ثورة ديسمبر نشتري المجد بأغلى ثمن
طاهر عمر
6 May, 2022
6 May, 2022
في الحقيقة ما يتضح أمام أعيننا فيما يتعلق بمسيرة التغيير الذي ينشده الشعب السوداني هو أن الشعب السوداني قد وضع حجر الأساس للتغيير في مفاهيم النخب السودانية بأن من يقوم بالتغيير هو الشعب و ليس النخب و لا القادة و لا المفكريين و لا المثقفين و لكن يكمن دور المفكريين في مسألة ترجمة ما يوحيه الشعب فيما يريد تحقيقه من تغيير و هو نتاج ظواهر اجتماعية فيما يتعلق بتغير المفاهيم و خاصة فيما يتعلق بمفهوم السلطة كمفهوم حديث و كذلك مفهوم الدولة في ارتباطه بالانسانية التاريخية و الانسان التاريخي.
و قد رأينا كيف تجاهلت النخب السودانية ظاهرة شعارات ثورة ديسمبر المجيدة و خاصة فيما يتعلق بتعاطفهم مع ضحايا حروب الحركة الاسلامية و ثمرتها المرة الانقاذ و كان شعار يا عنصري و مغرور من أكثر الشعارات التي قد وضّحت بأن الشعب السوداني قد تخطى أمراض النخب السودانية و تجاوزهم في ايحاءه للنخب بأنه قد أذاع روح نظرية المشاعر الأخلاقية كما تحدث عنها أدم اسمث و هي أساس مسألة مجد العقلانية و إبداع العقل البشري و كذلك كانت هناك ظاهرة توشح ثوار ثورة ديسمبر بالعلم السوداني و قد أنشدوا نشيد العلم و كلها ظواهر تدل على أن الشعب السوداني في سيره في طريق التغيير قد أوحى للنخب بأنه ينشد تأسيس دولة حديثة تقوم على فكرة العقلانية و الأخلاق و خاصة عندما ينشدون أمام بيوت الشهداء نشيد العلم و يرددون نشتري المجد بأغلى ثمن و يؤكدون على أن هذه الأرض لنا.
كل ما ذكرنا أعلاه يدل على أن الشعب قد أوحى للنخب بفكرة النزعة الانسانية و إرتكازها على العقلانية و الأخلاق حيث تنهض و تنتصر لفكرة الفرد و العقل و الحرية و عندما نقول تنتصر للفرد و العقل و الحرية نؤكد على أن إيحاء المجتمع للنخب يؤكد لهم بأن الفرد غاية لأنه ينشد قيمة القيم و هي الحرية لذلك ينبغي أن نتخلص من موروثنا الذي يقدم الجماعة على الفرد و الرجل على المرأة و الكتاب على القارئ كما يقول هشام شرابي كعالم اجتماع قد قدم في مقارباته الكثير الذي يمكن أن يساعدنا في التخلص من لجؤ النخب السودانية الى أحزاب اللجؤ الى الغيب أي أحزاب وحل الفكر الديني و كذلك أحزاب الايديولوجيات المتحجرة كحالة النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و قد ساهمت نخبها في تدمير الفكر في المشهد السوداني.
و هنا نجد أن هشام شرابي في مقارباته لا يقل جهده عن جهد أدم اسمث في حديثه عن فكرة النزعة الانسانية و هذا هو البعد الغائب عن آفاق النخب السودانية التي قد غاصت في وحل الفكر الديني و يمكنك ان تلاحظ حتى غوص نخب النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية في وحل الفكر الديني حيث نجد كتابات عبد الخالق محجوب و جهده في بحثة لدور للدين في السياسة السودانية و قد سار على نهجه محمد ابراهيم نقد و قد وصل لفكرة علمانية محابية للأديان في تجسيد لمسايرة نخب اليسار الجبانة في تماهيها مع الخطاب الديني و هنا ينام سر كساد النخب السودانية.
و بالمناسبة هذا واحد من أبواب الجهل التي قد فتحها أتباع اليسار السوداني الرث و حتى لحظة كتابة هذا المقال نجدهم أكثر السودانيين نشاط لتدمير فكرة النزعة الانسانية التي قد تحدث عنها كل من هشام شرابي في نقده الحضاري و تشريحه لحالة التكلس الفكري في العالم العربي و الاسلامي و بالمناسبة يعتبر هشام شرابي متقدم في نقده لتجاربه و مسيرته و تقديمه لفكرة النزعة الانسانية متقدم على صديقه إدورد سعيد و قد أكد إدورد على فكرة النزعة الانسانية في كتابه الأخير الانسنية و النقد الديمقراطي حيث ركز على فكرة النزعة الانسانية و مفارقة وحل الفكر الديني الذي يؤسس لحواضن الأبوية المستحدثة و نجدها في خضوع النخب السودانية للمرشد و مولانا و الامام و الاستاذ بالنسبة لاتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
ما قاله هشام شرابي و طالب بتغييره هو يمثل موروث النخب السودانية البالي التي ابتلعتها أحزاب الطائفية التي يجسدها الامام و مولانا و أتباع الحركة الاسلامية التي يمثلها المرشد كصنم ذهني يسيطر على الكيزان و كذلك أتباع الاستاذ كصنم ذهني يسيطر على أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و عليه واحد من أسباب تكالب النخب السودانية و تهافتها على المناصب و قد جسدته محاصصاتهم بأنهم يجهلون بأنهم في قاع أحزاب وحل الفكر الديني و في قاع أحزاب ما زالت لم تبارح ساحة العرق و الدين و لهذا السبب يغيب انتاج فكر يمجد فكرة النزعة الانسانية و بدونه لا يمكننا تحقيق فكرة عودة الدولة الحديثة التي تقود فكرة التحول الديمقراطي.
غياب فكر يجسد فكرة النزعة الانسانية يقوم على تجربة العقل البشري و ضمير الوجود و متجاوز للفكرة المطلقة فكر أسئلة الوجود و ليس على أسئلة الموجود كما يقول مارتن هيدجر في محاولته لتوسيع ماعون الحرية و غيابه يجعل أتباع الحركة الاسلامية يتوهمون بأنهم يمكنهم معاودة الكرة و يتوهم البرهان بأنه سوف يعيد الكيزان سيرتهم الأولى و كله بسبب كساد الفكر في السودان و قد أصبح كما سطح البحر الميت الذي لا يغشاه نهر يجدد حياته و هذا هو حال الفكر في السودان في سكون محزن.
لهذا نقول بأن الشعب السوداني في ثورة ديسمبر قد حقق مقولة تقدم الشعب و سقوط النخب التي ما زالت تنادي بالمساومات التاريخية ما بين يسار سوداني رث و يمين غارق في وحل الفكر الديني كما يتوهم الشفيع خضر و هو غارق في المحلية و لم يسعى يوم لفكرة النزعة الانسانية و قد رأينا كتابه الفضيحة فيما يتعلق بدور للقبيلة بأن تلعب دور في السياسة و قد طاف و قابل بعض زعماء القبائل في شرق السودان و لك ان تتأمل في أوهام الشفيع خضر و هو يبحث لدور للقبيلة في السياسة في السودان كما توهم عبد الخالق محجوب من قبل عن أن يلعب الدين دور في السياسة السودانية.
مسألة سقوط إنقلاب البرهان الفاشل مسألة قاب قوسين أو أدنى و سوف ينجزها الشعب و لكن هل انتبهت النخب السودانية بأنها أقصر قامة من أن يكونوا قادة لانجاز ما اوحاه لهم الشعب في ثورته المجيدة؟ هل خطر ببالهم أنهم لم يفكروا في كيفية تفادي الفشل الذي قد صاحب عشرية الغنوشي في تونس و هو يحاول كما نخب السودان تفادي نشر فكرة النزعة الانسانية و الاعتماد على عقل الانسان في تجاربه وفقا لضمير الوجود؟
متى تنتصر النخب السودانية لفكرة الفرد و العقل و الحرية؟ و بغيرها لا يمكن تحقيق قيمة القيم و هي الحرية للفرد و بالتالي يمكننا تحقيق الازدهار المادي المتجلي في الازدهار الاقتصادي و قطعا لا يكون ذلك بغير مفارقة درب المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ و بالتالي التأسيس لفكر انساني يمجد العقلانية و ينشد إبداع العقل البشري.
بالمناسبة تحقيق الحرية للفرد و الانتصار للعقل لا يكون بموروث نخبنا السودانية و هنا تظهر الصعوبة لأن نخب فاشلة كحالة النخب السودانية لا يمكنها تغيير مسارها بين عشية و ضحاها و قد رأينا تجربتهم و كيف قد أضاعوا ثورة ديسمبر و هم جالسين على ركام ما تركته الانقاذ متوهمين انه دولة و ما عليهم إلا التكالب و التهافت على المناصب و لم يخطر على بالهم بأن ثورة ديسمبر قد هدمت بقايا القديم و أسست لعالم جديد لم يخطر على بال النخب الفاشلة بل قد تركوا الكيزان في مفاصل ما تركته الانقاذ و قد عطلوا مسيرها و كله بسبب غياب تشريع يلحق الثورات الكبرى كثورة ديسمبر و يزيح ما تركته الانقاذ في الجهاز القضائي الكيزاني الفاسد.
و قد نجح القانونيين السودانيين في تعطيل مسيرة ثورة ديسمبر بسبب فساد الجهاز القضائي و قد انتبه قيس السعيد في تونس لفساد الجهاز القضائي و فرملته لمسيرة الثورة و قد تخلص منه و لهذا نقول للنخب السودانية يجب التخلص من الجهاز القضائي الكيزاني بلا رحمة بعد سقوط إنقلاب البرهان الفاشل و يجب أن تعود لجنة تفكيك التمكين الكيزاني بلا رحمة فيما يتعلق بفساد الكيزان و لا تعتمد على ما تركته الانقاذ و الحركة الاسلامية من قانونيين أشباه كيزان بل يشتركون معهم في لقبهم القبيح أي مولانا في مناداة للقاضي و غيرهم من اتباع الجهاز القضائي الكيزاني الذي ساهم في تعطيل مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة و أغلب محاججات القانونيين السودانيين لا تخدم غير تعطيل مسيرة ثورة ديسمبر و بالمناسبة أكثر النخب شبه بالكيزان و حتى غير الكوز من بينهم هم القانونيين السودانيين.
وعليه نضرب مثل لأهمية التشريع في تحقيق أهداف الشعوب في اللحظات المفصلية أي لحظات انقلاب الزمان و هو زمن الكساد الاقتصادي العظيم كان روزفلت محاط بمشرعيين على دراية بما يريد تحقيقة الرئيس الامريكي و هو يجابه انهيار اقتصادي غير مسبوق و هو يفتح لحقبة جديدة و هي حقبة انتهاء الليبرالية التقليدية و بزوغ أشعة الليبرالية الحديثة و هي لحظة انتهاء سحر اليد الخفية لأدم اسمث و عصر التدخل الحكومي فيما يتعلق بالتوازن الاقتصادي الذي يخدم التحول الاجتماعي.
و لهذا نقول ان حالة السودان الآن تشبه لحظة الكساد العظيم في امريكا و تحتاج لشخصية تاريخية محاطة بمشرعيين كما كان روزفلت و عليه لا يكون كل ما قلناه بغير تغيير أوهام النخب السودانية عن نفسها و نجدهم مؤرخيين ما زالوا تحت نير المنهجية التاريخية مدافعين عن صحيح الدين و غياب علماء اجتماع مواكبين لتطور الفكر في العالم من حولنا كما كان هشام شرابي ناصح للنخب في العالم العربي و الاسلامي في عدم معاداة الغرب و تجربته التي قد ادت للتحول الاجتماعي و الازدهار الاقتصادي و السياسي.
فأغلب القانونيين السودانيين لا يختلفوا عن نخب السودان الرازحة تحت سلطة الأب و ميراث التسلط تغيب عن أفقها أفكار عقل الأنوار و أفكار الحداثة التي قد قضت على جلالة السلطة و قداسة المقدس و نقول قداسة السلطة قد قضت عليها الحداثة في سبيل انتصارها للفرد و العقل و الحرية فلا يجب ان نعشم في ان يكون من بين القانونيين السودانيين و هم قد خدموا الحركة الاسلامية السودانية و لا تقل بشاعتها عن النازية من بينهم من يخدم ثورة ديسمبر و خاصة بان ثورة ديسمبر تحتاج لفكر جديد غير موجود في موروث النخب السودانية و من ضمنهم القانونيين السودانيين و هم عبدة نصوص لا يختلفون عن الكيزان كعبدة نصوص و قتلة نفوس.
من وصايا هشام شرابي في بداية عقد التسعينيات من القرن المنصرم للنخب بأن تهتم بالفكر في الدول الغربية في آخر ثلاثة عقود و بالمناسبة و هو المتبحر في تاريخ و فلسفة الشعوب الاوروبية و كيف عبرت التحولات الاقتصادية و الساسية و الاجتماعية و قد لاحظت بان هشام شرابي كان منتبه لنهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة و منتبه لبداية الليبرالية التقليدية و بداية الليبرالية الحديثة و لهذا انعكست على كتاباته في بداية عقد الستينيات من القرن النصرم و بعد نكسة 1967 و من ضمن الملاحظات بان هشام شرابي قد أستخدم الفكر الماركسي و لكن ليس بمفهوم أن الماركسية أفق لا يمكن تجاوزه بل بمفهوم ان ماركس مفكر عادي يجلس في مقعده بين بقية المفكريين و ليس كما يعتقد المثقف المنخدع بماركسية ماركس كما نرى أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
و نفس استخدام شرابي لافكار ماركس نجد ايمانويل تود الفيلسوف الفرنسي و المؤرخ و الاقتصادي قد استخدم أفكار ماركس و قد نبه لأنه يدري بان الماركسيين بمجرد أن تقول انه استخدم ماركسية ماركس يقولونه بان ماركس قد عاد ليفتح العالم من جديد لذلك نبه ايمانويل تود بانه قد جاء بماركس و هو تحت المراقبة و هي نفس أدوات هشام شرابي فما أحوجنا لعالم اجتماع بقامة هشام شرابي فقد تجد ابداعاته تضعه ندا مع مفكري الغرب لذلك عندما يقول على النخب في العالم العربي و الاسلامي الاستفادة من تجارب الغرب و عدم معاداته فهو يقول ذلك من باب التبحر في علوم و فلسفة الغرب الحديثة و يعرف كيف يستخدم أدواتها في تفكيك سطوة سلطة الاب و ميراث التسلط.
ينتابنا الحزن عندما نقارن كتابات هشام شرابي بكتابات الاستاذ عبد الخالق محجوب و هو الباحث لدور للدين في السياسة السودانية في نفس الوقت الذي كان يؤكد فيه هشام بأن أكبر حاضنة للابوية المستحدثة المجسدة لسلطة الأب و ميراث التسلط هي وحل الفكر الديني فكيف فات على عبد الخالق محجوب ؟ بكل بساطة لأنه كان أسير غائية و لاهوت و دينية الهيغلية و الماركسية و لهذا لم يبارح الحزب الشيوعي السوداني ظلال أصنامه الذهنية و ها هي تتجسد في تخطيطهم في اسقاط حكومة حمدوك أي حكومة الفترة الانتقالية لأنهم لا يؤمنون بفكرة الدولة من الاساس و يؤمنون بان الماركسية أفق لا يمكن تجاوزه و قد وضعهم تخطيطهم لاسقاط حكومة الفترة الانتقالية في مرتبة واحدة مع الكيزان و الفلول و سيحملهم التاريخ مسؤولية انقلاب البرهان و على عاتقهم تكون أرواح من قتلهم البرهان .
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////
و قد رأينا كيف تجاهلت النخب السودانية ظاهرة شعارات ثورة ديسمبر المجيدة و خاصة فيما يتعلق بتعاطفهم مع ضحايا حروب الحركة الاسلامية و ثمرتها المرة الانقاذ و كان شعار يا عنصري و مغرور من أكثر الشعارات التي قد وضّحت بأن الشعب السوداني قد تخطى أمراض النخب السودانية و تجاوزهم في ايحاءه للنخب بأنه قد أذاع روح نظرية المشاعر الأخلاقية كما تحدث عنها أدم اسمث و هي أساس مسألة مجد العقلانية و إبداع العقل البشري و كذلك كانت هناك ظاهرة توشح ثوار ثورة ديسمبر بالعلم السوداني و قد أنشدوا نشيد العلم و كلها ظواهر تدل على أن الشعب السوداني في سيره في طريق التغيير قد أوحى للنخب بأنه ينشد تأسيس دولة حديثة تقوم على فكرة العقلانية و الأخلاق و خاصة عندما ينشدون أمام بيوت الشهداء نشيد العلم و يرددون نشتري المجد بأغلى ثمن و يؤكدون على أن هذه الأرض لنا.
كل ما ذكرنا أعلاه يدل على أن الشعب قد أوحى للنخب بفكرة النزعة الانسانية و إرتكازها على العقلانية و الأخلاق حيث تنهض و تنتصر لفكرة الفرد و العقل و الحرية و عندما نقول تنتصر للفرد و العقل و الحرية نؤكد على أن إيحاء المجتمع للنخب يؤكد لهم بأن الفرد غاية لأنه ينشد قيمة القيم و هي الحرية لذلك ينبغي أن نتخلص من موروثنا الذي يقدم الجماعة على الفرد و الرجل على المرأة و الكتاب على القارئ كما يقول هشام شرابي كعالم اجتماع قد قدم في مقارباته الكثير الذي يمكن أن يساعدنا في التخلص من لجؤ النخب السودانية الى أحزاب اللجؤ الى الغيب أي أحزاب وحل الفكر الديني و كذلك أحزاب الايديولوجيات المتحجرة كحالة النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و قد ساهمت نخبها في تدمير الفكر في المشهد السوداني.
و هنا نجد أن هشام شرابي في مقارباته لا يقل جهده عن جهد أدم اسمث في حديثه عن فكرة النزعة الانسانية و هذا هو البعد الغائب عن آفاق النخب السودانية التي قد غاصت في وحل الفكر الديني و يمكنك ان تلاحظ حتى غوص نخب النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية في وحل الفكر الديني حيث نجد كتابات عبد الخالق محجوب و جهده في بحثة لدور للدين في السياسة السودانية و قد سار على نهجه محمد ابراهيم نقد و قد وصل لفكرة علمانية محابية للأديان في تجسيد لمسايرة نخب اليسار الجبانة في تماهيها مع الخطاب الديني و هنا ينام سر كساد النخب السودانية.
و بالمناسبة هذا واحد من أبواب الجهل التي قد فتحها أتباع اليسار السوداني الرث و حتى لحظة كتابة هذا المقال نجدهم أكثر السودانيين نشاط لتدمير فكرة النزعة الانسانية التي قد تحدث عنها كل من هشام شرابي في نقده الحضاري و تشريحه لحالة التكلس الفكري في العالم العربي و الاسلامي و بالمناسبة يعتبر هشام شرابي متقدم في نقده لتجاربه و مسيرته و تقديمه لفكرة النزعة الانسانية متقدم على صديقه إدورد سعيد و قد أكد إدورد على فكرة النزعة الانسانية في كتابه الأخير الانسنية و النقد الديمقراطي حيث ركز على فكرة النزعة الانسانية و مفارقة وحل الفكر الديني الذي يؤسس لحواضن الأبوية المستحدثة و نجدها في خضوع النخب السودانية للمرشد و مولانا و الامام و الاستاذ بالنسبة لاتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
ما قاله هشام شرابي و طالب بتغييره هو يمثل موروث النخب السودانية البالي التي ابتلعتها أحزاب الطائفية التي يجسدها الامام و مولانا و أتباع الحركة الاسلامية التي يمثلها المرشد كصنم ذهني يسيطر على الكيزان و كذلك أتباع الاستاذ كصنم ذهني يسيطر على أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و عليه واحد من أسباب تكالب النخب السودانية و تهافتها على المناصب و قد جسدته محاصصاتهم بأنهم يجهلون بأنهم في قاع أحزاب وحل الفكر الديني و في قاع أحزاب ما زالت لم تبارح ساحة العرق و الدين و لهذا السبب يغيب انتاج فكر يمجد فكرة النزعة الانسانية و بدونه لا يمكننا تحقيق فكرة عودة الدولة الحديثة التي تقود فكرة التحول الديمقراطي.
غياب فكر يجسد فكرة النزعة الانسانية يقوم على تجربة العقل البشري و ضمير الوجود و متجاوز للفكرة المطلقة فكر أسئلة الوجود و ليس على أسئلة الموجود كما يقول مارتن هيدجر في محاولته لتوسيع ماعون الحرية و غيابه يجعل أتباع الحركة الاسلامية يتوهمون بأنهم يمكنهم معاودة الكرة و يتوهم البرهان بأنه سوف يعيد الكيزان سيرتهم الأولى و كله بسبب كساد الفكر في السودان و قد أصبح كما سطح البحر الميت الذي لا يغشاه نهر يجدد حياته و هذا هو حال الفكر في السودان في سكون محزن.
لهذا نقول بأن الشعب السوداني في ثورة ديسمبر قد حقق مقولة تقدم الشعب و سقوط النخب التي ما زالت تنادي بالمساومات التاريخية ما بين يسار سوداني رث و يمين غارق في وحل الفكر الديني كما يتوهم الشفيع خضر و هو غارق في المحلية و لم يسعى يوم لفكرة النزعة الانسانية و قد رأينا كتابه الفضيحة فيما يتعلق بدور للقبيلة بأن تلعب دور في السياسة و قد طاف و قابل بعض زعماء القبائل في شرق السودان و لك ان تتأمل في أوهام الشفيع خضر و هو يبحث لدور للقبيلة في السياسة في السودان كما توهم عبد الخالق محجوب من قبل عن أن يلعب الدين دور في السياسة السودانية.
مسألة سقوط إنقلاب البرهان الفاشل مسألة قاب قوسين أو أدنى و سوف ينجزها الشعب و لكن هل انتبهت النخب السودانية بأنها أقصر قامة من أن يكونوا قادة لانجاز ما اوحاه لهم الشعب في ثورته المجيدة؟ هل خطر ببالهم أنهم لم يفكروا في كيفية تفادي الفشل الذي قد صاحب عشرية الغنوشي في تونس و هو يحاول كما نخب السودان تفادي نشر فكرة النزعة الانسانية و الاعتماد على عقل الانسان في تجاربه وفقا لضمير الوجود؟
متى تنتصر النخب السودانية لفكرة الفرد و العقل و الحرية؟ و بغيرها لا يمكن تحقيق قيمة القيم و هي الحرية للفرد و بالتالي يمكننا تحقيق الازدهار المادي المتجلي في الازدهار الاقتصادي و قطعا لا يكون ذلك بغير مفارقة درب المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ و بالتالي التأسيس لفكر انساني يمجد العقلانية و ينشد إبداع العقل البشري.
بالمناسبة تحقيق الحرية للفرد و الانتصار للعقل لا يكون بموروث نخبنا السودانية و هنا تظهر الصعوبة لأن نخب فاشلة كحالة النخب السودانية لا يمكنها تغيير مسارها بين عشية و ضحاها و قد رأينا تجربتهم و كيف قد أضاعوا ثورة ديسمبر و هم جالسين على ركام ما تركته الانقاذ متوهمين انه دولة و ما عليهم إلا التكالب و التهافت على المناصب و لم يخطر على بالهم بأن ثورة ديسمبر قد هدمت بقايا القديم و أسست لعالم جديد لم يخطر على بال النخب الفاشلة بل قد تركوا الكيزان في مفاصل ما تركته الانقاذ و قد عطلوا مسيرها و كله بسبب غياب تشريع يلحق الثورات الكبرى كثورة ديسمبر و يزيح ما تركته الانقاذ في الجهاز القضائي الكيزاني الفاسد.
و قد نجح القانونيين السودانيين في تعطيل مسيرة ثورة ديسمبر بسبب فساد الجهاز القضائي و قد انتبه قيس السعيد في تونس لفساد الجهاز القضائي و فرملته لمسيرة الثورة و قد تخلص منه و لهذا نقول للنخب السودانية يجب التخلص من الجهاز القضائي الكيزاني بلا رحمة بعد سقوط إنقلاب البرهان الفاشل و يجب أن تعود لجنة تفكيك التمكين الكيزاني بلا رحمة فيما يتعلق بفساد الكيزان و لا تعتمد على ما تركته الانقاذ و الحركة الاسلامية من قانونيين أشباه كيزان بل يشتركون معهم في لقبهم القبيح أي مولانا في مناداة للقاضي و غيرهم من اتباع الجهاز القضائي الكيزاني الذي ساهم في تعطيل مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة و أغلب محاججات القانونيين السودانيين لا تخدم غير تعطيل مسيرة ثورة ديسمبر و بالمناسبة أكثر النخب شبه بالكيزان و حتى غير الكوز من بينهم هم القانونيين السودانيين.
وعليه نضرب مثل لأهمية التشريع في تحقيق أهداف الشعوب في اللحظات المفصلية أي لحظات انقلاب الزمان و هو زمن الكساد الاقتصادي العظيم كان روزفلت محاط بمشرعيين على دراية بما يريد تحقيقة الرئيس الامريكي و هو يجابه انهيار اقتصادي غير مسبوق و هو يفتح لحقبة جديدة و هي حقبة انتهاء الليبرالية التقليدية و بزوغ أشعة الليبرالية الحديثة و هي لحظة انتهاء سحر اليد الخفية لأدم اسمث و عصر التدخل الحكومي فيما يتعلق بالتوازن الاقتصادي الذي يخدم التحول الاجتماعي.
و لهذا نقول ان حالة السودان الآن تشبه لحظة الكساد العظيم في امريكا و تحتاج لشخصية تاريخية محاطة بمشرعيين كما كان روزفلت و عليه لا يكون كل ما قلناه بغير تغيير أوهام النخب السودانية عن نفسها و نجدهم مؤرخيين ما زالوا تحت نير المنهجية التاريخية مدافعين عن صحيح الدين و غياب علماء اجتماع مواكبين لتطور الفكر في العالم من حولنا كما كان هشام شرابي ناصح للنخب في العالم العربي و الاسلامي في عدم معاداة الغرب و تجربته التي قد ادت للتحول الاجتماعي و الازدهار الاقتصادي و السياسي.
فأغلب القانونيين السودانيين لا يختلفوا عن نخب السودان الرازحة تحت سلطة الأب و ميراث التسلط تغيب عن أفقها أفكار عقل الأنوار و أفكار الحداثة التي قد قضت على جلالة السلطة و قداسة المقدس و نقول قداسة السلطة قد قضت عليها الحداثة في سبيل انتصارها للفرد و العقل و الحرية فلا يجب ان نعشم في ان يكون من بين القانونيين السودانيين و هم قد خدموا الحركة الاسلامية السودانية و لا تقل بشاعتها عن النازية من بينهم من يخدم ثورة ديسمبر و خاصة بان ثورة ديسمبر تحتاج لفكر جديد غير موجود في موروث النخب السودانية و من ضمنهم القانونيين السودانيين و هم عبدة نصوص لا يختلفون عن الكيزان كعبدة نصوص و قتلة نفوس.
من وصايا هشام شرابي في بداية عقد التسعينيات من القرن المنصرم للنخب بأن تهتم بالفكر في الدول الغربية في آخر ثلاثة عقود و بالمناسبة و هو المتبحر في تاريخ و فلسفة الشعوب الاوروبية و كيف عبرت التحولات الاقتصادية و الساسية و الاجتماعية و قد لاحظت بان هشام شرابي كان منتبه لنهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة و منتبه لبداية الليبرالية التقليدية و بداية الليبرالية الحديثة و لهذا انعكست على كتاباته في بداية عقد الستينيات من القرن النصرم و بعد نكسة 1967 و من ضمن الملاحظات بان هشام شرابي قد أستخدم الفكر الماركسي و لكن ليس بمفهوم أن الماركسية أفق لا يمكن تجاوزه بل بمفهوم ان ماركس مفكر عادي يجلس في مقعده بين بقية المفكريين و ليس كما يعتقد المثقف المنخدع بماركسية ماركس كما نرى أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
و نفس استخدام شرابي لافكار ماركس نجد ايمانويل تود الفيلسوف الفرنسي و المؤرخ و الاقتصادي قد استخدم أفكار ماركس و قد نبه لأنه يدري بان الماركسيين بمجرد أن تقول انه استخدم ماركسية ماركس يقولونه بان ماركس قد عاد ليفتح العالم من جديد لذلك نبه ايمانويل تود بانه قد جاء بماركس و هو تحت المراقبة و هي نفس أدوات هشام شرابي فما أحوجنا لعالم اجتماع بقامة هشام شرابي فقد تجد ابداعاته تضعه ندا مع مفكري الغرب لذلك عندما يقول على النخب في العالم العربي و الاسلامي الاستفادة من تجارب الغرب و عدم معاداته فهو يقول ذلك من باب التبحر في علوم و فلسفة الغرب الحديثة و يعرف كيف يستخدم أدواتها في تفكيك سطوة سلطة الاب و ميراث التسلط.
ينتابنا الحزن عندما نقارن كتابات هشام شرابي بكتابات الاستاذ عبد الخالق محجوب و هو الباحث لدور للدين في السياسة السودانية في نفس الوقت الذي كان يؤكد فيه هشام بأن أكبر حاضنة للابوية المستحدثة المجسدة لسلطة الأب و ميراث التسلط هي وحل الفكر الديني فكيف فات على عبد الخالق محجوب ؟ بكل بساطة لأنه كان أسير غائية و لاهوت و دينية الهيغلية و الماركسية و لهذا لم يبارح الحزب الشيوعي السوداني ظلال أصنامه الذهنية و ها هي تتجسد في تخطيطهم في اسقاط حكومة حمدوك أي حكومة الفترة الانتقالية لأنهم لا يؤمنون بفكرة الدولة من الاساس و يؤمنون بان الماركسية أفق لا يمكن تجاوزه و قد وضعهم تخطيطهم لاسقاط حكومة الفترة الانتقالية في مرتبة واحدة مع الكيزان و الفلول و سيحملهم التاريخ مسؤولية انقلاب البرهان و على عاتقهم تكون أرواح من قتلهم البرهان .
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////