وينستون تشرشل في السودان !!
زين العابدين صالح عبد الرحمن
4 September, 2022
4 September, 2022
كان و نيستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، أحد إبرز القادة السياسيين الذين خاضوا الحرب ضد ألمانيا الهترلية. و قبل ما يصير رئيسا للوزراء كان ضابطا في الجيش البريطاني، و كان أيضا كاتبا و مؤرخا و كان رساما يهتم بالفنون و كتابة السيناريوهات مما أهله أن يمنح جائزة نوبل في الأداب، و كل هذه الاهتمامات أهلته أن يكون سياسيا بارعا قاد دولته في الحرب العالمية الثانية، و رغم أن المانيا استطاعت أن تقصف لندن بعشرات الألاف من الصوايخ و القنابل لكنه لم يستسلم حتى انتهت الحرب. لذلك كانت لاقواله صدى في العالم. و عقل تشرشل هو المطلوب الآن أن يهندس عملية بناء السودان الجديد، مادامت النخبة السياسية السودانية قد تعثرت خطاها تماما، و ضرب بينها عطر منشمي، فهي تنظر للأزمة من خلال عين واحدة كيف تستطيع أن تضع أقدامها على عتبات السلطة.
هناك اقوال عديدة لترشرشل أعتبرت حكم تقال في مناسبا أهمها الحقل السياسي، حيث يقول ( ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم بل هناك مصالح دائمة - و يقول – و يقول - النجاح هو الانتقال من إخفاق إلي أخفاق دون فقدان الحماس – و يقول أيضا - أذا كنت ترغب بحق في اكتشاف بحار جديدة ، يجب عليك أن تتحلى بالشجاعة اللازمة لمغادرة الشاطيء) هذه الحكم مايزال العالم يتعامل بها باعتبارها منارات في طريق المصالح.
أن النظر للأزمة السياسية التي يمر بها السودان بعد سقوط نظام الإنقاذ، و حتى بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021م، هي أزمة عقل سياسي، محاصر بين فترة تاريخية طويلة من فشل النخبة السياسية منذ الاستقلال حتى اليوم. و عقل سياسي جديد بدأ يتخلق منذ خروج الجماهير في شوارع مدنها في الثلاث شهور الأخيرة من عام 2018م، هذا العقل الجديد بدأ يتخلق بوعي مغاير و تصورات جديدة لبناء دولة مدنية ديمقراطية، و هو عقل غير مرهون للإرث الثقافي السياسي السابق الذي يحمل في أحشائيه كل جينات الفشل، هذا التصادم بين الرؤى، هو سبب تعميق الأزمة السياسية في البلاد. عقل جديد عنده فكرة التأسيس هي التصور لبناء و نهضة الدولة الجديدة، و حدد شعارها " حرية سلام و عدالة" و عقل محكوم بالفشل إذا كان عقل عسكريين حكموا البلاد أكثر من نصف قرن، و فشلوا في تحقيق التنمية و ما يزال قلبهم معلقا بالسلطة. و أحزاب تاريخية تستند لتاريخ من الفشل، و لا تعرف طريق لبناء الأوطن إلا أن تكون هي في سدة السلطة. الأمر الذي يزيد الأزمة كل يوم تعميقا.
أن الحوار بين الفرقاء في ظل صراع السلطة الدائر على حكم البلاد في الفترة الانتقالية، لن يتحقق حتى إذا قدم الكل تنازلات للجلوس من أجل الحوار. لأن الخلاف سوف يتفجر مرة أخرى عندما يصل الكل إلي تكون مؤسسات الفترة الانتقالية، باعتبار كل قوى تنتظر معرفة حصولها من قسمة كيكة مؤسسات السلطة، لأن القلوب معلقة بالسلطة و ليست بعملية البناء و النهضة. الأمر الذي يفتح بابا لدخول المجتمع الدولي. لكي يوفق بين الفرقاء، و الكل رغم أنهم يشيدون ببروز العقل الجديد في المجتمع، لكن الكل يريد أن يقتاله في المهد حتى لا يؤثر على مصالحهم مستقبلا. و حتى المجتمع الدولي عندما يتدخل حماية أيضا لمصالحه، و دائما يحاول أن يدفع بالعناصر التي تسهل حصوله على هذه مصالح.
بدأ السفير الأمريكي الالتقاء مع القوى السياسية و لجان المقاومة و أسر الشهداء، و سوف يواصل الحوار مع أغلبية القوى السياسية ماعدا المؤتمر الوطني، حسب ما جاء في الوثيقة الدستورية، لأنها تمثل مرجعية له حتى إذا أقرت كل القوى السياسية و العسكر بأنها سقطت، و دائما النخبة السودانية تفكر بما تملك من الثقافة، و هي أقرب في تكوينها للثقافة الشمولية منها للثقافة الديمقراطية بسبب طول الفترات الشمولية و تراكم ثقافتها. السفير الأمريكي عندما يتحاور مع الأخرين حول الوصول للدولة الديمقراطية سوف يتعامل بثقافته الديمقراطية التي تعلمها بمشواره المعرفي و تجربته السياسية في مجتمعه، و غير محكوم أن يستبدلها بثقافة مزيج من الشمولية و بعض من الديمقراطية التي تستوطن الأن البلاد، و أيضا لن يتناسى مصالح بلده في السودان. و أيضا يحتاج إلي مرجعية ديمقراطية متوافق عليها في تعامله مع كل المكونات. فالثقافة الديمقراطية تقر بالمرجعية حتى إذا أختلف عليها الناس لكن في وقت ما كانت تشكل لهم مرجعية متوافق عليها.
أن النخبة السياسية السودانية، و حتى أغلبية المهتمين بالشأن السياسي تغلب عليهم العواطف و قناعاتهم الشخصية في التعامل مع أحداث الواقع السياسي، و عندما يفرض الواقع شروطا جديدة في العملية السياسية يصابوا بالصدمة. مثالا لذلك أغلبية الذين يملكون التعامل بالعاطفة، اعتقدوا أن سقوط نظام الإنقاذ يعني نهاية كاملة لكل الذين ارتبطوا بهذا النظام، و بالتالي سوف يصبح الملعب السياسي خالي من هؤلاء تماما. هذه نظرة خاطئة و قاصرة و لم تقرأ الواقع قرأة صحيحة. كان على النخبة السياسية أن تتوقع أن الصراع السياسي سوف يستمر لسنين. باعتبار ثلاث عقود جعلت هناك ألاف الناس ترتبط مصالحهم بهذا النظام، و هؤلاء سوف يدافعون عن مصالحهم بشتى الطرق، و يشكلون تحدي للنظام الجديد. لكن أصاب القوم الإندهاش، و بدأ الصياح أن الفلول بدأوا يتحركوا. و كان على النخبة السياسية أن تتوقع ذلك حتى إذا كان الجيش خارج اللعبة السياسية.
أن السفير الأمريكي في بحثه عن إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد، ينطلق من معادلة داخلية و خارجية، الأولي أن تأسيس ديمقراطية في البلاد لابد أن تستند على أكبر قاعدة أجتماعية تخلق معادلة لتوازن القوى في المجتمع، و أيضا لابد أن يراع القوى الأخرى متمثلة في القوات المسلحة التي تشكل أكبر مهدد للديمقراطيات في دول العالم الثالث، أن يحاول أن يجعلها قوى تناصر الديمقراطية، و لا تنقلب عليها، لذلك سوف يكون عنده الاهتمام الكامل أن يكون هناك جيشا مهنيا واحدا ذو عقيدة قتالية وطنية، و حامي للنظام الديمقراطي و الدستور. لذلك لا يستطيع أن يبعد الجيش في الفترة الانتقالية بشكل كامل. القضية الخارجية؛ لابد أن ينظر للصراع الدائر بين المعسكرات المختلفة و تأثيره على البلاد، و مدى دعمه للعملية الديمقراطية في السودان، إلي جانب دول الجوار و موقفها من القضايا في السودان. فالديمقراطية ليست فقط توافقا وطنيا و قبولا جمعيا، أيضا هي تحسبا لكل المخاطر التي تهددها داخليا و خارجيا.
أن تدخل المجتمع الدولي لحل الأزمة السياسية في البلاد، تحكمه مصالح عديدة، و لا ننسى مقولات ونستون تشرشل الذي يرددها العديد من المثقفين، و توازن القوى مطلوب ليس من أجل إرضاء البعض، لكن لكي يشكل أرضية صلبة للنظام الديمقراطي. أن التنوع الذي يتحدث عنه العديد من السياسيين و المثقفين لابد أن يشكل عمودا فقريا للنظام الديمقراطي الجديد، و التالي تصبح عملية مخاطبة جذور المشكلة هي المتغيرات التي سوف تفرضها عملية الحل السياسي، و ليس تسليم السلطة لفئة دون الأخرين. و كما يقول المفكر علي حرب ( فمن لا ينتج معرفة بالمجتمع لا يستطيع المساهمة في تغييره. و من لا يبدع فكرا هو أعجز من أن يؤثر في مجرى الأحداث و تطور الأفكار) و مادام المجتمع الدولي ممثل في السفير الأمريكي و الاتحادي الأوروبي هم الذين يتدخلون لحل المشكل، يصبح هم الذين سوف يتعاملون مع الواقع السوداني وفق ثقافتهم و مصالحهم، و ليست الثقافة التي يقدمها السودانيون كمواثيق لهم. سوف يقرأون هذه المواثيق لكن سوف يتعاملون مع الأزمة بما يملكون من ثقافة ديمقراطية، تشرشل سوف يظل حاضرا بمخالفاته من حكم و أقوال مأثورة في هذا الحل السياسي. و نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
////////////////////////
هناك اقوال عديدة لترشرشل أعتبرت حكم تقال في مناسبا أهمها الحقل السياسي، حيث يقول ( ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم بل هناك مصالح دائمة - و يقول – و يقول - النجاح هو الانتقال من إخفاق إلي أخفاق دون فقدان الحماس – و يقول أيضا - أذا كنت ترغب بحق في اكتشاف بحار جديدة ، يجب عليك أن تتحلى بالشجاعة اللازمة لمغادرة الشاطيء) هذه الحكم مايزال العالم يتعامل بها باعتبارها منارات في طريق المصالح.
أن النظر للأزمة السياسية التي يمر بها السودان بعد سقوط نظام الإنقاذ، و حتى بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021م، هي أزمة عقل سياسي، محاصر بين فترة تاريخية طويلة من فشل النخبة السياسية منذ الاستقلال حتى اليوم. و عقل سياسي جديد بدأ يتخلق منذ خروج الجماهير في شوارع مدنها في الثلاث شهور الأخيرة من عام 2018م، هذا العقل الجديد بدأ يتخلق بوعي مغاير و تصورات جديدة لبناء دولة مدنية ديمقراطية، و هو عقل غير مرهون للإرث الثقافي السياسي السابق الذي يحمل في أحشائيه كل جينات الفشل، هذا التصادم بين الرؤى، هو سبب تعميق الأزمة السياسية في البلاد. عقل جديد عنده فكرة التأسيس هي التصور لبناء و نهضة الدولة الجديدة، و حدد شعارها " حرية سلام و عدالة" و عقل محكوم بالفشل إذا كان عقل عسكريين حكموا البلاد أكثر من نصف قرن، و فشلوا في تحقيق التنمية و ما يزال قلبهم معلقا بالسلطة. و أحزاب تاريخية تستند لتاريخ من الفشل، و لا تعرف طريق لبناء الأوطن إلا أن تكون هي في سدة السلطة. الأمر الذي يزيد الأزمة كل يوم تعميقا.
أن الحوار بين الفرقاء في ظل صراع السلطة الدائر على حكم البلاد في الفترة الانتقالية، لن يتحقق حتى إذا قدم الكل تنازلات للجلوس من أجل الحوار. لأن الخلاف سوف يتفجر مرة أخرى عندما يصل الكل إلي تكون مؤسسات الفترة الانتقالية، باعتبار كل قوى تنتظر معرفة حصولها من قسمة كيكة مؤسسات السلطة، لأن القلوب معلقة بالسلطة و ليست بعملية البناء و النهضة. الأمر الذي يفتح بابا لدخول المجتمع الدولي. لكي يوفق بين الفرقاء، و الكل رغم أنهم يشيدون ببروز العقل الجديد في المجتمع، لكن الكل يريد أن يقتاله في المهد حتى لا يؤثر على مصالحهم مستقبلا. و حتى المجتمع الدولي عندما يتدخل حماية أيضا لمصالحه، و دائما يحاول أن يدفع بالعناصر التي تسهل حصوله على هذه مصالح.
بدأ السفير الأمريكي الالتقاء مع القوى السياسية و لجان المقاومة و أسر الشهداء، و سوف يواصل الحوار مع أغلبية القوى السياسية ماعدا المؤتمر الوطني، حسب ما جاء في الوثيقة الدستورية، لأنها تمثل مرجعية له حتى إذا أقرت كل القوى السياسية و العسكر بأنها سقطت، و دائما النخبة السودانية تفكر بما تملك من الثقافة، و هي أقرب في تكوينها للثقافة الشمولية منها للثقافة الديمقراطية بسبب طول الفترات الشمولية و تراكم ثقافتها. السفير الأمريكي عندما يتحاور مع الأخرين حول الوصول للدولة الديمقراطية سوف يتعامل بثقافته الديمقراطية التي تعلمها بمشواره المعرفي و تجربته السياسية في مجتمعه، و غير محكوم أن يستبدلها بثقافة مزيج من الشمولية و بعض من الديمقراطية التي تستوطن الأن البلاد، و أيضا لن يتناسى مصالح بلده في السودان. و أيضا يحتاج إلي مرجعية ديمقراطية متوافق عليها في تعامله مع كل المكونات. فالثقافة الديمقراطية تقر بالمرجعية حتى إذا أختلف عليها الناس لكن في وقت ما كانت تشكل لهم مرجعية متوافق عليها.
أن النخبة السياسية السودانية، و حتى أغلبية المهتمين بالشأن السياسي تغلب عليهم العواطف و قناعاتهم الشخصية في التعامل مع أحداث الواقع السياسي، و عندما يفرض الواقع شروطا جديدة في العملية السياسية يصابوا بالصدمة. مثالا لذلك أغلبية الذين يملكون التعامل بالعاطفة، اعتقدوا أن سقوط نظام الإنقاذ يعني نهاية كاملة لكل الذين ارتبطوا بهذا النظام، و بالتالي سوف يصبح الملعب السياسي خالي من هؤلاء تماما. هذه نظرة خاطئة و قاصرة و لم تقرأ الواقع قرأة صحيحة. كان على النخبة السياسية أن تتوقع أن الصراع السياسي سوف يستمر لسنين. باعتبار ثلاث عقود جعلت هناك ألاف الناس ترتبط مصالحهم بهذا النظام، و هؤلاء سوف يدافعون عن مصالحهم بشتى الطرق، و يشكلون تحدي للنظام الجديد. لكن أصاب القوم الإندهاش، و بدأ الصياح أن الفلول بدأوا يتحركوا. و كان على النخبة السياسية أن تتوقع ذلك حتى إذا كان الجيش خارج اللعبة السياسية.
أن السفير الأمريكي في بحثه عن إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد، ينطلق من معادلة داخلية و خارجية، الأولي أن تأسيس ديمقراطية في البلاد لابد أن تستند على أكبر قاعدة أجتماعية تخلق معادلة لتوازن القوى في المجتمع، و أيضا لابد أن يراع القوى الأخرى متمثلة في القوات المسلحة التي تشكل أكبر مهدد للديمقراطيات في دول العالم الثالث، أن يحاول أن يجعلها قوى تناصر الديمقراطية، و لا تنقلب عليها، لذلك سوف يكون عنده الاهتمام الكامل أن يكون هناك جيشا مهنيا واحدا ذو عقيدة قتالية وطنية، و حامي للنظام الديمقراطي و الدستور. لذلك لا يستطيع أن يبعد الجيش في الفترة الانتقالية بشكل كامل. القضية الخارجية؛ لابد أن ينظر للصراع الدائر بين المعسكرات المختلفة و تأثيره على البلاد، و مدى دعمه للعملية الديمقراطية في السودان، إلي جانب دول الجوار و موقفها من القضايا في السودان. فالديمقراطية ليست فقط توافقا وطنيا و قبولا جمعيا، أيضا هي تحسبا لكل المخاطر التي تهددها داخليا و خارجيا.
أن تدخل المجتمع الدولي لحل الأزمة السياسية في البلاد، تحكمه مصالح عديدة، و لا ننسى مقولات ونستون تشرشل الذي يرددها العديد من المثقفين، و توازن القوى مطلوب ليس من أجل إرضاء البعض، لكن لكي يشكل أرضية صلبة للنظام الديمقراطي. أن التنوع الذي يتحدث عنه العديد من السياسيين و المثقفين لابد أن يشكل عمودا فقريا للنظام الديمقراطي الجديد، و التالي تصبح عملية مخاطبة جذور المشكلة هي المتغيرات التي سوف تفرضها عملية الحل السياسي، و ليس تسليم السلطة لفئة دون الأخرين. و كما يقول المفكر علي حرب ( فمن لا ينتج معرفة بالمجتمع لا يستطيع المساهمة في تغييره. و من لا يبدع فكرا هو أعجز من أن يؤثر في مجرى الأحداث و تطور الأفكار) و مادام المجتمع الدولي ممثل في السفير الأمريكي و الاتحادي الأوروبي هم الذين يتدخلون لحل المشكل، يصبح هم الذين سوف يتعاملون مع الواقع السوداني وفق ثقافتهم و مصالحهم، و ليست الثقافة التي يقدمها السودانيون كمواثيق لهم. سوف يقرأون هذه المواثيق لكن سوف يتعاملون مع الأزمة بما يملكون من ثقافة ديمقراطية، تشرشل سوف يظل حاضرا بمخالفاته من حكم و أقوال مأثورة في هذا الحل السياسي. و نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
////////////////////////