ثم ماذا بعد مسرحية المبادرات العبثية؟

 


 

 

1
منذ قيام انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019، اسخدم أساليب وخدع مختلفة لقطع الطريق أمام الثورة ، ريثما يتم إعادة النظام البائد وسياساته القمعية والاقتصادية وتفريطه في السيادة الوطنية، فدبر مجزرة فض الاعتصام لقبر الثورة وقيام الانتخابات المزورة ، وفشل ، وبعدها تحالف مع قوي الحرية والتغيير – المركزية ، في الوثيقة الدستورية التي هيمن فيها العسكر علي السلطة ، وطمس القصاص في مجزرة فض الاعتصام ، ، والتفكيك الناجز لتمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة، وسارت البلاد علي نهج النظام البائد في التبعية للشروط المذلة للصندوق والبنك الدولين التي فاقمت الاوضاع المعيشية والاقتصادية والمزيد من التخفيض للعملة ، وعدم تكوين التشريعي ، والتطبيع مع الكيان العنصري الصهيوني، واتفريط في السيادة الوطنية، ونهب ثروات البلاد وتهريبها للخارج ، وعودة شركات الجيش والأمن والجنجويد لوزارة المالية، وحل المليشيات وفق الترتيبات الأمنية لقيام الجيش القومي المهني الموحد، اضافة للتحالف مع حركات جوبا لتصفية الثورة بتوقيع اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات ومناصب ولم يعالج قضية السلام الشامل والعادل، ثم بعد ذلك تحالف مع الادارات الأهلية ، وجماعة "الموز" وعناصر النظام البائد حتى تم تدبير انقلاب 25 أكتوبر، لمواجهة الثورة المتصاعدة .
بعد الانقلاب الدموي ، رغم القمع الوحشي للمقاومة السلمية، وعودة رموز النظام البائد وعودة الأموال والشركات المنهوبة للفاسدين، واطلاق سراح رموز المؤتمر الوطني، وفشل مبادرة حمدوك – البرهان لاضفاء شرعية علي الانقلاب، الا أن المقاومة الجماهيرية الواسعة للانقلاب استمرت وحاصرته من كل فج عميق .
بعد ذلك جاءت مسرحية المبادرات العبثية المدعومة من الدول الاقليمية والعالمية ،والتي أن اختلفت اشكالها تعيد إنتاج الشراكة مع العسكر، فقد انتهت مسرحية مبادرة " أهل السودان" برعاية "الكوز" الطيب الجد والمدعومة من المؤتمر الوطني و الفريق البرهان والتي تميزت في دعوتها بحضور لا فت لحلفاء وقادة نظام المؤتمر الوطني، وانتهت بتوصيات الهدف منها إعادة نظام المؤتمر الوطني ، والتى شملت عموميات لا علاقة لها بالثورة ومهام الفترة الانتقالية مثل :
- عدم ترشيح رئيس يحمل جنسية مزدوجة، الافلات من العقاب ، الشراكة مع العسكر ، العمل بدستور 2005 بعد المواءمة، انتخابات بعد عام ونصف، انهاء أجل البعثة الأممية ( والتي تراجع عنها)، تكوين حكومة مدنية تعمل علي وقف التدهور الاقتصادي وبسط الأمن وهيبة الدولة والعدالة الانتقالية.
وهي توصيات كما هو واضح ، لا علاقة لها بالثورة، وتكرّس الافلات من المحاسبة في جرائم مثل: فض الاعنصام ، وجرائم ما بعد انقلاب 25 اكتوبر، وعودة العسكر للثكنات وحل الجنجويد وبقية المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد وتفكيك التمكين وعودة الأموال المنهوبة للشعب ، وضم شركات الجيش والأمن والشرطة والجنجويد لولاية وزارة المالية.
تهدف المبادرة عموما لشراكة جديدة مع العسكر، وتحت هيمنته دفاعا عن الطبقية للرأسمالية الطفيلية والجديدة، وعودتها للسلطة بانتخابات مزورة ، بعد عودة التمكين لمفاصل الدولة ، والأموال المنهوبة للفاسدين ، ومحاولات إعادة التسلط من جديد علي حياة الناس الاجتماعية كما في محاولة عودة قانون النظام العام بالخرطوم لمواجهة مقاومة الشباب ، والذي لم تعد هناك شرعية له ، بعد الغائه بعد الثورة، فقد وجدت مبادرة الجد رفضا واسعا حتى من مشايخ الطرق الصوفية كما في بيان سجادة الطريقة القادرية العركية ، والشيخ الجعلي في كدباس. الخ.
اضافة لحديث مريم الصادق المهدي عن قرب التسوية وتكوين الحكومة القادمة من قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي ، التوافق الوطني ، لجان المقاومة، المجتمع المدني، الاتحادي الاصل ، والمؤتمر الشعبي ، وفلول النظام البائد الذين وقعوا علي اتفاقات معه ، والادارة الأهلية والطرق الصوفية ، وتمثيل هذه القوى في البرلمان. ايضا عبر الرأسمالي إبراهيم الشيخ في خلاصة تأملاته الي ضرورة تقديم التنازلات ، وتوسيع المشاركة، وهو حديث لايختلف عن توجه مريم الصادق لاعادة الشراكة ، وتصفية الثورة وافراغها من مضمونها.

2
أما مشروع الإعلان الدستوري الانتقالي لسنة 2022 الذي طُرح في ورشة نقابة المحامين كما أشرنا سابقا ، فهو تكرار للوثيقة الدستورية "المعيبة" ، وتجريب المجرب بقيام شراكة جديدة مع العسكر تحت مسمي مجلس الأمن والدفاع ، وجاء خاليا من حل الجنجويد ، والمحاسبات في جرائم ما بعد 25 أكتوبر ، اضافة لاعادة طمس القصاص في مجزرة فض الاعتصام ، كما أعاد في المادة (68) اتفاق جوبا الذي اعتبره جزءا لا يتجزأ من الإعلان الدستوري، علما بأنه اتفاق قام علي المحاصصات والمناصب ، ولم يوقف الحرب ، بل زادها اشتعالا مع الانفلات الأمني ، مما يتطلب الغائه والتوجه للحل الشامل ، اضافة لأن الورشة سارت في خطوات التسوية للآلية الثلاثية التي أكدت علي مشاركة واسعة ضمت حتى قوي كانت مشاركة في نظام الانقاذ حتى سقوطه مثل: الاتحادي الأصل، والمؤتمر الشعبي. الخ. مما يعيد ‘نتاج الأزمة ، وقيام انقلاب عسكري جديد ، يعيد الحلقة المفرغة ويهدد وحدتها وسيادتها الوطنية ، والمزيد من نهب ثروات البلاد.الخ.

3
من جانب آخر تستمر المقاومة للانقلاب والقمع الوحشي للمواكب السلمية ، فضلا عن سخرية الجماهير من المبادرات التي تعيد رموز النظام البائد لتحدثهم عن الثورة!!، وتستمر المليونيات رغم القمع الوحشي حسب جداول لجان المقاومة كما في مليونية 18 أغسطس التي انطلقت وحددت وجهتها شارع المطار بعنوان " الطريق الي اضراب 24 أغسطس ، كما جاء في بيان تنسيقية لجان المقاومة بولاية الخرطوم الذي رفض أي اتفاق سياسي يعيد شكل الشراكة مع العسكر أو الكيزان أو اذيال النظام البائد ، ولا بد من خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية للابد، اضافة لتصاعد اضرابات العاملين واعتصامات المدن من أجل تحقيق مطالبها ووقف الانتهاكات وتدمير البيئة ووقف نهب ثروات البلاد وتهريب الذهب.
كل الشواهد تؤكد الفشل التام لانقلاب 25 أكتوبر ، والذي تدهورت تحت ظله الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، و استمرارالانفلات الأمني ،كما في جريمة مقتل الطالب محمد مجدي له الرحمة.
كما أدت الزيادة في السعر التأشيري للدولار( الدولار الجمركي ) الي زيادة في الرسوم الجمركية للسلع ، مما ضاعف الأسعار للمستهلك ، وتحقق الحكومة ارباحا كثيرة من الزيادات في أسعار الوقود والكهرباء والسلع. هذا اضافة للمخاطر التي يواجهها الموسم الزراعي وتهدد بفشله مثل : ارتفاع التضخم ، وتدني أسعار المحاصيل، وعدم توفر الجازولين وارتفاع اسعاره ، ارتفاع مدخلات الإنتاج والسماد ، ومشاكل العجز في التمويل. الخ.
زد علي ذلك عدم استعداد الحكومة لمواجهة كوارث السيول والفيضانات، رغم تحذير الارصاد منذ وقت مبكر، بهطول أمطار غزيرة هذا العام ، فقد أعلن الدفاع المدني أن : كارثة السيول أدت الي 75 حالة وفاة نتيجة للغرق ، وتدمير 32,808 منزل ، في ولاية نهر النيل مثل بربر ، المناقل بولاية الجزيرة ، جنوب وشمال كردفان ، الخ.
اضافة لاستمرار تدهور الاوضاع الأمنية بدارفور كما حدث في الهجوم الأخير المسلح بمنطقة كتم بولاية شمال دارفور الذي أدي لسقوط 8 أشخاص ، وخطف 9 آخرين ، وحرق 4 قري، والذي تتحمل الحكومة مسؤوليته كما جاء في بيان تنسقية النازحين بتاريخ 15 أغسطس .
وأخيرا لاشك أن تفاقم أزمة الانقلاب وفشل مسرحيات المبادرات ، وتراكم المقاومة الجماهيرية ، والفرز الواضح في الصراع السياسي والاجتماعي والطبقي ، اوضح أنه لكيما تسير الثورة قدما للامام وتحقق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية ، أنه لا بديل غير اسقاط الانقلاب عبر الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني واتتزاع الحكم المدني الديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع، ووضع حد للانقلابات العسكرية وغير ذلك من أهداف التغيير الجذري.

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء