اليوم نرفع راية الاستقلال الثاني !!

 


 

 

فليذكر التاريخ أبطال لنا، غرزوا النواة الطاهرة، ونفوسهم فاضت حماساً كالبحار الزاخرة، ولمثل هذا اليوم كانوا يعملون، غنوا لهم يا إخوتي ولتحيا ذكرى الثائرين، الخرطوم تحدث عن رجال كالأسود الضارية، خاضوا اللهيب وشتتوا كتل الغزاة الباغية، ما لان فرسان لنا بل فر جميع الطاغية، إنّي أنا السودان أرض السؤدد هذي يدي، ملأى بألوان الورود قطفتها من معبدي، من أرض إفريقيا التي داست حصون المعتدي، أضحت لأجل شعوبها آفاق فجر أوحد، فأنا لها وأنا بها سأكون أول مفتدي. هكذا بدت بشريات النصر الأكيد تلوح في أفق السودان تبشر بفجر يوم جديد، وأشاوس الدعم السريع يكيلون الكيل مكيالين ويردون الصاع صاعين، للفئة المتطرفة والباغية التي امتصت عرق جبين المواطن السوداني لثلاثة عقود مما نعد ونحسب، إنّها عدالة السماء قبل عدالة القضية، تلك التي تقتص من الظالم وهو ما يزال حياً يرزق وهو في رحلته الروتينية بين الوصول للرمق الأخير وبين مكابدة مقاومة غريزة البقاء، هكذا تكون النهايات الفاصلة في تجارب الشعوب والأمم، تحولات كبرى يصنعها صغار يافعون لا تتجاوز سنين أعمارهم الثامنة عشر، مثل حال القائدين الفذّين – أسامة بن زيد ومحمد بن القاسم، قائدان لم يبلغا العشرين فقدما أروع البطولات الواثقة المسطرة لأشرس الملاحم المصيرية في تاريخ الأمم والشعوب، واليوم يسطرها أشاوس الدعم السريع تناغماً مع سيمفونية الوطن الحبيب.
لم يخلق الله مخلوق غير ميسر لما هو مخلوق من أجله، فلكل زمان دولة ولكل رجال صولة، ولكل أوان جيل راسخ البنيان لا تنحني هامته وهو يتطلع إلى العلياء بكل فخر واعتزاز، ولمثل هذا الزمان أتى الله بشباب من الأصقاع البعيدة لبلادنا الحبيبة، لكي يرسموا خارطة الطريق الصحيح للوطن الجريح، الذي يؤمن مواطنوه بحق المواطنة لكل من نبتت بذرة حبله السري بين تشققات أرضه، وهنا لا عزاء للذين يريدون قص وبتر هذا الحبل السري من مكمن نشأته الأولى، فدفوعات هؤلاء الغر الميامين جاءت تزامناً مع الرغبة الجمعية للأمة في النهوض والخلاص من براثن الوحش المتطرف والقديم، وكما قدم لنا موروثنا الفلكلوري الجميل والأنيق الخلاصة التي مؤداها مضاء السم النقيع المحشو بين تلافيف الوجبات المقدمة للخونة سارقي قوت الشعب، ها هم القدماء المستمسكين بالنظريات البالية التي لم تقدم لطلاب المدارس الأولية وجبة الإفطار، يفشلون في اجتياز امتحان الكرامة الوطنية الذي يدّعون كذباً انصهارهم فيه، بل يخزيهم الرب بارتكابهم لأبشع جرم شهدته الساحة وهو استهداف الكادحين من العمال والباعة الجائلين، وصاحبات مقاهي الشاي اللائي يمثلن خلاصة ضحايا الجريمة الأخلاقية الكبرى للدويلة المصنوعة قهراً في العام 1956، والتي كرّست للظلم التراكمي الذي حصدناه لهيباً أحمراً أكل أخضر ويابس المدن والحضر والأرياف والبوادي.
إنّ الأوطان لا تبنى بالأمنيات ولا بالخيالات الواسعة، هذا مع إقرارنا واعترافنا بأن خصائص الفن والشعر والنثر والرسم هي أساس إلهام الشعوب، ومنطلق تلقينها أصول مفاخرها الوطنية وأهازيجها الوجودية، لكن ساعة الجهوزية والسرعة الفائقة والحسم العازم لابد وأن تأخذ في اعتبارها القوة الرادعة والعزيمة الفاعلة في أوقات المعارك الفاصلة، وهذا ما تأتّى للذين بيدهم مقبض البندقية (التتك)، فقدموا محاضرة وافية وشافية وكافية لأصحاب الأقلام والأبواق المتماهية، وأكدوا على وجوب تناغم النغمين، أزيز الصواريخ الراجمة وفحيح كوبرا الأقلام القاتلة، بينما يظل الهدف واحد أوحد، وهو السير على طريق التحول المدني الديمقراطي وتسليم مقاليد شئون إدارة الدولة ومفاتيح دولاب الحكم، لمن تنسم الدرجة الأكاديمية العلمية والخبرة العملية العالية الجودة غير المتعسكرة، وغير المتنمرة على الناس دون وجه للحق الأبلج، مثلما يحدث في ظل هذه الظروف الاستثنائية الملزمة والفارزة لأكوام البضائع الفاسدة من تلك الرائجة، فالوقت للسرعة والحسم واللجم، لا للتلكؤ والتطاول والخم، وإعلان النصر المبين قاب قوسين أو أدنى من البيان، ولم يعد هنالك وقتاً للتضليل والتغبيش والتلكؤ والتباطؤ والاستكانة، فقد أشرقت شمس الانعتاق والخروج من سجون الدويلة المختطفة، وبانت تباشير العهد الجديد الذي دعا إليه المتشوقون لمشاهدة الوطن الخالي من شوائب التطرف والبغض والكره والتعالي.

إسماعيل عبدالله
21يونيو2023
ismeel1@hotmail.com
///////////////////////

 

 

آراء