حميرنا.. وحميرهم!
عـادل عطيـة
17 December, 2022
17 December, 2022
أفكار شائكة
كنت في ورشة لميكانيكي السيارات، عندما فاجأني، صاحبها، وهو يصيح بعنف في صبيه، ربما على خطأ ما لا أعرفه، ثم يسبه، قائلاً: "يا حمار"!
ومع أن لفظ "حمار" من الشتائم السوقية الشائعة في مناطقنا، وأصبحت دليلاً على درك سفلی آخر بلغه أهل الظن والمزاعم في خدمة التحقير، إلا أنهم دائماً يُظهرون خيبتهم حتى في هجائياتهم، التي غالباً ما تكون بما يشبه الامتداح عند إرادة الذمّ!
فهذه الشتيمة، على قساوتها، تنسحب إلى ركنها خجلاً، ككل شتيمة سخيفة، وتحاول أن تداوي جراح هذا الصبي المسكين، الذي يتألم من كلمات قيلت له في وقت الغضب!
فالحمار، بالأصالة عن نفسه، وعن غيره من الحمير الذين يكوّنون عن أنفسهم، أفكاراً خاطئة، يكشف لنا أننا ما نزال نعيش في ظل الافتراض الخادع، بأننا نعرف حقيقته بالفعل، والتي أخذناها عن غيرنا كمسلمات ثابته؛ ذلك أن الحمار، هو الرفيق الدائم للإنسان، ويوصف کدلیل في سلوك الطرقات الوعرة، ذكي، ومتعلم ومتحمس، وحامل المشقة إلى أبعد الحدود، ومن الصعب ارغامه أو تهديده على فعل شيء ما ضد رغبته!
لذلك، نجد دولاً كثيرة، لسنا منها على أي حالٍ، تجعل من الحمار أسطورة في التكريم..
ففي فرنسا، حدّدوا يوماً للحمار، كل عام يُحتفي فيه بفضائله!
وفي بريطانيا، وضعوا قانوناً ينظم له ساعات عمله، وراحته، علاوة على اجراء اختبارات صحية إلزامية دورية على شخصه المبجل!
وفي أمریکا، اتخده الحزب الديمقراطي، شعاراً له، كناية عن الصبر!
بينما أصبح حمارنا، وسط أحمرة العالم المُكرّمة، حماراً: ملعوناً، ومضطهداً، ومضروباً، بل وأصبح اسمه في حد ذاته، من مفردات مذمتنا للآخرين!
أما صبينا، الذي جعلوه حمارأ، فإن ظل هكذا حماراً، كما أراد له رب العمل، ورفاقه..
فربما يصبح قاصاً، كما في رواية "الحمار الذهبي"، للوكيوس أبولیوس!
وفاضحاً للأنظمة الفاسدة، كما في رواية "مزرعة الحيوان"، لجورج أوريل!
ومن متذوقي الشعر، وقارضه، كما في رواية "بلا تیرو وأنا" للشاعر الإسباني خوان رامون خيمنيز!
ومفكراً عملاقاً مع "حمار الحكيم" للأديب توفيق الحكيم، الذي رغم مشرقيته، إلا أنه كان كاتباً مثقلاً بالتعاليم الإنسانية!
adelattiaeg@yahoo.com
كنت في ورشة لميكانيكي السيارات، عندما فاجأني، صاحبها، وهو يصيح بعنف في صبيه، ربما على خطأ ما لا أعرفه، ثم يسبه، قائلاً: "يا حمار"!
ومع أن لفظ "حمار" من الشتائم السوقية الشائعة في مناطقنا، وأصبحت دليلاً على درك سفلی آخر بلغه أهل الظن والمزاعم في خدمة التحقير، إلا أنهم دائماً يُظهرون خيبتهم حتى في هجائياتهم، التي غالباً ما تكون بما يشبه الامتداح عند إرادة الذمّ!
فهذه الشتيمة، على قساوتها، تنسحب إلى ركنها خجلاً، ككل شتيمة سخيفة، وتحاول أن تداوي جراح هذا الصبي المسكين، الذي يتألم من كلمات قيلت له في وقت الغضب!
فالحمار، بالأصالة عن نفسه، وعن غيره من الحمير الذين يكوّنون عن أنفسهم، أفكاراً خاطئة، يكشف لنا أننا ما نزال نعيش في ظل الافتراض الخادع، بأننا نعرف حقيقته بالفعل، والتي أخذناها عن غيرنا كمسلمات ثابته؛ ذلك أن الحمار، هو الرفيق الدائم للإنسان، ويوصف کدلیل في سلوك الطرقات الوعرة، ذكي، ومتعلم ومتحمس، وحامل المشقة إلى أبعد الحدود، ومن الصعب ارغامه أو تهديده على فعل شيء ما ضد رغبته!
لذلك، نجد دولاً كثيرة، لسنا منها على أي حالٍ، تجعل من الحمار أسطورة في التكريم..
ففي فرنسا، حدّدوا يوماً للحمار، كل عام يُحتفي فيه بفضائله!
وفي بريطانيا، وضعوا قانوناً ينظم له ساعات عمله، وراحته، علاوة على اجراء اختبارات صحية إلزامية دورية على شخصه المبجل!
وفي أمریکا، اتخده الحزب الديمقراطي، شعاراً له، كناية عن الصبر!
بينما أصبح حمارنا، وسط أحمرة العالم المُكرّمة، حماراً: ملعوناً، ومضطهداً، ومضروباً، بل وأصبح اسمه في حد ذاته، من مفردات مذمتنا للآخرين!
أما صبينا، الذي جعلوه حمارأ، فإن ظل هكذا حماراً، كما أراد له رب العمل، ورفاقه..
فربما يصبح قاصاً، كما في رواية "الحمار الذهبي"، للوكيوس أبولیوس!
وفاضحاً للأنظمة الفاسدة، كما في رواية "مزرعة الحيوان"، لجورج أوريل!
ومن متذوقي الشعر، وقارضه، كما في رواية "بلا تیرو وأنا" للشاعر الإسباني خوان رامون خيمنيز!
ومفكراً عملاقاً مع "حمار الحكيم" للأديب توفيق الحكيم، الذي رغم مشرقيته، إلا أنه كان كاتباً مثقلاً بالتعاليم الإنسانية!
adelattiaeg@yahoo.com