المثقف السوداني و إجادة دور الأبلم

 


 

طاهر عمر
25 March, 2022

 

يتحدث كثر عن دور الأقلية الخلاقة التي تلعب دور إستشراف المستقبل للشعب يعني أن تفهم ما ينبغي ان يكون عليه حال المجتمع في المستقبل على المدى القصير و المتوسط و الطويل هذه الاقلية الخلاقة تعرف أن دورها يكمن في قراءة ما يوحيه لها المجتمع على ضؤ الظواهر الاجتماعية. هذه الأقلية الخلاقة ليس من بينهم من يعتقد أن من يقوم بالتغيير هو المثقف و المفكر و القادة و النخب بل تعرف أن من يقوم بالتغيير هو الشعب و ما دور الاقلية الخلاقة غير إنزال ما يريده المجتمع على أرض الواقع وفقا للظواهر الاجتماعية و ما تمليه من تحول في المفاهيم و ترصد هذه الاقلية الخلاقة أهم المحطات التي تتضح فيها الرؤيا للمجتمع و ينضج الهدف في سيرها باتجاه التغيير و دورها يكمن أيضا في إماطة الأذى عن الطريق.
و في حالة الشعب السوداني بعد ثورته العظيمة ثورة ديسمبر إن أكبر أذى يجب إماطته عن الطريق هم نخبه الفاشلة التي تتسابق على محاصصة السلطة هذا بعد تهافتهم على المحاصصة بعد ثورة عظيمة كثورة ديسمبر و قد أخفقت أمام أغبى ضلع كان يحاول أن يكون شريك معهم و هم العسكر الضلع الذي يمثله تربية الحركة الاسلامية البرهان الذليل و نقول الذليل لأنه إرتضى أن يكون عبد السيسي كأغبى رئيس مصري و كان البرهان يسعى أب يبر سيده السيسي بانقلابه الفاشل و قد وجد ان الشعب السوداني كان له بالمرصاد و في الطرف الآخر نجد أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و المضحك المبكي يكمن نجاحها في زرع الوهم في عقل نخب فاشلة بأن الشيوعي السودان من أكثر السياسين السودانيين حصافة و هيهات.
اين فهم الشيوعي السوداني الذي يخطط لاسقاط حكومة فترة انتقالية كما كان الحزب الشيوعي السوداني يخطط؟ و قد وضعه تخطيطه البليد لاسقاط حكومة الفترة الانتقالية مع الكيزان في مرتبة واحدة. هذا يجعلهم أي أتباع الحزب الشيوعي السوداني لا يختلفون عن الكيزان في شئ بل يجمعهم ايمانهم بالمطلق و محاولة تقديم حلول نهائية كما يعتقد الاسلاميين في دولة الارادة الالهية و يعتقد الشيوعي السوداني في شيوعية ما قبل إكتشاف غرامشي و فكرة انتهاء الصراع الطبقي و نهاية التاريخ في زمن النسبي و العقلاني.
الذي يغيظ نجد أن المدافعين عن الشيوعيين هم من أنصاف المثقفين السودانيين الذين يجهلون ان علم الاجتماع يضع النازية و الفاشية و الشيوعية و أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية في مرتبة واحدها في عداءهم لأفكار الحداثة و المضحك يظن كثر من نخب السودان الفاشلة ان الشيوعيين السودانيين هم من أدخل أفكار الحداثة و هنا يظهر جهل المثقف السوداني المصطف مع الشيوعي السوداني كاصدقاء الحزب الشيوعي و هنا تتجمع كتلة مناهضي أفكار الحداثة و من هنا يسلسل فشلهم الذي يجعل أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية تنشط في اسقاط حكومة الفترة الانتقالية و يظنون بان الشعب السوداني يختارهم كنخب مختارة مثل فكرة شعب الله المختار ألم تكن ماركسية ماركس نفسه إلا لاهوت ديني غائي يعكس غائية نداء المسيح تعالوا إلي يا جميع المتعبين و ثقيلي الأحمال؟
المضحك أن أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية يظنون أنهم أذكى من ألبرت كامي عندما رفض ماركسية سارتر و أذكى من كلود ليفي اشتروس عندما رأي في ماركسية سارتر ماركسية من يجهل علم الاجتماع و جهل أتباع النسخة بعلم الاجتماع هو سبب في إصرارهم على نظرية فائض القيمة و جهلهم على أن مسألة المنفعة و الاشباع و كيفية تحويل الاشباع من السلوك الفردي الى مسألة إشباع حاجات المجتمع و هنا ندخل في مسألة الحرية و العدالة و ننبه القارئ هنا في مسألة إشباع المجتمع بدلا من الاشباع للفرد فهي من صميم نظرية العدالة لجون راولز و لا تجد لها أي أثر في أفكار أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
و يظنون أي أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية أنهم أذكى من ريموند أرون عندما تحدث عن أفيون المثقفين و مثقف لا يشبه غباءه إلا غباء أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية. بالمناسبة أن اتباع الحركة الاسلامية و أحزاب الطائفية بخطاب وحل الفكر الديني قد حطموا امكانية أن يتطور المثقف السوداني لذلك يندر أن يخرج من طائفيتهم أي نزوع الى فكر علماني و مثله يندر ان يخرج من النسخة الشيوعية السودانية فكر يسحبهم الى مستوى أحزاب الشيوعية في الغرب و قد أدركت بأن ماركسية ماركس لا يمكن تحقيقها لأنها في إضطراد العقل و التاريخ لا يخرج منها غير نظام شمولي و لا سبيل لتفاديه بغير إفتراض بان الفرد عقلاني و أخلاقي. ما يدفعنا لكتابة هذا المقال هو للتوضيح بأن تخفّي أتباع الشيوعية السودانية وراء لجان المقاومة يكمن خلفه جهل كبير بأنهم بأنهم و بنسختهم المهلهلة يظنون بأنهم سيحكمون و هذا تهور لا يقل عن تهور الكيزان و قيامهم بانقلابهم و كذبهم الذي أورد السودان موارد الهلاك.
و يختلف ظرف انقلاب الكيزان عن طموح الشيوعيين المتخفيين خلف لجان المقاومة بان الكيزان في ذاك الزمن قد توافق مع الوصول الى ذروة اوهام حركات الصحوة و كانت خلفها اموال الخليج و السعودية و من خلفها الغرب في ممارسته لخيانة التنوير في تشجيعه الى التيارات الدينية و قد استخدمها في حرب أفغانستان ضد الروس و لكن الشيوعي السودان يظن بان تخفيه خلف لجان المقاومة يمكنه ان يخضع الشعب بأفكار قد عافتها النفس الانسانية و قد رأينا ان حزبهم لم يقدم على قيادته خلال ستة و سبعون عام غير ثلاثة أشخاص عبد الخالق و قد ساهم ببحثه لدور للدين في السياسة في تغذية التيارات الدينية في السودان أما محمد ابراهيم نقد فقد واصل محاولة عبد الخالق في حوار الدولة المدنية و قد وصل الى علمانية محابية للأديان و هذا في نظر هشام شرابي يتبدى لك جبن محمد ابراهيم نقد في مجراته الى فكر الكيزان و هذا الجبن نتاج وعي زائف لا يجسده إلا إصرارهم على نهاية التاريخ بمبالغة في أن الماركسية صالحة لكل زمان و مكان و هنا يلتقون مع الكيزان في الاسلام دولة ودين و صالح لكل مكان و زمان أما الخطيب فهو نقطة الحطيط التي لا يمكن ان يرتفع عنها الوعي بتاتا.
نقول للنخب السودانية بان البشرية قد وصلت الى فكرة أن المجتمع البشري قد وصل الى نزعته الانسانية و لا يمكن كشفها عبر أوهام الصراع الطبقي كما يظن الشيوعي السوداني بل عبر دراسة الظواهر الاجتماعية حيث أصبح علم الاجتماع بعد معرفي في صميم الديالكتيك و هذا البعد الذي يجهله الشيوعي السوداني و يبين في إزدراءه لعلم الاجتماع نتاج جهله به. و هنا يجب ان نقول بان أكبر حائط صد يقف ما بين الشعب السوداني و أفكار الحداثة يمثلها أتباع أفكار وحل الفكر الديني من جانب و الجانب الآخر أتباع الشيوعية السودانية و بالمناسبة لكل الجانبيين أتباع الخطاب الديني و أتباع الشيوعية السودانية في نسختها المتحجرة لا مخرج غير الاتجاه لطريق النزعة الانسانية و هي لا تخرج عن تجربة الانسان و ضمير الوجود.
و لا سبيل للوصول إليها بغير لإتراض أن الفرد عقلاي و أخلاقي و من هنا فان البديل للشيوعية السودانية و فكر وحل الخطاب الديني هو فكر العقد الاجتماعي و هو يتجسد انثروبولوجيا الليبرالية و أنثروبولوجيا عمانويل كانط و علم إجتماع منتسكيو و نظرية العدالة لجون راولز و ديمقراطية توكفيل و معروف بان معادلة الحرية و العدالة هي تتماشى مع خط ان علاقة الرأسمالية مع الديمقراطية علاقة طردية و علاقتها مع الشيوعية علاقة عكسية و معروف بأن توكفيل قد انتصر على ماركس في كل مكان إلا في السودان و هذا بسبب التعتيم الذي يقوم به اتباع الشيوعية السودانية على ساحة الفكر التي ينام فيها مثقف منخدع بماركسية ماركس.
جاء الوقت الذي يجب ان يفارق فيه المثقف السوداني درب الامام في طائفية الصادق و مولانا في حيز الميرغني و مفارقة الاستاذ الذي ينسب له الحزب الشيوعي السوداني و مفارقة المرشد الذي يبهر أتباع الحركة الاسلامية السودانية و لاحل للنخب السودانية بغير إلتفاتهم لتراث الانسانية لأن موروثم من الاحزاب السودانية لا يقدم فكر حداثة و لا فكر عقل الأنوار.

taheromer86@yahoo.com
///////////////////////

 

آراء