الجيش يقدم لحميدتي طريقا واحدا للسياسة

 


 

 

قال عبد الرحيم دقلو القائد الثاني لقوات الدعم السريع لدى مخاطبته قوات الدعم السريع بمقرها بالخرطوم " إخوانكم في الجيش مستحيل يرفعوا السلاح بوجهكم، أو أن نرفع في وجههم السلاح، كلنا يد واحدة نبني وطننا العزيز، و نعيده إلي وضعه الطبيعي دون تفرقة أو شتات" حاول عبد الرحيم دقلو أن يخفف وطأة التصريحات بين الجانبين، حيث بدأ المكون العسكري يظهر رغبته في دمج قوات الدعم السريع في الجيش لكي تكون الكتلة العسكرية ذات لسان واحد. و التصريحات المتضاربة التي تظهر الخلاف داخل الكتلة العسكرية سببه أختلافات وجهات النظر في حل الأزمة السياسية. و البرهان رغم أنه وقع على الاتفاق الإطاري لكنه قال في تصريح له في منطقة (الزاكياب) أن التوقيع على الاتفاق الإطاري لأنه يقر بإدماج الدعم السريع في الجيش. و ماذا يعني هذا الدمج بالنسبة للكتلة العسكرية؟
أن إدماج الدعم السريع في الجيش سوف يعدل في الخارطة السياسية، و يصبح الجيش وحده صاحب القرار، و تصبح كلمة قائد الجيش هي الكلمة الفصل دون تدخل أي جهة أخرى. و محمد حمدان دقلو رغم تأييده لعملية الدمج أيضا مدرك أن الدمج سوف يجعله بعيدا عن القرار السياسي مستقبلا، و ممارسة العمل السياسي من خلال البزة العسكرية، كما أن الدمج سوف يبعد العديد من قيادات الدعم السريع من العمل العسكري، كل الرتب العليا التي كانت تعمل من قبل في الجيش، أو جهاز الأمن و المخابرات، و كان قد تم الاستغناء عن خدماتها، إلي جانب الرتب العسكرية التي دخلت الخدمة ليس عن طريق الكلية الحربية، الأمر الذي يكشف ظهر حميدتي، و يجعل أياديه خالة من كروت الضغط. فالسؤال هل حميدتي مستوعب هذا التحول الذي سوف يجري، و ماذا اعد له؟
من قبل كانت هناك وساطات تعمل من أجل إصلاح العلاقة بين الجيش و الدعم السريع كلما بدأت تلوح خلافات في الأفق، خاصة دولتي السعودية و الأمارات. لكن السعودية بدأت تتراجع عن ذلك و تحصر دعمها للقيادات في القوات المسلحة. و دولة الأمارات ماتزال تلعب هذا الدور، خاصة أن هناك قوات سودانية تابعة للحركات في ليبيا كانت تدعم من قبل أبوظبي، و قد تم تكليف حميدتي بخروجها من الأراضي الليبية، خاصة أن دولة الأمارات تتحمل تكاليف وجودها هناك، و سوف تتحمل الصرف عليها بعد خروجها، و هي تحتاج للدعم السريع في هذه الفترة لاستقبالها، كما أن رغبة الأمارات في الاستثمار في الأراضي الزراعية السودانية و المواني السوداني تتطلب وحدة القرار عند المكون العسكري، هذا الأمر الذي جعل البرهان يلبي دعوة من القيادة السياسية الأمارتية، و التي فضل أن تكون موضوعاتها سرية، لكنه أكد على إصرارهم على وحدة المكون العسكري، و أن يكون للسودان جيش واحد. و بطريق غير مباشر يطالبها إقناع حميدتي أن يلبي هذا الطلب دون أي محاججات.
كما أن زيارة حميدتي للأمارات العربية المتحدة، أخذت منحى أخر لم يتوقعه، لقد أكدوا لحميدتي أن المجتمع الدولي لا يرفض على أن يكون هناك جيشا واحدا، على شرط أن يكون حميدتي من رجال الأعمال العشرة الذين سوف يتسلمون الدعم الدولي بعد تشكيل الحكومة المدنية، الذي سوف يقدم إلي السودان بهدف دعم التنمية و المشاريع القومية في البلاد. و معلوم أن حميدتي قد حول العديد من ملكيات الشركات و المشاريع التجارية و الزراعية و التنقيب عن الذهب من الدعم السريع إلي ملكيات خاصة، و يؤكد ذلك ما ذكرته سابقا أن حميدتي أقتنع تغيير دوره من البزة العسكرية إلي جلباب السياسيين الفضفاض، و هو تحول سوف ينجح، خاصة أن العديد من الأحزاب و خاصة التقليدية في أمس الحاجة إلي الدعم المالي، و حميدتي يملك مؤسسات تجارية وزراعية عديدة، و استثمارات خارج السودان تؤهله أن يقوم بهذه المهمة لكي يحفظ لنفسه و القريبين منه دورا في العمل السياسي مستقبلا.
عندما بدأت المشادة بين الجيش و الدعم السريع بدأت قيادات الحرية المركزي وساطات لتهدئ الجانبين، و عدم تطور القضية لاشتباكا مسلح، هذا التخوف هو الذي جعل عبد الرحيم دقلو يخرج تصريحه، و طالب اللواء معاش فضل الله برمة ناصر رئيس حزب الأمة المؤقت من خلال جريدة السوداني الجانبين العسكريين و المدنيين أن يعملوا بإنسجام و ألا يكرهوا بعضم البعض، وقال برمة " يجب أن يعمل المدنيون و العسكريون بانسجام و تناغم و ألا يكرهوا بعضهم، لآن الوطن يحلق بجناحين مدني و عسكري" و أضاف قائلا " بعد تشكيل الحكومة الجديدة سيكون القائد الأعلى للقوات المسلحة مدنيا، و أن مجلس الأمن و الدفاع هو الذي يقرر في الحرب" مما يؤكد أن حميدتي سوف يكون دوره في المستقبل بعيدا عن المؤسسة العسكرية. و الحكومة المقبلة تحتاج لدعم شعبي كبير لكي تنجز مهامها، الأمر غير المتوفر الآن. العسكريون يراهنون على الآلة العسكرية، و الحرية المركزية ليس لها رصيدا يخلق معادلة مع العسكر لذلك يراهنون على الدعم الدولي، هو دور يمكن أن يكون مسهلا أو دور وساطة بين المختلفين لكنه لا يرق فوق ذلك، لذلك أمام الحرية المركزي فرصة أن توسع دائرة المشاركة لكي تخلق هذه المعادلة الشعبية التي تستطيع ممارسة الضغط. نسأل الله حسن البصيرة

zainsalih@hotmail.com

 

آراء