تفاسير خاطئة و(خائنة) !!

 


 

هيثم الفضل
3 November, 2022

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
كل من يقف في مواجهة إرادة شعبنا الحُرة المُتمثِّلة في أن يكون السودان دولة مدنية كاملة الأركان بدستورها وقانونها وواجهاتها الثقافة والإقتصادية والإجتماعية والسياسية والعلائقية مع العالم الخارجي ، هو (عدوٌ) حقيقي للوطن ، ويُمارس على الملأ جريمة الخيانة العُظمى التي إتفق كل العالم على تصنيفها كأعظم وأبشع ما يمكن أن يُرتكب من تخريب للمصلحة الإستراتيجية العامة للأمة.
صحيح نحن كديموقراطيون مستقلون ، ندعو إلى تقديس مبدأ الإعتراف بالآخر وتمكينهُ من إعتقاد ما يريد من أفكار وآيدلوجيات ، لكن هذا المبدأ يجب أن تكون حدود بداية إنفاذه (عدم الكُفر المبدئي) بالمنهج الديموقراطي في إدارة البلاد ، والذي بالطبع لن يستقيم أمرهُ دون (الوقوف بلا شرط) في صف الإرادة الشعبية الغالبة ، ذلك ببساطة لأن الديموقراطية هي (مُباراة) التنافُس بالأغلبية.
من لا يؤمنون بالديموقراطية هم بالأحرى لا يعترفون بالآخرين ولو كانوا أغلبية ، وعاجلاً أم آجلاً (سُيحاربون) الأغلبية التي تقف في وجه مصالحهم ، بأدوات عديدة (تٌعلي) من قُدراتهم (كأقلية) ، وفي مُقدِّمتها اللإفقار وإثارة الفتن ووضع العراقيل للإفشال ، هذا فضلاً عن البُندقية.
نقولُ ما سبق لنُذكِّر الناس أن الكيزان لا يؤمنون بالديموقراطية ليس لأنهم فقط يحبون الإختلاف والمعارضة ويكرهون بني جِلدتهم ، بل لأن منهجهم الفكري والسياسي يقوم على ذلك ، فهُم يعتبرون ما عداهم (كفاراً) وخارجين عن الدين والمِلة ويستحقون الإذلال والتنكيل والقتل ، وهُم فكرياً ومنهجياً ينطلقون في مسارات الجدال السياسي مع الآخرين من مبدأ (التعالي والسمَّوْ) بالدين الإسلامي الذي خصَّصوه وإحتكروه لأنفسهم ، وفوق كل هذا وذاك هُم لا يؤمنون من حيث المبدأ بفكرة الدولة المُستقلة ذات الحدود الجغرافية المرسومة ، ففي أمانيهم المنهجية لنظرية الإسلام السياسي يعملون على تأسيس دولة الخلافة الإسلامية العُظمى التي لا تحدها حدود ولا تفصل بين شعوبها الخصوصيات العقدية والثقافية والإقتصادية ، فهمومهم في فلسطين أو إفغانستان أوالصين (متساوية) ومُتعادِّلة مع همومهم في دارفور والنيل الأزرق وبورتسودان والخرطوم والمناقل ، كما أنهم يعتبرون مسيرة محاولاتهم الدؤوبة للوصول إلى الحكم (جهاداً) ، وإذا تمكَّنوا من الحصول عليه إعتبروا الوطن بما فيه من ثروات وموادر وحقوق و(بشر) مُجرَّد (غنائم) لا يحتاج الإستيلاء عليها إلى شرع ولا قانون ولا أعراف متوارثة ، وربما بعد حين طالبوا من يمتنعون عن الإنخراط في تنظيماتهم بدفع (الجِزية) أو لعلهم فعلوا ذلك عبر مُسميات جبائية أخرى يعلمها الكثيرون.
لكل ما سبق أعلموا أنهُم حتى وإن (إنحنوا للعاصفة) الديموقراطية التي عمَّت البلاد منذ 2019 ، وشاركوا بلا كلل و لا مآخذ فيما يخوضُ فيه شعبنا من تجديد ، فإنهم ما أن تُتاح الفُرصة لا بد يوماً ما (سينقلبون) ، أنا لا أؤمن بتاتاً (بصدق) وجدية البرهان وحميدتي والمؤتمر الشعبي والإصلاح الآن وما يُسمى بالحركة الإسلامية وتنظيمات السلفيين بمُسمياتها المختلفة وقواعد الإسلامويين (المُمكَّنين) في مفاصل الدولة ، وكل من كانت له خلفية أو ماضٍ أو مرجعية تنسبهُ لتيار الإخوان المسلمين ، في الإيمان (المُطلق) بالمسار الديموقراطي ، بالنسبة لهم سيظل الأمر مُجرَّد (إستراحة مُحارب) ، وتكتيك مؤقت ليستعدوا للإنقضاض من جديد ، فالفكرة نفسها لا يستقيم الإيمان بها والعمل على دعمها دون ذلك ، والموضوع بالنسبة لهُم أكبر من مُجرَّد الحصول على سلطة أو جاه أو نفوذ ، أنهُ ببساطة وحسب تفاسيرهم الخاطئة أو (الخائنة) للدين ، يتمحوَّر حول عدم الجواز و(الحُرمة الشرعية) لمثول غيرهم في سُدة قيادة الدولة ، أُسجِّل هذا للتاريخ وإن غداً لناظره قريب.

haythamalfadl@gmail.com

 

آراء