولوجيا كانط في مسألة أن الفرد بالضرورة اخلاقي و عقلاني و كذلك نجد في علم اجتماع منتسكيو ما يؤكد على اخلاقية و عقلانية الفرد.
و لهذا إن تسلّط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة و بفكره المتكلس الذي ليس له ادنى علاقة بما ينبغي يكون عليه مستقبل السودان سيكون بمثابة تكرار لعلاقة حمدوك بحاضنته الفاشلة و هنا تبدو عكسية العلاقة حيث كانت تنتظر حاضنة حمدوك من ينقذها من جهلها و هذا الذي لم يفعله حمدوك و كبى معهم في أرض المعركة و الآن لجان المقاومة صاحبة مبادرة تستشرف المستقبل و تسلط الحزب الشيوعي على أفقها سوف يغطي آفاقها بجهل رواده عديمي الموهبة حيث تتضح علامات نواقص عبقريتهم في تعمدهم و تكلفهم الزائد في أنهم من ينقذ الوطن و هيهات لأن خلاص الوطن لم يكن يوم على درب الماركسية و الهيغلية السودانية و إصرارها على طردية العلاقة ما بين العقل و التاريخ.
أضف الى ذلك غياب المفكر النابه من بين صفوف الشيوعيين السودانيين حيث نجدهم و منذ منتصف الستينيات من القرن المنصرم في حالة تماهي مع الخطاب الديني و نجد ذلك في محاولة الاستاذ عبد الخالق في محاولة بحث عن دور للدين في السياسة و هذا ما سار على خطه محمد ابراهيم نقد في الثمانينيات و هو حوار الدولة المدنية و قد اوصله الى علمانية محابية للأديان و هذا قمة التوفيق الكاذب الذي يخدم الترقيع في وقت نجد أن معارك الفكر سواء كانت أيام عبد الخالق أو أيام محمد ابراهيم نقد كانت معارك فكرية و في جميع انحاء العالم تدور فيها رحى الثورة الخفية التي تتحدث عن المجتمعات الحديثة حيث تتضح فكرة الديمقراطية الليبرالية بانها أفق السياسة في زمن الحداثة و يعبرعنها الفكر السياسي نتاج فلسفة التاريخ الحديثة التي لا نجد لها أثر في فكر الشيوعيين السودانيين.
و لهذا نجد ان الشيوعيين السودانيين بنسختهم المتكلسة مصنفيين من قبل علماء الاجتماع بأنهم لا يختلفون عن أتباع التيارات الاسلامية و النازية و الفاشية و لا تنتج نسختهم غير نظم شمولية و دليلنا على ذلك منذ ما يزيد على ثلاثة أرباع القرن لم يقدم الحزب الشيوعي غير ثلاثة أشخاص على رئاسته و هم عبد الخالق محجوب و محمد ابراهيم نقد و الخطيب فما الفرق بينهم و حزب الصادق المهدي و بأي حق يتحدثون عن الديمقراطية و هذا مستوى حزبهم في ممارستها؟
و لهذا السبب نقول بأن تسلط الحزب الشيوعي السوداني على أفق لجان المقاومة و محاولة تسربه من بين خلاياها و هو يتوق الى الحكم يعتبر مؤشر على تدني الوعي بين النخب السودانية و بالمناسبة محاولة الحزب الشيوعي لنشر أفكاره و عبرها يحاول نشر أفكاره التي لا تؤمن بفكرة الدولة من الاساس يعتبر مؤشر على ان القيادة التي تقود هذا الحزب خرقاء و ما زالت في ستسنيات القرن المنصرم و لا تشبهها إلا عقلية ثورة الشباب في فرنسا في عدم ايمانها بفكرة الدولة و عدم فهمها لظاهرة السلطة و لكن قادة ثورة الشباب قد عرفوا لاحقا بان أفكارهم في محاربة مفهوم الدولة و عدم فهمهم لظاهرة السلطة كانت واحدة من طيش الشباب فماذا يقول ديناصورات الحزب الشيوعي السوداني و هم يظنون بان طرح فكرهم لحكم السودان عبر برامج سياسية و اقتصادية و اجتماعية تنافي و تجافي مفهوم الدولة الحديثة و لا تفهم مفهوم السلطة كمفهوم حديث وفقا لفلسفة التاريخ الحديثة.
لذلك نقول بان حالة ظرف السودان لا تستحمل الاستهبال السياسي الذي يقوم به قادة الحزب الشيوعي و مشروعهم السياسي الذي يريدون تطبيقه و هم في ثياب لجان المقاومة لا يدل على أن هذه القيادة للحزب الشيوعي قد بلغت درجة النضج و الوعي الذي يجعلها تفهم بان المجتمعات الحديثة عندما تتحدث عن الديمقراطية تتحدث عن الفكر الليبرالي بعيدا عن اللف و الدوران و محاولة ارساء مفاهيم لا يتبعها إلا الشموليين كاتباع الحزب الشيوعي السوداني و لاسباب كثيرة منها غياب التفكير النقدي الذي ساهموا في غيابه بسبب سيطرتهم على صمام الوعي عبر أزمنة طويلة و في غياب القارئ المدرب قد سيطروا على مسارب الوعي وبالتالي لم ينشروا غير الوعي الزائف فهم يتحدثون عن الديمقراطية و لا يقصدون بها الديمقراطية الليبرالية التي قد أصبحت روح المجتمعات الحديثة و قلب فكر الحداثة.
لهذا يعتبر حديثهم عن برنامج اسعافي و لن يحكمنا البنك الدولي و فكرة التعاونيات هي حيلة عديم الحيلة و هم يظنون عبرها تحقيق برنامجهم الذي يؤسس لفكرة تحطيم مفهوم الدولة و مفهوم السلطة كروح لظاهرة المجتمع البشري و من هنا نقول لللشيوعيين السودانيين ان مستقبل السودان ليس له علاقة بأفكارهم البتة و عليكم ان تفهموا بأن السودان و المجتمع السوداني بعد ثورة ديسمبر أصبح و بصورة واضحة على اعتاب قطيعة مع أفكاركم لأن العالم قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني في منتصف اربعينيات القرن المنصرم قد فارق الأفكار التي تتخذونها أفق لا يمكن تجاوزه و بعدين عقدين من الزمان في منتصف الستيميات أيام كان الاستاذ عبد الخالق يبحث لدور للدين في السياسة السودانية ظهرت أفكار كلود لوفرت و كانت ترتكز على فن القراءة و فن الكتابة و قد فارق بها أفكار النسخة الشيوعية السودانية و قبله ادغار موران قبل قيام الحزب الشيوعي السوداني فارق خط الشيوعية بشكلها و بريقها الذي يعمي كما وصفها ريجيس دوبريه و أضاف بانها نظرة تفاؤلية مريضة و عمياء و بعد أدغار موران كان دور كل كلود ليفي أشتروس و ريموند ارون و دورهم في إسكات سارتر كأكبر مدافع عن الشيوعية كنظام شمولي و معهم في خط موازي كان ألبرت كامي قد فارق خط سارتر كمدافع عن الشيوعية و في منتصف الثمانينيات كانت فلسفة لوك فيري و هجومه على فلاسفة ما بعد الحداثة و كيف كانت أفكارهم تدور حول محاولة تحطيم فكرة الدولة و القفز على مفهوم السلطة كنتاج للظواهر الاجتماعية مثل ما يفعل الحزب الشيوعي السوداني اليوم و نحن ما زلنا حبيسي وهم الأصنام الذهنية لمفكري الشيوعية السودانية و قد رأيناها قد منحت الساحة السودانية صاحب أدب معارضة المعارضة و ما زال يعيد نشر مقالات كتبت في منتصف الستينيات أيام كلود لوفرت و منهجه في فن القراءة و حقيقة إعادة نشره لمقالات كتبت في منتصف الستينيات قد جعلته شخص يوصف بأنه كثير كثرة مبالغ فيها إلا أنها كثرة الثقيل الذي يوجد في كل مكان دون أن يضيف شئ غير ترديد غناءه إحتفاء بزيارة السائحيين و الدبابين له حبايبي الحلوين أهلنا جوني و أنا ما قايل حلوين زي ديل بزوروني ثم يردفها بأغنية كلام الحب كل قلتوه بس كلامي أنا ما عرفتوه و كان حينها في صحبة الاسلاميين و قد كرموه و في مقدمتهم خالد موسى دفع الله و السر السيد و غسان علي عثمان .
بالمناسبة جاء الوقت لكي تتخلص الساحة السودانية من أفكار الحزب الشيوعي السوداني و أول الفرص هي بان يعرف الجميع بان الحزب الشيوعي السوداني يريد أن يحقن حقنة السم في شريايين لجان المقاومة و يريد أن يعيدنا الى زمن قد فارقته مواكب البشرية و يريد الحزب الشيوعي السوداني ان يقيد الساحة الفكرية و يجعلها في مستوى الحزب الذي ما زال يواجه سؤال الحزب الشيوعي نحروه أم انتحر؟ ما يجعلنا نقول ما نقول لان الساحة الىن قد خلت من المفكر و لم يبقى غير المتهافتين على السلطة كما يفعل الحزب الشيوعي السوداني محاولا التخفي في ثياب لجان المقاومة و نحن نقول لهم بانها محاولة خرقاء كمحاولتكم لاسقاط حكومة حمدوك الانتقالية و قد جعلكم فعلكم الطائش في صف واحد مع الفلول و ناظر البجة ترك في انجاح إنقلاب البرهان الفاشل. و نقول لهم بأن الساحة السودانية الىن تحتاج لفكر ليس مسبوق بغير بعهد ما قال رينيه شال ذات يوم بأن اوروبا قد فارقت تاريخها القديم و لم تعد ذاكرتها تسفعها في مواجهة مستقبلها فقد توجب عليها أن تجابه بفكر ليس له تراث يعتمد عليه فكر جديد و هذا هو حال السودان الآن فانه يحتاج لفكر قطعا لن يخرج من صيدلية الحزب الشيوعيس و أحزاب وحل الفكر الديني.
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////