قراءه منهجية للمشاريع الفكرية العربيه المعاصره
د. صبري محمد خليل
19 November, 2022
19 November, 2022
Sabri.m.khalil@gmail.com
تمهيد: تهدف الدراسه الى تقديم قراءه منهجية للمشاريع الفكرية العربيه
المعاصره ، وتشمل: اولا: الجابرى ومشروع " نقد العقل العربي ". ثانيا:
اركون ومشروع " نقد العقل الإسلامي ". ثالثا:محمد شحرور والقراءة
المعاصرة للدين. رابعا: زكى نجيب محمود و قيود العقل العربي خامسا:
مذاهب وحده الوجود فى الفكر العربى المعاصر:ا/ عبد الجبار الوائلي و "
وحدة الوجود العقلية"، ب/ رائق النقري و "وحدة الوجود الحيوية . سادسا:
عصمت سيف الدو لة وقراءتان لتراثه الفكرى. سابعا : الاستخلاف كنسق معرفي
: إنساني / روحى/ مستنير لكاتب الدراسه.
اولا: الجابرى ومشروع " نقد العقل العربي ":
هدف المشروع : يرى الجابري ان مشروع "نقد العقل العربي" يهدف إلى النهضة،
وأن هذه النهضة لابد أن تنطلق من نموذج منبعث من داخل بنية العقل العربي
،وهو يرى أن ما اسماه النظام البرهاني" العقلاني " هو هذا النموذج .
الجغرافية واللغة كاسس لتحليل تكوين العقل وبنيته:ويربط الجابري بنية
العقل وتكوينه بالبيئه الجغرافية اولا، وثانيا باللغة كجهاز استلام
وارسال يضمر في داخله حقائق البيئة الجغرافية ذاتها.
النظم المعرفية الثلاثة: ويرى ان العقل العربي هو اساسا ثلاث أنظمة
معرفية منفصله ، وهي: النظام البرهاني " الفلسفي" والنظام العرفاني
"الصوفي"، و النظام البياني " اللغوي" .
العقول الثلاثة: كما يرى أن الحضارات الثلاث" اليونانية والعربية القديمة
والأوروبية الحديثة " هي التي أنتجت نظريات فى العلم "اى فلسفه علم" وليس
فقط علم، ومارست التفكير في العقل "اى التفكير الفلسفي" وليس فقط "
التفكير بالعقل" .
نقد المشروع:
العلاقه بين العقول الثلاثة تكامليه وليست تناقضيه: ان الانظمة المعرفية
الثلاثه التى اشار إليها الجابرى هي أنماط متعددة لذات الفاعلية المعرفية
اى العقل "العربي "،والتي تتعدد طبقا لمستويات الوجود التي يحاول
تفسيرها، وبالتالي فان العلاقة بينهما هي علاقة تكامل وليست علاقة تناقض
كما يلزم من مشروع الجابري .
القطيعه بين المغرب والمشرق العربيين ردفعل عاطفى: كما أن موقفه القائم
على القطيعة بين المغرب والمشرق، وقصر العقل البرهاني على المغرب هو رد
فعل عاطفي" ذاتي"على موقف أخر يعتبر المغرب مجرد تابع فكرى للمشرق، بدلا
من اعتبار كل من المغرب والمشرق أجزاء من كل( هو العقل العربي الإسلامي)
يحددهم فيكملهم ويغنيهم ولكن لا يلغيهم.
الغاء وحده العقل العربى – الاسلامى: وهذا الموقف يؤدى إلي إلغاء وحدة
العقل العربي الإسلامي.، فضلا عن انه أدى إلى تحول المشروع من نقد موضوعي
للعقل العربي إلى (نقض ذاتي للعقل المشرقي)
ربطه للعقل بالجغرافيا قائم على شكل من اشكال الجبريه الطبيعية: كما أن
ربطه للعقل وبينيته بالجغرافيه يستند الى تصور يلزم منه شكل من أشكال
الجبرية الطبيعية،فى حين ان الطبيعة هى شرط لحرية الإنسان وليست إلغاء
لها.
انتفاء الموضوعية فى تناول العديد من الحقائق : هذا الموقف العاطفي "
الذاتي" أدى الى انتفاء الموضوعية فى تناول كثير من الحقائق والتعسف في
تناولها، وهو الامر الذي اشار له بالتفصيل جورج طرابيشي فى نقده
للمشروع.
قصر العقلانيه على نمط واحد من انماط الفكر الفلسفى الإسلامى: كما أن
الجابري يفهم العقلانية طبقا لمفهوم المدرسة الفلسفية العقلانية
الغربية. وهو ما أدى به إلي قصرها على نمط واحد من أنماط الفكر الفلسفي
الإسلامي، هو الفلسفة الإسلامية في شكلها التقليدي وفى قطاعها الأرسطي.
وبالتالى نفاها عن أنماطه الاخرى" علم الكلام، التصوف ، أصول الفقه..." .
رغم أن الغرب ذاته لم يدخل عصر النهضة إلا من خلال نقد التصور الأرسطي
للعقل والمعرفة " التيار التجريبي فى الفلسفة الاوروبيه الحديثه ".
الطابع الاشكالى: كما ان مشروع الجابرى يثير المشاكل، اكثر مما يحاول وضع
حلول لها ،ربما تاثرا بالمنهج البنيوى الذى استخدمه، والذى يركز على
تحليل البنيه اكثر من ان يحاول تغييرها.
ثانيا: اركون ومشروع " نقد العقل الإسلامي ":
الإسلاميات التطبيقية: يرى أركون ان مشروعه الفكرى الذى يهدف الى نقد
العقل الإسلامي ، يستند الى ما اسماه " الإسلاميات التطبيقية " ، والتي
يرى أنها تهدف إلى إحداث قطيعة " منهجية" جذرية ، مع الدراسات الغربية
التقليدية للإسلام "الاستشراق القديم"، التي يرى أنها تتصف بالرؤية
السكونية، نتيجه لاستخدامها مناهج تجاوزها التطور العلمى فى الغرب "
كمناهج الوضعية والتاريخية واللغوية ".
المنهج الأركيولوجي" الحفري"التفكيكى: وهو يستخدم فى مشروعه الفكرى
المنهج التفكيكي ،الذى يفترض انه منهج علمى وليس منهج فلسفى.
اللا مفكر فيه : ويرى ان هدف مشروعه الفكري هو تناول جوانب التراث
الاسلامى التى لم يتم نقدها ، والتى اسماها" اللامفكر فيه" أو "المستحيل
التفكير فيه" .
التراث بنيه تراكميه: ويرى أركون ان التراث هو مجموعة متراكمة من الحقب
الزمنية ، كطبقات الأرض الجيولوجية أو الأركيولوجية، وللتوصل إلى طبقاتها
العميقةلا بد من اختراق طبقاتها السطحية.
الطابع الاشكالى:و يرى أركون ان مشروعه يهدف الى طرح اسئلة عن التراث
الاسلامى أكثر مما يبحث عن اجابات لها.
تحول العقل الاسلامى الى عقل مغلق على ذاته :ويرى اركون أن العقل
الإسلامي الكلاسيكي تحول إلى عقل أرثوذكسي "تقليدى" صلب ومغلق على ذاته
،ويترتب على هذا انه ينزع صفة العقلانية عن هذا العقل ومنتجاته الفكرية .
شروط انفتاح العقل الاسلامى على العقلانيه الحديثه:ويرى ان العقل
الاسلامى لا يمكنه الانفتاح على العقلانيه الحديثه " التى يقصرها على
العقلانيه الغربيه" ،إلا بتفكيك أرثوذكسية " تقليديه " تراثه ، وتحطيم
المعرفة الأسطورية داخل بنيته.
الدعوه للتحرر من سلطه النص: ويرى اركون ان الطريق إلى " الحداثة" يمر
عبر التحرر من سلطة النص ،والتى يرى ان خصائصها تتضمن : ا/ الخلط بين
الأسطوري والتاريخي، ب/ التدعيم القطعي للقيم الأخلاقية الدينية ،
ج/التأكيد اللاهوتي لتفوق المسلم على غير المسلم، ج/ حصر وظيفة العقل في
تأويل الوحي ، د/ تقديس اللغة، ه/ التأكيد على تعالي المقدس وتجاوزه
التاريخية...
تاريخيه النص القرانى:ويرى اركون أن القرآن هو نص تشكَّل تاريخيا ضمن
شروط معينة،وبالتالى يمكن إخضاعه للنقد، وهو ما يعني نزع القداسة عنه
باعتباره نصّ إلهي .
التشكيك فى الروايه الاسلاميه لجمع القران: ويشكك اركون فى الرواية
الإسلامية لقصة جمع القرآن، ويمتد هذا التشكيك إلى طريقة تبليغ الرسول
للقرآن وكيفية نقله عنه حفظاً وكتابة.
الخطاب القرانى نموذج للتفكير الميثى: بل إن اركون يقرر ان الخطاب
القرآني " بالإضافة الى الحكايات التوراتية" هو نموذج للتعبير الميثي "
الأسطوري".
نقد المشروع:
الطابع السلبي للمشروع: المشروع النقدي عند أركون ذو طابع سالب يؤدى نسف
أساسيات العقل الإسلامي وكل ما أنتجه من تراث فكري.،وليس ذو طابع ايجابي
يؤدى إلي تحرير العقل الإسلامي من الأخطاء التي تعوق فعاليته ،ومرجع ذلك
المنهج التفكيكي الحفري الذي استخدمه يقوم على التحليل دون التركيب
،ويفهم التفكيك بمعنى التحطيم والتدمير، كما تبلور على يد كل من هايدجر
ونيتشه ودريدا وفوكو.
عدم التمييز بين اصول الدين وفروعه:ومشروع أركون يقوم على عدم التمييز
بين اصول الدين النصيه الثابته و فروعه الاجتهاديه المتغيره.
نقض وليس نقد :كما أن تطبيقه لمفهوم اللا مفكر فيه حول مشروعه من النقد ،
اى بيان الايجابيات والسلبيات، إلى النقض لأنه قائم على إبراز السلبيات
دون الاشارة الى الايجابيات.
موقف غير نقدي:كما أن الموقف النقدي يقتضى اتخاذ موقف نقدي من المنهج
المستخدم أولا، وهو ما قام به كثير من الفلاسفة الغربيين " كما هو واضح
في نقد فوكو للبنيوية"، ولم يقم به اغلب المفكرين العرب من انصار الموقف
التغريبى ومنهم أركون.
ثالثا: محمد شحرور والقراءة المعاصرة للدين :
التمييز بين كتاب النبوة وكتاب الرسالة: يرى د. محمد شحرور في قراءته
المعاصرة للدين أن القرآن الكريم الذي انزله الله تعالى على النبي
محمد(صلى الله عليه وسلم) يحتوي كتابين رئيسيين:
الأول: كتاب النبوة: ويشتمل على بيان حقيقة الوجود الموضوعي، ويفرق بين
الحق والباطل، اي بين الحقيقة والوهم.
الثاني: كتاب الرسالة: ويشتمل على قواعد السلوك الإنساني، ويفرق بين
الحلال والحرام.
مضمون كتاب الرسالة: ويرى ان كتاب الرسالة يتضمن (كتاب الآيات المحكمات)
التي تتضمن التشريعات والحدود ، والأحكام التي تخضع لجدلية الاعتدال
والانحراف، و الاستقامة والحنيفية، وهي جدلية تنتجها تناقضات الحياة
الإنسانية، كما تدرس في مجالات علم الاجتماع والاقتصاد.
الإسلام وضع حدود التشريع وليس التشريع عينه: ويرى أن التشريع في القرآن
جاء في حدود الله؛ حيث أعطى الله تعالى في الإسلام "حدود التشريع" وليس
"التشريع عينه"، والاستقامة هي في الحدود، والحنيفية هي في الحركة ضمن
الحدود، وتتحرك حسب التطور التاريخي للمجتمع.
جدلية الحنفية والاستقامة ” الثابت والمتحول” ومفهوم “التوابع المستمرة”
عن نيوتن: فالاستقامة والحنيفية عند د. شحرور هما تعبير آخر عن الثابت
والمتحول في الشريعة، ويحاول شحرور أن يؤسس هذه للعلاقة الجدلية بينهما
على ما يسمى بمفهوم «التوابع المستمرة» في رياضيات نيوتن، حيث يخلص إلى
أن التشريع الإسلامي يحمل الخاصيات نفسها الموجودة في هذا المفهوم ، وعلى
هذا الأساس يقسم الخطوط المستقيمة – الثوابت – إلى ستة خطوط رئيسية تعطي
المجال للحركة الحنيفية – المتغير – أن تتحرك في داخلها ولا تعداها.
الحالات الست للحدود في التشريع: استنادا إلى هذا قسم د.شحرور الحدود في
التشريع إلى ست حالات هي: أولا: حالة الحد الأدنى: ومثاله عدد المحرمات
من النساء . ثانيا: حالة الحد الأعلى: ومثاله ان الحد الأعلى من الإرث
للذكر )66.6% ) والحد الأدنى للأنثى منه منه (33.3% ) فى الايه (للذكر
مثل حظ الأنثيين…) . رابعا: حالة الحد الأدنى والحد الاعلى معا على نقطة
واحدة: ومثالها عقوبه مائه جلده فى حد الزنا .خامسا: حالة الحد الأعلى
بخط مقارب لمستقيم: ومثالها ان الحد الادنى فى علاقة الرجل بالمرأة من
الناحية الجنسية، تبدأ هذه العلاقة بعدم ملامسة الرجل للمرأة بتاتا،
وتنتهي بخط مستقيم يقارب الزنا. سادسا: الحد الأعلى موجب مغلق لا يجوز
تجاوزه، الحد الادنى سالب يجوز تجاوزه (مهدي الكبيسي / قراءة سريعة في
فكر الدكتور محمد شحرور في ضوء منهجه ومنطقه)
نقد:
تقرير جدل المادة: ينسب د. محمد شحرور الجدل”التطور من خلال صراع
المتناقضات” إلى المادة ، ويعتبر ان”جدل المادة” لا يتعارض مع المنهج
الاسلامى لأنه يفترض انه نظريه علميه ثبت صحتها.وهذا التصور غير صحيح ،
فجدل المادة ليس نظرية علمية “تجريبية”، بل هو منهج معرفه “فلسفه” قال به
كارل ماركس ، وقد ثبت خطأه علمياً ، لان النظرية الذرية الحديثة اثبت
الذرة مكونه من الكترونات (سالبة) وبروتونات(موجبه) ونيوترونات(محايدة) ،
وقائمه على التوازن، وخاليه من التناقض، هذا فضلا عن أن إسناد الجدل
للمادة يتعارض مع المنهج الاسلامى، لأنه يؤدي إلي تسخير بالإنسان لما هو
مسخر له .
جدل الإنسان بمضمون ميتافيزيقي: كما يقرر د. شحرور جدل الإنسان ، ولكن
يجعل مضمونه – وليس أساسه النظري – غيبي” ميتافيزيقي” ، مضمونه ما اطلق
عليه اسم "جدليه الرحمان والشيطان".وإسناد الجدل للإنسان لا يناقض المنهج
الإسلامي، إذا نظرنا إليه كسنة الإلهية نوعية تضبط حركة الإنسان، بشرط
الاستناد إلي الأسس الغيبية”الميتافيزيقية،” للمنهج الإسلامي ،والتي تحد
الجدل ولا تلغيه . لكن هذا لا يعني أن يتحول المنهج إلي منهج ميتافيزيقي
بالمفهوم الغربي ، أي يتحول إلي البحث في مشاكل ميتافيزيقية، إذ المنهج
بعد ذلك هو النظر في سنن الله تعالى في الطبيعة والمجتمع (قد خلت من
قبلكم سنن قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)، وهو الخطأ
الذي وقع فيه د. شحرور ، حين جعل مضمون جدل الإنسان جدلية الرحمن
والشيطان ،هذا فضلا عن ان هذه الجدلية يلزم منها المساواة بين الرحمن
والشيطان في الدرجة .
تقرير نظريه التطور العضوي: كما يقرر د. محمد شحرور نظريه التطور العضوي
)الدارونيه) في العديد من مؤلفاته، حيث يقرر – على سبيل المثال- في كتاب
(الكتاب والقران:رؤية جديدة ) أن البشر وجد على الأرض، نتيجة تطور استمر
ملايين السنين…. وان عبارة (اهبطوا منها) فتعنى الانتقال من مرحله إلى
أخرى، وليس المعنى انزلوا منها… وان جنه الخلد ليس لها علاقة بأصل البشر
لأنها أصلا لم توجد بعد …وان آدم ليس اسما لشخص واحد، بل اسم جنس هو
الجنس الادمى ( ص 318- 319) . وتقريره لنظرية التطور العضوي يتجاهل النقد
الذي وجه للنظرية من جهتي العلم والدين .أولا:العلم: ان نظرية التطور
العضوي تنطوي على قدر كبير من الخطأ لعدة أسباب أهمها :أولا:أنها تتناقض
مع قوانين علم الوراثة، التي تثبت أن لكل كائن حي خريطة وراثية مختلفة عن
الخريطة الوراثية للكائنات الأخرى،ثانيا : أن الطبيعة حتى في عالم
الأحياء تتحول ولا تتطور ( د. عصمت سيف الدولة /النظرية / ج1 /
ص120-121). ثانيا: الدين: إن نظريه التطور العضوي هي شكل من أشكال
المفهوم المادي للتطور ، وكلاهما – فيما نرى – يتناقضان مع المنظور
الاسلامى للوجود ومنهج المعرفة الاسلامى ، حيث يلزم منهما منطقيا نفى
وجود فاعل مطلق اوجد الكائنات الحية المختلفة،أو نفى فاعليه هذا الفاعل
المطلق،بصرف النظر عن الاعتقاد الذاتي لمن يعتقد بصحة هذه النظرية وهذا
المفهوم.
تصور د. شحرور للقضاء والقدر: ان تصور د. شحرور للقضاء والقدر قائم على
افتراض مضمونه أن القضاء والقدر يتعلقان بالفعل الانسانى- في علاقته
بالوجود المادي “الموضوعي” ، ولا يتعلقان بالفعل الالهى. وهذا الافتراض
يتعارض مع تقرير النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة- لذا فهو محل
اتفاق السلف الصالح والائمه والعلماء والمتكلمين- أن القضاء والقدر
يتعلقان بالفعل الالهى المطلق (الذى عبر عنه القران بمصطلح الربوبية )،
وظهوره في عالم الشهادة من جهة الإيجاد ،اى ظهور صفه الإيجاد فيه . و كون
الفعل المطلق لله تعالى لازم النفاذ (القضاء) او تحققه في عالم الشهادة(
القدر) لا يترتب عليه أن الإنسان مجبور على فعله . اتساقا مع هذا فقد
رفض علماء أهل السنة بمذاهبهم الكلامية والفقهية المتعددة الجبر. فالقول
به وافد على الإسلام . وبهذا ينتفي مبرر د. شحرور - سواء كان مضمر أو
معلن- من عدم نسبه القضاء والقدر إلى الفعل الالهى ، وهو الخوف من ان
يلزم من ذلك القول بالجبر .فضلا عن ان تصوره امتداد لتصور مذهب القدرية
الذي ينفى القدر عن الله تعالى ويثبته للإنسان ، والذى يخالف مذهب اهل
السنه.
أميه الرسول لا تتعلق بالقراءة والكتابة : كما يرى د. شحروران آميه
الرسول لا تتعلق بكونه لا يقرا ولا يكتب، بل تتعلق بكونه غير يهودي ولا
نصراني . وهذا الرأي يخالف ما قررته النصوص، واتفق عليه أهل اللغة
والتفسير من أن معنى أميه الرسول(صلى الله عليه وسلم) انه لا يقرا ولا
يكتب.
المعجزات ليست خروج عن قوانين الطبيعة: ويرى د. شحرور أن المعجزات ليست
خرقا لقوانين الطبيعة حيث يقول ( المعجزة عند كل الأنبياء قبل محمد هي
التقدم في عالم المحسوس عن عالم المعقول السائد وقت المعجزة، ولكنها ليست
في اى حال من الأحوال خروجا عن قوانين الطبيعة) (الكتاب والقرآن:رؤية
جديدة /دار الساقي/ طبعة ثانية / ص 211(.. وهذا التعريف للمعجزات يخالف
التعريف الذي اصطلح عليه الأصوليون والعلماء وأهل اللغة ، فهي عندهم (
الأمر الخارق للعادة) ، وكون المعجزة أمر خارق للعادة “اى خروج عن قوانين
الطبيعة” هو محل إجماع بين السلف الصالح والائمه وعلماء أهل السنة بفرقهم
المختلفة .
العقوبات قابله للاجتهاد دون تمييز بين العقوبات المقدرة “الحدية و
القصاص” وغير المقدرة “التعزيريه”: كما يقرر د. محمد شحرور أن العقوبات
الاسلاميه قابله للاجتهاد دون تمييز بين العقوبات المقدرة والتي تتضمن
العقوبات الحدية والقصاص والتى الاصل فيها النص، والعقوبات غير المقدرة
والتي تتضمن العقوبات التعزيريه، والتى الاصل فيها الاجتهاد.
الخلط بين التشريع والاجتهاد: كما يخلط د. شحرور بين التشريع كوضع الهي
ثابت ، مضمونه النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة-والشارع هو الله
تعالى، والتشريع صفه ربوبية بنص القران – والاجتهاد ككسب بشرى متغير
مضمونه تأويل لنص ظني الورود أو الدلالة، هذا الخلط يتضح في قوله في معرض
تعريفه للتشريع ( التعريف الصحيح للتشريع :هو تشريع مدني إنساني ضمن حدود
الله) )الكتاب والقرآن: رؤية جديدة / 630)، فتعريفه للتشريع هو تعريف
الاجتهاد وليس التشريع.
القول بانعدام النسخ في الرسالة المحمدية : كما ينفى د. شحرور وجود النسخ
في القران ، حيث يقرر ان (الفقهاء لجؤوا إلى القول بالنسخ بعد عجزهم عن
التفريق بين القران والرسالة في التنزيل من جهة، وعن التباس الامر عليهم
بين القصص المحمدي الذي هو القران وبين ام الكتاب “الرسالة” ) (الكتاب
والقران: رؤية جديدة /ص 492 .( وهذا الراى يخالف تقرير النصوص وجود
النسخ في القران الكريم كقوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير
منها أو مثلها) ، اتساقا مع هذه النصوص فقد اتفق السلف الصالح على وجود
النسخ في القران الكريم، كما اثبته الأصوليون والفقهاء والمفسرين وردوا
على منكريه (مناهل العرفان ج 28/93-131 ، أما نسبه إنكار النسخ لبعض
العلماء كأبو مسلم بن بحر فهو غير صحيح على إطلاقه ، لأنه لم ينكر النسخ
بصوره مطلقه، يقول التاج ألسبكي (أن أبا مسلم لا ينكر وقوع النسخ بالمعنى
الذي نسميه نسخا، ولكنه يتحاشى أن يسميه باسمه ، ويسميه تخصيصا(.
إنكار حجية”الزاميه” السنة كمصدر أصلى للتشريع الاسلامى: يرى د. شحرور أن
السنة النبوية هي اجتهاد، وليست وحيا، وهي عبارة عن منهج في تطبيق أحكام
أم الكتاب بسهولة ويسر من دون الخروج عن حدود الله في أمور الحدود، أو
وضع حدود عرفية مرحلية في بقية الأمور، مع الأخذ بعين الاعتبار عالم
الحقيقة: الزمان والمكان والشروط الموضوعية التي تطبق فيها هذه
الأحكام.وهو يرى أن الاية (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى)، لا
تتحدث عن النبي(صلى الله عليه وسلم) هذا الرأي يترتب عليه إنكار حجية
“ألزام”السنة كمصدر أصلي للتشريع – بالاضافة إلى القران الكريم- والتي
اتفق على تقريرها السلف الصالح والأئمة وعلماء أهل السنة بفرقهم
المتعددة.ومضمون هذه الحجية “الإلزام “أن الأحاديث اليقينية الورود
القطعية الدلالة مصدر لأصول الدين ، و الأحاديث ظنية الورود والدلالة
مصدر لفروع الدين .
التفسير العلمي للقران ومذهب رد الأصل"القران" إلى الفرع"العلم
التجريبى"( التطابق بين العلم والدين): ويمكن اعتبار القراءة المعاصرة
للدين عند د. شحرور،شكل من التفسير العلمي للقران، المستند إلى مذهب رد
الأصل(القران) إلى الفرع(العلم التجريبي)والذي يجعل العلاقة بين الدين
والعلم علاقه تطابق.وهذا المذهب يلزم منه العديد من الإشكاليات
ومنها:أولا: أن هذا المذهب يجعل العلم الأصل “لمطلق”والقرآن
الفرع”المحدود” بينما العكس صحيح – وذلك بتأويل النص القرآني ليتفق مع
نظرية علمية معينة .ثانيا: أن النظريات العلمية كشكل من أشكال المعرفة
الإنسانية محدودة نسبية ، لذا تحتمل الصواب والخطأ ،وبالتالي فإن
اعتبارها من القرآن ، يؤدي إلي نسبة هذا الخطأ إليه …ثالثا:أن هذا المذهب
يجعل العلاقة بين الدين والعلم علاقة تطابق،والصواب أنها علاقة اتساق
“عدم تناقض”.والفارق بين الاثنين أن العلاقة الأولى تعنى وحده موضوع
الإثنين(العلم والدين)، وهو غير صحيح، بينما الثانية تراعى تمايز موضوع
الاثنين مع وجود روابط مشتركة بينهما.
رابعا: زكى نجيب محمود و قيود العقل العربي
من التغريب إلي التجديد: مر زكى نجيب محمود" شانه شان كثير من المفكرين
العرب والمسلمين" بتجربة الانتقال من التغريب إلي التجديد، إذ يروى عن
نفسه انه في شبابه كان رافضاً لقراءة التراث العربي مبهوراً للإنجاز
الفلسفى الغربي الأوروبي والأمريكي، ولكنه وبعد مرحلة كبيرة من البحث
أيقن أن كثيراً من التراث العربي يستحق القراءة.
معيار المنفعة: ولكن كان السؤال المهم الذي طرحه لأمراض العقل العربي هو
ماذا نقرأ ونأخذ من تراث الأسلاف؟ يقول د.زكى نجيب إن ما يجب أخذه من
التراث هو ما نستطيع تطبيقه اليوم عملياً، فيضاف إلى الطرائق الجديدة
المستحدثة، أما ما لا ينفع نفعاً عملياً تطبيقياً فهو الذي نتركه غير
آسفين.
قيود ومعوقات العقل العربي
القيد الأول : أن صاحب السلطان هو صاحب الرأي وليس صاحب رأى : و أن أساس
البلاء هو أن يجتمع السيف" السلطة" والرأي "الفكر" .
القيد الثاني : سلطان الماضي على الحاضر : القديم له رهبة وسحر وجلال،
ولكن أن يتحول الإعجاب إلى تقديس تلك هي المشكلة .
القيد الثالث : تعطيل القوانين الطبيعية : فهو يرى اننا أننا نميل ميلاً
شديداً إلى أن تكون قوانين الطبيعة لعبة في أيدي نفر من أصحاب القلوب
الطيبة الورعة، فيكفى أن يكون الفرد “صالحاً ” لينصرف صلاحه إلى تعطيل
قوانين الطبيعة.وهو هنا يشير الى مفهوم "كرامات الأولياء" عند الصوفية.
نقد:
من التغريب الى التجديد: وهكذا فان زكى نجيب محمود استطاع تجاوز الموقف
التغريبي ، القائم على افتراض أن تحقيق التقدم لا يتم إلا باجتثاث الجذور
الحضارية للامه، في مرحلته الفكرية الاولي" التبني الكامل للوضعية
المنطقية"، إلى الموقف التجديدي ،القائم على استيعاب ما لا يناقض الهيكل
الحضاري للامه، من اجتهادات ذاتيه أو إسهامات الشعوب الأخرى المعاصرة.
المنفعه ليست المعيار الوحيد :ولكنه" ربما تأثرا بالبراجماتية" يستند إلى
معيار المنفعة في تحديد ماذا نأخذ من التراث، لكن المنفعة ضابط ذاتي
للحركة، لا يصلح وحده كمعيار موضوعي، إذ لابد أولا من التمييز بين ما
ينتمي إلى الهيكل المعرفي الاساسى للعقل العربي المسلم، والبناء المعرفي
المكتسب عليه، ثم جعل المنفعة احد معايير- وليس المعيار الوحيد- الأخذ أو
الرفض من الأخير
عدم التمييز بين الدلالات المختلفه لمفهوم الكرامه:كما لم يميز زكى نجيب
بين دلالالتين لمفهوم الكرامه ، الاول تجعلها خرق للعاده المطردة ممثله
فى قوانين الطبيعه،وبالتالى تتعارض مع العلم ، والثانيه تجعلها خرق لعاده
اغلب الناس دون خرق لقونين الطبيعه.،وبالتالى لاتتعارض مع العلم.
خامسا: مذاهب وحده الوجود فى الفكر العربى المعاصر:
ا/ عبد الجبار الوائلي و " وحدة الوجود العقلية":
عقلنة المادة: يرى الوائلي ان الخلية الحية تملك قسطًا من العقل ما دامت
تتصف بالحياة وكذلك تملك الذرة عقلاً يتناسب مع بساطتها. وهذا يعني أن
العالم كلَّه ما هو إلا "عقول أولية" تتصف بإمكانية التفاعل المستمر.
العقل العام (الله تعالى) : و العقل العام ( الله تعالى ) عند الوائلى هو
مجموعة العقول المنبثقة في ذرات العالم كلِّه. فكل ما في الوجود ما هو
إلا ركام العقول المتفاوتة في الدرجات التي تؤلِّف العقل العام؛ وهذا
الأخير لا يأخذ شيئًا من خارجه، باعتباره هو الطبيعة ذاتها.
العلاقه بين العقل العام (الله) والعقول البسيطة (العلم): والعقول
البسيطه هي أفكار في العقل العام، تُمِدُّه بأفكارها العقلية. وإنها لا
تأخذ شيئًا من العقل العام، كما أنها غير قادرة على الذوبان فيه.
ب/ رائق النقري و "وحدة الوجود الحيوية ":
التصور الحيوى لمفهوم الألوهية: يقدم د. رائق النقري في كتابه
"الإيديولوجية الحيوية" مذهب فى وحده الوجود ، ينطلق من تصور حيوى
للالوهيه ، مضمونه ان الله تعالى موجود كمسلَّمة، وهو كل حيوي كقوة
الخلاقة ودفق مستمر في الكائنات كلها. وهو ليس جوهر ، بل هو قابلية
التحول الدائم للأشياء.
ادوار فكره الالوهيه: ويرى النقرى ان فكرةُ الالوهيه مرت بأدوار عدة،
وفقًا لحركة القانون الحيوي للمجتمع: فكانت الخطوة الأولى هي معرفة الله
من خلال فكرة الخوف من الموت والحلال والحرام. حتى وصلت إلى فكره الإله
المجرد الذي ليس له شبيه ولا شكل ولا وزن ولا صفة. وهى الفكره التى يرى
النقرى انها تتوافق مع فكره الفلسفه الحيويه للالوهيه ، رغم انها تربط
الالوهيه بالزمن، وتنفى انها تحرك العالم بل تجعلها والعالم حركه.
اراده الحياه: فالنقرى يرى - استنادا الى تصوره الحيوى للالوهيه - أن
تجربة الحق والخلق هي تجربة إلهية بقدر ما هي تجربة إنسانية وكونية. إنها
تجربة الحياة ذاتها – إرادة الحياة.
(محمد الراشد، إشكالية وحدة الوجود في الفكر العربي الإسلامي، دار
الأوائل، ط2 ، دمشق 2002)
نقد:
· محاوله الوائلي هى تعريب وأسلمة لمذهب ليبنيز فى وحدة الوجود
العقلية القائم على الذرات الروحية " المونادات، ويلزم من عقلنة المادة
فى هذه المحاوله انكار الوجود الموضوعي للمادة.
· كما ان محاوله النقرى هى تعريب واسلمه للفلسفه الحيويه عند
برجسون ،كما ان تصوره الحيوى للوجود يترتب عليها انكار الوجود الموضوعي
للمادة الجامدة "غير الحية"،فضلا عن كونه – باعتباره مذهب فلسفى حيوى-
معادل فلسفى للديانة الارواحية "عباده الارواح"التى سادت عند اغلب الشعوب
القديمه.
· تناقض مفهوم وحده الوجود مع التصور الإسلامي للوجود: وهذه
المحاولات تتجاهل حقيقة ان مضمون مفهوم وحده الوجود، أن للخالق وحده وجود
حقيقي، أما المخلوقات فوجودها وهمي، ، وبالتالى يترتب عليه وحده الخالق
والمخلوق، هذا المفهوم يتناقض – في ذاته وفى ما يلزم منطقيا منه – مع
التصور الاسلامى الصحيح للعلاقة بين الوجود الالهى والوجود الكوني
الطبيعي، والمستند إلى مفهومي التنزيه و التوحيد، فمضمون مفهوم التنزيه
أن وجوده تعالى غير محدود بالحركة خلال الزمان، أو الوجود في المكان، ولا
تتوافر للإنسان إمكانية إدراكه بحواسه وعقله، وبالتالي يترتب عليه عدم
جواز الخلط والدمج بين الوجوديين الالهى والطبيعي بخلاف هذا المفهوم، كما
أن مضمون مفهوم التوحيد إفراد الوجود المطلق -وليس إفراد الوجود- لله
تعالى، وبالتالي فانه طبقا لمفهوم التوحيد فان لله تعالى وجود حقيقي مطلق
وللكون وجود حقيقي محدود ، بخلاف مفهوم وحده الوجود الذى يرى أن الوجود
الالهى وحده هو الوجود الحقيقي، أما الوجود الكوني الطبيعي فهو مجرد تجلى
للوجود الالهى ،وليس له اى وجود حقيقي ،ومصدر اعتقادنا بوجوده خداع
الحواس.
سادسا: عصمت سيف الدو لة وقراءتان لتراثه الفكرى:
· تعريف بالتراث الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله : يتضمن التراث
الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله ” رحمه الله تعالى” ثلاثه مستويات هى:
· اولا المستوى الفلسفى : ويتضمن جانب نفى يتضمن نقده للفلسفات
الغربيه الاساسيه ” كالماركسيه والليبراليه والوجوديه…” ، كما يتضمن جانب
اثبات يتضمن ما اسماه ” الفلسفه الانسانيه”.
· ثانيا المستوى المنهجى: ويتضمن جانب نفى يتضمن نقده لمناهج
المعرفه الغربيه الاساسيه (كالمنهج الجدلى بشكله المثالى كما عند هيجل ،
وشكله المادى كما عند ماركس، والمنهج الليبرالى…)،وجانب اثبات يتضمن ما
اسماه ” منهج جدل الانسان”.
· ثالثا المستوى المذهبى: ويتضمن جانب نفى ويتضمن نقد للمذاهب
السياسية الغربيه الأساسيه(كالمذاهب السياسيه الليبراليه والماركسيه…)،
وجانب اثبات يتضمن ما اسماه ” نظريه الثوره العربيه” بأركانها الثلاثه
“المنطلق والغايات والوسيله.”
· تعدد القراءات: وهناك تعدد فى قراءات التراث الفكرى عند الدكتور
عصمت سيف الدوله، ويرجع هذا التعدد فى القراءات الى العديد من الاسباب
لامجال لذكرها هنا غير انه يمكن تقرير ان هناك قراءتان اساسيتان لهذا
التراث الفكرى وهما:
· القراءه الاولى” القراءه العلمانيه”: وهى قراءه تنظر الى التراث
الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله باعتباره كل قائم بذاته ومستقل عن من
سواه ، وهى قراءه علمانية إذا كان المقصود بهذا السوى – الذى يستقل عنه
هذا التراث الفكرى- الدين الاسلامى، بمعنى انها قراءه تفصل بين هذا
التراث الفكرى” باعتباره مذهب سياسى” والاسلام ” كدين” ، استنادا الى ان
العلمانيه نزعه تعمل على الفصل بين ماهو دينى وماهو سياسى”.
· نقد القراءه الاولى (تناقضات القراءه العلمانيه(:
· أولا:رفض الدكتور عصمت سيف الدوله للعلمانيه: هذه القراءة
تتناقض مع موقف الدكتور عصمت سيف الدوله الرافض للعلمانيه ، سواء ضمنا
كما فى مؤلفاته السابقة على كتابه (عن العروبة والاسلام: مركز دراسات
الوحدة العربيه، بيروت ، 1986) ، وصراحة كما فى هذا الكتاب . حيث يقرر ان
(للعلمانيه نظاما وللاسلام نظاما وهما لا يلتقيان فى أكثر من وجه) (ص240)
· ثانيا: رفض الدكتور عصمت سيف الدوله لليبراليه :لا يمكن الحديث
عن قراءه ليبرالية للتراث الفكري للدكتور عصمت سيف الدوله – والعلمانيه
عنده احد اركانها كنظام شامل متكامل للحياه – لانه كان قاطعا فى رفضه
لليبراليه ، وهوما يتضح من خلال نقده لليبراليه ” كفلسفة ومنهج ومذهب “فى
أغلب كتبه .
· ثالثا : التناقض بين القبول المطلق والموقف النقدي: كما ان هذه
القراءة قائمه على موقف القبول المطلق للتراث الفكري للدكتور عصمت سيف
الدوله ، والذي يتناقض مع الموقف الحقيقى للدكتور عصمت سيف الدوله من
القضايا الفكرية – الاجتهادية – التى تتجاوز موقفى القبول او الرفض
المطلقين الى الموقف النقدى، الذى يميز بين الايجابيات والسلبيات ، فيقبل
الاولى ويرفض الثانيه.
· القراءه الثانيه “القراءه الاسلاميه المستنيره”:
· التحديد التكليفى: تنظرهذه القراءه الى التراث الفكرى للدكتور
عصمت سيف الدوله كاجتهاد انسانى محدود –تكليفيا – بالاصول التى مصدرها
النصوص اليقينيه الورود القطعيه الدلاله ، فهذه الاصول تحده فتكمله
وتغنيه ولكن لا تلغيه .
· تجاوز موقفى القبول والرفض المطلقين الى الموقف النقدى: كما
أنها تتجاوز كل من موقفي الرفض والقبول المطلقين، الى موقف نقدي قائم على
– مستوى الأصول- على قبول ما يتفق مع هذه الاصول، ورفض ما يختلف معها،
كما انه قائم على مستوى الفروع على قبول ما كان صوابا فى هذا التراث
الفكرى ، ورفض ما كان خطاْ فيه ، يقول د.عصمت سيف الدوله (..اى ان تكون
الممارسة النضالية وسيلة لإغناء وتصحيح ثم تدعيم الفكر الطليعى وطريقا
لنشره والتدليل على صحته)( الطريق ،دار الوحده، بيروت ،ج2، ص270)
· مذهب إسلامي مستنير: وهذه القراءة تنظر الى هذا التراث الفكري
باعتباره مذهب إسلامي مستنير. لانه يهدف- على المستوى الذاتي- إلى تحرير
عقل الإنسان المسلم من القيود التي تعوق فعاليته كوسيلة للمعرفة ” كأنماط
التفكير الخرافي والاسطورى والبدعى” ، باعتبار أن ذلك هو شرط ذاتي لنقل
المجتمعات المسلمة من تخلف النمو الحضاري إلي التقدم الحضاري ، كما يهدف
– على المستوى الموضوعي – إلى حل للمشاكل التي يطرحها واقع المجتمعات
المسلمة المعين زمانا ومكانا.
· مرحلتا التطور الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله: وهنا نشير الى
ان هناك مرحلتين من مراحل التطور الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله:
· المرحله الاسلاميه الكامنه: المرحله الاولى هى المرحله
الاسلاميه الكامنة(وليست المرحله العلمانية كما يرى البعض)،وتمثلها
مؤلفاته قبل عن العروبة والاسلام(الأسس ، النظريه، الطريق…)، حيث يقول فى
الأسس (الجواب الثانى كان متاحا بالإسلام كعقيدة وشريعه… الاسلام كعقيدة
وشريعة غير محدود بالزمان والمكان وغير مقصور على مجتمع دون اخر وهو بهذا
دين وليس مذهبا.. لهذا كان التماس الجواب فى الاسلام يقتضي جهدا بالغا
ليستخلص من محتواه الانسانى الشامل كعقيدة وشريعة منهجا تصاغ على هديه
الحياة فى الوطن العربى فى القرن العشرين)(د.عصمت سيف الدوله،الاسس،
ص6-7(
· المرحله الاسلاميه الظاهرة: المرحله الثانيه هى المرحله
الاسلاميه الظاهره ، ويمثلها بصوره اساسيه مؤلفه عن العروبه الاسلام. مع
وجوب تقرير تداخل المرحلتين فى كثير من الأحيان. وقد ساهم فى عدم اكتشاف
الطابع الاسلامى الكامن فى المرحله الاولى استخدام الدكتور عصمت لمصطلحات
ماركسيه وليبراليه – وان كان بدلالات مفارقه – تحت تأثير الصراع الفكرى
مع هذه التيارات التى كان لها سطوة على النخبه المثقفه حينها. بل ان هذه
القراءة ترى ان الدكتور عصمت سيف الدوله كان يرى وجوب اتخاذ اجتهادات أهل
السنة نقطة بداية للاجتهاد الفكري حيث يقول فى مقال له بعنوان: رسالة عن
المذاهب فى الاسلام (فالامه العربيه مثلا وهى امه كامله التكوين التاريخى
والاجتماعى تغلب عليها آراء اهل السنة فى مسألة الخلافة أو الإمامة او
الحكم ) .
سابعا: الاستخلاف كنسق معرفي : إنساني / روحى/ مستنير (كاتب الدراسه):
تعريف:ينطلق هذا المشروع الفكرى من الأبعاد الفلسفية والمنهجية والمذهبية
لمفهوم الاستخلاف القرانى، لتأسيس نسق معرفي "إسلامي - معاصر" ، ذو أبعاد
فلسفية - منهجية - مذهبية ، و طابع: إنساني - روحى" دينى " مستنير.
اولا: البعد الفلسفي لمفهوم الاستخلاف ( فلسفه الاستخلاف): يتمثل البعد
الفلسفي لمفهوم الاستخلاف ، في فلسفه الاستخلاف ، التي تقوم على محاوله
تحديد العلاقة بين المستخلف بكسر اللام” الله تعالى” ، والمستخلف بفتح
اللام”الإنسان” ، والمستخلف فيه “الكون”- اى محاوله تحديد العلاقة بين
أطراف علاقة الاستخلاف – وذلك باتخاذ المفاهيم القرآنية الكلية ( التوحيد
والاستخلاف والتسخير) مسلمات أولى ، ثم محاوله استنباط النتائج الفلسفية
لهذه المفاهيم الكلية، متخذة من اجتهادات أهل السنة – بمذاهبهم العقدية
“الكلامية ” المتعددة – نقطة بداية- وليس نقطة نهاية – لهذا الاجتهاد.
ثانيا: البعد المنهجي لمفهوم الاستخلاف (منهج الاستخلاف): ويتمثل البعد
المنهجي لمفهوم الاستخلاف، في الاستخلاف كمنهج للمعرفة ، ومضمونه أن صفات
الربوبية (اى ما دل على الفعل المطلق لله تعالى) تظهر في عالم الشهادة
على شكلين:
الشكل الأول : تكويني: يتمثل في السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود
الشهادى ، وهى على نوعين:
ا/ السنن الالهيه الكلية:التي تضبط حركه الوجود الشامل للطبيعة المسخرة
للإنسان المستخلف ، وهى سنن"الحركة ، التغير،التأثير المتبادل".
ب/السنن الالهيه النوعية: التي تضبط حركة نوع معين من أنواع الوجود
الشهادى ،كسنه “الكدح إلى الله ” المقصورة على الإنسان ، والتي تشير
إليها الآية " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه" .
الشكل الثاني : تكليفي : يتمثل في المفاهيم والقيم والقواعد الكلية التي
مصدرها الوحي ، وهو يحدد الشكل التكويني كما يحدد الكل الجزء فيكمله
ويغنيه ولكن لا يلغيه.
فلسفه ومنهج معرفة ذوى طابع إنساني - روحي:من العرض السابق نخلص إلى أن
البعدين الفلسفى والمنهجي لمفهوم الاستخلاف ( اى فلسفه الاستخلاف ومنهج
الاستخلاف) يقومان على تأكيد قيمة الوجود الانسانى، وإثبات هذا الوجود
بأبعاده المتعددة، مع التأكيد على انه وجود محدود تكليفيا "بالسنن
الالهيه" ، و تكليفيا "بالوحي "، وبالتالي يجعلان العلاقة بين الوجود
الإلهى والوجود الانسانى بأبعاده المتعددة علاقة تحديد وتكامل- فالوجود
الإلهى يحدد الوجود الانسانى ولكن لا يلغيه - وليست علاقة إلغاء وتناقض "
كما في النزعة الإنسانية الغربية ، التي تطرفت في تأكيد الوجود
الإنساني، فحولته من وجود محدود "تكوينيا وتكليفيا" ، إلى وجود مطلق
"قائم بذاته ومستقل عن غيره" .
ثالثا: البعد المذهبي لمفهوم الاستخلاف (مذهب الاستخلاف): ويتمثل البعد
المذهبي لمفهوم الاستخلاف، في الاستخلاف كمذهب “اى كمجموعة من الحلول
للمشاكل التي يطرحها الواقع المعين”.
الوعد الالهى باستخلاف الأمة : فقد اشار القران الكريم أشار إلى الوعد
الالهى باستخلاف أمه التكليف بأممها وشعوبها التكوينية المتعددة في قوله
تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ …)(النور:55).
الاستخلاف العام الثانى للامه: وتتضمن الآية الإشارة - صراحة او ضمنا-
إلى أنماط متعددة من الاستخلاف - الاصلى او التبعى - ومثال للاخير
الاستخلاف العام الثانى للامه ، وهو استخلاف الأمة في الحاضر-موضوع
الدراسه-
شروط الاستخلاف: وتتضمن شروط الاستخلاف بمستوياته المتعددة:
ا/شروط نصية مطلقة: وتشمل تحقيق الاستخلاف فى كل زمان"الماضى والحاضر
والمستقبل"، وكل مكان " كل الامم والشعوب التكوينية لامه التكليف "الأمة
الإسلامية" ، وتتمثل في جمله من المفاهيم والقيم والقواعد الكلية ، التي
مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ،والتى تحدد- ولا تلغى-
الاستخلاف بمستوياته المتعددة.
ب/ شروط اجتهادية مقيدة : وتقتصر على تحقيق الاستخلاف فى زمان معين "
الحاضر" ،ومكان معين " الامه العربيه- المسلمه بشعوبها المتعددة "،
وتتمثل في مفاهيم وقيم وقواعد: الحرية والعدالة الاجتماعية و الوحدة
والجمع بين الأصالة والمعاصرة "التجديد" – باعتبارها شروط للاستخلاف
"السياسى ، الاقتصادى، الاجتماعى،الحضارى" على التوالى ، على وجه لا
يتناقض مع أصول الدين النصية الثابتة ، استنادا الى ان هذه المفاهيم
والقيم والقواعد حث عليها الاسلام ،وما قرره العلماء من ان السياسة
الشرعية هي ما كل يحقق مصلحة الجماعة ولو لم يرد فيه نص، كقول ابْنُ
عَقِيلٍ(السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلاً يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ
أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ
يَضَعْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَزَلَ بِهِ
وَحْيٌ)( ابن القيم / كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية)
الاستخلاف ومنهج التغيير ” كيفيه ومراحل تحقيق الاستخلاف “:وهناك مرحلتين
أساسيتين للتغير- تمثل أيضا مراحل لتحقيق الاستخلاف:
المرحلة الأولى"الاستطاعة": هي مرحله الانتقال مما هو كائن، إلى ما هو
ممكن ، والتي يمكن التعبير عنها بمصطلح الاستطاعة ، ومن أدلتها: تقرير
النصوص لقواعد متعددة مها قاعدة الاستطاعة (فَاتّقُوا ْاللّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ). ولهذه المرحلة مستويان :
مستوى أصلى: هو مستواها الاعتقادى"الفكري" . ويتضمن الاجتهاد فى وضع
الحلول النظرية للمشاكل التى يطرحها واقع الأمة المعاصر
تيار الاستخلاف: ويتضمن هذا المستوى التأسيس لتيار فكري شامل - لا
يقصي اى فئه من فئات الأمة - فيشمل كل من يلتزم بهذه الحلول النظريه-
او بعضها- حتى ولو لم يكن هناك رابط تنظيمى بينهم .
مستوى فرعى: هو مستواها العملي"التطبيقي". ويتضمن ان تنبثق من هذا التيار
الفكري الشامل مبادرات شعبية منظمة "مؤسسيه"، تسعى لتحقيق ما هو ممكن من
هذه الحلول النظريه، فى الواقع العملى للامة ، بأساليب سلمية وشكل
تدريجي.
المرحلة الثانية " العزم ":هي مرحله الانتقال مما هو ممكن إلى ما ينبغي
أن يكون ، ويمكن التعبير عنها بمصطلح العزم ، و من أدلتها مفهوم العزم
الذي يرتبط بما ينبغي أن يكون كما في قوله (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ
الأُمُورِ )( الشورى: 43 ) ، وهذه المرحلة لها مستويان :
مستوى أصلى : هو مستواها العملي"التطبيقي" .ويتضمن الانتقال مما هو ممكن
الى ما ينبغي ان يكون. باكمال التنفيذ العملى لكل هذه الحلول النظرية
فى واقع الأمة.
مستوى فرعي: هو مستواها الاعتقادي"الفكري". ويتضمن الاجتهاد العلمي فى
وضع حلول نظرية جديده، للمشاكل الجديدة التى سيطرحها الواقع العملى
للامه، بعد حل المشاكل السابقه.
مذهب مستنير: مما سبق نخلص إلى أن مذهب الاستخلاف هو بالأصالة مذهب
مستنير، طبقا للدلالة العامة- المشتركة لمصطلح التنوير- التى تتفق مع
الاسلام - و التى تتمثل في التنوير كمفهوم مجرد تشترك في فهمه كل
الفلسفات والمناهج ، ومضمونها أن تحرير عقل الإنسان من القيود التي تعوق
فعاليته كوسيلة للمعرفة " كأنماط التفكير الخرافي والأسطوري"،هو احد شروط
نقل اى مجتمع من التخلف الحضاري إلي التقدم الحضاري. ومرجع ذلك – اى كونه
مذهب مستنير - انه يهدف- على المستوى الذاتي- إلى تحرير عقل الإنسان
المسلم من القيود التي تعوق فعاليته كوسيلة للمعرفة “ كأنماط التفكير
الخرافي والأسطوري والبدعى” ، باعتبار أن ذلك هو شرط ذاتي لنقل المجتمعات
المسلمة من تخلف النمو الحضاري إلي التقدم الحضاري، كما يهدف- على
المستوى الموضوعي- إلى حل للمشاكل التي يطرحها واقع المجتمعات المسلمة
المعين زمانا ومكانا.
. ________________________
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات
https://drsabrikhalil.wordpress.c
/////////////////////////
تمهيد: تهدف الدراسه الى تقديم قراءه منهجية للمشاريع الفكرية العربيه
المعاصره ، وتشمل: اولا: الجابرى ومشروع " نقد العقل العربي ". ثانيا:
اركون ومشروع " نقد العقل الإسلامي ". ثالثا:محمد شحرور والقراءة
المعاصرة للدين. رابعا: زكى نجيب محمود و قيود العقل العربي خامسا:
مذاهب وحده الوجود فى الفكر العربى المعاصر:ا/ عبد الجبار الوائلي و "
وحدة الوجود العقلية"، ب/ رائق النقري و "وحدة الوجود الحيوية . سادسا:
عصمت سيف الدو لة وقراءتان لتراثه الفكرى. سابعا : الاستخلاف كنسق معرفي
: إنساني / روحى/ مستنير لكاتب الدراسه.
اولا: الجابرى ومشروع " نقد العقل العربي ":
هدف المشروع : يرى الجابري ان مشروع "نقد العقل العربي" يهدف إلى النهضة،
وأن هذه النهضة لابد أن تنطلق من نموذج منبعث من داخل بنية العقل العربي
،وهو يرى أن ما اسماه النظام البرهاني" العقلاني " هو هذا النموذج .
الجغرافية واللغة كاسس لتحليل تكوين العقل وبنيته:ويربط الجابري بنية
العقل وتكوينه بالبيئه الجغرافية اولا، وثانيا باللغة كجهاز استلام
وارسال يضمر في داخله حقائق البيئة الجغرافية ذاتها.
النظم المعرفية الثلاثة: ويرى ان العقل العربي هو اساسا ثلاث أنظمة
معرفية منفصله ، وهي: النظام البرهاني " الفلسفي" والنظام العرفاني
"الصوفي"، و النظام البياني " اللغوي" .
العقول الثلاثة: كما يرى أن الحضارات الثلاث" اليونانية والعربية القديمة
والأوروبية الحديثة " هي التي أنتجت نظريات فى العلم "اى فلسفه علم" وليس
فقط علم، ومارست التفكير في العقل "اى التفكير الفلسفي" وليس فقط "
التفكير بالعقل" .
نقد المشروع:
العلاقه بين العقول الثلاثة تكامليه وليست تناقضيه: ان الانظمة المعرفية
الثلاثه التى اشار إليها الجابرى هي أنماط متعددة لذات الفاعلية المعرفية
اى العقل "العربي "،والتي تتعدد طبقا لمستويات الوجود التي يحاول
تفسيرها، وبالتالي فان العلاقة بينهما هي علاقة تكامل وليست علاقة تناقض
كما يلزم من مشروع الجابري .
القطيعه بين المغرب والمشرق العربيين ردفعل عاطفى: كما أن موقفه القائم
على القطيعة بين المغرب والمشرق، وقصر العقل البرهاني على المغرب هو رد
فعل عاطفي" ذاتي"على موقف أخر يعتبر المغرب مجرد تابع فكرى للمشرق، بدلا
من اعتبار كل من المغرب والمشرق أجزاء من كل( هو العقل العربي الإسلامي)
يحددهم فيكملهم ويغنيهم ولكن لا يلغيهم.
الغاء وحده العقل العربى – الاسلامى: وهذا الموقف يؤدى إلي إلغاء وحدة
العقل العربي الإسلامي.، فضلا عن انه أدى إلى تحول المشروع من نقد موضوعي
للعقل العربي إلى (نقض ذاتي للعقل المشرقي)
ربطه للعقل بالجغرافيا قائم على شكل من اشكال الجبريه الطبيعية: كما أن
ربطه للعقل وبينيته بالجغرافيه يستند الى تصور يلزم منه شكل من أشكال
الجبرية الطبيعية،فى حين ان الطبيعة هى شرط لحرية الإنسان وليست إلغاء
لها.
انتفاء الموضوعية فى تناول العديد من الحقائق : هذا الموقف العاطفي "
الذاتي" أدى الى انتفاء الموضوعية فى تناول كثير من الحقائق والتعسف في
تناولها، وهو الامر الذي اشار له بالتفصيل جورج طرابيشي فى نقده
للمشروع.
قصر العقلانيه على نمط واحد من انماط الفكر الفلسفى الإسلامى: كما أن
الجابري يفهم العقلانية طبقا لمفهوم المدرسة الفلسفية العقلانية
الغربية. وهو ما أدى به إلي قصرها على نمط واحد من أنماط الفكر الفلسفي
الإسلامي، هو الفلسفة الإسلامية في شكلها التقليدي وفى قطاعها الأرسطي.
وبالتالى نفاها عن أنماطه الاخرى" علم الكلام، التصوف ، أصول الفقه..." .
رغم أن الغرب ذاته لم يدخل عصر النهضة إلا من خلال نقد التصور الأرسطي
للعقل والمعرفة " التيار التجريبي فى الفلسفة الاوروبيه الحديثه ".
الطابع الاشكالى: كما ان مشروع الجابرى يثير المشاكل، اكثر مما يحاول وضع
حلول لها ،ربما تاثرا بالمنهج البنيوى الذى استخدمه، والذى يركز على
تحليل البنيه اكثر من ان يحاول تغييرها.
ثانيا: اركون ومشروع " نقد العقل الإسلامي ":
الإسلاميات التطبيقية: يرى أركون ان مشروعه الفكرى الذى يهدف الى نقد
العقل الإسلامي ، يستند الى ما اسماه " الإسلاميات التطبيقية " ، والتي
يرى أنها تهدف إلى إحداث قطيعة " منهجية" جذرية ، مع الدراسات الغربية
التقليدية للإسلام "الاستشراق القديم"، التي يرى أنها تتصف بالرؤية
السكونية، نتيجه لاستخدامها مناهج تجاوزها التطور العلمى فى الغرب "
كمناهج الوضعية والتاريخية واللغوية ".
المنهج الأركيولوجي" الحفري"التفكيكى: وهو يستخدم فى مشروعه الفكرى
المنهج التفكيكي ،الذى يفترض انه منهج علمى وليس منهج فلسفى.
اللا مفكر فيه : ويرى ان هدف مشروعه الفكري هو تناول جوانب التراث
الاسلامى التى لم يتم نقدها ، والتى اسماها" اللامفكر فيه" أو "المستحيل
التفكير فيه" .
التراث بنيه تراكميه: ويرى أركون ان التراث هو مجموعة متراكمة من الحقب
الزمنية ، كطبقات الأرض الجيولوجية أو الأركيولوجية، وللتوصل إلى طبقاتها
العميقةلا بد من اختراق طبقاتها السطحية.
الطابع الاشكالى:و يرى أركون ان مشروعه يهدف الى طرح اسئلة عن التراث
الاسلامى أكثر مما يبحث عن اجابات لها.
تحول العقل الاسلامى الى عقل مغلق على ذاته :ويرى اركون أن العقل
الإسلامي الكلاسيكي تحول إلى عقل أرثوذكسي "تقليدى" صلب ومغلق على ذاته
،ويترتب على هذا انه ينزع صفة العقلانية عن هذا العقل ومنتجاته الفكرية .
شروط انفتاح العقل الاسلامى على العقلانيه الحديثه:ويرى ان العقل
الاسلامى لا يمكنه الانفتاح على العقلانيه الحديثه " التى يقصرها على
العقلانيه الغربيه" ،إلا بتفكيك أرثوذكسية " تقليديه " تراثه ، وتحطيم
المعرفة الأسطورية داخل بنيته.
الدعوه للتحرر من سلطه النص: ويرى اركون ان الطريق إلى " الحداثة" يمر
عبر التحرر من سلطة النص ،والتى يرى ان خصائصها تتضمن : ا/ الخلط بين
الأسطوري والتاريخي، ب/ التدعيم القطعي للقيم الأخلاقية الدينية ،
ج/التأكيد اللاهوتي لتفوق المسلم على غير المسلم، ج/ حصر وظيفة العقل في
تأويل الوحي ، د/ تقديس اللغة، ه/ التأكيد على تعالي المقدس وتجاوزه
التاريخية...
تاريخيه النص القرانى:ويرى اركون أن القرآن هو نص تشكَّل تاريخيا ضمن
شروط معينة،وبالتالى يمكن إخضاعه للنقد، وهو ما يعني نزع القداسة عنه
باعتباره نصّ إلهي .
التشكيك فى الروايه الاسلاميه لجمع القران: ويشكك اركون فى الرواية
الإسلامية لقصة جمع القرآن، ويمتد هذا التشكيك إلى طريقة تبليغ الرسول
للقرآن وكيفية نقله عنه حفظاً وكتابة.
الخطاب القرانى نموذج للتفكير الميثى: بل إن اركون يقرر ان الخطاب
القرآني " بالإضافة الى الحكايات التوراتية" هو نموذج للتعبير الميثي "
الأسطوري".
نقد المشروع:
الطابع السلبي للمشروع: المشروع النقدي عند أركون ذو طابع سالب يؤدى نسف
أساسيات العقل الإسلامي وكل ما أنتجه من تراث فكري.،وليس ذو طابع ايجابي
يؤدى إلي تحرير العقل الإسلامي من الأخطاء التي تعوق فعاليته ،ومرجع ذلك
المنهج التفكيكي الحفري الذي استخدمه يقوم على التحليل دون التركيب
،ويفهم التفكيك بمعنى التحطيم والتدمير، كما تبلور على يد كل من هايدجر
ونيتشه ودريدا وفوكو.
عدم التمييز بين اصول الدين وفروعه:ومشروع أركون يقوم على عدم التمييز
بين اصول الدين النصيه الثابته و فروعه الاجتهاديه المتغيره.
نقض وليس نقد :كما أن تطبيقه لمفهوم اللا مفكر فيه حول مشروعه من النقد ،
اى بيان الايجابيات والسلبيات، إلى النقض لأنه قائم على إبراز السلبيات
دون الاشارة الى الايجابيات.
موقف غير نقدي:كما أن الموقف النقدي يقتضى اتخاذ موقف نقدي من المنهج
المستخدم أولا، وهو ما قام به كثير من الفلاسفة الغربيين " كما هو واضح
في نقد فوكو للبنيوية"، ولم يقم به اغلب المفكرين العرب من انصار الموقف
التغريبى ومنهم أركون.
ثالثا: محمد شحرور والقراءة المعاصرة للدين :
التمييز بين كتاب النبوة وكتاب الرسالة: يرى د. محمد شحرور في قراءته
المعاصرة للدين أن القرآن الكريم الذي انزله الله تعالى على النبي
محمد(صلى الله عليه وسلم) يحتوي كتابين رئيسيين:
الأول: كتاب النبوة: ويشتمل على بيان حقيقة الوجود الموضوعي، ويفرق بين
الحق والباطل، اي بين الحقيقة والوهم.
الثاني: كتاب الرسالة: ويشتمل على قواعد السلوك الإنساني، ويفرق بين
الحلال والحرام.
مضمون كتاب الرسالة: ويرى ان كتاب الرسالة يتضمن (كتاب الآيات المحكمات)
التي تتضمن التشريعات والحدود ، والأحكام التي تخضع لجدلية الاعتدال
والانحراف، و الاستقامة والحنيفية، وهي جدلية تنتجها تناقضات الحياة
الإنسانية، كما تدرس في مجالات علم الاجتماع والاقتصاد.
الإسلام وضع حدود التشريع وليس التشريع عينه: ويرى أن التشريع في القرآن
جاء في حدود الله؛ حيث أعطى الله تعالى في الإسلام "حدود التشريع" وليس
"التشريع عينه"، والاستقامة هي في الحدود، والحنيفية هي في الحركة ضمن
الحدود، وتتحرك حسب التطور التاريخي للمجتمع.
جدلية الحنفية والاستقامة ” الثابت والمتحول” ومفهوم “التوابع المستمرة”
عن نيوتن: فالاستقامة والحنيفية عند د. شحرور هما تعبير آخر عن الثابت
والمتحول في الشريعة، ويحاول شحرور أن يؤسس هذه للعلاقة الجدلية بينهما
على ما يسمى بمفهوم «التوابع المستمرة» في رياضيات نيوتن، حيث يخلص إلى
أن التشريع الإسلامي يحمل الخاصيات نفسها الموجودة في هذا المفهوم ، وعلى
هذا الأساس يقسم الخطوط المستقيمة – الثوابت – إلى ستة خطوط رئيسية تعطي
المجال للحركة الحنيفية – المتغير – أن تتحرك في داخلها ولا تعداها.
الحالات الست للحدود في التشريع: استنادا إلى هذا قسم د.شحرور الحدود في
التشريع إلى ست حالات هي: أولا: حالة الحد الأدنى: ومثاله عدد المحرمات
من النساء . ثانيا: حالة الحد الأعلى: ومثاله ان الحد الأعلى من الإرث
للذكر )66.6% ) والحد الأدنى للأنثى منه منه (33.3% ) فى الايه (للذكر
مثل حظ الأنثيين…) . رابعا: حالة الحد الأدنى والحد الاعلى معا على نقطة
واحدة: ومثالها عقوبه مائه جلده فى حد الزنا .خامسا: حالة الحد الأعلى
بخط مقارب لمستقيم: ومثالها ان الحد الادنى فى علاقة الرجل بالمرأة من
الناحية الجنسية، تبدأ هذه العلاقة بعدم ملامسة الرجل للمرأة بتاتا،
وتنتهي بخط مستقيم يقارب الزنا. سادسا: الحد الأعلى موجب مغلق لا يجوز
تجاوزه، الحد الادنى سالب يجوز تجاوزه (مهدي الكبيسي / قراءة سريعة في
فكر الدكتور محمد شحرور في ضوء منهجه ومنطقه)
نقد:
تقرير جدل المادة: ينسب د. محمد شحرور الجدل”التطور من خلال صراع
المتناقضات” إلى المادة ، ويعتبر ان”جدل المادة” لا يتعارض مع المنهج
الاسلامى لأنه يفترض انه نظريه علميه ثبت صحتها.وهذا التصور غير صحيح ،
فجدل المادة ليس نظرية علمية “تجريبية”، بل هو منهج معرفه “فلسفه” قال به
كارل ماركس ، وقد ثبت خطأه علمياً ، لان النظرية الذرية الحديثة اثبت
الذرة مكونه من الكترونات (سالبة) وبروتونات(موجبه) ونيوترونات(محايدة) ،
وقائمه على التوازن، وخاليه من التناقض، هذا فضلا عن أن إسناد الجدل
للمادة يتعارض مع المنهج الاسلامى، لأنه يؤدي إلي تسخير بالإنسان لما هو
مسخر له .
جدل الإنسان بمضمون ميتافيزيقي: كما يقرر د. شحرور جدل الإنسان ، ولكن
يجعل مضمونه – وليس أساسه النظري – غيبي” ميتافيزيقي” ، مضمونه ما اطلق
عليه اسم "جدليه الرحمان والشيطان".وإسناد الجدل للإنسان لا يناقض المنهج
الإسلامي، إذا نظرنا إليه كسنة الإلهية نوعية تضبط حركة الإنسان، بشرط
الاستناد إلي الأسس الغيبية”الميتافيزيقية،” للمنهج الإسلامي ،والتي تحد
الجدل ولا تلغيه . لكن هذا لا يعني أن يتحول المنهج إلي منهج ميتافيزيقي
بالمفهوم الغربي ، أي يتحول إلي البحث في مشاكل ميتافيزيقية، إذ المنهج
بعد ذلك هو النظر في سنن الله تعالى في الطبيعة والمجتمع (قد خلت من
قبلكم سنن قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)، وهو الخطأ
الذي وقع فيه د. شحرور ، حين جعل مضمون جدل الإنسان جدلية الرحمن
والشيطان ،هذا فضلا عن ان هذه الجدلية يلزم منها المساواة بين الرحمن
والشيطان في الدرجة .
تقرير نظريه التطور العضوي: كما يقرر د. محمد شحرور نظريه التطور العضوي
)الدارونيه) في العديد من مؤلفاته، حيث يقرر – على سبيل المثال- في كتاب
(الكتاب والقران:رؤية جديدة ) أن البشر وجد على الأرض، نتيجة تطور استمر
ملايين السنين…. وان عبارة (اهبطوا منها) فتعنى الانتقال من مرحله إلى
أخرى، وليس المعنى انزلوا منها… وان جنه الخلد ليس لها علاقة بأصل البشر
لأنها أصلا لم توجد بعد …وان آدم ليس اسما لشخص واحد، بل اسم جنس هو
الجنس الادمى ( ص 318- 319) . وتقريره لنظرية التطور العضوي يتجاهل النقد
الذي وجه للنظرية من جهتي العلم والدين .أولا:العلم: ان نظرية التطور
العضوي تنطوي على قدر كبير من الخطأ لعدة أسباب أهمها :أولا:أنها تتناقض
مع قوانين علم الوراثة، التي تثبت أن لكل كائن حي خريطة وراثية مختلفة عن
الخريطة الوراثية للكائنات الأخرى،ثانيا : أن الطبيعة حتى في عالم
الأحياء تتحول ولا تتطور ( د. عصمت سيف الدولة /النظرية / ج1 /
ص120-121). ثانيا: الدين: إن نظريه التطور العضوي هي شكل من أشكال
المفهوم المادي للتطور ، وكلاهما – فيما نرى – يتناقضان مع المنظور
الاسلامى للوجود ومنهج المعرفة الاسلامى ، حيث يلزم منهما منطقيا نفى
وجود فاعل مطلق اوجد الكائنات الحية المختلفة،أو نفى فاعليه هذا الفاعل
المطلق،بصرف النظر عن الاعتقاد الذاتي لمن يعتقد بصحة هذه النظرية وهذا
المفهوم.
تصور د. شحرور للقضاء والقدر: ان تصور د. شحرور للقضاء والقدر قائم على
افتراض مضمونه أن القضاء والقدر يتعلقان بالفعل الانسانى- في علاقته
بالوجود المادي “الموضوعي” ، ولا يتعلقان بالفعل الالهى. وهذا الافتراض
يتعارض مع تقرير النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة- لذا فهو محل
اتفاق السلف الصالح والائمه والعلماء والمتكلمين- أن القضاء والقدر
يتعلقان بالفعل الالهى المطلق (الذى عبر عنه القران بمصطلح الربوبية )،
وظهوره في عالم الشهادة من جهة الإيجاد ،اى ظهور صفه الإيجاد فيه . و كون
الفعل المطلق لله تعالى لازم النفاذ (القضاء) او تحققه في عالم الشهادة(
القدر) لا يترتب عليه أن الإنسان مجبور على فعله . اتساقا مع هذا فقد
رفض علماء أهل السنة بمذاهبهم الكلامية والفقهية المتعددة الجبر. فالقول
به وافد على الإسلام . وبهذا ينتفي مبرر د. شحرور - سواء كان مضمر أو
معلن- من عدم نسبه القضاء والقدر إلى الفعل الالهى ، وهو الخوف من ان
يلزم من ذلك القول بالجبر .فضلا عن ان تصوره امتداد لتصور مذهب القدرية
الذي ينفى القدر عن الله تعالى ويثبته للإنسان ، والذى يخالف مذهب اهل
السنه.
أميه الرسول لا تتعلق بالقراءة والكتابة : كما يرى د. شحروران آميه
الرسول لا تتعلق بكونه لا يقرا ولا يكتب، بل تتعلق بكونه غير يهودي ولا
نصراني . وهذا الرأي يخالف ما قررته النصوص، واتفق عليه أهل اللغة
والتفسير من أن معنى أميه الرسول(صلى الله عليه وسلم) انه لا يقرا ولا
يكتب.
المعجزات ليست خروج عن قوانين الطبيعة: ويرى د. شحرور أن المعجزات ليست
خرقا لقوانين الطبيعة حيث يقول ( المعجزة عند كل الأنبياء قبل محمد هي
التقدم في عالم المحسوس عن عالم المعقول السائد وقت المعجزة، ولكنها ليست
في اى حال من الأحوال خروجا عن قوانين الطبيعة) (الكتاب والقرآن:رؤية
جديدة /دار الساقي/ طبعة ثانية / ص 211(.. وهذا التعريف للمعجزات يخالف
التعريف الذي اصطلح عليه الأصوليون والعلماء وأهل اللغة ، فهي عندهم (
الأمر الخارق للعادة) ، وكون المعجزة أمر خارق للعادة “اى خروج عن قوانين
الطبيعة” هو محل إجماع بين السلف الصالح والائمه وعلماء أهل السنة بفرقهم
المختلفة .
العقوبات قابله للاجتهاد دون تمييز بين العقوبات المقدرة “الحدية و
القصاص” وغير المقدرة “التعزيريه”: كما يقرر د. محمد شحرور أن العقوبات
الاسلاميه قابله للاجتهاد دون تمييز بين العقوبات المقدرة والتي تتضمن
العقوبات الحدية والقصاص والتى الاصل فيها النص، والعقوبات غير المقدرة
والتي تتضمن العقوبات التعزيريه، والتى الاصل فيها الاجتهاد.
الخلط بين التشريع والاجتهاد: كما يخلط د. شحرور بين التشريع كوضع الهي
ثابت ، مضمونه النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة-والشارع هو الله
تعالى، والتشريع صفه ربوبية بنص القران – والاجتهاد ككسب بشرى متغير
مضمونه تأويل لنص ظني الورود أو الدلالة، هذا الخلط يتضح في قوله في معرض
تعريفه للتشريع ( التعريف الصحيح للتشريع :هو تشريع مدني إنساني ضمن حدود
الله) )الكتاب والقرآن: رؤية جديدة / 630)، فتعريفه للتشريع هو تعريف
الاجتهاد وليس التشريع.
القول بانعدام النسخ في الرسالة المحمدية : كما ينفى د. شحرور وجود النسخ
في القران ، حيث يقرر ان (الفقهاء لجؤوا إلى القول بالنسخ بعد عجزهم عن
التفريق بين القران والرسالة في التنزيل من جهة، وعن التباس الامر عليهم
بين القصص المحمدي الذي هو القران وبين ام الكتاب “الرسالة” ) (الكتاب
والقران: رؤية جديدة /ص 492 .( وهذا الراى يخالف تقرير النصوص وجود
النسخ في القران الكريم كقوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير
منها أو مثلها) ، اتساقا مع هذه النصوص فقد اتفق السلف الصالح على وجود
النسخ في القران الكريم، كما اثبته الأصوليون والفقهاء والمفسرين وردوا
على منكريه (مناهل العرفان ج 28/93-131 ، أما نسبه إنكار النسخ لبعض
العلماء كأبو مسلم بن بحر فهو غير صحيح على إطلاقه ، لأنه لم ينكر النسخ
بصوره مطلقه، يقول التاج ألسبكي (أن أبا مسلم لا ينكر وقوع النسخ بالمعنى
الذي نسميه نسخا، ولكنه يتحاشى أن يسميه باسمه ، ويسميه تخصيصا(.
إنكار حجية”الزاميه” السنة كمصدر أصلى للتشريع الاسلامى: يرى د. شحرور أن
السنة النبوية هي اجتهاد، وليست وحيا، وهي عبارة عن منهج في تطبيق أحكام
أم الكتاب بسهولة ويسر من دون الخروج عن حدود الله في أمور الحدود، أو
وضع حدود عرفية مرحلية في بقية الأمور، مع الأخذ بعين الاعتبار عالم
الحقيقة: الزمان والمكان والشروط الموضوعية التي تطبق فيها هذه
الأحكام.وهو يرى أن الاية (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى)، لا
تتحدث عن النبي(صلى الله عليه وسلم) هذا الرأي يترتب عليه إنكار حجية
“ألزام”السنة كمصدر أصلي للتشريع – بالاضافة إلى القران الكريم- والتي
اتفق على تقريرها السلف الصالح والأئمة وعلماء أهل السنة بفرقهم
المتعددة.ومضمون هذه الحجية “الإلزام “أن الأحاديث اليقينية الورود
القطعية الدلالة مصدر لأصول الدين ، و الأحاديث ظنية الورود والدلالة
مصدر لفروع الدين .
التفسير العلمي للقران ومذهب رد الأصل"القران" إلى الفرع"العلم
التجريبى"( التطابق بين العلم والدين): ويمكن اعتبار القراءة المعاصرة
للدين عند د. شحرور،شكل من التفسير العلمي للقران، المستند إلى مذهب رد
الأصل(القران) إلى الفرع(العلم التجريبي)والذي يجعل العلاقة بين الدين
والعلم علاقه تطابق.وهذا المذهب يلزم منه العديد من الإشكاليات
ومنها:أولا: أن هذا المذهب يجعل العلم الأصل “لمطلق”والقرآن
الفرع”المحدود” بينما العكس صحيح – وذلك بتأويل النص القرآني ليتفق مع
نظرية علمية معينة .ثانيا: أن النظريات العلمية كشكل من أشكال المعرفة
الإنسانية محدودة نسبية ، لذا تحتمل الصواب والخطأ ،وبالتالي فإن
اعتبارها من القرآن ، يؤدي إلي نسبة هذا الخطأ إليه …ثالثا:أن هذا المذهب
يجعل العلاقة بين الدين والعلم علاقة تطابق،والصواب أنها علاقة اتساق
“عدم تناقض”.والفارق بين الاثنين أن العلاقة الأولى تعنى وحده موضوع
الإثنين(العلم والدين)، وهو غير صحيح، بينما الثانية تراعى تمايز موضوع
الاثنين مع وجود روابط مشتركة بينهما.
رابعا: زكى نجيب محمود و قيود العقل العربي
من التغريب إلي التجديد: مر زكى نجيب محمود" شانه شان كثير من المفكرين
العرب والمسلمين" بتجربة الانتقال من التغريب إلي التجديد، إذ يروى عن
نفسه انه في شبابه كان رافضاً لقراءة التراث العربي مبهوراً للإنجاز
الفلسفى الغربي الأوروبي والأمريكي، ولكنه وبعد مرحلة كبيرة من البحث
أيقن أن كثيراً من التراث العربي يستحق القراءة.
معيار المنفعة: ولكن كان السؤال المهم الذي طرحه لأمراض العقل العربي هو
ماذا نقرأ ونأخذ من تراث الأسلاف؟ يقول د.زكى نجيب إن ما يجب أخذه من
التراث هو ما نستطيع تطبيقه اليوم عملياً، فيضاف إلى الطرائق الجديدة
المستحدثة، أما ما لا ينفع نفعاً عملياً تطبيقياً فهو الذي نتركه غير
آسفين.
قيود ومعوقات العقل العربي
القيد الأول : أن صاحب السلطان هو صاحب الرأي وليس صاحب رأى : و أن أساس
البلاء هو أن يجتمع السيف" السلطة" والرأي "الفكر" .
القيد الثاني : سلطان الماضي على الحاضر : القديم له رهبة وسحر وجلال،
ولكن أن يتحول الإعجاب إلى تقديس تلك هي المشكلة .
القيد الثالث : تعطيل القوانين الطبيعية : فهو يرى اننا أننا نميل ميلاً
شديداً إلى أن تكون قوانين الطبيعة لعبة في أيدي نفر من أصحاب القلوب
الطيبة الورعة، فيكفى أن يكون الفرد “صالحاً ” لينصرف صلاحه إلى تعطيل
قوانين الطبيعة.وهو هنا يشير الى مفهوم "كرامات الأولياء" عند الصوفية.
نقد:
من التغريب الى التجديد: وهكذا فان زكى نجيب محمود استطاع تجاوز الموقف
التغريبي ، القائم على افتراض أن تحقيق التقدم لا يتم إلا باجتثاث الجذور
الحضارية للامه، في مرحلته الفكرية الاولي" التبني الكامل للوضعية
المنطقية"، إلى الموقف التجديدي ،القائم على استيعاب ما لا يناقض الهيكل
الحضاري للامه، من اجتهادات ذاتيه أو إسهامات الشعوب الأخرى المعاصرة.
المنفعه ليست المعيار الوحيد :ولكنه" ربما تأثرا بالبراجماتية" يستند إلى
معيار المنفعة في تحديد ماذا نأخذ من التراث، لكن المنفعة ضابط ذاتي
للحركة، لا يصلح وحده كمعيار موضوعي، إذ لابد أولا من التمييز بين ما
ينتمي إلى الهيكل المعرفي الاساسى للعقل العربي المسلم، والبناء المعرفي
المكتسب عليه، ثم جعل المنفعة احد معايير- وليس المعيار الوحيد- الأخذ أو
الرفض من الأخير
عدم التمييز بين الدلالات المختلفه لمفهوم الكرامه:كما لم يميز زكى نجيب
بين دلالالتين لمفهوم الكرامه ، الاول تجعلها خرق للعاده المطردة ممثله
فى قوانين الطبيعه،وبالتالى تتعارض مع العلم ، والثانيه تجعلها خرق لعاده
اغلب الناس دون خرق لقونين الطبيعه.،وبالتالى لاتتعارض مع العلم.
خامسا: مذاهب وحده الوجود فى الفكر العربى المعاصر:
ا/ عبد الجبار الوائلي و " وحدة الوجود العقلية":
عقلنة المادة: يرى الوائلي ان الخلية الحية تملك قسطًا من العقل ما دامت
تتصف بالحياة وكذلك تملك الذرة عقلاً يتناسب مع بساطتها. وهذا يعني أن
العالم كلَّه ما هو إلا "عقول أولية" تتصف بإمكانية التفاعل المستمر.
العقل العام (الله تعالى) : و العقل العام ( الله تعالى ) عند الوائلى هو
مجموعة العقول المنبثقة في ذرات العالم كلِّه. فكل ما في الوجود ما هو
إلا ركام العقول المتفاوتة في الدرجات التي تؤلِّف العقل العام؛ وهذا
الأخير لا يأخذ شيئًا من خارجه، باعتباره هو الطبيعة ذاتها.
العلاقه بين العقل العام (الله) والعقول البسيطة (العلم): والعقول
البسيطه هي أفكار في العقل العام، تُمِدُّه بأفكارها العقلية. وإنها لا
تأخذ شيئًا من العقل العام، كما أنها غير قادرة على الذوبان فيه.
ب/ رائق النقري و "وحدة الوجود الحيوية ":
التصور الحيوى لمفهوم الألوهية: يقدم د. رائق النقري في كتابه
"الإيديولوجية الحيوية" مذهب فى وحده الوجود ، ينطلق من تصور حيوى
للالوهيه ، مضمونه ان الله تعالى موجود كمسلَّمة، وهو كل حيوي كقوة
الخلاقة ودفق مستمر في الكائنات كلها. وهو ليس جوهر ، بل هو قابلية
التحول الدائم للأشياء.
ادوار فكره الالوهيه: ويرى النقرى ان فكرةُ الالوهيه مرت بأدوار عدة،
وفقًا لحركة القانون الحيوي للمجتمع: فكانت الخطوة الأولى هي معرفة الله
من خلال فكرة الخوف من الموت والحلال والحرام. حتى وصلت إلى فكره الإله
المجرد الذي ليس له شبيه ولا شكل ولا وزن ولا صفة. وهى الفكره التى يرى
النقرى انها تتوافق مع فكره الفلسفه الحيويه للالوهيه ، رغم انها تربط
الالوهيه بالزمن، وتنفى انها تحرك العالم بل تجعلها والعالم حركه.
اراده الحياه: فالنقرى يرى - استنادا الى تصوره الحيوى للالوهيه - أن
تجربة الحق والخلق هي تجربة إلهية بقدر ما هي تجربة إنسانية وكونية. إنها
تجربة الحياة ذاتها – إرادة الحياة.
(محمد الراشد، إشكالية وحدة الوجود في الفكر العربي الإسلامي، دار
الأوائل، ط2 ، دمشق 2002)
نقد:
· محاوله الوائلي هى تعريب وأسلمة لمذهب ليبنيز فى وحدة الوجود
العقلية القائم على الذرات الروحية " المونادات، ويلزم من عقلنة المادة
فى هذه المحاوله انكار الوجود الموضوعي للمادة.
· كما ان محاوله النقرى هى تعريب واسلمه للفلسفه الحيويه عند
برجسون ،كما ان تصوره الحيوى للوجود يترتب عليها انكار الوجود الموضوعي
للمادة الجامدة "غير الحية"،فضلا عن كونه – باعتباره مذهب فلسفى حيوى-
معادل فلسفى للديانة الارواحية "عباده الارواح"التى سادت عند اغلب الشعوب
القديمه.
· تناقض مفهوم وحده الوجود مع التصور الإسلامي للوجود: وهذه
المحاولات تتجاهل حقيقة ان مضمون مفهوم وحده الوجود، أن للخالق وحده وجود
حقيقي، أما المخلوقات فوجودها وهمي، ، وبالتالى يترتب عليه وحده الخالق
والمخلوق، هذا المفهوم يتناقض – في ذاته وفى ما يلزم منطقيا منه – مع
التصور الاسلامى الصحيح للعلاقة بين الوجود الالهى والوجود الكوني
الطبيعي، والمستند إلى مفهومي التنزيه و التوحيد، فمضمون مفهوم التنزيه
أن وجوده تعالى غير محدود بالحركة خلال الزمان، أو الوجود في المكان، ولا
تتوافر للإنسان إمكانية إدراكه بحواسه وعقله، وبالتالي يترتب عليه عدم
جواز الخلط والدمج بين الوجوديين الالهى والطبيعي بخلاف هذا المفهوم، كما
أن مضمون مفهوم التوحيد إفراد الوجود المطلق -وليس إفراد الوجود- لله
تعالى، وبالتالي فانه طبقا لمفهوم التوحيد فان لله تعالى وجود حقيقي مطلق
وللكون وجود حقيقي محدود ، بخلاف مفهوم وحده الوجود الذى يرى أن الوجود
الالهى وحده هو الوجود الحقيقي، أما الوجود الكوني الطبيعي فهو مجرد تجلى
للوجود الالهى ،وليس له اى وجود حقيقي ،ومصدر اعتقادنا بوجوده خداع
الحواس.
سادسا: عصمت سيف الدو لة وقراءتان لتراثه الفكرى:
· تعريف بالتراث الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله : يتضمن التراث
الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله ” رحمه الله تعالى” ثلاثه مستويات هى:
· اولا المستوى الفلسفى : ويتضمن جانب نفى يتضمن نقده للفلسفات
الغربيه الاساسيه ” كالماركسيه والليبراليه والوجوديه…” ، كما يتضمن جانب
اثبات يتضمن ما اسماه ” الفلسفه الانسانيه”.
· ثانيا المستوى المنهجى: ويتضمن جانب نفى يتضمن نقده لمناهج
المعرفه الغربيه الاساسيه (كالمنهج الجدلى بشكله المثالى كما عند هيجل ،
وشكله المادى كما عند ماركس، والمنهج الليبرالى…)،وجانب اثبات يتضمن ما
اسماه ” منهج جدل الانسان”.
· ثالثا المستوى المذهبى: ويتضمن جانب نفى ويتضمن نقد للمذاهب
السياسية الغربيه الأساسيه(كالمذاهب السياسيه الليبراليه والماركسيه…)،
وجانب اثبات يتضمن ما اسماه ” نظريه الثوره العربيه” بأركانها الثلاثه
“المنطلق والغايات والوسيله.”
· تعدد القراءات: وهناك تعدد فى قراءات التراث الفكرى عند الدكتور
عصمت سيف الدوله، ويرجع هذا التعدد فى القراءات الى العديد من الاسباب
لامجال لذكرها هنا غير انه يمكن تقرير ان هناك قراءتان اساسيتان لهذا
التراث الفكرى وهما:
· القراءه الاولى” القراءه العلمانيه”: وهى قراءه تنظر الى التراث
الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله باعتباره كل قائم بذاته ومستقل عن من
سواه ، وهى قراءه علمانية إذا كان المقصود بهذا السوى – الذى يستقل عنه
هذا التراث الفكرى- الدين الاسلامى، بمعنى انها قراءه تفصل بين هذا
التراث الفكرى” باعتباره مذهب سياسى” والاسلام ” كدين” ، استنادا الى ان
العلمانيه نزعه تعمل على الفصل بين ماهو دينى وماهو سياسى”.
· نقد القراءه الاولى (تناقضات القراءه العلمانيه(:
· أولا:رفض الدكتور عصمت سيف الدوله للعلمانيه: هذه القراءة
تتناقض مع موقف الدكتور عصمت سيف الدوله الرافض للعلمانيه ، سواء ضمنا
كما فى مؤلفاته السابقة على كتابه (عن العروبة والاسلام: مركز دراسات
الوحدة العربيه، بيروت ، 1986) ، وصراحة كما فى هذا الكتاب . حيث يقرر ان
(للعلمانيه نظاما وللاسلام نظاما وهما لا يلتقيان فى أكثر من وجه) (ص240)
· ثانيا: رفض الدكتور عصمت سيف الدوله لليبراليه :لا يمكن الحديث
عن قراءه ليبرالية للتراث الفكري للدكتور عصمت سيف الدوله – والعلمانيه
عنده احد اركانها كنظام شامل متكامل للحياه – لانه كان قاطعا فى رفضه
لليبراليه ، وهوما يتضح من خلال نقده لليبراليه ” كفلسفة ومنهج ومذهب “فى
أغلب كتبه .
· ثالثا : التناقض بين القبول المطلق والموقف النقدي: كما ان هذه
القراءة قائمه على موقف القبول المطلق للتراث الفكري للدكتور عصمت سيف
الدوله ، والذي يتناقض مع الموقف الحقيقى للدكتور عصمت سيف الدوله من
القضايا الفكرية – الاجتهادية – التى تتجاوز موقفى القبول او الرفض
المطلقين الى الموقف النقدى، الذى يميز بين الايجابيات والسلبيات ، فيقبل
الاولى ويرفض الثانيه.
· القراءه الثانيه “القراءه الاسلاميه المستنيره”:
· التحديد التكليفى: تنظرهذه القراءه الى التراث الفكرى للدكتور
عصمت سيف الدوله كاجتهاد انسانى محدود –تكليفيا – بالاصول التى مصدرها
النصوص اليقينيه الورود القطعيه الدلاله ، فهذه الاصول تحده فتكمله
وتغنيه ولكن لا تلغيه .
· تجاوز موقفى القبول والرفض المطلقين الى الموقف النقدى: كما
أنها تتجاوز كل من موقفي الرفض والقبول المطلقين، الى موقف نقدي قائم على
– مستوى الأصول- على قبول ما يتفق مع هذه الاصول، ورفض ما يختلف معها،
كما انه قائم على مستوى الفروع على قبول ما كان صوابا فى هذا التراث
الفكرى ، ورفض ما كان خطاْ فيه ، يقول د.عصمت سيف الدوله (..اى ان تكون
الممارسة النضالية وسيلة لإغناء وتصحيح ثم تدعيم الفكر الطليعى وطريقا
لنشره والتدليل على صحته)( الطريق ،دار الوحده، بيروت ،ج2، ص270)
· مذهب إسلامي مستنير: وهذه القراءة تنظر الى هذا التراث الفكري
باعتباره مذهب إسلامي مستنير. لانه يهدف- على المستوى الذاتي- إلى تحرير
عقل الإنسان المسلم من القيود التي تعوق فعاليته كوسيلة للمعرفة ” كأنماط
التفكير الخرافي والاسطورى والبدعى” ، باعتبار أن ذلك هو شرط ذاتي لنقل
المجتمعات المسلمة من تخلف النمو الحضاري إلي التقدم الحضاري ، كما يهدف
– على المستوى الموضوعي – إلى حل للمشاكل التي يطرحها واقع المجتمعات
المسلمة المعين زمانا ومكانا.
· مرحلتا التطور الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله: وهنا نشير الى
ان هناك مرحلتين من مراحل التطور الفكرى للدكتور عصمت سيف الدوله:
· المرحله الاسلاميه الكامنه: المرحله الاولى هى المرحله
الاسلاميه الكامنة(وليست المرحله العلمانية كما يرى البعض)،وتمثلها
مؤلفاته قبل عن العروبة والاسلام(الأسس ، النظريه، الطريق…)، حيث يقول فى
الأسس (الجواب الثانى كان متاحا بالإسلام كعقيدة وشريعه… الاسلام كعقيدة
وشريعة غير محدود بالزمان والمكان وغير مقصور على مجتمع دون اخر وهو بهذا
دين وليس مذهبا.. لهذا كان التماس الجواب فى الاسلام يقتضي جهدا بالغا
ليستخلص من محتواه الانسانى الشامل كعقيدة وشريعة منهجا تصاغ على هديه
الحياة فى الوطن العربى فى القرن العشرين)(د.عصمت سيف الدوله،الاسس،
ص6-7(
· المرحله الاسلاميه الظاهرة: المرحله الثانيه هى المرحله
الاسلاميه الظاهره ، ويمثلها بصوره اساسيه مؤلفه عن العروبه الاسلام. مع
وجوب تقرير تداخل المرحلتين فى كثير من الأحيان. وقد ساهم فى عدم اكتشاف
الطابع الاسلامى الكامن فى المرحله الاولى استخدام الدكتور عصمت لمصطلحات
ماركسيه وليبراليه – وان كان بدلالات مفارقه – تحت تأثير الصراع الفكرى
مع هذه التيارات التى كان لها سطوة على النخبه المثقفه حينها. بل ان هذه
القراءة ترى ان الدكتور عصمت سيف الدوله كان يرى وجوب اتخاذ اجتهادات أهل
السنة نقطة بداية للاجتهاد الفكري حيث يقول فى مقال له بعنوان: رسالة عن
المذاهب فى الاسلام (فالامه العربيه مثلا وهى امه كامله التكوين التاريخى
والاجتماعى تغلب عليها آراء اهل السنة فى مسألة الخلافة أو الإمامة او
الحكم ) .
سابعا: الاستخلاف كنسق معرفي : إنساني / روحى/ مستنير (كاتب الدراسه):
تعريف:ينطلق هذا المشروع الفكرى من الأبعاد الفلسفية والمنهجية والمذهبية
لمفهوم الاستخلاف القرانى، لتأسيس نسق معرفي "إسلامي - معاصر" ، ذو أبعاد
فلسفية - منهجية - مذهبية ، و طابع: إنساني - روحى" دينى " مستنير.
اولا: البعد الفلسفي لمفهوم الاستخلاف ( فلسفه الاستخلاف): يتمثل البعد
الفلسفي لمفهوم الاستخلاف ، في فلسفه الاستخلاف ، التي تقوم على محاوله
تحديد العلاقة بين المستخلف بكسر اللام” الله تعالى” ، والمستخلف بفتح
اللام”الإنسان” ، والمستخلف فيه “الكون”- اى محاوله تحديد العلاقة بين
أطراف علاقة الاستخلاف – وذلك باتخاذ المفاهيم القرآنية الكلية ( التوحيد
والاستخلاف والتسخير) مسلمات أولى ، ثم محاوله استنباط النتائج الفلسفية
لهذه المفاهيم الكلية، متخذة من اجتهادات أهل السنة – بمذاهبهم العقدية
“الكلامية ” المتعددة – نقطة بداية- وليس نقطة نهاية – لهذا الاجتهاد.
ثانيا: البعد المنهجي لمفهوم الاستخلاف (منهج الاستخلاف): ويتمثل البعد
المنهجي لمفهوم الاستخلاف، في الاستخلاف كمنهج للمعرفة ، ومضمونه أن صفات
الربوبية (اى ما دل على الفعل المطلق لله تعالى) تظهر في عالم الشهادة
على شكلين:
الشكل الأول : تكويني: يتمثل في السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود
الشهادى ، وهى على نوعين:
ا/ السنن الالهيه الكلية:التي تضبط حركه الوجود الشامل للطبيعة المسخرة
للإنسان المستخلف ، وهى سنن"الحركة ، التغير،التأثير المتبادل".
ب/السنن الالهيه النوعية: التي تضبط حركة نوع معين من أنواع الوجود
الشهادى ،كسنه “الكدح إلى الله ” المقصورة على الإنسان ، والتي تشير
إليها الآية " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه" .
الشكل الثاني : تكليفي : يتمثل في المفاهيم والقيم والقواعد الكلية التي
مصدرها الوحي ، وهو يحدد الشكل التكويني كما يحدد الكل الجزء فيكمله
ويغنيه ولكن لا يلغيه.
فلسفه ومنهج معرفة ذوى طابع إنساني - روحي:من العرض السابق نخلص إلى أن
البعدين الفلسفى والمنهجي لمفهوم الاستخلاف ( اى فلسفه الاستخلاف ومنهج
الاستخلاف) يقومان على تأكيد قيمة الوجود الانسانى، وإثبات هذا الوجود
بأبعاده المتعددة، مع التأكيد على انه وجود محدود تكليفيا "بالسنن
الالهيه" ، و تكليفيا "بالوحي "، وبالتالي يجعلان العلاقة بين الوجود
الإلهى والوجود الانسانى بأبعاده المتعددة علاقة تحديد وتكامل- فالوجود
الإلهى يحدد الوجود الانسانى ولكن لا يلغيه - وليست علاقة إلغاء وتناقض "
كما في النزعة الإنسانية الغربية ، التي تطرفت في تأكيد الوجود
الإنساني، فحولته من وجود محدود "تكوينيا وتكليفيا" ، إلى وجود مطلق
"قائم بذاته ومستقل عن غيره" .
ثالثا: البعد المذهبي لمفهوم الاستخلاف (مذهب الاستخلاف): ويتمثل البعد
المذهبي لمفهوم الاستخلاف، في الاستخلاف كمذهب “اى كمجموعة من الحلول
للمشاكل التي يطرحها الواقع المعين”.
الوعد الالهى باستخلاف الأمة : فقد اشار القران الكريم أشار إلى الوعد
الالهى باستخلاف أمه التكليف بأممها وشعوبها التكوينية المتعددة في قوله
تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ …)(النور:55).
الاستخلاف العام الثانى للامه: وتتضمن الآية الإشارة - صراحة او ضمنا-
إلى أنماط متعددة من الاستخلاف - الاصلى او التبعى - ومثال للاخير
الاستخلاف العام الثانى للامه ، وهو استخلاف الأمة في الحاضر-موضوع
الدراسه-
شروط الاستخلاف: وتتضمن شروط الاستخلاف بمستوياته المتعددة:
ا/شروط نصية مطلقة: وتشمل تحقيق الاستخلاف فى كل زمان"الماضى والحاضر
والمستقبل"، وكل مكان " كل الامم والشعوب التكوينية لامه التكليف "الأمة
الإسلامية" ، وتتمثل في جمله من المفاهيم والقيم والقواعد الكلية ، التي
مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ،والتى تحدد- ولا تلغى-
الاستخلاف بمستوياته المتعددة.
ب/ شروط اجتهادية مقيدة : وتقتصر على تحقيق الاستخلاف فى زمان معين "
الحاضر" ،ومكان معين " الامه العربيه- المسلمه بشعوبها المتعددة "،
وتتمثل في مفاهيم وقيم وقواعد: الحرية والعدالة الاجتماعية و الوحدة
والجمع بين الأصالة والمعاصرة "التجديد" – باعتبارها شروط للاستخلاف
"السياسى ، الاقتصادى، الاجتماعى،الحضارى" على التوالى ، على وجه لا
يتناقض مع أصول الدين النصية الثابتة ، استنادا الى ان هذه المفاهيم
والقيم والقواعد حث عليها الاسلام ،وما قرره العلماء من ان السياسة
الشرعية هي ما كل يحقق مصلحة الجماعة ولو لم يرد فيه نص، كقول ابْنُ
عَقِيلٍ(السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلاً يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ
أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ
يَضَعْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَزَلَ بِهِ
وَحْيٌ)( ابن القيم / كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية)
الاستخلاف ومنهج التغيير ” كيفيه ومراحل تحقيق الاستخلاف “:وهناك مرحلتين
أساسيتين للتغير- تمثل أيضا مراحل لتحقيق الاستخلاف:
المرحلة الأولى"الاستطاعة": هي مرحله الانتقال مما هو كائن، إلى ما هو
ممكن ، والتي يمكن التعبير عنها بمصطلح الاستطاعة ، ومن أدلتها: تقرير
النصوص لقواعد متعددة مها قاعدة الاستطاعة (فَاتّقُوا ْاللّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ). ولهذه المرحلة مستويان :
مستوى أصلى: هو مستواها الاعتقادى"الفكري" . ويتضمن الاجتهاد فى وضع
الحلول النظرية للمشاكل التى يطرحها واقع الأمة المعاصر
تيار الاستخلاف: ويتضمن هذا المستوى التأسيس لتيار فكري شامل - لا
يقصي اى فئه من فئات الأمة - فيشمل كل من يلتزم بهذه الحلول النظريه-
او بعضها- حتى ولو لم يكن هناك رابط تنظيمى بينهم .
مستوى فرعى: هو مستواها العملي"التطبيقي". ويتضمن ان تنبثق من هذا التيار
الفكري الشامل مبادرات شعبية منظمة "مؤسسيه"، تسعى لتحقيق ما هو ممكن من
هذه الحلول النظريه، فى الواقع العملى للامة ، بأساليب سلمية وشكل
تدريجي.
المرحلة الثانية " العزم ":هي مرحله الانتقال مما هو ممكن إلى ما ينبغي
أن يكون ، ويمكن التعبير عنها بمصطلح العزم ، و من أدلتها مفهوم العزم
الذي يرتبط بما ينبغي أن يكون كما في قوله (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ
الأُمُورِ )( الشورى: 43 ) ، وهذه المرحلة لها مستويان :
مستوى أصلى : هو مستواها العملي"التطبيقي" .ويتضمن الانتقال مما هو ممكن
الى ما ينبغي ان يكون. باكمال التنفيذ العملى لكل هذه الحلول النظرية
فى واقع الأمة.
مستوى فرعي: هو مستواها الاعتقادي"الفكري". ويتضمن الاجتهاد العلمي فى
وضع حلول نظرية جديده، للمشاكل الجديدة التى سيطرحها الواقع العملى
للامه، بعد حل المشاكل السابقه.
مذهب مستنير: مما سبق نخلص إلى أن مذهب الاستخلاف هو بالأصالة مذهب
مستنير، طبقا للدلالة العامة- المشتركة لمصطلح التنوير- التى تتفق مع
الاسلام - و التى تتمثل في التنوير كمفهوم مجرد تشترك في فهمه كل
الفلسفات والمناهج ، ومضمونها أن تحرير عقل الإنسان من القيود التي تعوق
فعاليته كوسيلة للمعرفة " كأنماط التفكير الخرافي والأسطوري"،هو احد شروط
نقل اى مجتمع من التخلف الحضاري إلي التقدم الحضاري. ومرجع ذلك – اى كونه
مذهب مستنير - انه يهدف- على المستوى الذاتي- إلى تحرير عقل الإنسان
المسلم من القيود التي تعوق فعاليته كوسيلة للمعرفة “ كأنماط التفكير
الخرافي والأسطوري والبدعى” ، باعتبار أن ذلك هو شرط ذاتي لنقل المجتمعات
المسلمة من تخلف النمو الحضاري إلي التقدم الحضاري، كما يهدف- على
المستوى الموضوعي- إلى حل للمشاكل التي يطرحها واقع المجتمعات المسلمة
المعين زمانا ومكانا.
. ________________________
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات
https://drsabrikhalil.wordpress.c
/////////////////////////