لقاء جدة … ضد الإرهاب.!!

 


 

 

بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكن لجدة وقوله:(سنتعاون مع دول الخليج لمواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار)، وبعد تصريح وزير الخارجية السعودي:(سنعمل على تجفيف منابع تمويل داعش ودحر التنظيم) بحسب اسكاي نيوز عربية، تكون المعركة السياسية في السودان العزيز قد حسمت، هذا مع الوضع في الحسبان أن المعركة العسكرية قاب قوسين أو أدنى من أن يعلن حولها النصر الأكيد، وكما هو معهود ومعلوم أن العالم تجري فيه الأحداث بنسق دقيق، ولا مكان لحدوث المفاجئة، فالأمور تسير على خطٍ قد أحكمت القبضة عليه قوىً إقليمية وعلاقات دولية نافذة، رتبت لذلك وهيأت له إبّان السبات العظيم الذي ركنت إليه أمتنا حينما سطا على سيادتها الحزب الإخواني المشؤوم، لقد صحونا فجر يوم منتصف ابريل على أزيز (السوخوي) وتقهقر كتائب الظل الإخوانية أمام جحافل قوات الدعم السريع، ونحن نمني النفس باستبشار العيد الرمضاني السعيد، لكن أبت إرادة الجماعة الإرهابية وكعادتها إلّا وأن تحيل يوم عيدنا إلى مأتم تكتظ ساحاته بالمعزين في طول البلاد وعرضها، لكن المجدي في الأمر أن ميادين العاصمة المثلثة اكتظت بفتية إذا وقع الحجر تحت وطأتهم لأنّ أنين الطريدة الواقعة تحت وطأة الأسد الهصور، لقد ولجت أرض النيلين كتائب أخرى ظاهرة لا تستتر وراء الظلمة، ولا تتوارى خلف أستار الليالي العجاف والأمسيات الحالكات، بل تواجه الرؤية بالرؤية، والضوء بالضوء، والرصاص بالرصاص، ولا تكبح جماحها أكاذيب الحالمين ولا أمنيات المتمنين.
واحدة من أسوأ حظوظ المنتمين للنظام الاخواني البائد والمتعاطفين معه، هي أن الإرهاب العالمي قد أصبح بضاعة كاسدة وتجارة خاسرة وبصمة سالبة، لا تقبل المساومة بين جميع طوائف ونحل وملل الكوكب الأزرق، لقد ختمت شعوب العالم على منفستو التنمية والرفاه الاقتصادي والسلام الاجتماعي بختم بارز يقول: (لا للإرهاب)، ولو كانت لجهينة الاخوان المسلمين الخبر اليقين لحثتهم لأن يتخذوا من طريق الخروج الآمن منفذاً ومنقذاً لأرواحهم، من تداعيات هذه الحملة العالمية الشرسة والعادلة تجاه المتطرفين من كل الملل والنحل، من عنت ومشقة العقل الاخواني، الذي أورث جميع من يعتقدون في ضرورة تأسيس دويلات التطرف والإرهاب، هذا المآل المأساوي الذي كشف عن هلامية تدبير أصحاب الطرح الذي جثم على صدر البلاد ثلاثون عاماً حسوما، وبالنتائج العملية البارزة على الأرض والبحر والجو، لا يمكن، بل ويستحيل على من يعتنق تعاليم الكتيبات الصفراء الممهورة بحبر حسن البنا ومداد سيد قطب، أن يتعايش مع تطورات وحيوات هذا الحاضر التقني المدهش، الذي اشرأب لعناق المحطة الفضائية الدولية التي تدور حول الكوكب، وما دامت العلوم هي القائد الأوحد لبركان الثورات التكنلوجية، لا يمكن لأي إرهابي متنطع أن يقدم طرحاً علمياً وعملياً ومقنعاً لهذه الأجيال الحاضرة، وللمتابعين للمعارك الوطنية التي يقودها الصغار، يرى فتك سيوف هؤلاء الصغار تحت وسائد البائدين وهم يلوذون بالفرار والانزواء إلى الفراش.
لقد شهد ختام الألفية الثانية ومفتتح الألفية الثالثة هرج ومرج الجماعات المتطرفة الهائمة على وجهها، في الإقليمين الإفريقي والعربي، وتكبدت شعوب هاتين المنطقتين خسائر مادية ومعنوية فادحة جراء ذلك، ومن عجائب الأمور أن المنقذ لهذه الشعوب قد ولد من رحمها (أي من رحم هذه الشعوب وليس من رحم آخر)، والسودان ليس بمعزل عن هذا الحراك، بل وربما يكون هو صاحب قصب السبق، في تفعيل هذه الفعالية الدولية التي اختارت المدينة السعودية الساحلية المقابلة لميناء بورتسودان، مكاناً لحسم التحديات الاقتصادية العالمية التي تنطلق من جغرافيا السودان، هذا الميناء السعودي الأكبر الذي احتشد فيه ممثلو القوى العالمية بكل تناقضاتها (زيلنسكي + بنكن)، ومن خلال غلاف كتاب مدينة جدة هذه يتبين للناس العنوان الكبير الذي يقول للسودانيين:( أنتم لستم وحيدون ولن تكونوا بمعزل عن العالم، ومصالحكم لن تتحقق خارج إطار المنظومة العالمية)، إن الكوكب الأرضي اليوم أصبح تحت رحمة ورقابة التقانة الحديثة، ولن يختلف سكانه حول المصلحة العامة والكلية له كجرم سماوي يحتوي على أسباب الحياة، فحينما ترتبط حيوات الناس بالمصلحة المادية الجهيرة، يكون الوصول للوفاق والاتفاق الاقتصادي والسياسي سهلاً، وتكون أحوال رواية (مزرعة الحيوان) حاضرة، باعتبار أنه لا يوجد فرق يستحق الذكر بين الحيوانين (الناطق والأبكم) من منطلق الحق في الحياة.

إسماعيل عبدالله
9 يونيو 2023
ismeel1@hotmail.com
////////////////////////

 

آراء