الطريق إلى تزكية النفس

 


 

 

أن النفس من أشد أعداء الإنسان، وأكثرها تلونا وخفاءً؛ لأنها تعيش بين جنبيه، وتظهر له في صورة الرجل الصالح الذي لا يبغي إلا الخير لصاحبه، وإذا انضم لها الشيطان وحب الدنيا والهوى فذاك الداء العضال، يقول أحدهم
إني بليتُ بأربع يرمونني بالنبل عن قوس له توتير
إبليس والدنيا ونفسي والهوى يا رب أنت على الخلاص قدير
ويحذر الإمام البوصيري من الانسياق وراء شهوات النفس بقوله:
وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتهم
وقد ذكر القرآن الكريم بعض أوصافها الخبيثة الدالة على عظم خطرها وخفاء مكرها وأنها تهوي بصاحبها في درك سحيق، يقول الله تبارك وتعالى على لسان يوسف عليه السلام: "وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ الاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رحِيْم" [يوسف، 53] قال الطبري: "يقول يوسف صلوات الله عليه: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها، "إن النفس لأمارة بالسوء" يقول: إن النفوس نفوس العباد تأمرهم بما تهواه وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله".
فالنفس هي التي حملت قابيل على قتل أخيه هابيل وذلك في قوله تعالى: "فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرين" [المائدة، 32]. وهي مصدر السيئات والأعمال الشنيعة والأوصاف القبيحة، قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ"
ولمعرفة الطريق الموصل إلى تزكية النفس

- قال الغزالي: يحتاج المريد إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة، ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض! وسبل الشيطان كثيرة ظاهرة، فمن لم يكن له شيخ يهديه، قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة، فمن سلك سبل البوادي المهلكة بغير خفير، فقد خاطر بنفسه وأهلكها، ويكون المستقل بنفسه كالشجرة التي تنبت بنفسها، فإنها تجف على القرب وإن بقيت مدة وأورقت لم تثم.

- قال عبدالقادر عيسى في -حقائق عن التصوف: فالطريق العملي الموصل لتزكية النفوس والتحلي بالكمالات الخلقية هو صحبة الوارث المحمدي والمرشد الصادق الذي تزداد بصحبته إيماناً وتقوى وأخلاقاً، وتشفى بملازمته وحضور مجالسه من أمراضك القلبية وعيوبك النفسية، وتتأثر شخصيتك بشخصيته التي هي صورة الشخصية المثالية شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا يتبين خطأ من يظن أنه يستطيع بنفسه أن يعالج أمراضه القلبية، وأن يتخلص من علله النفسية بمجرد قراءة القرآن الكريم، والإطلاع على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الكتاب والسنة قد جمعا أنواع الأدوية لمختلف العلل النفسية والقلبية، فلابد معهما من طبيب يصف لكل داء دواءه، ولكل علة علاجها. قال الغزالي: يحتاج المريد إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة، ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض! وسبل 9 كثيرة ظاهرة، فمن لم يكن له شيخ يهديه، قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة، فمن سلك سبل البوادي المهلكة بغير خفير، فقد خاطر بنفسه وأهلكها.
- يقول القاشاني: الشيخ هو طبيب الأرواح وهو الإنسان البالغ في معرفة علوم الشريعة والطريقة والحقيقة إلى الحد الذي يتمكن معه من معالجة الأمراض الحاصلة في نفوس الطالبين للوصول إلى الله تعالى.
فالشيخ عند السالكين هو الذي سلك طريق الحق، وعرف المخاوف والمهالك، فيرشد المريد ويشير عليه بما ينفعه ويضره -السير والسلوك إلى ملك الملوك..

oalwasela@gmail.com
///////////////////////////

 

آراء