الناطق للشيوعي يفتح باب الصراحة والوضوح في تجربة الصعود إلي الأسفل ( 1 -4)
زين العابدين صالح عبد الرحمن
4 March, 2023
4 March, 2023
الناطق الرسمي بأسم الحزب الشيوعي السوداني، الأستاذ فتحي فضل أحد القيادات التاريخية التي تتمسك بالحرفية الكلاسيكية الماركسية، و رغم مكوثه الطويل خارج السودان في (بولندا) و حضوره تبعات و صعود ميخائيل غورباتشوف لرئاسة الحزب والاتحاد السوفيتي و إعلانه سياسة ( الغلاسنوس) و هي سياسة الهدف منها العمل بالشفافية و العلانية، ثم سياسة إعادة البناء في الدولة و الحزب التي تسمى ( البريسترويكا) كل هذه التحولات جعلته صامدا ينافح عن الآرثوذكسية، ربما يكون كان مقتنعا هذه المحافظة هي طريق الترقي للصعود في الحزب الشيوعي السوداني. و للتذكير أن (الصعود لأسفل) ليس من باب التهكم، بل عندما تختل عند الشخص العوامل التي تؤدي للصعود، و تجعلك تنزل لأسفل السلم، و تصعب عليك الخروج من الأزمات. و تغيب عن الذاكرة تجارب الشعوب في النضال من أجل الحرية و قرأءة التاريخ التي تجعل المرء قادرا أن يفرق بين العوامل المختلفة.
و رغم مكوث الأستاذ فضل في ( بولندا أو أي دول أشتراكية و تابع حركة النضال هناك.) نسأل هل قرأ الأستاذ فضل تاريخ نضال نقابة تضامن البولندية من أجل التحول الديمقراطي رغم القبضة القوية للاتحاد السوفيتي على الدول الأوروبية التابعة للمعسكر الاشتراكي، و تضحيات رئيسها ليخ فاونسا الذي استطاع أن يخرج من الأجندة النقابية إلي الأجندة الوطنية، و تتحول من مطلبيات محدودة خاصة بعضوية النقابة إلي المطالبة بالتحول الديمقراطي، و يستطيع حتى استقطاب عضوية الحزب الشيوعي البولندي و يجعلها تصوت لرؤيته، ليخ فاونسا استطاع أن يخوض انتخابات ضد سلطة الحزب الشيوعي و الاتحاد السوفيتي القابضة على كل مؤسسات الدولة، و يجعل كل أنظار العالم تتجه إلي بولندا، لكي تصو واحدة من أرفع درجات النضال من أجل الديمقراطية، و يفوز في الانتخابات و يصبح رئيسا للبلاد 1990م – 1995م و تتحول بولندا من قبضة الحزب الواحد إلي دولة ديمقراطية في محيط من الدول الاشتراكية.
كل هذه المقدمة الطويلة قرأت يوم الخميس 2 مارس 2023م، حوارا صحفيا مع الناطق الرسمي للحزب الشيوعي السوداني الأستاذ فتحي فضل، أجراه معه أسامة حسن عبد الحي لجريدة ( الجريدة) و من خلال الأسئلة المطروحة، يتأكد أي شخص عمل في الصحافة و الإعلام أن الحوار كان مرتبا، و متفقا عليه في طريقة طرح الأسئلة و تسلسلها و الإجابة عليها، حتى لم تطرأ أي أسئلة تتولد من إجابة الأستاذ فضل.
يبدأ الأستاذ فتحي في إجابته على الحالة السياسية في البلاد، بوصف للواقع في الساحة السياسية. بالقول " كل أجهزة المخابرات الأجنبية يبحثون عن مصالحهم، خاصة في وضع و أهمية السودان الجيوسياسية، هذا من جانب و من الجانب الأخر يغريهم في ذلك ضعف النظام الموجود" الوصف صحيح... لكن لم يقدم أي تحليل للواقع الذي جعل البلاد مفتوحة لأجهزة المخابرات رغم أن الحزب الشيوعي تعرض للب المشكل في كلمة الأستاذ محمد مختار الخطيب في ندوة الحزب الشيوعي الأيام الأولي للثورة في ميدان المدرسة الأهلية، و لكنه لم يتابعها، كموقف تكتيكي حتى لا يخسر بعض القوى في صراع المصالح.
يقول الأستاذ فتحي فضل " الوفود الأجنبيةالتي أتت من الاتحاد الأوروبي و بريطانيا و أمريكا تأتي في آطار ما قامت به مساعدة وزير الخارجية الأمريكي في اجتماعها مع قوى الحرية و التغيير و اللجنة الأمنية في السفارة السعودية قبل فترة و هو الاجتماع الذي على أساسه وضعت اللجنة الأولى للتسوية السياسية، و وجود هذه الدول في سبيل الضغط على الجميع من أجل الوصول (لاتفاق الإطاري) جامع و توسيعه بحيث يجمع ما يسمى بالكتلة الديمقراطية. و المخابرات تبحث عن ما يهمها" التجارب السياسية تعلم الشخص أن السياسة لا تقبل الفراغات، و أي فراغ سوف تملأه القوى القادرة على الحركة، و التي تستطيع أن تقدم مبادرات مقبولة. الحزب الشيوعي اعتمد على البيانات فقط في تشخيص الحالات دون القدرة على الفعل السياسي الذي يجعله في حوار مستمر مع القوى السياسية، و حالة الحردان و البعد جعلته منذ موقفه من تجربة الحكم الذاتي عام 1953م مرورا بدخوله المجلس المركزي لعبود و تعديله لقانون النقابات عام 1970م، دون سماع رؤية الأخرين، هذه السلبيات جعلته فقط يقدم أعتذارت عن مواقفه السالبة من القضايا المطروحة. و عندما وقع انقلاب 25 أكتوبر أخرج الحزب الشيوعي الاءات الثلاث ( لا تفاوض – لا مساومة – لا تسوية) و اعتقد الحزب الشيوعي أن إغلاق الأبواب هو الأفضل لمواجهة الانقلاب مع خروج الشارع. و القيادة التاريخية للحزب الشيوعي تعلم أن السياسة لا تقبل السكون.
موقف الشارع المتأزم من قوى الحرية و التغيير في السلطة جعله يتمسك بحرفية شعار الاءات الثلاث، و الذي جاءه هدية من قيادة تاريخية نضب خيالها و فقدت القدرة على التعاطي مع أجيال الجديدة متقدمة في وعيها. التزمت الحرية و التغيير بالشعار. و في ذلك الوقت أتصل بي الأستاذ عمر الدقير أن أخاطب ندوة لحزب المؤتمر السوداني في برنامج الإعداد للمؤتمر العام عبر خدمة ( Z00m.) في تلك الندوة ذكرت ثلاثة قضايا. الأولى يجب كسر الاءات الثلاث لفتح النوافذ التي تحرك الساكن في الساحة السياسية. الثانية تقديم مبادرة تطرح فيها أسئلة جديدة تحرك العقل السياسي و تغيير طريقة التفكير السائدة في الساحة السياسية. الثالثة فتح حوار مباشر مع المكون العسكري و على وضح النهار. حتى لا تفقد القوى السياسي زمام الموقف. لكن للأسف أن الأغلبية لم تقبل مني هذه الرؤية. لأنها كانت خائفة من سياط الحزب الشيوعي، و تأليب الشارع ضدها، و أغلبية القيادات في الحرية و التغيير الظاهرة على السطح هي من الشباب الذين لم يخوضوا صراعا سياسيا متعلقا بتجربة السلطة، خبرتهم فيه ضعيفة، و هناك قوى ذات تجربة تاريخية لكن للأسف هي نفسها أرادت أن توقف الحراك دون أن يكون لها بديل مقنع. و قوى سياسية أخرى كانت حاكمة ثلاثين عاما تدافع عن مصالها، في خضم هذا الوضع المضطرب، كان لابد من تدخل خارجي لإحداث حراك. فجاءت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ( مولي في) و قدمت ذات الرؤية التي كنت قد تحدثت عنها في الندوة و لم تقبل. قبلتها الحرية و التغيير المركزي لأنها خرجت من التجربة مهيضة الجناح و لا سند شعبي لها و الحزب الشيوعي واقف موقف الألفة لها. فكانت تبحث عن قوى تتكيء عليها فجاءت مولي في تحمل فكرة و سند قوى عظمة، لذلك قبلت الفكرة.
لماذا أختارت الحرية المركزي الجلوس في غرفة مغلقة دون وضح النهار؟ الإجابة كنت قد ذكرتها في مقال سابق عندما تكون الفكرة من الحرية و التغيير تكون الرؤية واضحة لأنها مفصلة و بالتالي تستطيع أن تطرح بقوة و تدافع عنها و تخوض حوار لإقناع الأخرين. لكن عندما تكون الفكرة من قوى أجنبية تحتاج لقاعة مغلقة لكي تشرح الفكرة و تفهم من قبل المستقبلين لها، و أيضا أن البحث عن سند قوي في مواجهة قوى أخرى عسكرية و قوى الشارع تحتاج في البداية لجلسات مغلقة، و لا غبار في ذلك مادم الفكرة لابد أن تخرج للنور و تطرح للحوار. للأسف الحزب الشيوعي ذهب في خيارات دائما الهدف منها هو إغلاق الأبواب المفتوحة. و هذا يرجع كما ذكرت تكرارا، أن القيادة التاريخية حتى تعتقد أن تجربة النضال في الاربعينات فترة حركات التحرر مرورا بفترة الحرب الباردة ماتزال تصلح حتى الآن. قيادات لا تريد أن تحدث تغييرا في المجال الفكري و لا التنظيمي، أدى لتكلس الفعل السياسي داخل التنظيم.
نواصل
zainsalih@hotmail.com
////////////////////////
و رغم مكوث الأستاذ فضل في ( بولندا أو أي دول أشتراكية و تابع حركة النضال هناك.) نسأل هل قرأ الأستاذ فضل تاريخ نضال نقابة تضامن البولندية من أجل التحول الديمقراطي رغم القبضة القوية للاتحاد السوفيتي على الدول الأوروبية التابعة للمعسكر الاشتراكي، و تضحيات رئيسها ليخ فاونسا الذي استطاع أن يخرج من الأجندة النقابية إلي الأجندة الوطنية، و تتحول من مطلبيات محدودة خاصة بعضوية النقابة إلي المطالبة بالتحول الديمقراطي، و يستطيع حتى استقطاب عضوية الحزب الشيوعي البولندي و يجعلها تصوت لرؤيته، ليخ فاونسا استطاع أن يخوض انتخابات ضد سلطة الحزب الشيوعي و الاتحاد السوفيتي القابضة على كل مؤسسات الدولة، و يجعل كل أنظار العالم تتجه إلي بولندا، لكي تصو واحدة من أرفع درجات النضال من أجل الديمقراطية، و يفوز في الانتخابات و يصبح رئيسا للبلاد 1990م – 1995م و تتحول بولندا من قبضة الحزب الواحد إلي دولة ديمقراطية في محيط من الدول الاشتراكية.
كل هذه المقدمة الطويلة قرأت يوم الخميس 2 مارس 2023م، حوارا صحفيا مع الناطق الرسمي للحزب الشيوعي السوداني الأستاذ فتحي فضل، أجراه معه أسامة حسن عبد الحي لجريدة ( الجريدة) و من خلال الأسئلة المطروحة، يتأكد أي شخص عمل في الصحافة و الإعلام أن الحوار كان مرتبا، و متفقا عليه في طريقة طرح الأسئلة و تسلسلها و الإجابة عليها، حتى لم تطرأ أي أسئلة تتولد من إجابة الأستاذ فضل.
يبدأ الأستاذ فتحي في إجابته على الحالة السياسية في البلاد، بوصف للواقع في الساحة السياسية. بالقول " كل أجهزة المخابرات الأجنبية يبحثون عن مصالحهم، خاصة في وضع و أهمية السودان الجيوسياسية، هذا من جانب و من الجانب الأخر يغريهم في ذلك ضعف النظام الموجود" الوصف صحيح... لكن لم يقدم أي تحليل للواقع الذي جعل البلاد مفتوحة لأجهزة المخابرات رغم أن الحزب الشيوعي تعرض للب المشكل في كلمة الأستاذ محمد مختار الخطيب في ندوة الحزب الشيوعي الأيام الأولي للثورة في ميدان المدرسة الأهلية، و لكنه لم يتابعها، كموقف تكتيكي حتى لا يخسر بعض القوى في صراع المصالح.
يقول الأستاذ فتحي فضل " الوفود الأجنبيةالتي أتت من الاتحاد الأوروبي و بريطانيا و أمريكا تأتي في آطار ما قامت به مساعدة وزير الخارجية الأمريكي في اجتماعها مع قوى الحرية و التغيير و اللجنة الأمنية في السفارة السعودية قبل فترة و هو الاجتماع الذي على أساسه وضعت اللجنة الأولى للتسوية السياسية، و وجود هذه الدول في سبيل الضغط على الجميع من أجل الوصول (لاتفاق الإطاري) جامع و توسيعه بحيث يجمع ما يسمى بالكتلة الديمقراطية. و المخابرات تبحث عن ما يهمها" التجارب السياسية تعلم الشخص أن السياسة لا تقبل الفراغات، و أي فراغ سوف تملأه القوى القادرة على الحركة، و التي تستطيع أن تقدم مبادرات مقبولة. الحزب الشيوعي اعتمد على البيانات فقط في تشخيص الحالات دون القدرة على الفعل السياسي الذي يجعله في حوار مستمر مع القوى السياسية، و حالة الحردان و البعد جعلته منذ موقفه من تجربة الحكم الذاتي عام 1953م مرورا بدخوله المجلس المركزي لعبود و تعديله لقانون النقابات عام 1970م، دون سماع رؤية الأخرين، هذه السلبيات جعلته فقط يقدم أعتذارت عن مواقفه السالبة من القضايا المطروحة. و عندما وقع انقلاب 25 أكتوبر أخرج الحزب الشيوعي الاءات الثلاث ( لا تفاوض – لا مساومة – لا تسوية) و اعتقد الحزب الشيوعي أن إغلاق الأبواب هو الأفضل لمواجهة الانقلاب مع خروج الشارع. و القيادة التاريخية للحزب الشيوعي تعلم أن السياسة لا تقبل السكون.
موقف الشارع المتأزم من قوى الحرية و التغيير في السلطة جعله يتمسك بحرفية شعار الاءات الثلاث، و الذي جاءه هدية من قيادة تاريخية نضب خيالها و فقدت القدرة على التعاطي مع أجيال الجديدة متقدمة في وعيها. التزمت الحرية و التغيير بالشعار. و في ذلك الوقت أتصل بي الأستاذ عمر الدقير أن أخاطب ندوة لحزب المؤتمر السوداني في برنامج الإعداد للمؤتمر العام عبر خدمة ( Z00m.) في تلك الندوة ذكرت ثلاثة قضايا. الأولى يجب كسر الاءات الثلاث لفتح النوافذ التي تحرك الساكن في الساحة السياسية. الثانية تقديم مبادرة تطرح فيها أسئلة جديدة تحرك العقل السياسي و تغيير طريقة التفكير السائدة في الساحة السياسية. الثالثة فتح حوار مباشر مع المكون العسكري و على وضح النهار. حتى لا تفقد القوى السياسي زمام الموقف. لكن للأسف أن الأغلبية لم تقبل مني هذه الرؤية. لأنها كانت خائفة من سياط الحزب الشيوعي، و تأليب الشارع ضدها، و أغلبية القيادات في الحرية و التغيير الظاهرة على السطح هي من الشباب الذين لم يخوضوا صراعا سياسيا متعلقا بتجربة السلطة، خبرتهم فيه ضعيفة، و هناك قوى ذات تجربة تاريخية لكن للأسف هي نفسها أرادت أن توقف الحراك دون أن يكون لها بديل مقنع. و قوى سياسية أخرى كانت حاكمة ثلاثين عاما تدافع عن مصالها، في خضم هذا الوضع المضطرب، كان لابد من تدخل خارجي لإحداث حراك. فجاءت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ( مولي في) و قدمت ذات الرؤية التي كنت قد تحدثت عنها في الندوة و لم تقبل. قبلتها الحرية و التغيير المركزي لأنها خرجت من التجربة مهيضة الجناح و لا سند شعبي لها و الحزب الشيوعي واقف موقف الألفة لها. فكانت تبحث عن قوى تتكيء عليها فجاءت مولي في تحمل فكرة و سند قوى عظمة، لذلك قبلت الفكرة.
لماذا أختارت الحرية المركزي الجلوس في غرفة مغلقة دون وضح النهار؟ الإجابة كنت قد ذكرتها في مقال سابق عندما تكون الفكرة من الحرية و التغيير تكون الرؤية واضحة لأنها مفصلة و بالتالي تستطيع أن تطرح بقوة و تدافع عنها و تخوض حوار لإقناع الأخرين. لكن عندما تكون الفكرة من قوى أجنبية تحتاج لقاعة مغلقة لكي تشرح الفكرة و تفهم من قبل المستقبلين لها، و أيضا أن البحث عن سند قوي في مواجهة قوى أخرى عسكرية و قوى الشارع تحتاج في البداية لجلسات مغلقة، و لا غبار في ذلك مادم الفكرة لابد أن تخرج للنور و تطرح للحوار. للأسف الحزب الشيوعي ذهب في خيارات دائما الهدف منها هو إغلاق الأبواب المفتوحة. و هذا يرجع كما ذكرت تكرارا، أن القيادة التاريخية حتى تعتقد أن تجربة النضال في الاربعينات فترة حركات التحرر مرورا بفترة الحرب الباردة ماتزال تصلح حتى الآن. قيادات لا تريد أن تحدث تغييرا في المجال الفكري و لا التنظيمي، أدى لتكلس الفعل السياسي داخل التنظيم.
نواصل
zainsalih@hotmail.com
////////////////////////