آخر أفلام التقاضي .. ضرب محامي بحضور القاضي !!

 


 

 

هذه (جديدة لنج)..! ضرب محامي أمام القاضي (لم نقل تنفيذاً لأوامره) داخل محكمة في أم درمان...!! هذا ما لم نسمع به في الخيال الروائي عن دكتاتوريات أمريكا اللاتينية وفي أكثر بلاد الله همجية وتحت أبعد الأنظمة إغراقاً في الشمولية..ولكن هذه ما تسجله أجهزة السودان العدلية التي لا تزال تلتحف بشملة (كنيزة) الإنقاذية..ولا تزال ساقية العدالة تدور بهذه العجائب والقضاء صامت والنيابة العامة منكفئة على إعداد قوائم المرتبات..!!
استنكر الحاضرون هذه الواقعة إلى درجة إنكار ما شاهدوه بأعينهم..وقام مئات المواطنين بوقفة تلقائية أمام مباني (محكمة أم بده) احتجاجاً على ما وصل إليه أمر العدالة في بلادنا التي سجلت على نفسها وقوع هذه (السبق العالمي) في إجراءات التحاكم والتقاضي..!!
أما الإدانة ذات الحيثيات فقد صدرت من هيئة محامين وحقوقيين بعبارات واضحة أكدت أن القاضي لم يحرك ساكناً تجاه هذا الاعتداء الذي تعرّض فيه المحامي "مبارك الجنيد" للضرب المبرح بواسطة شرطة المحكمة وبحضور القاضي وتنفيذاً لأمره بإخراج المحامي عنوة من قاعة محكمته..! وقال بيان الهيئة الحقوقية إن القاضي بصمته إزاء هذا الاعتداء تتوافر في مواجهته حيثية الاشتراك في ارتكاب جريمة التعدي الجنائي على المحامي..هكذا أعلنت هيئة محاميي دارفور مع تأكيدها بأن هذا التصرّف الذي بدر من القاضي لا يليق بالقضاء بل يخالف قانون السلطة القضائية الذي يلزم القضاة بسلامة أداء مهامهم داخل المحكمة ومراعاة الاحترام المتبادل بين القضاء الواقف وأطراف الدعوى..! ووصفت الهيئة هذه الواقعة بـ(التصرّف الهمجي والجُرم البيّن)..!
وبعد هذا وقبله كلما تحدث الناس عن ضرورة إصلاح القطاع الأمني وأجهزة العدالة والقضاء والشرطة والنيابات إلا وارتفع (نقيق الضفادع )بأن أحوال العدالة والقضاء (عال العال) كما قال والي كسلا..!..وهكذا تجر بلادنا نفسها كل يوم تحت سلطة الانقلاب والاخونجية من فضيحة إلى فضيحة ومن (حفرة إلى دحديرة) ومن مصيبة إلى كارثة ومن ملمّة إلى نازلة ومن جائحة إلى داهية وكأننا في انتظار أن تنخسف الأرض أو تنشق علينا السماء وتصبح وردة كالدهان..!
بالأمس حول تعذيب الصبي السوداني (شقي الحال) لذي تم احتجازه في الاستخبارات العسكرية والمباحث المركزية وتعذيبه داخل بناياتها وضربه وإغراق زنزانته بالماء وابتزازه ليشهد بالزور.. قال أهل القانون أن الاستخبارات العسكرية ليس لها أي صلاحية في اعتقال مواطن مدني وحبسه في سجونها ولا سلطان لها عليه لتحتجزه..وإذا رأت انه متهم في شأن ما حتى ولو ارتكب تهمة في حق الاستخبارات العسكرية نفسها..فما عليها إلا فتح بلاغ ضده وأن تترك للشرطة القيام بالإجراءات من تحرّي وغيره....أما التعذيب فهو مخالفة صريحة للقانون لا بد من محاسبة مرتكبها قانوناً..ولا شفاعة لأحد في تعذيب أخر..جفّت الأقلام وطويت الصحف..!!
ماذا حدث تجاه هذه المسألة الخطيرة..وهذا الواقعة المخيفة وهذا التعدي السافر على صبي صغير داخل بنايات الاستخبارات العسكرية إلى درجة ابتزازه بإشانة السمعة ليشهد زوراً في واقعة لم يرها...؟!
يمكن إطلاق سراح إرهابي بقرار من أجهزة العدالة..لكن لا يمكن منع الشرطي من ضرب محامي أمام القاضي..!!
لقد كان السودانيون على علم تام بكيفية تعيينات الإنقاذ للقضاة ومن أين تأتي بهم..والمؤهلات التي تشترطها عليهم..ومطلوباتها منهم..وهذه هي النتيجة الطبيعية لمواصفات الإنقاذ في قضاتها..لذا يرى الناس بينهم مختلسين ونصابين ومرتشين ومقاولين وقتلة..وجهلة (مطرطشين)..! هذه هي نتيجة تعيينات الإنقاذ للقضاة الذين جاءوا من خارج التسلسل المهني الطبيعي للقضاة ذوي التأهيل والوجدان السليم..!
العدالة حقلٌ لا يقبل (طيور الظلام)..وكما يقول حمزة بدوي:(عبيت ضراعي نشيد..حروفي ما همَدن/ لا اتضارت الكلمات عِجزن..ولا لبَدن/ أنا والضلام والجور..لا نلتقي أبداً)...الله لا كسّبكم..!

murtadamore@yahoo.com
//////////////////////////

 

آراء